حيوات الأرصفة وأيقونات السلطة
يتنوع الخطاب بفعل الزمن، ويبدو أن الكشف عن خطاب (الهامش) هو الوجه الأكثر دِقة لما يمر به شعب من الشعوب من تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، بعيداً عن الخطاب الرسمي، الذي في أغلبه ــ خاصة في الدول القمعية ــ لا يكون سوى خطاب المداراة والالتفاف حول ما يحدث بالفعل. خطاب مُتكلف يجافي الحياة والناس. وربما يحاول الشعب من خلال خطابه هذا أن يمارس انتقامه الهادئ مما يحيطه، أو تصبح هذه الخطابات أكثر حرية ــ في حدود ــ للتعبير عما يرونه بالفعل. الأهم هو صوت الهامش الذي يعلو من خلال هذه الخطابات ولو على استحياء، لكنه يخرج في الأخير إلى العلن، ويُصر على مشاركة الآخر، بتوريطه في أن يكون طرفاً في هذا الخطاب أو ذلك. ولعل العمل الرائد «هتاف الصامتين» للمفكر سيد عويس، والذي أوضح صوت الهامش من خلال العبارات المكتوبة على السيارات، يظل حتى الآن عملاً جديراً بالتأمل، بل والإضافة من خلال العبارات الجديدة التي نراها عبر وسائل المواصلات، وهي تعبير حقيقي عن التحول الذي أصاب الشعب المصري. وعلى نهج مُقارب يأتي كتاب «خطاب الشارع .. تحولات الحياة والموت في مصر»، لمؤلفه محمد شومان، محاولاً رصد هذه التغيرات في الشخصية المصرية من خلال عدة خطابات تتباين مستوياتها، وبالتالي تعكس الرؤى الفكرية والنفسية للحياة، للعديد من فئات الشعب المصري في السنوات الأخيرة.
