وهكذا نجد بأن أي سلبية في اختيار رجل الأمن الصناعي طبقا لقدرات ومهارات وميزات سلوكية فردية للأنماط الشخصية المتبادلة بين بني الإنسان تشكل في حد ذاتها إحدى المخاطر الرئيسية للوقاية الصناعية خاصة إذا ما عرفنا بأن رجل الأمن الصناعي يجب أن يكون قدوة لكافة العاملين بأي مرفق صناعي، وذلك من حيث النضج الشخصي وحسن المظهر واللياقة والآداب وحدة الذكاء وبعد النظر ورجاحة العقل وشيمة الصبر لمواجهة المصاعب وحل المشاكل وبنبذ الذات واجتناب العواطف وتحمل المسئولية إلى غير ذلك من قدرات وسلوكيات ومميزات شخصية على درجة كبيرة من الاعتبار والأهمية بالذات إذا ما علم بأي سلبية أو دوافع مخالفة يمكن أن تؤثر بصورة أو بأخرى في الاختيار المناسب لأي من عناصر الأمن الصناعي تنقلب في النهاية على البناء السليم لفاعلية الهيكل لجهاز الوقاية الصناعية وتنعكس بالتالي على مستوى تطويره وإنتاجه، وبالذات إذا ما سلمنا بان هذا الجهاز يعتبر على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لأي عملية إنتاجية أو صناعية للنشاطات الإنتاجية والصناعية المختلفة إذ انه وبدون شك يعتبر إحدى صمامات الأمان الرئيسية لأي مرفق صناعي.
وفيما يلي نود المعيار أو المقياس الذي يتوجب أن نختار به العناصر الجيدة المرشحة للعمل بجهاز الأمن الصناعي :
أ. الاتزان العقلي :
يجب أن يكون المرشح قادرا على استيعاب الجوانب الإدارية والفنية لعلوم الأمن الصناعي بما يتمشى وطبيعة نشاط العمل بالمرفق الصناعي ومستوى التقنية العلمية التي بنيت عليها مراحل عمليات التشغيل والتصنيع ومخاطر الحماية والسلامة المصاحبة لطبيعة النشاط، كما يجب أن يكون المرشح على درجة عالية من الذكاء بحيث يمكن اتخاذ الإجراء السليم والمناسب تجاه المشاكل الغير متوقعة بأقل قدر ممكن من توجيه مساعدة الآخرين وإذا ما أستعمل مقياس علمي مناسب لاختيار نتائج هذا الاتزان العقلي فيجب ألا تقل نتيجة الاختيار للمرشح عن ( 90% ).
ب. البنية الجسدية :
يجب أن تكون للمرشح قدرة صحية جيدة للدفاع عن نفسه وحمية غيره إذا ما استدعت الضرورة القصوى ذلك، كما يجب أن يتحمل أعباء الوقوف والمشي لمدة نوبة العمل والتي لا تقل عن ( 8 ) ساعات أو أكثر في اليوم الواحد، وذلك حتى لو توفرت مراكز الحماية والمراقبة المجهزة بوسائل الراحة ومستلزمات العمل الحديثة المساعدة لتغطية مهام العمل بجداره فائقة وبأقل جهد ممكن، إلا أن البنية السليمة والشخصية المناسبة يجب أن تكون ممتازة علاوة على أن نتائج الكشف الطبي لسلامة الجسد الظاهرية والباطنية والأطراف والحواس يجب أن تكون أيضا بنسبة ممتازة.
ج.العمر :
بما أن مهام طبيعة المهنة لأعمال الأمن الصناعي تتصف جميعا بالنشاط والحيوية والمخاطر الأمنية والفنية، حيث أنها أشبه ما تكون بالمهام العسكرية فهي تحتاج لأشخاص يمكنهم تنفيذ متطلبات العمل بعقلية الرجولة المتزنة وأبعاد المسئولية التامة ومواجهة مصاعب ومخاطر العمل في الأحوال العادية والطارئة، وعليه فالحد الأدنى لعمر المرشح يفضل أن يكون ( من 25 إلى 30 ) والحد الأعلى للاختبار يجب أن لا يتعدى ( 40 ) سنة شريطة أن يخصص صاحب هذا العمر لشغل طبيعة المهنة التخصصية المعنية كوظيفة مراقبي الاستعلامات أو مراكز مراقبة الاتصالات والطوارئ أو ما شابه ذلك من مهام تتسم بطابع الاتزان والصبر وقوة الاحتمال والتركيز على أجهزة ووسائل منظومات الاتصال والمراقبة والتي بالرغم من أهميتها إلا أن طبيعة المهنة يعتريها نوعا من الملل.
ولذا يجب إخضاع مثل هذه الوظائف إلى نظام نوبة العمل القصيرة بحيث لا تزيد عن مدة ساعتين متواصلتين لكل نوبة عمل وساعة راحة وهكذا، وذلك ضمانا لسلامة المراقب الصحية وفاعلية المراقبة التي تعتمد على استخدام المركز العصبي وحاستي السمع والبصر كعوامل بوسائل التقنية الحديثة ومراقبي الاتصالات السلكية واللاسلكية ومراقبي مراكز مراقبة الطوارئ وما في حكم ذلك من مهن تقتضي نفس المعاملة.
د. المستوى التعليمي :
بما أن أغلب علوم الأمن الصناعي تعتبر فنية إلى حد كبير فهي تحتاج إلى مستوى التعليم الدراسي والثقافة العامة والأمن الصناعي بما يتمشى ويتفق وطبيعة نشاطات العمل لأي مرفق إنتاجي أو صناعي.
عليه فالمستوى التعليمي المطلوب لشغل أي من وظائف جهاز الأمن الصناعي يجب أن لا يقل عن المرحلة الثانوية فما فوق أو ما يعادلها من المعاهد الفنية حتى يمكن للمرشح من استيعاب التخصصات المختلفة لعلوم هذا الجهاز وذلك إلى جانب حصيلة جيدة للغة الإنجليزية ولو مرحليا، خاصة وإن علوم الوقاية الصناعية بصورة عامة لا تزال تعتمد في دراستنا على برامج ومناهج وكليات ومعاهد وخبرات متخصصة بالدول الأجنبية، وذلك ناهيك على المعدات والأجهزة والمستلزمات والمعايير ووسائل الإيضاح المستخدمة لإنجاز مهام طبيعة المهنة ولأغراض التدريب المختلفة لهذه العلوم.
ه. الخبرات السابقة :
بالإضافة إلى المتطلبات والمواصفات والقدرات والسلوكيات الشخصية المنوه عنها سالفا يفضل أن تكون للمرشح خبرة تخصصية سابقة إن وجدت في أي من مجالات الوقاية الصناعية أو عمليات التشغيل أو التصنيع أو الخدمات العسكرية والأمنية ذات العلاقة المباشرة بالشئون الأمنية أو حماية البيئة أو الوقاية العامة، إلا أن بعض الشركات الصناعية بالدول المتقدمة صناعيا لا ترى جدوى لضرورة الخبرة السابقة، حيث تقوم هذه الشركات بتدريب المرشحين على علوم الوقاية الصناعية وفقا لمناهج التدريب الحديثة لتغطية احتياجات طبيعة نشاط العمل الصناعي المرتبط بها، أما عن طريق مراكز وأقسام التدريب النظري والملي التابعة لها مباشرة أو عن طريق إلحاق المرشحين بمعاهد وكليات دراسية ونظامية متخصصة لتخريج عناصر مؤهلة بما يتمشى ومختلف التخصصات لأجهزة الوقاية الصناعية ومن بينها عناصر الأمن الصناعي.
ومتطلبات عامة أخرى :
1. يجب أن يثبت المرشح رسميا أنه من بين المواطنين الصالحين، والخالي تماما من السوابق الجنائية بل يجب التأكد التام من ذلك بمساعدة الأجهزة الأمنية المختلفة بالأحوال الشخصية إذا أنه يجب أن لا يسمح بأي حال من الأحوال إدخال أي شخص للعمل بأي من وظائف الأمن الصناعي قد سجلت ضده أي نوع من القضايا القانونية وإن كانت له خبرة عملية سابقة فيجب أن تسأل عليه الجهة التي عمل لديها لمعرفة تاريخه الوظيفي وسلوكياته الشخصية.
بالمثل يفضل اختيار كافة العناصر المرشحة للعمل بالوحدات والمرافق الإدارية والصناعية لطبيعة أي مهنة كانت بالمرافق والمنشآت والأهداف الحيوية الهامة في البلاد، وذلك طبقا لاشتراطات الوقاية الصناعية وحتى لا يشكل أي من العناصر المريضة اجتماعيا ونفسيا إحدى مخاطر الحماية والسلامة العامة.
2. يجب أن تتوفر بالمرشح لأي من وظائف الأمن الصناعي المقدرة للتعامل مع الطباع والسلوكيات المختلفة من الناس بحيث يكسب ثقة الجميع وبالذات المنتجين العاملين معه بجهة العمل التابع لها بحيث يستطيع قيادتهم والسيطرة عليهم في حالات الطوارئ، وذلك حفاظا على سلامة أرواحهم وتسخيرهم لتقديم المساعدة الفاعلة إذا ما اقتضت الضرورة ذلك بما يتمشى وخطة الطوارئ العامة المعتمدة بجهة العمل.
3. يفضل أن يتصف المرشح باللياقة وحسن التصرف ولطف المعاملة للآخرين خاصة وأنه يشغل وظيفة لها من الأهمية حتى أنها تعتبر المرآة العاكسة بجهة العمل وإدارتها ولوائحها ومستوى النظام والانضباط بها حيث أنه يتصدر واجهة المنشأة أو المرفق الصناعي ببوابات الدخول عند مقابلته للزوار والقادمون إليها للمرة الأولى لأي سبب من الأسباب إذ أنه هو أول المستقبلين وآخر المودعين لهم خاصة وإن ما يؤخذ عنه من انطباع له بالغ الأثر في نفوسهم وبالتالي يتحدد معيار التعامل لخدمة المصلحة العامة بينهم وبين إدارة جهة العمل التابع لها.
4. لا شك بأن المرشح في هذه الحالة يجب وأن يكون على قدر وافر من الثقافة العامة والمعرفة والإطلاع والتمييز بين الأمور ذات الأهمية الخاصة أو الطبيعة السرية المعنية حتى يستطيع المحافظة عليها وعدم التفريط فيها أو نقلها بأي صورة كانت إلا أولئك المخول لهم بذلك بإدارة جهة العمل التي يعمل بها.
ولهذا السبب يوصي خبراء الأمن الصناعي بضم وحدات البريد والبدالات الهاتفية والآلات المبرقة وأجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية والمصورة ومحفوظات الملف العام والوثائق الفنية بجهة العمل إلى طبيعة مهام جهاز الأمن الصناعي حفاظا على سرية تداول معلوماتها، بل هناك شركات صناعية كثيرة في العالم تطبق هذا الأسلوب لتحديد مسئولية أهميتها وتداولها طبقا لاشتراطات النواحي الأمنية.
5. يجب وأن تتوفر بالرشح كذلك جوانب الطاعة والامتثال للتعليمات والأوامر علاوة على الاستقامة والنزاهة والأمانة بحيث يكون خاليا من العيوب الشخصية والعقد النفسية التي تنعكس بطبيعة الحال على مستوى إنتاجه أو تؤثر بصورة أو أخرى على إنتاج زملائه من أفراد جهاز الأمن الصناعي.
واختصار للقول في هذه الوحدة ولأهمية الموضوع في بناء الهيكل التنظيمي لجهاز الأمن الصناعي، فانه يجب توفر النزاهة والحرص الشديد في قبول المرشحين للعمل بأي من وظائف هذا الجهاز، وذلك خلافا عن أي من وحدات العمل الأخرى لجهة العمل لأي مرفق أو منشاة صناعية خاصة وإن ( الذرة السليمة تنبت شجرة صالحة إذ تحتاج لقليل من العناية والرعاية لتعطي ثمارا طيبة ) وعلى هذه الأسس يجب اختيار عناصر جهاز الأمن الصناعي وبالذات إذا ما سلمنا بأنهم حقا قدوة ومثالا تنعكس عليهم الصورة الحقيقية المشرفة لجهة العمل لأي نشاط إنتاجي أو صناعي وألا فلا داعي أصلا لإقامة جهاز صوري لا يحمل مهام واختصاصات علوم الأمن الصناعي المقامة في المنشأة الصناعية في البلاد إلا الاسم.