كيف يساعد تذكر أفضل لحظات الحياة في تجاوز أسوأها؟

الحياة مثل دفتر تتضمن صفحاته ذكريات جميلة وفي بعض الأحيان قد تكون سيئة، لذلك من أجل تجاوز الذكريات السيئة، لا بد من تذكر أفضل اللحظات والإنجازات التي تعمل على رفع معنوياتنا، وهذه المقالة تتضمن كيف تساعدنا لحظات الحياة الجيدة في تجاوز اللحظات الصعبة.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن “جامي فريدلاندر” (Jamie Friedlander)، وهي كاتبة مستقلة ومحررة لديها الكثير من الأعمال.

إنَّني قلقة وسريعة الانفعال ومتوترة؛ لكن لحسن الحظ، أعرف الحل الأمثل؛ إذ قمت بسحب دفتر يومياتي الذي يجب أن أكتب فيه سطراً واحداً في اليوم فقط، وانتقلت إلى مقطع حديث مؤرخ في 6 مارس 2019: في يوم آخر في مدينة “تولوم” (مدينة مكسيكية مشهورة بآثارها)، قضيت يوماً رائعاً؛ إذ زرت أماكن جميلة، وهو أمر رائع جداً، ثم ذهبنا وزوجي إلى رؤية آثار تولوم، وتناولنا الغداء على الشاطئ، ثم ذهبنا إلى السباحة، وتناولنا عشاءً لذيذاً في مطعم في الهواء الطلق، وتجولنا في وسط المدينة، وصنفت يومي أثناء تناول المثلَّجات بوصفه يوماً مثالياً.

بعد قراءة ما كتبته في دفتر يومياتي، أخذت نفساً عميقاً وذكَّرت نفسي أنَّ هذه المشاعر السلبية التي أُحِسُّ بها الآن عابرة، وأنَّ هذه الأيام ستمر كما مرَّت غيرها، وسوف نشهد أياماً أفضل في المستقبل.

عانيت طوال حياتي من اضطراب القلق العام، فلقد فعلت كل شيء يُفترض بي فعله (باستثناء العلاج الدوائي) للسيطرة على هذا الاضطراب: العلاج، والتمارين الرياضية، وكتابة اليوميات، والتأمل الذهني؛ ومع أنَّ آليات التأقلم هذه قد ساعدتني جميعها في السيطرة بشكل أفضل على قلقي؛ إلا أنَّني كنت أصارع دائماً شيئاً واحداً: تقبُّل المشاعر السلبية.

كثيراً ما أقمع المشاعر السلبية سواءٌ أكانت غضباً إزاء شيء قاله أحد أفراد الأسرة أم كانت حزناً بسبب الأخبار، فأنا أميل إلى كبح أي مشاعر قد تُصنَّف ضمن قائمة المشاعر “السيئة”، وأعلم أنَّ هذا غير منطقي؛ ولكنَّني أشعر بالقلق لأنَّ الأمور سوف تستمر في التدهور، ولن تعود المشاعر الإيجابية أبداً.

تقول هيذر ليونز (Heather Lyons)، عالمة النفس ومالكة مجموعة بالتيمور العلاجية (Baltimore Therapy Group): “يميل الأشخاص الذين يعانون القلق إلى قمع المشاعر السلبية؛ ويُعدُّ تجنب المواقف المُزعجة من أشهر طرائق التعامل مع القلق، وتكمن الصعوبة هنا في أنَّ تجنبها يساعدنا على تخفيض مستويات القلق على الأمد القريب؛ إلا أنَّه بمرور الوقت يسمح بزيادة القلق والانزعاج، وحين نتجنب ذلك فإنَّنا لا نمنح أنفسنا فرصة التعود على الإحساس بالضيق أو حتى لتحدي افتراضاتنا بشأن التجارب البغيضة”.

إنَّ قمع مشاعري السلبية لم يسفر إلا عن تفاقم حالة القلق التي أعاني منها، ولا شك أنَّ مشاعري كانت جيدة في الوقت القريب؛ ولكنَّني كنت أجهز نفسي لبعض المشكلات الخطيرة على الأمد البعيد؛ ولذلك بدأت في تخفيف حدة مشاعري السلبية ببطء.

وتضيف هيذر: “إذا كنت تخشى أن يتسبب إفساح المجال للإحساس بالمشاعر السلبية بانفعالك وإغراقك بهذه المشاعر، فإنَّ السماح لنفسك بتجربة هذه المشاعر يساعدك في إدراك قدرتك على تجربتها دون أن يصيبك الأذى بسببها”.

لقد عملت بجد في مجال العلاج لتقبُّل ومعالجة المشاعر غير المرغوب فيها؛ ونتيجة لذلك فقد شهدت مستويات أعلى من المشاعر الإيجابية؛ ومع أنَّ العلاج ساعدني إلى حد كبير، فما زلت أصارع لتقبل المشاعر السلبية في بعض الأحيان، وهو ما أدى إلى تطوير آلية للتعامل مع جميع المشاكل التي أعاني منها، وأسميها “الأيام الذهبية”.

قبل ست سنوات، بدأت في الاحتفاظ بدفاتر يوميات؛ إذ رحتُ أدوِّن فيها كل يومٍ سطراً واحداً؛ تحتوي بعض هذه الدفاتر على ستة أسطر فارغة، بينما تحتوي الأخرى على 10 أسطر؛ ولكنَّ الجوهر هو ذاته: كتابة ملخصٍ موجزٍ للغاية لكل يوم.

بعد فترة وجيزة من بدء كتابتي لهذه اليوميات، لاحظت أنَّني كلما أمضيت يوماً سيئاً بشكل خاص، كنت أقلِّب بحثاً عن اللحظات السعيدة، لقد منحني تذكُّر كل الأيام السعيدة التفاؤل لمواجهة كل ما كنت أعاني منه، سواءٌ أكان ذلك توتراً عائلياً أم وفاة أحد أفراد الأسرة أم صعوبة في العمل.

لتوفير وقت البحث عن يوم واحد مثالي في بحر من آلاف الأيام، بدأت في تمييز أيامي المفضلة بملصقات على شكل نجوم ذهبية صغيرة؛ وبعد ما يقارب الست سنوات (2147 يوماً على وجه الدقة)، كان لدي 58 يوماً ذهبياً، بعضها بسيط تميزه لحظات صغيرة مثل اصطحاب ابنة أخي ذات السنوات الثلاث إلى حفل شاي مميز، وزيارة أفضل مطعم في المدينة مع زوجي بشكل عفوي؛ وبعضها الآخر تميزه الأحداث الرئيسة مثل يوم زفافي وتخرجي من الجامعة.

عندما أواجه يوماً قلقاً أو كئيباً، أقوم بتقليب يومياتي التي تحتوي على سطرٍ واحد في اليوم واسترجع أيامي الذهبية، أحاول أن أتذكر بالضبط ما شعرت به؛ كالبهجة التي أثارها في نفسي قولُ: “أنا موافقة” في يوم زفافي، والحنان في رؤية ابنة أخي تستمتع بحفل الشاي، والتوتر الجميل المتوقع عند استلام شهادتي، إذ تساعدني القراءة عن هذه الأيام على تذكر أنَّه مهما كانت السلبية التي أواجهها في الوقت الحالي فهي عابرة وسوف تمر كما يحدث دائماً.

في 20 كانون الثاني (يناير) 2019، علمت فجأة أن والديَّ كانا ينفصلان وكانت بمثابة صدمة كبيرة لي فحتى تلك اللحظة اعتقدت أنَّهما سعيدان معاً.

وبالنظر إلى دفتر يومياتي، رأيت أنَّه في 10 فبراير 2019 أي بعد ثلاثة أسابيع فقط من طلاق والدي كان لدي يوم ذهبي؛ إذ ذهبت أنا وزوجي في رحلة ليوم واحد من شيكاغو إلى بحيرة جنيف، لمشاهدة مجموعة من القلاع الجليدية الزرقاء الزاهية الخلابة.

ولو أخبرتني أنَّني بعد ثلاثة أسابيع من تلقي هذه الأخبار السيئة سأقضي يوماً رائعاً مليئاً بالضحك والمشروبات الدافئة والمناظر الجميلة، ما كنت لأصدق ذلك.

إنَّ عيش هذه الأيام لا يغمرني بشعور من الهدوء فقط؛ ولكنَّه يساعدني أيضاً على تذكر أنَّه بغض النظر عما أتعامل معه، هناك دائماً لحظات جميلة قادمة، إنَّ ممارسة الأيام الذهبية الخاصة بي هي طريقتي في تذكير نفسي بأنَّه لن يكون كل يوم مليئاً بالبهجة ولكن الكثير منها سيكون كذلك، ويمكن أن يحدث ذلك في أي لحظة حتى بعد أسوأ الأيام.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!