العميل الشاكي – صديق المنشأة.

يوضح المقال أهمية الشكاوي في المحافظة على نجاح المنشأة التجارية

 

المفهوم الثاني هو أن لدى كل عميل توقعات معينة من خلال إقامة علاقة بينه وبين تلك المنشأة التجارية  ففي كل مرة يستفيد من خدمات هذه المنشأة يأتي إليها بتوقعات ويخرج منها أيضاً بتوقعات أخرى صحيح أننا كبشر لا نعلم الغيب، ولكن من خلال فهمنا لتوقعات عملائنا سيسهل علينا بالتالي الإحتراف بالتعامل مع شكاوي العملاء، هل نحن متفقين الآن على أن عملائنا لهم توقعات كانوا قد بنوها في أذهانهم؟ أتوقع أنكم متفقين معي في ذلك.

لن أدخل بشرح كلمة شكوى من الناحية اللغوية، بل سأتعامل مع هذا المصطلح من الناحية المهنية، فالشكوى هي الإنزعاج الحاصل لدى العميل، إما من المنتج أو من أسلوب التوصيل أو من حصوله على الخدمة، لماذا هذا الإنزعاج ؟ سأجيب على هذا السؤال من خلال تجربة شخصية لي.

في فترة من فترات حياتي التي كنت أقوم بعمل موظف خدمة عملاء في شركة للاتصالات المتنقلة، نمت لدي الحاجة لأن أتعرف على أغلب أجهزة الهاتف المحمول المختلفة والمتنوعة، لأنني أثناء أداء عملي أتلقى إتصالات – بعضها محرج – وخصوصا تلك التي يكون العميل فيها صغير السن ولكنه ذو خبرة عالية جدا في تقنية الأجهزة الحديثة الأمر الذي يصيبني بخيبة أمل ! كيف يكون العميل أعلم وأفهم مني في مجال أختصاصي ! قررت أن أشتري في كل شهر تقريبا جهاز من نوع مختلف حتى أتمكن من التعامل مع مختلف شرائح الأجهزة، قمت باتخاذ قرار شراء جهاز من نوع  Smart phone

حيث أن هذا النوع من الأجهزة يعتبر حاسب آلي مصغر يعمل بنظام اللمس وكان أحدث تقنية في أجهزة الإتصالات المحمولة، أثناء شرائي للجهاز كان الموظف يشرح لي المزايا والفوائد للمنتج قبل أن يتعرف على سبب اختياري لهذا الجهاز، وهذا ما يعرف في علم البيع بفن الإقناع، ولأنني كنت متحمس أصلا فقد إنهى صفقة البيع، دون أن يتأكد ما إذا كنت سأعرف كيف أتعامل مع الجهاز أم لا ؟ هل أنا من نمط العملاء الذين يفضلون قراءة كتيب الإرشاد والاستخدام ؟ أم أنني سأشرع بالاستكشاف المباشر المدفوع بالفضول ؟ أكتفى بأن قال لي أنني أحسنت صنعا باختيار هذا الجهاز كما وتنمى لي إستخداما ممتعا.

أخذت الجهاز وعدت إلى البيت سريعا، وقمت بشحن البطارية وفي صبرٍ أكاد لا أطيقه فتحت الكتاب لأتعلم عن الجهاز الحديث ريثما تتم عملية الشحن المطلوبة، بدأت بقراءة دليل الأستخدام ومن ثم النظر في أجزاء البرمجيات التي تشغل نظام الهاتف / الحاسب المحمول وغيرها، حتى دقت ساعة الصفر وركبت البطارية وشغلت الجهاز، وبفرح عارم كفرح الأطفال أنظر للجهاز وأتفحص البرمجيات أفتح هذا وأغلق ذلك، ثم أتيت إلى اللحظة الحاسمة وهي اللحظة التي أقوم باختبار خدمات شركتي مزودة الخدمة على الجهاز الحديث، فأصاب بأول خيبة أمل أنها لا تعمل! مهلا فأنا موظف خدمة عملاء وأنا من يقوم بحل مشاكل العملاء، بالتأكيد سأقوم بحل هذه المشكلة، فأرجع للدليل واقرأ ما ورد فيه، فلا أجد شيئاً في هذه الجزئية، ثم ألجئ إلى شبكة الانترنت فمن المؤكد أن الحل سيكون هناك، ولكنني أجد أنه لا حل فعلي لتلك المشكلة والسبب أن الجهاز كان في غاية الحداثة فلم ينتشر إستخدامه بعد آنذاك ! أقوم بالإتصال على الشركة فلا أجد أحد يستطيع أن يقدم لي حلاً لمشكلتي عبر الهاتف ! ما هذه العقبات ؟ هل كل ذلك لأنني أشتريت هذا الجهاز ؟ يتملكني أستياء كبير وأقرر العودة إلى نفس المتجر الذي اشتريت منه الجهاز، فأصاب بخيبة أمل كبيرة من البائع الذي بالكاد يعرف كيفية تشغيل الجهاز ! ثم يعتذر مني ويطلب من التوجه إلى الوكيل !

سؤال مهم لكل من يقرأ – ألم تكن لدي مجموعة من التوقعات قبل وأثناء وبعد الشراء ؟

ماذا حدث لهذه التوقعات ؟ وسؤال آخر متعلق بالموضوع السابق، ماذا حدث لولائي لتلك المنشأة التجارية علماً بأنني قد أشتريت جهازا من أغلى الأجهزة وأحدثها على الإطلاق كما وأن عملية الشراء تمت في أحد الأفرع الرسمية وليست من قبل موزع ! أترك لكم الإجابة على هذين السؤالين

ذهبت إلى المقر المخصص للصيانة وكلي إنزعاج لما حصل معي، هل هذا ما يحصل عليه العميل الذي يشتري هذا النوع من الأجهزة ؟ أتفاجئ من موظف الصيانة أنه يخبرني أن الجهاز يجب أن يبقى لديهم ! نعم ماذا تقول يا أستاذ ؟ يكرر بأسلوب جهاز الرد الآلي ، يجب أن يبقى الجهاز لدينا يمكنك الذهاب وسنتصل بك لاحقا لإستلامه، يا سلام يا لروعة الخدمة لديكم ! من فضلك أطلب المدير، فإذا به بكل برود يطلب المدير ويأتي على الفور ويقدم نفسه لي، وعلى الفور أوضحت للمدير إنزعاجي وطلبت منه أن يأخذني بعيدا حتى أتمكن من التنفيس عن إنزعاجي بعيدا عن العملاء، رحب المدير وكان متفهما تماما لذلك، ذهبنا إلى مكتبه وبدأت أتحدث عن مشكلتي وكيف أنني اشتريت جهاز بهذه القيمة، وحينما أردت استخدام خاصية بسيطة فيه أعجز عن ذلك، والأمر الأكثر أزعاجا أن أحداً لم يتعاون معي عبر الهاتف ويحاول عبثا أن يساعدني الكل كان يطلب حضوري ! لا أعلم لماذا ؟ وحينما توجهت إلى البائع قام بإحالتي لكم لأنه لا يعرف شيئا عن الجهاز، والآن موظفكم المحترم يطلب مني بكل برود أن أترك الجهاز لحين إشعار آخر ! قام المدير بتهدئتي وأكد لي أن المشكلة ستحل الآن وأنني لن أخرج إلا والجهاز معي ويعمل جيدا (إظهار التعاطف وإتخاذ موقف)، قلت له حسنا، يرفع السماعة ويطلب حضور موظف استقبال الصيانة ومعه الجهاز، ويطلب من الفني داخل الورشة أن يترك ما بيده ويحضر إلى مكتبه حالاً، أخذ الجهاز من موظف الإستقبال ودفعه إلى فني الصيانة، وشرح له ما المشكلة – وقفة بسيطة ( في المقال أخطاء شائعة في الخدمة ) المقال الرابع شددت على ذكر ما يلي :لا تدعي الفهم فيما لا تعلم ـ فما يدريك لعل عميلك هذا متخصص في مجاله! – أخذ فني الصيانة الجهاز وقلبه بيده وكأن الجهاز قطعة نرد ينظر الأرقام التي بها، ثم يقول هذه المشكلة لسيت إختصاصنا! يا سلام ما أجمله من خبير – كيف ذلك يا فني الصيانة هل لك أن توضح كيف أنها ليست اختصاصكم؟ بالتأكيد يجب عليك يا أخي أن تشغل الخدمة من الشركة مزود الخدمة! وقفة ثانية مع نفس المقال السابق ( مجادلة العميل، العميل دائماً على حق ) – ما أكبره من خطأ فهو لا يعلم أنني موظف خدمة عملاء وأن لدي كلمة دخول لنظام الشركة، نظام تفعيل وإلغاء الخدمات المتعلقة بالخط المحمول، فقلت له وأنا أكظم غيظي، الخدمة موجودة وهي تعمل جيداً فإذا به يرتكب حماقة أخرى ويقول، وكيف أنت متأكد من ذلك ؟ فالكثيرين يقولون أن الخدمة لديهم ثم إنهم يكتشفون عكس ذلك ! ( صبري نفد الآن )

قلت له حسنا سأفترض جدلا أن كلامك صحيح، ولكن سأثبت لك الآن كيف أن الخدمة تعمل وأنك أنت يا فني الصيانة لا تفهم في عملك أي شي !

أخذت الجهاز منه وفتحت حقيبة الظهر خاصتي واخرجت منها ثلاثة اجهزة مختلفة ، ثم أخرجت بطاقة الهاتف من الجهاز الحديث، وبدأت في تركيبه بالجهاز الأول وقلت له أنظر وقمت باستخدام الخدمة أمامه وهو يشاهد ذلك، ثم أطفئه وأخرجت الشريحة لأضعها بالجهاز الثاني وأقوم بتجربة ثانية لنفس الخدمة وهكذا دواليك حتى بلغ من الحرج ما جعله يخفض رأسه من الصغار الذي هو فيه ! وفي نهاية كل ذلك، أعاجله بواحدة كانت في قوة ما سبق أن قلت لهم وليكن في معلومكم جميعا فأنا أعمل في شركة كذا موظف خدمة عملاء هاتفية ، فلو أن لديكم أمكانية الدخول على النظام سأدخل بكلمة المرور الخاصة بي وأريكم الخدمة كيف تعمل ، وإن كنتم لا تصدقونني حسنا يمكنني الآن الإتصال وفتح مكبر الصوت وأستمعوا بأنفسكم إلى ما يقوله أحد زملائي أثناء المكالمة ! هل أطلب مركز الخدمة ؟ – قمة الغضب لدي – الجميع ساكت ولم يستطع أحد تهدأة الموقف قام المدير وبنبرة عالية فيها جدية متوجها إلى الفني، أسمع أمامك بالضبط عشرة دقائق إذا لم ترجع بالجهاز والخدمة تعمل فيه جيداً فإنني سأكتب فيك شكوى إلى الموارد البشرية وسأطلب أن يقوموا بالحسم من راتبك الشهري أسبوع ! هيا أذهب ولا تضيع الوقتموقف حازم تجاه الشكوى – ثم يعود ويوجه كلامه إلى موظف الإستقبال الآن تذهب وتحضر كوب ماء بارد لأن تقديمك للخدمة لهذا العميل لم تكن بالوجه اللائق، وتأكد من أنك تعتذر له، ويذهب الموظف – بينما أنا بدأت بالراحة معها شعور مصاحب لتأنيب الضمير لما فعلته سابقا – فإذا بالمدير يبدأ بالإعتذار إلي ويطلب مني أن أقبل أعتذاره نيابة عن الموظفين وأخذ شيئا فشيئا بكسبي إلى صفه حتى رجع إلي الجهاز مع فني الصيانة ومعه زميل له ، وقد قام ذلك الزميل بشرح بعض الأمور في حال لو واجهتني كيف من الممكن التعامل معها ، ثم سألني أن كنت احتاج لمعرفة شي معين بالجهاز ؟ فأجبته بالنفي ، فإذا به يقدم لي كرت العمل الخاص به ويقول لي لا تتردد بالإتصال في أي وقت لمعرفةأي معلومة متعلقة بالجهاز. بشكل سريع المدير من خلال تأنيبه وتوبيخه أظهر أحترامه لشكوى عميله كما وأظهر أهتماما بالغا من خلال الوقوف إلى صف العميل حينما شهد على سوء تصرف الفني ، الفني الزميل أو الخبير الذي حل المشكلة بسرعه – تجاوز توقعاتي من خلال سرعة حل المشكلة أولا ثم تقديمه إلى معلومات إضافية ثانيا ، ثم إعطائه لكرت العمل الخاص به إلي ثالثا وهو الأهم.

ولأن الشكوى لها تأثيرها فإن أحد زملائي حصل له موقف مع نفس الشركة ولما سألته عن الأسلوب الذي تم التعامل به معه، وجدت أن هناك أختلافا جذريا في التعامل مع أن الفارق بين توقيت المشكلتين لا يتجاوز أسبوع !

السؤال ما السبب في تقدم مستوى الخدمة ؟ ألا تتفقون معي أنها الشكوى ؟

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *