إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة

إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة

بواسطة:
محمد شودب
– آخر تحديث:
٠٩:٢٦ ، ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة

‘);
}

مفهوم الإتقان

الإتقان في اللغة هو مصدر الفعل أتقن يتقنُ، وهو إنجاز الأعمال بإحكام وضبط،[١] والإتقان أيضًا هو فعل الشيء على أكمل وجه دون تقصير أو نقصان، وهو من الأشياء التي يحث الدين الإسلامي على الالتزام بها، فكثيرة هي النصوص الدينية التي وردتْ في سبيل دعوة الناس إلى الإتقان في كلِّ شؤون الحياة الدينية والدنيوية، حيث قال تعالى في سورة الملك: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}،[٢] ويُعرَّف الإتقان أيضًا بأنَّه أداء العمل دون أيَّة خلل مع الالتزام بكلِّ ما يتطلَّب هذا العمل من ضوابط وتقنيات مختلفة، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة كما سيتم الحديث عن مجالات إتقان العمل في الشريعة الإسلامية وسيتم ذكر أمثلة من إتقان السلف الصالح للعمل.[٣]

إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة

في الحديث عن إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة النبوية الشريفة، يمكن القول إنَّ إتقان العمل من الأمور التي حثَّ عليها الشرع ودعا إليها الدين الإسلامي في غير موضع واحد من نصوص دينية في مصادر التشريع الإسلامي، فالإتقان أولًا هو صفةٌ من صفات الله تعالى، وصف الله بها نفسه في سورة النمل قائلًا: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}،[٤] كما أنَّ الكثير من الآيات التي تصف قدرة الله تعالى على الخلق هي آيات تدلُّ على الإتقان في خلق هذا العالم، ومنها ما جاء في سورة النبأ من قول الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً* وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً* وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً* وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً* وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً* وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً* وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً* وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً* وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً* لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً* وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}،[٥] وهذه الآيات تذكر تفصيل خلق الله تعالى للعالم بإتقان منقطع النظير، كما أنَّ الله -تعالى- دعا الناس إلى الإحسان، والإحسان هو الإتقان في العمل والمعاملة، حيث قال تعالى في سورة البقرة: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}،[٦] والله أعلم.[٧]

‘);
}

وقد حثَّتِ السنة النبوية على إتقان العمل في أكثر من حديث نبوي واحد، ففي حديث روته السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع، حيث قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ”،[٨] وفي موضع آخر عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- أنَّه قال: “ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ”،[٩] فإتقان الأعمال في الإسلام من الأمور الهامة للغاية، فعلى المسلم أن يكون متقنًا في عبادته وفي تعامله مع الآخرين وفي أعماله الدنيوية وأن يكون مخلصًا في كلِّ جانب من جوانب حياته، وهذا أبرز ما جاء عن إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة.[٧]

مجالات إتقان العمل في الشريعة الإسلامية

بعد الحديث عن إتقان العمل في ضوء القرآن والسنة النبوية، إنَّ لإتقان العمل مجالات كثيرة في الشريعة الإسلامية، تدور هذه المجالات حول إتقان العبادات الإسلامية المختلفة؛ ومن أبرز مجالات إتقان العمل في الشريعة الإسلامية ما يأتي:[٧]

  • إتقان الوضوء: فإتقان الوضوء يكون بغسل كلِّ الأعضاء الواجب غسلها عند الوضوء دون ترك أي عضو، وقد روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- في ضرورة إتقان الوضوء ما يأتي: “تَخَلَّفَ عَنَّا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فأدْرَكَنَا -وقدْ أرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ- ونَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ علَى أرْجُلِنَا، فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: ويْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا”.[١٠]
  • إتقان الصلاة: ويكون إتقان الصلاة بالخشوع في أدائها، حيث قال تعالى في سورة المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.[١١]
  • إتقان الزكاة: ويكون إتقان الزكاة بأن تُعطى لمن يستحقها وفي الوقت المناسب لها، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.[١٢]
  • إتقان الصوم: ويكون إتقان الصوم بالصيام عن كلِّ ما حرَّم الله تعالى، ويكون بالإخلاص في أداء الصيام وفي الابتعاد عن كلِّ ذنب يفسد الصيام أو يذهب أجره.
  • إتقان الحج: ويكون إتقان الحج بأداء كلِّ شعائره وأركانه كاملة دون نقصان، حيث قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.[١٣]
  • إتقان التعليم: ومعنى إتقان التعليم أي أن يقوم المعلّم بتعليم طلابه على أكمل وجه، دون تقصير أو إهمال أو نقص، وأن يقتدي برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي هو المعلم الأول الذي علَّم أصحابه بأسلوب متقن.

أمثلة من إتقان السلف الصالح للعمل

إنَّ مما لا شكَّ فيه أنَّ السلف الصالح من صحابة وتابعين ومن تبعهم كانوا خيرة الناس في إتقان العمل، فقد تعلَّموا الإتقان على يد رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم، وفيما سيأتي أمثلة على إتقان السلف الصالح للعمل:[٧]

  • في سرية ذات السلاسل أمَّر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عمرو بن العاص -رضي الله عنه- على المسلمين ممن سبقوا عمرو بن العاص إلى الإسلام، ولم يؤمِّر رسول الله عمرو بن العاص لأنَّه أعلم من باقي الصحابة بأمور الدين، بل لأنَّه أعلمهم بأمور الحرب وتخطيطاتها، من نزال ومناورة وقتال ومفاوضات، وهذا مثال واضح على الإتقان من سيرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
  • ومن صور الإتقان في العمل حفر الخندق في غزوة الخندق، فعلى الرغم من الجهد والتعب الشديد الذي بذله المسلمون في حفر الخندق إلَّا أنهم صبروا وتحملوا مشقة الحفر إيمانًا منهم بأنَّ الإتقان في الحرب سبب رئيس في الوصول إلى النصر وهو ما تحقَّق للمسلمين في غزوة الخندق بإذن الله تعالى.
  • ومن صور الإتقان في العمل إتقان الإمام أحمد بن حنبل في وضع وجمع كتاب المسند؛ حيث يقول عنه ابن الجوزي: طاف أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع المسند.

المراجع[+]

  1. “تعريف و معنى إتقان/ في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.
  2. سورة الملك، آية: 2.
  3. “الإتقان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.
  4. سورة النمل، آية: 88.
  5. سورة النبأ، آية: 6 – 16.
  6. سورة البقرة، آية: 195.
  7. ^أبتث“إتقان العمل في ضوء القرآن وسنة النبي العدنان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1880، حديث حسن.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 1955، حديث صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 60، حديث صحيح.
  11. سورة المؤمنون، آية: 1-2.
  12. سورة البقرة، آية: 267.
  13. سورة البقرة، آية: 196.
Source: sotor.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!