أحيك علماً من كفن

مُتسخاً كطفلٍ يبيعُ المسكةَ وعلب المحارمِ عند إشارات المرورْ مكلوماً كأرملةٍ تمد يدها المتشققة مذعوراً كشرطيٍ يدسُ في جيبهِ ورقة النقود المهترئة مَحنياً كظهور المياومين تدورُ حول أجسادهم المتيبسة سياط الجوع مهللاً مع طابور المنتظرين على أبواب جنرالات الحربْ يهتفون بالفداء محاصراً بين أبواقِ الجباةِ ولُهاثِ المتسابقين من فجرهم إلى نومهم وراءَ عارِ الرغيفْ خشناً […]

أحيك علماً من كفن

[wpcc-script type=”d58ffb37a2f670c349c6d6f2-text/javascript”]

مُتسخاً كطفلٍ يبيعُ المسكةَ
وعلب المحارمِ
عند إشارات المرورْ
مكلوماً كأرملةٍ تمد يدها المتشققة
مذعوراً كشرطيٍ يدسُ في جيبهِ
ورقة النقود المهترئة
مَحنياً كظهور المياومين
تدورُ حول أجسادهم المتيبسة
سياط الجوع
مهللاً مع طابور المنتظرين
على أبواب جنرالات الحربْ
يهتفون بالفداء
محاصراً بين أبواقِ الجباةِ
ولُهاثِ المتسابقين
من فجرهم
إلى نومهم
وراءَ عارِ الرغيفْ
خشناً كرداءٍ قُدَّ من قصبٍ
ليلائم هيئة الخدمِ الزاهدينْ
مُكمماً بآياتِ الرعبِ المهيمنِ
في خطواتِ المارةِ الهاربينْ
ملعوناً كوجهِ الإله الضاحكِ
في نجوم النهار
في لافتاتِ الظلام
في الصورِ
في البيارق العمياءْ
مخدراً حتى أخرِ رمقٍ
ينتفخُ في الندوبِ الزرقاءِ
حول العين
متخثراً حتى أخرِ قطرةٍ دمٍ
تنبضُ في وريدي الممزقْ
موثوقاً حتى أوهنِ خليةٍ
تخنتقُ في جلدي الحيّ
مشنوقاً حتى آخرِ نفسٍ
يرتجفُ في سعالي المريضْ
مرمياً على بلاط قبوٍ باردٍ
معصوبَ الخيالْ
كخرقةٍ تسيلُ منها روائحُ
البولِ والقيحِ
وغائطِ الأنفال من التسابيحِ
وأدعية الغفرانْ
مُختلاً من أثر الدوار معلقاً
تارةً
وتارةً من صاعقةِ الكهرباءْ
مشلولاً على كرسي الاعترافِ
ما سقطَ من فمي
في غرفة الاستجواب
بضعة أسنانٍ صفراء
ونابينِ لم يلوكا كسراتِ المرارة
وتعاويذ الرجاءْ
مهزوماً كصدىً تكسرَ من أنين السؤالْ
وهولِ الكبرياءْ
ذليلاً حتى آخر شتيمة
مغشياً حتى أخر لكمةٍ
لم أجد في صوت المحقق
أباً لهْ طفلُ يطارده بناظريه
يجثو على ركبتيهِ ليحضنهُ
أو أُمّاً تُجففُ حليب ضرعها لينامْ
غريباً كشجرٍ يحترق بين جبهتين
مجهولاً بلا اسم
أو هوية
أحيك علماً من كفن
لا أسمع في خفقانهِ
سوى عويل تاريخٍ
يصدح بالأغاني وصوت القنابلِ
يشوطني بحذاء
يغلقُ فمي بحذاءْ
وأمشي فوق أرضه المحروقةَ
حافياً
لأزرع فوق رفاتِ أبنائه
حقول البطاطا

٭ شاعر سوري

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!