‘);
}

أعمال الرسول اليوميّة

تعدّ أعمال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير مثالٍ يُقتدى به، ويمكن بيان أعمال النبي -عليه الصلاة والسلام- اليومية فيما يأتي:[١][٢]

  • وقت صلاة الفجر: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يصلّي الفجر في المسجد مع أصحابه، ويجلس في مصلّاه يذكر الله -تعالى- إلى شروق الشمس، وكان الصحابة يجلسون معه في بعض الأحيان، يتحادثون معه ويتذكّرون ما كان في أيام الجاهلية، فيتسامرون ويضحكون، وكان يدور على زوجاته، ويعود عند أوّل وقت صلاة الضحى إلى المسجد، ليعلّم أصحابه ويرشدهم، وقد ينجز ما عليه فعله من أموره الخاصة.
  • وقت صلاة الضحى: يصلّي النبيّ بعد ذلك نافلة الضحى، وقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ).[٣]
  • القيلولة: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا ارتفعت الشمس وقبل وقت الظهر؛ نام القيلولة؛ لتساعده على التهجّد وقيام الليل، ويقول: (قِيلُوا، فإنَّ الشياطينَ لا تَقِيلُ).[٤]
  • وقت صلاة الظهر: كان النبيّ يستيقظ من القيلولة وقت صلاة الظهر، فيخرج للمصلّى ويصلّي بالناس، وإن كان هناك أمرٌ يريد أن يخبره للمسلمين فإنّه يجتمع بهم، وهذا هو الوقت الغالب لخُطَب رسول الله بأصحابه، فإذا فرغ من الخُطبة عاد إلى بيته ليصلّي فيه سنّة الظهر، وقد يعود ليجالس أصحابه، أو يذهب لقضاء حاجاته.
  • تناول الطعام: كان النبيّ لا يَعيب ما وُضع أمامه من الطعام، وقد يمرّ شهرٌ وأكثر ولا يقتات إلا على الماء والتمر، تقول عائشة -رضي الله عنها-: (إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلَالِ ثَلَاثَةَ أهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ، وما أُوقِدَتْ في أبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَارٌ، فَقُلتُ: ما كانَ يُعِيشُكُمْ؟ قالَتْ: الأسْوَدَانِ التَّمْرُ والمَاءُ، إلَّا أنَّه قدْ كانَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأنْصَارِ، كانَ لهمْ مَنَائِحُ، وكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أبْيَاتِهِمْ فَيَسْقِينَاهُ).[٥] وكان المسلمون في عهد رسول الله يتناولون في اليوم وجبتيْن، الأولى في النهار، وتسمّى الغداء؛ لأنّ وقتها الغدوة؛ أي أوّل النهار، والثانية آخر النّهار، وتسمّى العَشاء.
  • وقت صلاة العصر: كان النبيّ يحرص على أدائها في أوّل وقتها، ثمّ يأخد جولةً أخرى على زوجاته، وقد يحضُرن عنده فيجلسْن معه، ويمضي هذه الفترة من اليوم مع أسرته.
  • وقت صلاة المغرب: كان النبيّ يؤدي صلاة المغرب ثم يتناول عشاءه، ويبقى في بيته.
  • تفقّد أحوال المسلمين: كان النبيّ يسير بين المسلمين يطمئن على أحوالهم، يساعد الملهوف منهم، وينصحهم ويرشدهم، ويردّ السلام عليهم، ويزور مريضهم، ويعينهم على قضاء حوائجهم، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا، فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي)،[٦] ووصف عبد الله بن أبي أوفى رسول الله فقال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُكْثرُ الذِّكرَ، ويُقلُّ اللَّغوَ، ويطيلُ الصَّلاةَ، ويقصِّرُ الخطبةَ، ولا يأنَفُ أن يمشيَ معَ الأرمَلةِ والمسكينِ، فيَقضيَ لَهُ الحاجةَ).[٧] وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد أن يخبر المسلمين خبراً ينادي فيهم: “الصلاة جامعة”، فيجتمعون عنده ويخبرهم.
  • وقت صلاة العشاء: إذا دخل وقت صلاة العشاء، صلّى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، فإن كان هناك أمرٌ مهمٌ من أمور المسلمين، جلس مع أصحابه وتشاوروا فيما بينهم، وإن لم يكن جلس مع أهله يسامرهم ويُحادثهم، وكان -عليه الصلاة والسلام- حسن المعشر، بشوش الوجه، تجتمع نساؤه في بيت من أراد أن يبيت عندها، يجلسون معاً، ويتناولون العشاء إن أراد، ويتحدّث النبيّ إليهنّ، ويستئنس بهنّ، ثمّ تنصرف كل واحدة منهنّ إلى حجرتها، ويقول ابن كثير -رحمه الله-: “وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعارٍ واحد، يضع عن كَتِفَيْه الرِّداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يُؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم”.
  • قيام الليل: فينام النبيّ في أول اللّيل، ثم يستيقظ للقيام ما يقرب من ثلث الليل، حتى إذا بقي من الليل السُّدس، عاد إلى نومه حتى يؤذّن بلال -رضي الله عنه- لصلاة الصبح، فيصلّي رسول الله ركعتين ويخرج للصلاة، فقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع أهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إلى السَّمَاءِ، فَقالَ: {إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ واخْتِلاَفِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الألْبَابِ}، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ واسْتَنَّ فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أذَّنَ بلاَلٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ).[٨]
  • النبيّ الكريم في بيته: حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته على أن يكون حَسَن الخلق، طيّب المعشر، متواضعاً، يساعد أهله، فقد أجابت عائشة -رضي الله عنها- حين سُئلت عن رسول الله في بيته: (ما كان إلَّا بشَرًا مِن البشَرِ، كان يَفْلي ثوبَه، ويحلُبُ شاتَه، ويخدُمُ نفسَه)،[٩] وعندما يحين موعد الصلاة، يترك ما بيده ويذهب لصلاته، تقول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ -، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ)،[١٠] ولم يرد عن النبيّ أنّه صلّى الفرض في بيته أبداً إلّا في مرض موته، وذلك حين أصابته الحُمّى واشتدّ عليه المرض، ولم يستطع الخروج إلى المصلّى، وهذا يدلّ على أهمية الصلاة.[١١]