الصلاة وأثارها الصحية

وبعد استعراض هذه الأدلة التي تبين أهمية ومكانة الصلاة في الإسلام ، يتبادر سؤال ، هل لهذه الشعيرة العظيمة آثار على الجسم وصحته ؟

  

وأما الأحاديث عن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ، في فضل الوضوء فهي كثيرة ، ونذكر بعض الأمثلة ، فعَن أَبِي هُرَيْرَة -صلى الله عليه وسلم- ؛ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلمْ : [ أَن أحدكم إِذَا توضأ فأحسن الوضوء ، ثُمَّ أتى المسجد لاَ ينهره إلا الصلاة ، لم يخط خطوة إلا رفعه اللَّه عز وجل بِهَا درجة ، وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة ، حَتَّى يدخل المسجد ] رواه بن ماجة ، وعَن عَبْد اللَّه الضابحي ، عَن رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ : [ من توضأ فمضمض واستنشق ، خرجت خطاياه من فيه وأنفه ، فإِذَا غسل وجهه ، خرجت خطاياه من وجهه ، حَتَّى يخرج من تحت أشفار عينيه ، فإِذَا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه ، فإِذَا مسح برأسه خرجت خطاياه من رأسه ، حَتَّى تخرج من أذنيه ، فإِذَا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه ، حَتَّى تخرج من تحت أظفار رجليه ، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة ] رواه بن ماجة ، وعَن عمرو بْن عبسة ؛ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلمْ : [ إِن العبد إِذَا توضأ فغسل يديه ، خرت خطاياه من يديه ، فإِذَا غسل وجهه ، خرت خطاياه من وجهه ، فإِذَا غسل ذراعيه ومسح برأسه ، خرت خطاياه من ذراعيه ورأسه ، فإِذَا غسل رجليه خرت خطاياه من رجليه ] رواه بن ماجة .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ ، أو المُؤْمِنُ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كلُّ خَطِيئَةٍ ، نَظَرَ إليها بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ ، أونَحْو هَذَا ، وَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ ، كلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنْ الذُّنُوبِ ] رواه الترمذي ، وعن أبي غطيف الهذلي قال : كنت عند عبد اللّه بن عمر ، فلما نودي بالظهر توضأ فصلى ، فلما نودي بالعصر توضأ ، فقلت له ، فقال : كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، يقول : [ من توضّأ على طهرٍ ، كتب اللّه له عشر حسناتٍ ] رواه أبو داود .

هذه الصلاة التي تعد من أركان الإسلام ، تشمل من جمل ما تشمل : حركات فيزيائية مفيدة ، وتمارين رياضية نموذجية ، يعود نفعها الكامل ، ومردودها الوافر ، على من يقيمها بطريقتها الصحيحة

 وروى البخاري عن مولى عثمان بن عفان : أنه رأى عثمان دعا بوضوء ، فأفرغ على يديه من إنائه ، فغسلهما ثلاث مرات ، ثم أدخل يمينه في الوضوء ، ثم تمضمض واستنشق واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ويديه إلى المرفقين ثلاثا ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل كل رجل ثلاثا ، ثم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ نحو وضوئي هذا ، وقال : [ من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ] ، وروى مسلم نحوه ، فعن مَوْلَى عُثْمَانَ ، أَخْبَرَهُ أَنّ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ ، رَضِي اللّهُ عنه دَعَا بوَضُوءٍ ، فَتَوَضّأَ ، فَغَسَلَ كَفّيْهِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ، ثُمّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلى الْمِرْفَقِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمّ مَسَحَ رَأْسَهُ ، ثُمّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إلى الْكَعْبَيْنِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ، لاَ يُحَدّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ] .

وعن أبي هريرة -صلى الله عليه وسلم- ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : [ صلاة الجماعة تزيد على صلاته في بيته ، وصلاته في سوقه ، خمسا وعشرين درجة ، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن ، وأتى المسجد ، لا يريد إلا الصلاة ، لم يخط خطوة ، إلا رفعه الله بها درجة ، وحط عنه خطيئة ، حتى يدخل المسجد ، وإذا دخل المسجد ، كان في صلاة ما كانت تحبسه ، وتصلي – يعني – عليه الملائكة ، ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه : اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ما لم يُؤْذِ يُحْدِث ] رواه البخاري ، وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ صَلاَةُ الرّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِه ِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ ، بِضْعاً وَعِشْرِينَ دَرَجَة وَذَلِكَ أَنّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمّ أَتَى الْمَسْجِدَ ، لاَ يَنْهَزُهُ إلا الصّلاَةُ ، لاَ يُرِيدُ إلا الصّلاَةَ ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، حَتّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، كَانَ فِي الصّلاَةِ مَا كَانَتِ الصّلاَةُ هِيَ تَحْبِسُهُ ، وَالْمَلاَئِكَةُ يُصَلّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الّذِي صَلّى فِيهِ ، يَقُولُونَ : اللّهُمّ ارْحَمْهُ ، اللّهُمّ اغْفِرْ لَهُ ، اللّهُمّ تُبْ عَلَيْهِ ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ، إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ] رواه البخاري .

إن ما تجلبه الصلاة على المصلي منذ حداثته ، من قيام وقعود وركوع وسجود ، مع تكرار ذلك عشرات المرات يوميا ، وبدون توقف ولا فتور ، يولد في شرايين الرأس والدماغ ، حساً خاصا

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : [ إِذَا تَوَضّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ (أو الْمُؤْمِنُ) فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إليها بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، حَتّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذّنُوبِ ] رواه مسلم ، و عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ ، حَتّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ ] رواه مسلم ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ ، وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيّامٍ ، وَمَنْ مَسّ الْحَصَىَ فَقَدْ لَغَا ] رواه مسلم .

وبعد الوضوء تأتي الصلاة ، تلك الشعيرة العظيمة ، والركن الأساس في دين الإسلام ، فهل لهذه العبادة الجليلة ، علاقة بالبدن وصحته ؟ ووقايته وسلامته ؟ ذلك ما سنتناوله بالحديث ، ولكن قبل ذلك ، نلقي لمحة عن منزلة هذا الركن العملي الأول من أركان الإسلام :

فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهي الفارق بين المسلم وغيره حيث أن تركها كفر ، كما صرح بذلك جمع من أهل العلم مستدلين بقول الحق عز وجل : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الأيات لقوم يعلمون ) [التوبة:11] ، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : [ الْعَهْدُ الّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ] رواه الترمذي ، وغير ذلك من الأدلة التي ليس هنا مجال استقصاءها ، وهذه الصلاة فرضها الله في اليوم والليلة خمس صلوات ، تؤدى على قدر الاستطاعة في الحضر والسفر ، في الصحة والمرض ، في الأمن والخوف ، ويتطلب الاستعداد لها بعض السنن و الواجبات ، مثل السواك ، والغسل أو الضوء أو التيمم .. بحسب حال المصلي .

والآيات التالية تبين أهمية الصلاة وتأكيد فرضيتها قال الله –سبحانه- : ( فصل لربك وأنحر ) [الكوثر:2] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [البقرة:43] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وماتفعلوا من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير ) [البقرة:110] ، وقال تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [البقرة:238] ، وقال تعالى: ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطماننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) [النساء:103] ، وقال تعالى : ( وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون ) [الأنعام:72] ، وقال تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الأيات لقوم يعلمون ) [التوبة:11] ،

وقال تعالى : ( قل لعبادي الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) [إبراهيم:31] ، وقال تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [طه:132] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ) [الروم:31] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا وما تفعلوا من خيرٍ تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ) [المزمل:20] ، وقال تعالى : ( ماسلككم في سقر*قالوا لم نك من المصلين ) [المدثر:42-43] ، وقال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا*إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعاً* إلا المصلين*الذين هم على صلاتهم دائمون ) [المعارج:19-23] .

وأما الأحاديث التي تناولت الحث على الصلاة ، وبيان منزلتها وحرمة تركها ، أو التساهل في أدائها ، فهي كثيرة جدا ، وليس هنا مقام التفصيل في ذلك ، وحسبي الإشارة القصيرة جدا لهذا الجانب ، فمن ذلك : ما رواه ابن ماجة وغيره ، عن عَبْد اللّه بن بريدة ، عَن أبيه ؛ قَالَ : قال رَسُول اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمْ : [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر] ، وروى أحمد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ] ، وأخرج أحمد عن أبي هريرة -صلى الله عليه وسلم- ، قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: [ الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن ، ما اجتنبت الكبائر ] ، وروى أيضا عن جابر -صلى الله عليه وسلم- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ] .

وعن عليّ -صلى الله عليه وسلم- قال : كان آخر كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : [ الصلاة الصلاة ، اتقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم ] أبو داود ، وعن أم سلمة رض الله عنها قالت : ( كان من آخر وصية رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : [ الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ] ، حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، يلجلجها في صدره ، وما يفيص بها لسانه ) .

ولعل ما سبق من الآيات الكريمة ، الأحاديث الشريفة ، يتبين لنا مكانه هذه الشعيرة في دين الله ، ويكفي دلالة على عظم أهميتها ، حرص الرحيم بأمته –عليه الصلاة والسلام- ، على نصحه وتأكيده وإرشاده لأمته بالمحافظة عليها ، وهو في سكرات الموت ، فهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإن صلحت نظر في سائر عمله ، وإن فسدت طرح في النار – والعياذ بالله – أخرج الترمذي ، عَن حُريثِ بنِ قَبيَصَةَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : [ إِنَّ أول مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَوْمَ القِيَامةِ ، مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَريضَةٍ شَيئاً ، قَالَ الرَبُ تَبَارَكَ وَتعالى : انْظُرُوا هَلْ لعبديِّ من تَطَوعٍ ، فَيُكمِلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائرُ عَمَلِّهِ عَلَى ذَلِكَ ] .

وبعد استعراض هذه الأدلة التي تبين أهمية ومكانة الصلاة في الإسلام ، يتبادر سؤال ، هل لهذه الشعيرة العظيمة آثار على الجسم وصحته ؟ يقول فارس علوان : ” للصلاة دور أساسي ، في تعزيز مناعة الجسم ، وتقويته وتنشيطه ، ليكوِّن مقاومة الأمراض ، وقهر العلل والآفات ” ، ويقول عبد المعطي قلعجي : فرض الإسلام الصلاة ، وهي دعوة لتنظيف الباطن ، والتخلي عن الفحشاء والمنكر ، وفيها راحة للضمير ، كما لها من الفوائد الصحية ، التي تعود على المصلي ، من تقوية عضلاته ومفاصله ، ومساعدة المعدة على هضم الطعام ، والسجود الطويل الخاشع ، له قوة خارقة ، في انخفاض ضغط الدم العالي .

يؤكد مثل هذه الحقائق فارس علوان بقوله : ” هذه الصلاة التي تعد من أركان الإسلام ، تشمل من جمل ما تشمل : حركات فيزيائية مفيدة ، وتمارين رياضية نموذجية ، يعود نفعها الكامل ، ومردودها الوافر ، على من يقيمها بطريقتها الصحيحة ، ويؤديها بإيمان وخشوع ، علاوة على ما وعد الله المصلين من جزيل العطاء ، وكثير الثواب ، وبشرهم بمغفرة وتكريم ونعيم مقيم … .

إن الأعمال والحركات ، التي يقوم بها المسلم عندما يقوم إلى الصلاة ، كثيرة متنوعة ، فمنها ما يتكرر في الأسبوع مرة أو أكثر ، ومنها ما يتكرر في اليوم الواحد عدة مرات ، ومنها ما يتكرر عشرات المرات في اليوم والليلة ، وكل ذلك بقدر معلوم وتنسيق محكم ، حسب هذه الحركة أو تلك لجسم الإنسان وروحه ، بما يتلاءم مع طبيعته وفطرته ، فالطهارة والصلاة ، كلها حركات وأعمال نافعة ومفيدة ، تمرن عضلات الجسم جميعها ومفاصله ، وتنشط أعضاءه وأجهزته … .

إن التمارين المستمرة ، التي تفرضها الصلاة على المسلم ، تؤدي إلى تقوية عضلات الظهر وتنميتها ، فتدعم وتقِّوم العمود الفقري ، وتخفف عنه خطر الصدمات ، وتتلقى عنه الرضوض والحوادث ، ولذلك تقل نسبة حدوث انكسار الفقرات أو انقراصها ، وتقل أيضا نسبة حدوث انفتاق النواة اللبية وغيرها من آفات العمود الفقري ، كما أن الصلاة تعد علاجا أساسيا واقيا من مرض نادر يصيب العمود الفقري .. هو ” التهاب الفقرات التصلبي أو القسطي … .

ويضيف قائلا : ” إن التمارين الرياضية المستمرة التي يقوم بها المصلي ليل نهار ، في أثناء الصلاة ، وقبل الصلاة ، من أجل الطهارة ، وأثناء السعي إلى الصلاة [ وكثرة الخطى إلى المساجد]، فهي كلها تنشط دوران الدم في الجسم عامة ، وفي الدماغ خاصة ، فتتحسن تغذيته ، وتنتعش خلاياه .. .

إن أثر الهواء النقي المشبع بالأوكسجين ، على تغذية وعمل خلايا الجسم عامة ، والدماغ خاصة ، لاشك فيه ، وهذا ما يوفره الخروج إلى المسجد ، خمس مرات كل يوم ، وهي نزهات يومية شبه إجبارية ، يتمتع خلالها البدن ، بالنشاط والاستجمام ، وتنعم الأعضاء بالحركة والغذاء والأوكسجين ، وتتزود الرئتان بالهواء الصافي والنسيم العليل .. .

إن ما تجلبه الصلاة على المصلي منذ حداثته ، من قيام وقعود وركوع وسجود ، مع تكرار ذلك عشرات المرات يوميا ، وبدون توقف ولا فتور ، يولد في شرايين الرأس والدماغ ، حساً خاصا ، وتدريبا كافيا ، على منعكس التقبض ، عندما تتغير وضعيَّة المصلي ، وبذلك يبقى الضغط الدموي الشرياني في الدماغ ثابتا ، ومحافظا على نسبته ، ولا يبقى مجال لظهور أعراض المرض ” .

ويؤكد قاسم سويداني على الجانب التعبدي للصلاة هو المقصد الأول للصلاة فيقول : ” ونحن لا نؤدي الصلاة رياضة بدنية ، كما يحلو للبعض أن يقول ، إننا نصلي تعبدا وخشوعا وامتثالا لأمر الخالق –جل وعلا- ، ولكن هل ينكر أحد أن الصلاة من ركوع وسجود ، أمر يدرب عضلات الجسم ، ويمنع تيبس مفاصله ، والصوم نؤديه تقربا إلى الله وزلفى ، ولكن ألم يثبت لعلماء الغرب أن فيه صيانة لمعامل البدن وأجهزته ، وتنقية للبدن من فضلاته وسمومه ، ويصقل الأجهزة ويعيدها إلى عملها الفيزيولوجي السوي ” .

هذه الفوائد كلها في عبادة واحدة ، فما ذا عن عبادة الصوم ومنافعها الجسمية والصحية والنفسية ؟ ، وماذا عن الحج ومنافعه الكثيرة كذلك !! ؟ ، وماذا عن الجهاد سياحة الأمة ..وماذا عن الصوم .. ؟ .

 

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *