‘);
}

الجنة

الجنة دارٌ سبحان من سوّاها، وعز وجَلَّ من بناها، دارٌ طابت منازلها، وجُهّزت لسكناها، دارٌ تُحقّق النفوس فيها مناها، فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاكهتها مما يتخيّرون، ولحمها مما يشتهون، وأنهارها متنوّعة منها ما هو من ماءٍ غير آسنٍ، ومنها ما هو من لبنٍ، ومنها ما هو من خمرٍ، ومنها ما هو من عسلٍ، أنهارٌ تجري بلا أخدود، وظلّها ممدود، وخيرها غير محدود، فتبارك الرب المعبود، أما أبوابها فهي ثمانية أبوابٍ ما بين البابين مسيرة أربعين سنة، إذا جاء أهل الجنة إليها وجدوها مفتوحة، دليل ذلك قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا)،[١] إن صفات الجنة وفضلها العظيم، ونعيمها المقيم، وخيرها العميم، جعل طلّابها من الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن اهتدى بهديهم واقتفى أثرهم يشمّروا سواعدهم ويجاهدوا أنفسهم في الصبر على قيام الليل، وصيام النهار، وغير ذلك من الأعمال طلباً لجنةٍ عرضها السماوات والأرض.[٢]

أعلى درجة في الجنة

الجنة درجاتٌ بعضها فوق بعض، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها، وقد بيّن الله -عز وجل- أن الناس في الحياة الآخرة يتفاضلون أكثر مما يتفاضل الناس في الحياة الدنيا، وأن درجات الآخرة أكبر من درجات الدنيا، في قوله تعالى: (انظُر كَيفَ فَضَّلنا بَعضَهُم عَلى بَعضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكبَرُ تَفضيلًا)،[٣] وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية ميزان التفاضل في الجنة بقوله: “والجنة درجاتٌ متفاضلة تفاضلاً عظيماً، وأولياء الله المؤمنون المتّقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم”.[٤]