‘);
}

التربية في القرآن الكريم

كلمة التربية في اللُغة مصدر الفعل (ربّى)، ومضارعه (يربّي)، يُقال: ربّى الوالد ابنه؛ أي هذّبه، ونمّى قُواه الجسميّة، والعقليّة، والخلقيّة كي تبلغَ كمالها،[١] وهي مُشتَقّة من كلمة (الربّ)؛ أي المُربّي، والسيّد، والمُنعِم، وهو اسم لا يُطلَق غير مُضاف إلّا على الله -تعالى-، بينما إذا أُطلِق على غيره، فإنّه يُقال: ربُّ كذا، والأصل في كلمة الربّ أنّ معناها التربية؛ وتعني بُلوغ الكمال في الشيء بالتدرُّج، أمّا في الاصطلاح؛ فقد تعدّدت تعريفات العلماء تبعاً للجانب الذي يرتكز عليه التعريف، فقد عرّفها المناوي بمفهومها العام على أنها إنشاء الشيء مرحلةً مرحلة وصولاً إلى حدّ التمام، وخصّصها بعض الباحثين بأنها كلّ جهد يُغذّي الإنسان جسماً وعقلاً وروحاً ووجداناً، وذهب آخرون إلى أنها العناية والرعاية التي توجّه للفرد ابتداءً من مراحل العمر الدنيا وتستهدف إكسابه قواعد السلوك القويم.[٢]

وتكمن أهمّية التربية في أنّها السبب في ازدهار الأمم، وحضارتها، وهي الطريق المُوصِلة إلى تهذيب النفس، وبناء العُقول والأفكار، والتربية في القُرآن هي التي أخرجت جيلاً مُتماسكاً لا مثيل له، ونشرت النور في كلّ مكان؛ فقد بدأها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ بتكوين العقيدة قبل نُزول الأحكام الشرعيّة،[٢] وقد وصف القُرآن جيل الصحابة بقوله -تعالى-: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).[٣][٢]

ويتميّز المَنهج القُرآنيّ في التربية بمرونته ومراعاته للمستجدّات والأحوال، ممّا جعله منهجاً صالحاً لكل زمان ومكان، وقد أقام هذا المنهج أجيالاً ذات علاقة وثيقة بجيل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، والاهتمام بهذا المَنهج من الأُمور المُهمّة في حياة المُسلمين؛ لأنّها أُمّة ذات عقيدة ومبادئ، فينبغي أن تكون هذه التربية خاضعة لهذه العقائد والمبادئ، وكُلّ تربية لا تحمل الرسالة، ولا تصل بالمرء إلى العقيدة الصحيحة، لا تُعَدّ تربية إسلاميّة مُحكَمة.[٢]