أقسام شواهد الحديث

أقسام شواهد الحديث

بواسطة:
الخنساء حميد الصالح
– آخر تحديث:
٠٨:٥٣ ، ٢٢ يوليو ٢٠٢٠
أقسام شواهد الحديث

‘);
}

تعريف الشاهد

إنّ الشاهد في الأصل مأخوذ من الشهادة؛ وسُمّي الشاهد في مصطلح الحديث بهذا الاسم لأنّه يُقوي الحديث الفرد ويدعمه، كما هو حال الشاهد في المحكمة فهو يُقوّي المشهود له ويعزّز موقفه، أمّا في الاصطلاح فإنّ الشاهد هو: الحديث الذي يوافق حديث آخر باللفظ والمعنى، أو يوافقه بالمعنى فقط، مع وجود شرط جوهري وهو اختلاف الصحابي الراوي للحديث، ولإدراك معنى الشاهد لا بدّ من معرفة المتابِع: وهو الحديث الذي يوافق حديث آخر باللفظ والمعنى مع كون الصحابي راوي الحديث نفسه في كلا الحديثين، وهناك تعريف آخر للشاهد والمتابع، وهو أنّ الشاهد ما كان في المعنى دون اللفظ وإن اتحد الصحابي أمّا المتابِع فهو ما كان في اللفظ دون المعنى وإن اختلف الصحابي، وقد يُطلق الشاهد على المتابِع والعكس صحيح، كما أنّ المتابعة أنواع فهناك متابعة تامّة ومتابعة قاصرة، وكذلك الأمر بالنسبة للشاهد وسيّتحدّث هذا المقال عن أقسام شواهد الحديث.[١]

أقسام شواهد الحديث

إنّ الطريقة التي يُتوّصل بها إلى معرفة كون الحديث له شواهد ومتابعات تُسمّى الاعتبار، وقد تمّ تعريف الاعتبار اصطلاحًا بأنّه: “تتبع طرق حديث انفرد بروايته راوٍ واحد؛ ليُعرف هل شاركه في روايته غيره أم لا”،[١] أمّا معرفة أقسام شواهد الحديث فتتم من خلال التفصيل في تعريف الشاهد بشكل عام، فممّا ذُكر في تعريف الشاهد أنّه قد يكون في المعنى وقد يكون في اللفظ، وممّا لا شكّ فيه أنّ الشاهد إذا كان في اللفظ فإنّه يكون أقوى وأثبت، كما يجب التنبّه إلى مسألة دقّة الراوي في روايته للحديث لئلا تختلط الروايات ببعضها البعض ويُظن أنّ بعض الشواهد من باب ما يقع في اللفظ وفي الحقيقة تكون في باب المعنى فقط، وفيما يأتي بيانٌ لأقسام شواهد الحديث مع ذكر أمثلة توضح معنى كل قسم:[٢]

‘);
}

شاهد اللفظ

إنّ شاهد اللفظ هو القسم الأوّل من أقسام شواهد الحديث، ومعناه أن يأتي حديث يشهد لحديث آخر ويقويه ويكون موافقًا له باللفظ والمعنى إلّا أنّ الصحابي قد اختلف في كلٍّ من الحديثين، ومن الأمثلة على شاهد اللفظ الحديث الذي أخرجه الترمذي في سننه، وهو قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا وُضوءَ لمن لم يذكرِ اسمَ اللهِ عليهِ”،[٣] فهذا الحديث ضعيف لأنّ فيه “أبو ثفال المُري” و “رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان”، ولكنّ بعض أهل العلم قد ذهبوا إلى تحسنيه ومنهم ابن حجر والسيوطي والشوكاني والألباني، والسبب في ذلك وجود شواهد توافق هذا الحديث في اللفظ والمعنى، وفيما يأتي عرضٌ لها:[٤]

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا وُضوءَ لمَن لَم يذْكرِ اسمَ اللهِ علَيهِ”،[٥] رواه الإمام أحمد وهو حديثٌ ضعيف لأنّ في إسناده يعقوب بن سَلم.
  • عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “لا وضوءَ لمن لم يذكُرِ اسمَ اللَّهِ عليهِ”،[٦] رواه الترمذي وهو حديثٌ ضعيف لأنّ في إسناده رُبيح بن عبد الرحمن.

شاهد المعنى

إنّ شاهد المعنى هو القسم الثاني من أقسام شواهد الحديث وهو أن يأتي حديث معناه قريب من معنى حديث آخر، ومن الأمثلة على شاهد المعنى:
ما أخرجه الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إِنَّ لكلِّ نبيِّ حوضًا وإِنَّهم يتباهَوْنَ أيُّهم أكثرُ واردَةً، وإِنَّي أرجو أنْ أكونَ أكثرَهم واردَةً”،[٧] أمّا شاهد هذا الحديث فهو ما رواه أبو سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنَّ لي حوضًا طولُه ما بين الكعبةِ إلى بيتِ المقدسِ، أشدُّ بياضًا من الَّلبنِ، آنيتُه عددُ النُّجومِ، وكلُّ نبيٍّ يدعو أمتَه، ولكلِّ نبيٍّ حوضٌ، فمنهم من يأتيه الفِئامُ، ومنهم من يأتيه العُصبةُ، ومنهم من يأتيه النَّفَرُ، ومنهم من يأتيه الرَّجُلانِ، ومنهم من يأتيه الرَّجُلُ، ومنهم من لا يأتيه أحدٌ، فيقال: قد بلَّغتَ، وإني لأَكثرُ الأنبياءِ تَبَعًا يومَ القيامةِ”،[٨] فالحديث الثاني هو بمعنى الأوّل وإن لم يوافقه باللفظ.[٤]

الاعتبار بالشواهد وأثره في تقوية الحديث

إنّ الاعتبار هو عملية تتبع الحديث والتوصّل إلى طرقه والأحاديث التي توافقه في اللفظ والمعنى والإسناد وغير ذلك من خلال البحث في كتب الحديث المختلفة مثل الصحاح والسنن والمسانيد والأجزاء والمشيخات والمعاجم، ولكن عندما يُقال الاعتبار بالشواهد فالمعنى المُراد هنا هو كون هذا الشاهد معتبرًا في تقوية الحديث أم لا، ولتتبع طُرق الحديث أثرٌ مهم في تقوية الأحاديث فقد يُذكر حديث ضعيف في كتاب حديث معيّن ثمّ يأتي حديثٌ آخر يشهد له ويقويّه ويرفعه إلى رتبة الحسن لغيره، ولكنّ الاعتبار بالحديث الضعيف لتقوية حديث ضعيف آخر له شروط، وهي: استواء الحديثان في القوّة، فالحديث الضعيف لا يُعدّ شاهدًا لحديثٍ قوي والعكس صحيح، وضوح التشابه بين الحديثين إن كانا من قسم شاهد المعنى وعدم تكلّف إخراج المعاني المتشابهة.[٩]

كما أنّ الحديث شديد الضعف لا يَتقوّى ولا يُتقوّى به ولذلك فإنّ من المصطلحات المتداولة عند الحديث عن صلاحية حديث ما للاعتبار والتقوية قول العلماء ومنهم الدارقطني وغيره “حديث يعتبر به” و “حديث لا يعتبر به”، فالحديث شديد الضعف لا ينجبر ولا يتقوّى وإن وجدت رواية آخرى مطابقة له باللفظ أو شبيهة له بالمعنى، ومن المصطلحات الخاصّة بهذا الفن أيضًا “التفرّد النسبي” و “التفرد المطلق” فالحديث المتفرّد تفردًا نسبيًا هو الحديث الذي يظهر بعد الاستقراء والتتبع وجود متابعات وشواهد له، أمّا الحديث المتفرّد تفردًا مطلقًا فهو الحديث الذي لا يوجد بعد البحث عنه أي حديث مشابه له باللفظ أو المعنى، ويُقسم إلى مردود وغير مردود.[١٠]

المراجع[+]

  1. ^أب“كتاب تيسير مصطلح الحديث”، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  2. “كتاب الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات”، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  3. رواه الإمام أحمد، في سنن الترمذي، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم:25، لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد.
  4. ^أب“أحاديث الشواهد والمتابعات”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:203، حسن لغيره.
  6. رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، في الطهور ، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:144، بعض أهل الحديث يطعن في إسناده لما فيه من ذكر رجل ليس يروى عنه كثير علم.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:2443، حديث غريب روي مرسلا وهو أصح.
  8. رواه الألباني، في السلسة الصحيحة، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:119، حديث فيه عطية العوفي ضعيف.
  9. “الاعتبار بالمتابعات والشواهد وأثره في تقوية الحديث”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
  10. “كتاب مقدمة ابن الصلاح”، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
Source: sotor.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!