‘);
}

تكريم الإنسان في الإسلام

لقد جاء القرآن الكريم مقرراً لتكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان؛ حيث يشمل هذا التكريم خلق الإنسان وتسخير كلّ ما في الكون له، وكذلك إرسال الرّسل إليه من أجل هدايته، وقد ورد هذا التكريم في القرآن الكريم في مناسبات عدّة، وبأساليب متنوعة، كلها تحتوي على دلائل واضحة على أهميّة هذا الكائن ومسؤوليته العظيمة في هذه الحياة، فمن المواضع التي ورد فيها هذا التكريم في كتاب الله قوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)[١]، وقد جاء لفظ التكريم في هذه الآية مقروناً بلفظ التفضيل على سائر مخلوقات الله، كما جاء لفظ التكريم مضعّفاً من كلمة كرم، أي جعلنا لبني آدم كرماً وفضلاً، ويُراد بهذا الكرم نفي النقصان، لا كرم المال، ويدخل في هذا التكريم خلقهم على هيئتهم المعلومة من امتداد في القامة وحسن في الصورة وحَملهم في البرّ والبحر، وتخصيصهم بالكثير مما خصّهم الله سبحانه وتعالى به من مأكل ومشرب.[٢]

وقد ذكر الإمام القرطبي رحمه لله جوانب من تكريم الإنسان التي ذهب إليها العلماء والمفسّرون، فمنها القدرة على النطق والتمييز، واعتدال القامة وامتدادها، وتسليطهم على باقي المخلوقات، ومنها أيضاً الكلام، والخط، والفهم ونحوها من مظاهر التمييز والتكريم الكثيرة، وأردف القرطبي أنّ الصحيح الذي يعوّل عليه في تفضيل الإنسان إنّما هو العقل، فهو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كلامه، والحقيقة أن النصّ يتّسع ليشمل كافّة ألوان وأنواع التكريم، بدليل الآيات الكثيرة التي تفصّل القول في بيان صورٍ عديدةٍ للتكريم، فالظاهر من نصوص القرآن الكريم أنّ مظاهر التكريم للإنسان تبدو في مكوّناته الذاتية أولاً من إرادة حرّة وتسوية ونحوه، وفي تهيئة الحياة له وتيسيرها لأداء وظيفته ثانياً، وفي إرسال الرسل له لإرشاده في مسيرة حياته وإخباره بكيفية تعامله مع الكون من حوله، ومن ثم فليس هناك قيمة مادية على وجه هذه الأرض تعلو على قيمة الإنسان أو تهدد قيمته.[٢]