حمى الضنك (حمى العظم المكسور) Denque Fever

تنتشر حمى الضنك في بعض الأحيان على شكل موجات وبائية epidemics،وتكون نسبة الإصابة السكانية في هذه الوبائيات مرتفعة،فقد تصل إلى 80% من مجموع السكان في المنطقة الموبوءة .

ان المعلومات المتوفرة عن كيفية حدوث المرض غير مفهومة بشكل تام الا ان الدراسات الوبائية تقترح انها تترافق عادة مع الالتهابات بانماط فيروسات الضنك وهناك تحاليل مخبرية كثيرة تثبت خطورة هذا المرض على مناعة الجسم ودرجة التخثر فيه وتؤدي اصابة الاوعية الدموية الشعرية الى تسرب السوائل والشوارد والبروتينات وفي بعض الاحيان خلايا الدم الحمراء الى خارج الاوعية الشعرية مما يؤدي الى حدوث تغيرات في مكونات الدموية الانسجة مما يجهد القلب وينقص الاكسجين عن الانسجة وبذلك قد تحدث الوفاة.وفي معظم الاحيان تحدث الوفاة نتيجة للنزف المعوي اوداخل الجمجمةوقد تحدث النزوف البسيطة في الرئتين والكبد والغدتين الكظريتين وهذه من اهم اعضاء الجسم الحيوية.

كما انه قد يكون هناك توقف في عملية نضج النواءات في نخاع العظم مما يؤثر على كمية الدم في الجسم.

لحمى الضنك شكلان سريريان :

الأول بسيط :وهوالغالب،حيث يشبه الزكمة الفيروسية إلى حد كبير في بداياته،ثم تشتد الحمى حتى تصل إلى 40 درجة مئوية،وقد تسبب الاختلاجات أوالتشنجات في الأطفال convulsions،وتكون غالباً مترافقة مع الصداع،وخاصة في منطقة الجبهة،أوخلف محجر العينين،ثم تظهر الأعراض الأخرى فيما بعد : مثل آلام الظهر والمفاصل والعضلات،وفقدان الشهية، وفقدان الذوق، والغثيان والقيءوالكسل العام،والطفح الجلدي …هنا يمكن أن تنخفض الحرارة …

لكن،وبعد مرور يوم أو يومين يظهر طفح جلدي جديد،و ينتشر في جميع أرجاء الجسم ما عدا الكفين والقدمين وفي اللحظة التي يظهر فيها هذا الطفح الثاني ترتفع الحمى من جديد لتعطي ما يسمى بالحمى ثنائية الأطوار biphasic fever،والتي تستمر عدة أيام ثم تنخفض من جديد ليدخل الطفل في مرحلة من الوهن العامastheniaأوالكآبة depression .

ولوأجرينا له فحوصات مختبرية لوجدنا :

انخفاض في كريات الدم العام pancytopeniaبما فيها الكريات البيضاء والصفائح الدموية .

و زيادة كثافة الدم hemoconcentration .

و لوأجرينا تخطيطاً للقلب لوجدنا بطء في ضربات القلب bradycardia (لقد شاهدت هذه الملاحظة شخصياً في عدة حالات رقدت عندي في المستشفى،و لقد سجلت درجة من البطءوصلت إلى 40 ضربة قلب في الدقيقة،ومن الغريب أنها كانت غير مترافقة مع أي عرض أوشكوى لدى المريض)،ثم خوارج انقباض بطينية ventriculr extracardia

 

أما الشكل الثاني من حمى الضنك،فهو الشكل النزفي : dengue hemorrhagic fever

و هو مرض خطير وربما قاتل،وتسببه نفس فيروسات الضنك أيضاً، إلا أنه لا يحصل في الإصابة الأولى للفيروس،بل يغلب أن يكون في إصابات ثانية لنفس الفيروس ،أوبعد إصابة جديدة لفيروس ضنكي آخر غير الأول …

من هنا فإني أقول : إذا كانت هذه الموجة الوبائية قد مرّت علينا بسلام ( لقد رقد لديّ عشرات الأطفال الذين يشتبه إصابتهم بحمى الضنك،لكننا بفضل الله،لم نسجل أية حالة وفاة حتى هذه اللحظة)،فيجب أن ننتبه للموجات الوبائية القادمة،التي تكون أكثر خطورة من الموجة الأولى،والتي تكثر فيها عادة حالات النزف المميت،فلقد سجلت لنا الذاكرة الطبية التاريخية حصول موجة وبائية لحمى الضنك النزفية في كوبا،لسنة 1981،حيث راح ضحيتها مئات المرضى،ولما دقق الأطباء في الأمر تبين لهم أن وباء 1981 القاتل والذي تسبب به فيروس الضنك نوع 2 dengue،كان قد سبقه وباء خفيف لفيروس dengue 1،في عام1977…

تتميز بدايات الشكل النزفي من حمى الضنك بأعراض وعلامات مشابهة للشكل البسيط الذي رأيناه،أما الطور الثاني الخطير للمرض فيبدأ بعد مرور عدة أيام ( 2 – 5 )،حيث يتطور لدى المريض صدمة ونزف بشكل سريع ومفاجئ …

لو فحصنا المريض في هذه المرحلة لوجدنا لديه واحدة أوأكثر من العلامات التالية :

 

·         الأطراف باردة و رطبة،بينما وسط المريض حار .

·         الوجه متورد .

·         تعرق المريض .

·         ألم في منطقة الشرسوف epigastric pain

·         علامات عصبية مثل : تهيج، وقلق،وعدم ارتياح …

·         والأهم والأخطر من كل ذلك هي : علامات النزف على المريض،سواء كان على شكل بقع نزفية تحت الجلد، أوسهولة النزف لدى تركيب الكانيولا الوريدية canula، أونزف هضمي أوبولي …إلخ

 

يستمر الطور الثاني الخطير للمرض بعد حدوثة فترة ( 24-36 ) ساعة،وينتهي بأحد شكلين :

إما التدهور المفضي إلى الموت لا سمح الله،وذلك حتمي إذا حدث نزف دماغي خطير …

أوالتحسن والشفاء بإذن الله،وهنا يأتي دور الطبيب ،فإذا تدخل في الوقت المناسب،ببعض اللمسات الذكية،فقد ينقذ روحاً بشرية عزيزة   .

والتدخل الذي أعني به : أن يتم وضع الطفل تحت المراقبة الطبية في المستشفى،وأن توضع له كانيولا،وتنقل له السوائل المناسبة،وبالكمية المناسبة (وذلك حسب وزنه) ،أوتنقل له البلازما fresh frozen plasma،أوالصفائح الدموية عند الحاجة ،فإن تعذر فيعطى كمية من الدم تناسب وزنه وحالته (من هنا نرى ضرورة توفير مصرف دم مركزي في منطقة تهامة لتغطية هذه الحاجات الملحة) …

ونخفض الحرارة العالية بالماء (كمادات)،والباراسيتامول،ويمنع إعطاء الأسبرين والبروفين وغيرها من مميعات الدم لمنع المزيد من النزف …

 

 

أما المضادات الحيوية فتترك لحاجة كل مريض،والحاجة يقدرها الطبيب ،والأصل فيها الإقلال والتقتير لا الإسراف والتبذير…

على أن الأهم من ذلك كله هو تضافر جهود كل مؤسسات الدولة للعمل الجاد على منع حصول المرض أصلا،وذلك من خلال خطط كفوءة ومستمرة،يتم بواسطتها القضاء التام على مسببات المرض وناقلاته …

المظاهر السريرية:

تمتد فترة الحضانة من 1 – 7 ايام والتظاهرات السريرية متنوعة وتتأثر بعمر المريض فعند الرضع والاطفال الصغار قد يكون من الممكن تمييزه بالحمى لمدة 1 – 5 ايام والتهاب البلعوم والانف والسعال الخفيف.

 

غالبية الاطفال الأكبر سناً والبالغين يعانون من بدء مفاجئ للحمى التي ترتفع سريعاً الى حوالي 39,4 درجة مئوية وتترافق الحمى عادة مع الم جبهي اوخلف الحجاج وتسبق الحمى احياناً بألم شديد في الظهر.

 

قد يلاحظ وجود طفح يشبه الحصبة في جميع انحاء الجسم والم في المفاصل وفي اليوم الثاني الى السادس قد يحدث الغثيان والقيءوقد يتطور الى تضخم في الغدد اللمفاوية قل ذلك يحدث في حمى الضنك العادية. اما في حالة حمى الضنك النزفية فيصعب التفريق بينها في المراحل الباكرة من المرض. ففي البداية والتي تتميز بالبدء المفاجئ للحمى والتعب والاقياءوالصداع والسعال يتبعه بعد 2 – 5 ايام تدهور سريري سريع ويظهر لدى المرضى في الطور الثاني من المرض برودة في الاطراف ولزوجة اما الجذع فيكون دافئاً والوجه محمراً ويكون هناك تعرق وتهيج وقلق والم في جميع انحاءالجسم. وبالتدريج تظهر بقع غشاء منتشرة في الجبهةوالاطراف وقد تظهر كدمات عفوية.ويصبح من السهل حدوث كدمات ونزيف من مواقع اخذ عينات الدم حيث يستمر النزيف كما يظهر طفح بقعي وتوجد زرقة حول الفم،والتنفس يكون سريعاً ومجهداً،والنبض القلبي سريع جداً وضعيف واصوات القلب خافتةوالكبد متضخم جداً.وحوالي 30٪ من حالات حمى الضنك النزفية يلازمها متلازمة صدمة الضنك (وهي نوع من انواع الاغماء الذي قد يؤدي الى الوفاة). بعد حوالي 24 – 36 ساعة من نوبة الصدمة قد يتعافى بعض الاطفال المصابين وتعود درجة الحرارة الى الحدود السوية (الطبيعية) قبل اوخلال مرحلة الصدمة.

 

أما التشخيص:

يعتمد التشخيص السريري لحمى الضنك من خلال الحرص العالي للشك بالحالة بالاعتماد على المعلومات المتوفرة عند التوزيع الجغرافي والدورات البيئية للفيروسات المسببة.والموجودات السريرية المتنوعة يمكن ان تكون بسبب فيروسات اخرى فغالباً تستخدم الطبيب مصطلح الداء الشبيه بالضنك حتى يتم اثبات التشخيص.

 

وهناك بعض العلامات الكبرى والصغرىونقص الصفائح والدلائل على زيادة نفوذية الاوعية الشعرية الانصباب الجيني (السوائل في الرئة) وانخفاض بروتين الدم نتيجة كما ذكرنا هروبه خارج الدم كما ان وجود الصدمة يعزز التشخيص.

 

وكذلك يمكن اثبات تشخيص الفيروس بواسطة الاختبارات المصلية الدقيقة والمتوفرة في مختبرات خاصة. 

 

 

 

الوقاية

 

إزالة أماكن توالد البعوض الناقل،من خلال تغطية محكمة لخزانات المياه وعدم تخزين المياه في أوعية مكشوفة،وإزالة بؤر تراكم المياه مثل أواني الزهون إطارات السيارات القديمة وأوعية تخزين المياه.

وضع شبك ضيق المسام على الأبواب والنوافذ للحماية من لدغات البعوض نهارا.

استخدام الناموسيات في حالة النوم خارج المنزل.

استخدام طارد الحشرات.

تبليغ السلطات المحلية عن أي حالة فورا،والتعاون معها لإعطاء معلومات صحيحة عن سابقة المرض والعنوان،وتسهيل عمل فريق المكافحة لعمل الاستقصاء الوبائي و رش المنزل المصاب والمنازل المجاورة.

تم تطوير انواع عديدة من اللقاحات ضد الفيروسات المسببة الا ان ذلك غير متاح للعموم.

 اهم عامل للوقاية هو تجنب عضات البعوض باستخدام قاتلة الحشرات واستخدام منفرات (طاردات) البعوض وتغطية الجسم بالملابس اثناء التجوال.

 يمكن استخدام الطائرات في حالة انتشار الوباء وتفشي المرض.

 عدم السفر الى المناطق المشبوهة والموبوءة.

وبالنسبة للعلاج:

·         يجب ادخال المريض المستشفى.

·         يقيم المريض من ناحية معرفة العلامات الحيوية ودرجة التكثف الدموي ودرجة الجفاف واضطراب املاح الدم حيث ان ذلك ضروري لتعويض الجسم بالطريقة الصحيحة لما فقده من املاح وسوائل ودم.

·         اعطاء الاكسجين للمريض في حالةوجود زرقة اوصعوبة في التنفس.

·         اعطاء المريض السوائل المناسبة التعويضية لانقاذ المريض من الجفاف وتفادي مضاعفات الصدمة مع الاحتياط بعدم زيادة هذه السوائل والتي قد تكون خطيرة.

·         نقل الدم اوالصفائح الدموية طبقاً لمدى النقص في مستوى خضاب الدم والصفائح.

·         بعض الاطفال المرضىوغيرهم قد يصابون بالهيجان مما يتطلب تهدئة الطفل باعطائه بعض انواع المهدئات الآمنةوالمؤقتة.

المضاعفات:

·         فقدان السوائل والاملاح والتي يجب تعويضها سريعاً يؤدي الى اضطراب في وظائف اعضاء الجسم الاخرى مثل القلب والمخ.

·         فرط الحرارةوالاختلاجات (التشنجات) الحرارية.

·         الرعاف.

·         الآفات الفرفرية من نقص في الصفائح وغيرها.

·         النزف الكاذب حينما يبتلع المريض الرعاف وينزل الى الجهاز الهضمي ويظهر في البراز.

·         النزف الحقيقي نتيجة للاصابة بحمى الضنك النزفية في الامعاءوالمخ والرئتين.

·         قد يتأثر عقل المريض فيما بعدوكذلك بطء في القلب.

 

خطورة حمى الضنك النزفية

تحدث الوفاة لدى اكثر من 50٪ من المرضى المصابين بالصدمة لكن العناية المركزة والكافية تخفض الوفيات الى اقل من 2٪وكلما تمت المعالجة مبكراً كلما نقصت نسبة الوفيات ونادراً ما يكون هناك مشاكل واذية دماغية ناجمة عن الصدمة المستمرة اونتيجة للنزيف داخل المخ.

المصدر: الشبكة السورية

 

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *