في الواقع، فإن ما يهم هو موقعك بين التصنيفين، وليس كمية المنبهات التي تتناوله لتبقي نفسك يقظاً لأطول فترة ممكنة، فالقرار في النهاية بيد (ساعة جسمك) التي تؤثر في المقدرة الإدراكية لديك، وبالتالي يتأثر ذلك الجزء من الدماغ الذي ينظم عمليات التفكير.. وفقاً لأهواء ساعة الجسم.
وثمة الكثير من الأدلة التي باتت تربط بين الساعة الداخلية للجسم من جهة وتقلبات المزاج، والقدرة الجسدية، بل وحتى الشخصية، من جهة أخرى. والآخيرة تتجلى في عدة أدلة: فالنهاريون يتميزون بدرجة نشاط عاليه تجاه أعمالهم، في حين أن الليلين منفتحون (لدرجة التهور احياناً)، ويتعرضون لنوبات من الاكتئاب، ومع ذلك فإن نسب الذكاء لديهم تكون مرتفعة.
ما بين النهاريين والليليين
بعيد استيقاظهم مبكراً، ترتفع معدلات هرمون الشدة (الكورتيسول) لدى النهاريين، مما يفسر سلوكهم النشط المبتهج، في حين أن منتصف النهار يحمل إرتفاع في معدل ضربات القلب لدى الليلين وهكذا بدوره يفسر ازدياد نشاطهم العقلي والبدني مع تقدم اليوم. وبمقارنة درجات حرارة أجسام المنتمين لهاتين الفئتين – والتي تعد مؤشراً على ردود فعل الجسم تجاه الوقت – نجد أن درجة حرارة الجسم الشخص ذي النشاط النهاري تبلغ ذروتها في حوالي الساعة الثالثة والنص مساء، بينما تزيد درجة حرارة الشخص ذي النشاط الليلي لأقصى مدى لها في الساعة الثامنة مساء.
ساعة الجسم
وعند الحديث عن ساعة الجسم يبرز التساؤلين التاليين: ماالذي يتحكم بها؟ وهل للوراثة أو البيئة اي أثر عليها؟؟ لقد توصل العلماء للكشف على بعض الجينات التي تتحكم في وقع الساعة الداخلية، الأمر الذي يوحي بأن المسألة ترتبط في حانب منها بالوراثة.
لكن دراسات أخرى بينت أن موعد ولادة الطفل قد تؤثر على انتظام ساعته الداخلية، فالأطفال المولودون في فصلي الشتاء والخريف يكونون في العادة من ذوي النشاط النهاري بعكس الأطفال المولودين في الربيه والصيف إذ ينحو نشاطهم لأن يكون ليلياً.. ويفسر البعض تلك النتائج بأن طول نهارات الصيف قد تضبط الساعة الداخلية متأخرة بعض الشيء، مما ينقل ذروة نشاط المرء إلى ساعات متأخرة بعد الاستيقاظ، والعكس يحدث شتاءً بالطبع.. أي في النهاية يبدون أن للشمس التأثير الأكبر في التحكم في ساعاتنا الداخلية.
لكن من جانب آخر، ثمة تأثير لسن المرء على طبيعته: نهاريا كان أم ليلياً. فالمراهقون والشباب يكونون في الغالب ليلي النشاط، في حين أن تقدم العمر الذي يترافق في العادة مع تغير هرموني ما ومع ظروف محيطة ثقافية أو اجتماعية (كالعمل على سبيل المثال) من شأنه أن يحول المرء إلى نشاط نهاري .. وعلى هذا لايمكن بأي حال مقارعة الساعة الداخلية ومعاندتها، بل ينبغي التماشي معها.
الصحة البدنية والساعة الداخلية
في أداء العمل: بغض النظر عن طبيعة عمل الساعة الداخلية، فإن أفضل أوقات العمل المنتج تأتي خلال النصف الثاني من اليوم، أي من منتصف اليوم وحتى المساء، حيث يعمل القلب والرئتين بافضل حالاتها، ويكون الجسم نشيطاً.
عند ممارسة التمارين الرياضية: إن توقيت ممارسة الرياضة ليس مهما بحد ذاته، بيد إن الأهمية تكمن في الحفاظ على توقيت ثابت لها على مدى الأيام. وقد أثبتت الدراسات أن لاعبي رفع الأوزان يحققون نتائج أفضل إن هم حافظوا على مواعيد ثابته في تمارينهم. ولعل هذا ما يدفع بمنظمي الألعاب الأولمبية لاختيار أوقات ثابتة للرياضات المختلفة على طول ألعاب البطولة.
توقيت الرياضة: ثمة الكثير من الرياضات التي تناسب الأشخاص الذين يودون الحفاظ على نمط معين ليلى أو نهاري، فلعبة كالغولف مثلاً تمارس عادة في النهار، وفي الواقع قد لايتمكن الليليون من تحقيق نتائج طيبة فيها، في حين أنهم يبرعون في كرة السلة التي تمارس عادة في الليل.
الطعام والساعة الداخلية: تستجيب الساعة الداخلية لمثيرات خارجية عدة لعل أبرزها نور الشمس، بيد أن مواعيد الوجبات اليومية له دور ايضاً، فانتظامها في مواعيد محددة من شأنه أن يساعد في انتظام الساعة الداخلية.
الانغماس في الغذاء: بغض النظر عن طبيعة المرء الليلية أو النهارية، تظل الصدارة في وجبات الطعام لوجبة الغذاء. لكن على الليلين أن يحذورا بخاصة، فأستيقاظهم المتأخر قد يلغي وجبة الإفطار من حياتهم على حساب الانغماس في الغذاء. وعلى هذا لايمكن بأي حال تفويت وجبة الإفطار الحيوية حتى لو كانت صغيرة ومحدودة.
الأكل آخر الليل: في الغالب واثناء ممارسة الليلين لأعمالهم ليلاً، يميلون لأن يتناولوا بعض الوجبات بين الحين والآخر، وهذا ما يجعلهم عرضة لزيادة الوزن، إذ أن السعرات الحرارية المكتسبة ليلاً لا تحرق بسرعة.
المصدر: بوابة المرأة