أولًا: تعريف ظاهرة التنمّر
التنمّر هو عبارة عن سلوك عدواني مُتكرّر يهدف للإضرار بشخص آخر بشكلٍ مُتعمّد، إن كان هذا العدوان جسدي أو نفسي، ويتميّز التنمّر بتصرّف فردي بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر، ويمكن أن تتضمّن التصرفات التي تعد تنمّرًا التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه.
ويُمكن أن يتصرّف المتنمرين بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه، ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة، أو لأنّهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.
كما وعرّف الباحث النرويجي دان أولويس التنمّر على أنّه تعرّض شخص بشكل مُتكرّر وعلى مدار الوقت إلى الأفعال السلبية من جانب واحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين، وعرّف العمل السلبي على أنه عندما يتعمّد شخص إصابة أو إزعاج راحة شخص آخر، من خلال الاتصال الجسدي، أو من خلال الكلمات أو بطرق أخرى.
ويمكن أن يحدث التنمّر في أي مكان تتفاعل فيه البشر مع بعضها البعض، ويشمل ذلك المدارس والكنائس وأماكن العمل والمنازل والأحياء، حتّى أنه عامل شائع في أسباب الهجرة، ويمكن أن يوجد التنمر بين الفئات الاجتماعية والطبقات الاجتماعية وحتى بين البلدان.
ثانيًا: أنواع التنمّر وأقسامهِ
يُمكن تقسيم التنمّر إلى عدة أنواع بحسب الدراسات التي أجرتها العديد من المنظمات العالميّة، أهمها:
- التنمّر اللفظي: وهو التلفظ بألفاظ وكلمات مُهينة للشخص الآخر، أو مناداتهِ بأسماء وألقاب سيئة لا يُحبها، وتُسبّب له الحزن والغضب، بالإضافة للتحدث مع الطرف الآخر بأسلوب السخرية والتهديد والوعيد.
- التنمّر الجسدي أو البدني: وهو تعرض الإنسان لبعض السلوكيات المسببة للإحراج والضرر، كالضرب الشديد، السرقة، الإهانة، الإيذاء الجسدي، ودفعهِ بقوة وترك آثار وعلامات على جسدهِ.
- التنمّر الاجتماعي: وهو إلحاق الإيذاء المعنوي بالشخص كتركهِ وحيدًا، ودفع الآخرين إلى ترك صحبتهِ، وإخبارهم بعدم مصادقتهِ أو التعرّف إليهِ، بالإضافة لتداول الأقاويل الكاذبة بطريقة متعمدة.
- التنمّر الجنسي: وهو إيذاء الشخص عن طريق استخدام الألفاظ الجنسيّة السيئة التي تجرحه وتؤذيهِ، بالإضافة لاستخدام الملامسات غير لائقة.
- التنمّر في العلاقات الشخصيّة والعاطفيّة: وهو التنمّر الذي يعني إيذاء الشخص عن طريق نشر الأكاذيب عنه، والشائعات التي تسعى لتشويه سمعتهِ، وتعريضهِ للفضائح، وإبعادهِ والصدّ عنه.
- التنمّر الإلكتروني: وهو التنمر الذي يعتمد على استخدام المعلومات، وتقنيات الأتصال ووسائل التواصل الاجتماعي، من أجل تنفيذ تصرفات عدوانيّة وهجومية على الآخرين وأذيتهم والتجريح بهم.
- التنمّر النفسي: وهو الذي يعتمد على استخدام النظرات والهمسات وما شابه من هذهِ الحركات، من أجل إزعاج الطرف الآخر وإلحاق الأذى النفسي به.
- التنمّر في أماكن الدراسة: وهو التنمر الذي يتعرّض له الطلاب من قبل الزملاء أو حتّى الأساتذة، ويمكن أن يكون منتشرًا في المدارس الإبتدائيّة، الإعداديّة، الثانويّة، وفي الجامعات.
- التنمّر في أماكن العمل: وهو التنمّر الذي يحصل بين زملاء العمل، أو المشاكل التي تحصل بين الرؤساء والمرؤوسين.
- التنمّر الأسري: وهو التنمّر الذي يحصل من قبل الوالدين على الأبناء، أو بين الإخوة، أو بين الزوجين والأقارب.
- التنمّر السياسي: وهذا التنمّر يحصل عندما تُسيطر دولة قوية على دولة أضعف منها، ويتم عن طريق القوة، والتهديد، والوعيد، واستخدام قوة السلاح والقوة العسكريّة.
أمّا بالنسبة لأقسام التنمّر فهي:
التنمّر المباشر: وهو التنمّر الذي يتضمّن الضرب، الدفع، شد الشعر، الطعن، الصفع، العض، الخدش، وكل الأفعال التي تدل على الأعتداء الجسدي المباشر الذي يقوم بهِ شخص تجاه شخص الآخر.
التنمّر غير المباشر: وهو التنمّر الذي يتضمن تهديد الضحيّة بالعزل الاجتماعي الذي يتمثل بالعديد من الطرق منها، التهديد بنشر الإشاعات الكاذبة، رفض الاختلاط أو الحديث مع الضحيّة، وممارسة التنمّر على الأشخاص الذين يتحدثون مع الضحيّة ويختلطون معه، كما ويتضمن نقد الضحيّة ممن ناحية الملبس، الشكل، العرق، اللون، الدين، العجز وغيرها من الأمور.
ثالثًا: أهم الأسباب التي تؤدي لإنتشار ظاهرة التنمّر
لقد قام العلماء حديثًا بإجراء العديد من الدراسات النفسيّة لتفسير وتحليل أسباب التنمّر الأساسيّة المنتشرة بين الأطفال، والأفراد بشكل عام، ويمكن تلخيص هذهِ الأسباب بـ:
- الإصابة بمشكلة اضطراب الشخصية ونقص تقدير الذات.
- الإدمان على اتباع بعض السلوكيات العداونيّة.
- الإصابة ببعض الأمراض النفسيّة والاكتئاب النفسي.
- التفكك الأسري، وانشغال الأب والأم عن القيام بدورهم الأساسي في تربية الأبناء وتحسين أو تقويم سلوكهم، واهتمامهم فقط بالجانب المادي وجني الأموال.
- اتّساع الفجوة بين الطبقات في المجتمع من الناحيّة الاجتماعيّة والمادية.
- انتشار الألعاب الإلكترونيّة التي تُشجّع على العنف، وتغرس في عقولهم فكرةً مهمة وهي أنّ العنف هو وسيلة أساسيّة للسيطرة على الآخرين والتحكّم بهم.
- غياب دور المدرسة في تقويم الطلاب وتنشأتهم بطريقةٍ إيجابيّة، وغياب الأنشطة التي تساعد على تعزيز روح التعاون والانتماء بين الطلاب.
- غياب الوعي الديني والأخلاقي، وعدم الإلتزام بالقواعد الدينيّة المفروضة، مما يدفع بالشباب إلى عدم مراعاة مشاعر الآخرين والاستهزاء بهم.
رابعًا: العلامات التي تدلّ على تعرّض الأطفال للتنمّر
يُعاني الطفل الذي يتعرّض للتنمّر من بعض الأعراض الغريبة والتي تظهر عليهِ بشكلٍ واضح مثل:
- تقلّب الحالة المزاجيّة والشعور بالخوف الدّائم.
- ظهور بعض الكدمات على مناطق متفرقة من الجسم.
- فقدان الشهيّة إلى الطعام، أو زيادتها، وفقدان قدرته على النوم، ورؤية الكوابيس المزعجة.
- عدم الرغبة بالاختلاط مع الآخرين أو الخروج في نزهات.
- احتفاظ الطفل ببعض الأدوات الحادة للدفاع عن نفسهِ كالسكاكين مثلًا.
- عدم رغبة الطفل بالمشاركة بالأنشطة التي كان يحب المشاركة فيها فيما مضى.
- تراجع اهتمامه بالأنشطة المدرسيّة، وابتعادهِ عن أصدقائهِ وزملائهِ.
- إهمال كافة واجبات الطفل المدرسية، وتمزيق دفاترهِ وكتبهِ.
- الهروب من الواقع الذي يعيشه، والإصابة بالعصبيّة الشديدة.
- هروب الطفل من المدرسة، وتأخرهِ عن الباص المدرسي، وتمثيلهِ المرض بحجة عدم الذهاب إلى المدرسة أو الخروج من المنزل.
اقرأ أيضاً: العدوانية عند الأطفال: أسبابها، طرق علاجها
وهنا يجب على الأهل أن يقوموا ببعض الخطوات المهمة لمعالجة مشكلة التنمّر عندأطفالهم، مثل:
- تصديق كل الأشياء التي يقولها الطفل وعدم الإستهزاء بها، والعمل بشكلٍ جدي مع المدرسة على وضع خطة فعّالة للحد من التنمّر والوقوف بجانبهِ إلى أن يتخلّص من هذهِ الحالة النفسيّة.
- تفهّم الأهل لكل مشاعر الطفل المتنمّر بكل هدوءٍ وإيجابيّة، وذلك عن طريق التعرّف على الأسباب التي جعلته يُصاب بالتنمّر، والتوضيح له بشكلٍ بسيط بأن هذا السلوك هو سلوكٌ خاطئ ويجب أن يتخلّص منهُ ليتمتّع بحياةٍ سعيدة.
- عدم وصف الطفل بالمعتدي أو المتنمّر، وبشكلٍ خاص أمام الآخرين من الغرباء أو حتّى أخوتهِ.
- عدم الوقوف على الإحباطات التي قد يُواجهها الطفل في المنزل، أو خلال الإمتحانات وحل الواجبات المنزليّة.
- مراقبة البرامج التي يُتابعها الطفل، إن كان البرامج التلفزيونيّة، أو برامج الإنترنت.
- مراقبة الألعاب التي يلعب بها الطفل وبالتحديد على الإنترنت.
- تعليم الطفل ممارسة الهوايات التي تساعد على استرخاء النفس والأعصاب، والتي تعوّده على الهدوء بدلًا من العنف، كالعزف على إحدى الآلات الموسيقيّة، الغناء، والألعاب الرياضيّة الخفيفة كالسباحة، أو التي تتطلب عملًا جماعيًا مثل كرة القدم، وكرة السلة، وإبعادهِ عن الرياضات العنيفة.
كما وعلى المدرسة أن تقوم ببعض الإجراءات للتخفيف من حالة التنمّر التي تصيب الأطفال مثل:
- يجب على المدرسة أن تضع بعض القوانين الحازمة والصارمة والتي تحدّ من ضرب الأطفال لبعضهم البعض.
- منع إيذاء أي طفل للآخر، سواء كان هذا الإيذاء بدنيًا أو نفسيًا.
- توفير بيئة آمنة وهادئة داخل المدرسة، وذلك لكي يشعر الطفل بالآمان والراحة والاستقرار النفسي.
- تشديد الرقابة والإشراف على الطلاب بشكلٍ جيد، وذلك لحايتهم من التعرّض للتنمّر ومشاعر الخوف والذعر.
- توضيح أمور مهمة للطلاب داخل المدرسة، كموضوع الحقوق والواجبات، وأهمية احترام حقوق الآخرين، والتفريق بين ارتكاب العنف واكتساب المهارات اللازمة للدفاع عن النفس وقت الضرورة.
- نشر المحبة والمودة بين الطلاب، وتحفيز روح التعاون والتآلف فيما بينهم، وذلك من خلال إنشاء مجموعات للعمل مثلًا على تنظيف المدرسة والصفوف، تنسيق الزهور وتزيين المدرسة، وزراعة الأشجار والزهور في المدرسة والحدائق.
- يجب على المعلم أن يكون قدوةً حسنة لطلابهِ، وأن يتحدث معهم بإسلوبٍ راقي وهادئ، بعيدًا عن الصراخ، وعدم استخدام الكلمات السلبيّة، أو استخدام أسلوب الإيذاء الجسدي.
- يجب على المعلّم أن يكون ملمًا بمهارات التواصل مع طلابهِ، وأن يعمل على حل النزاعات التي تحصل فيما بينهم بإسلوب حضاري وهادئ.
- على المعلم أن يتعامل مع الطلاب كصديقٍ لهم، وذلك لكي يكسب محبتهم لهُ، وثقتهم بهِ.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح لتقوي شخصيّة طفلك وتُنميها
خامسًا: الآثار السلبيّة العامة للتنمّر
- لجوء الشخص الذي تعرض للتنمّر إلى استخدام إسلوب العنف، مع تحولهِ من شخصٍ ودود ومُحب إلى شخص عدواني ومكروه من قبل كل الأشخاص الذين حوله.
- التعرّض لحالات مزاجيّة مختلفة ومضطربة كالنوم الزائد عن حدهِ، أو قلة النوم، والإصابة بنوبات من العصبيّة الحادة.
- ظهور علامات القلق والتوتر على نفسيّة الشخص، بالإضافة لفقدان الشهيّة لتناول أي نوع من الأطعمة، أو زيادة الشهيّة لتناول الطعام.
- إصابة الإنسان بالاكتئاب والرغبة بالوحدة والانعزال عن المجتمع.
- تراجع الحالة النفسيّة للشخص الذي تعرض للتنمّر لدرجة التفكير الجاد بالانتحار وتنفيذه وذلك نتيجة المضايقات الكثيرة التي يتعرضون لها، والتي لا يستطيعون تحملها على الإطلاق.
- إهمال الإنسان لمظهرهِ الخارجي وعدم الاهتمام بشكلهِ العام، ولا حتّى بالقيام بواجباته اليوميّة والمنزليّة.
- لجوء الشخص الذي تعرض للتنمّر لتعاطي المخدرات وشرب الكحول الضّارة.
- تدني احترام وتقدير الشخص المُتنمّر لذاتهِ.
سادسًا: نصائح وإرشادات هامة لعلاج ظاهرة التنمّر
- دعم الأهل للشخص المتعرّض للتنمّر والوقوف بجانبهِ، واحتضانهِ، وعدم التعامل معهُ بقسوةِ.
- من المهم تثقيف جميع أفراد المجتمع والأطفال والمعلمين والوالدين بطبيعة التنمّر وحقيقتهِ، وفهم سلوكيات الشخص المتعرّض للتنمّر لمساعدته على الخروج من هذهِ الحالة.
- تعزيز ثقة المتعرّض للتنمّر بنفسهِ، وقدرتهِ على استعادة صحتهِ النفسيّة والمعنوية.
- تشجيع المتعرّض للتنمّر على المشاركة بالأنشطة الاجتماعيّة، والانخراط في المجتمع.
- تقديم العلاج النفسي للشخص المتعرّض للتنمّر، واستشارة الطبيب النفسي لمساعدته على علاج هذهِ المشكلة.
- تربية الأطفال تربية سليمة وعدم استخدام العنف معهم.
وفي النهاية نتمنى عزيزي أن تتقيّد بكافة النصائح التي قدمناها لك، وذلك لكي تساهم في القضاء على هذهِ الظاهرة الخطيرة التي تهدد الحياة الأسرية وسلامة المجتمعات بشكلٍ عام.
المصادر:
- ويكيبيديا
- طرق علاج التنمر
- ما هي ظاهرة التنمر
- ما هي ظاهرة التنمر؟ أسبابها وطرق علاجها
- التنمر، أسبابه وأنواعه وطرق علاجه