الدليل العلمي لإتقان شيء واحد في كل مرة

يودُّ الكثير من الناس - بمن فيهم أنا - تحسين مجالات متعددة من الحياة؛ فأنا على سبيل المثال، أود الوصول إلى المزيد من الأشخاص من خلال كتابتي، ورفع أوزان أثقل في النادي، والمواظبةُ أكثر على ممارسة التأمُّل، وهذه ليست سوى عدد قليل من الأهداف التي أجدها مرغوبة. هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس كلير (James Clear) والذي يحدثنا فيه عن أهمية تغيير نمط الحياة تدريجياً من خلال تغيير سلوك واحد في كل مرة.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس كلير (James Clear) والذي يحدثنا فيه عن أهمية تغيير نمط الحياة تدريجياً من خلال تغيير سلوك واحد في كل مرة.

المشكلة هي أنَّه حتى لو كنا ملتزمين بالعمل الجاد لتحقيق أهدافنا، فإنَّنا نميل دائماً إلى العودة إلى عاداتنا القديمة في مرحلةٍ ما؛ فمن الصعب جداً إجراء تغيير دائم في نمط الحياة.

لقد اطلعتُ مؤخراً على بعض الدراسات البحثية التي قد تجعل هذه التغييرات الصعبة في نمط الحياة أسهل قليلاً؛ ومع ذلك، فإنَّ نهج إتقان العديد من مجالات الحياة غير منطقي إلى حدٍ ما.

الكثير من النوايا الحسنة:

إذا كنت ترغب في إتقان عدة عادات والالتزام بها إلى الأبد، فأنت بحاجة إلى معرفة كيف تكون مثابراً؛ فكيف يمكنك فعل ذلك؟

حسناً، إليك إحدى أقوى الاكتشافات من أبحاث علم النفس حول كيفية متابعة أهدافك:

أظهرت الأبحاث أنَّ احتمال الحفاظ على العادات يزيد بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف إذا وضعت خطة محددة وفصَّلت فيها متى وأين وكيف ستؤدي نشاطاتك. على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، طلب العلماء من الناس أن يملؤوا ما بين الأقواس في هذه الجملة: “خلال الأسبوع القادم، سأشارك بتمارين صارمة لمدة 20 دقيقة على الأقل في (اليوم الفلاني) وفي (التوقيت الفلاني) في (المكان الفلاني).”

وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الذين أكملوا هذه الجملة كانوا أكثر ميلاً لممارسة الرياضة بمعدل ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنةً بالمجموعة المرجعية التي لم تضع خططاً مستقبلية لنشاطاتها، حيث يسمي علماء النفس هذه الخطط المحددة “نوايا التنفيذ” لأنَّها تذكر متى وأين وكيف تنوي تنفيذ نشاط معين.

لقد أثبت العلماء هذا الاكتشاف، وتكرر في مئات الدراسات ضمن مجموعة واسعة من المجالات؛ فعلى سبيل المثال، وُجد أنَّ نوايا التنفيذ تزيد من احتمالات شروع الناس في ممارسة الرياضة، والاستمرار في الدراسة، وحتى الإقلاع عن التدخين.

ومع ذلك – وهذا أمر بالغ الأهمية – اكتشف بحث لاحق أنَّ نوايا التنفيذ تنجح فقط عندما تركِّز على شيء واحد فقط، حيث وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الذين حاولوا تحقيق أهداف متعددة كانوا أقل التزاماً وأقل حظاً في النجاح من أولئك الذين ركزوا على هدف واحد.

إنَّ تطوير خطة محددة التفاصيل فيما يخص زمان ومكان وكيفية التزامك بعادة جديدة، يزيد إلى حدٍّ كبيرٍ من احتمالات متابعتك لها، ولكن فقط إذا ركزت على شيء واحد.

ماذا يحدث عندما تركّز على شيء واحد فقط؟

إليك سبب علمي آخر للتركيز على شيء واحد فقط:

عندما تبدأ ممارسة عادة جديدة، يتطلب الأمر الكثير من الجهد الواعي لتتذكر القيام بها. ولكن بعد فترة، يصبح نمط السلوك أسهل، وفي نهاية المطاف تصبح عادتك الجديدة أمراً اعتيادياً والعملية تلقائية ولا تحتاج إلى التفكير تقريباً.

يطلق الباحثون مصطلحاً مُنمَّقاً على هذه العملية يسمى “التلقائية”، إذ إنَّ التلقائية هي القدرة على أداء النشاط دون التفكير في كل خطوة، مما يجعل النمط تلقائياً واعتيادياً.

ولكن عليك أن تعلم أنَّ التلقائية تحدث فقط كنتيجة للكثير من التكرار والممارسة؛ فكلما ازداد التكرار، أصبح الأداء أكثر تلقائية.

على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أنَّ المدة التي يستغرقها الناس لاكتساب عادة المشي لمدة 10 دقائق بعد الإفطار، تكون درجة التلقائية فيها منخفضة جداً في البداية؛ وبعد 30 يوماً تصبح روتينية إلى حدٍ ما، وبعد 60 يوماً تصبح تلقائية تقريباً.

إنَّ أهمَّ شيء يجب ملاحظته هو أنَّ هنالك “نقطة تحول” تصبح فيها العادات الجديدة تلقائية إلى حدٍ ما، حيث يعتمد الوقت المستغرق لبناء العادة على العديد من العوامل بما في ذلك مدى صعوبة هذه العادة، وبيئتك، وجيناتك الوراثية وغير ذلك.

ومع ذلك، وجدت هذه الدراسة أنَّ العادة تستغرق وسطيَّاً حوالي 66 يوماً لتصبح تلقائية، ولكن لا تعتمد هذا الرقم، فقد كان نطاق الدراسة واسعاً للغاية، وكل ما عليك معرفته هو أنَّ الأمر سيستغرق بضعة شهوراً حتى تصبح العادات الجديدة ثابتة.

تغيير حياتك دون تغيير عاداتك بأكملها:

حسناً، دعونا نراجع ما اقترحته عليكم حتى الآن ونكتشف بعض النصائح العملية.

  • من المرجح أن يزداد احتمال المواظبة على عادةٍ ما من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف إذا وضعت خطة محددة من حيث الزمان والمكان وكيفية التنفيذ؛ وهذا ما يُعرف باسم نية التنفيذ.
  • يجب أن تركز بالكامل على شيء واحد، حيث وجدت الأبحاث أنَّ نوايا التنفيذ لا تنجح إذا حاولت تحسين عادات متعددة في نفس الوقت.
  • أظهرت الأبحاث أنَّ أي عادة تصبح أكثر تلقائية مع مزيدٍ من الممارسة، وفي المتوسط، يستغرق الأمر شهرين على الأقل حتى تصبح العادات الجديدة سلوكيات تلقائية.

وهذا يقودنا إلى الأمر المدهش في هذا المقال: الفكرة غير المنطقية من كل هذا البحث هي أنَّ أفضل طريقة لتغيير حياتك بأكملها هي عدم تغيير عاداتك بأكملها. بدلاً من ذلك، من الأفضل التركيز على عادة واحدة محددة والعمل عليها حتى تتقنها وتجعلها جزءاً تلقائياً من حياتك اليومية، ثم كرر العملية للعادة التالية.

فالطريقة لإتقان المزيد من الأشياء على المدى الطويل هي ببساطة التركيز على شيء واحد الآن.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!