التزام بالعزل بعد الإفطار واستسلام قلة لرغبة الخروج

Share your love

التزام بالعزل بعد الإفطار واستسلام قلة لرغبة الخروج

دار النقاش قبيل حلول الشهر الفضيل بين الجزائريين، حول طبيعة الأمسيات الرمضانية، وتساءل من تعوّد احتساء القهوة المحضرة بالمقاهي، وتأدية صلاة التراويح والانضمام إلى حلقات النقاش وجلسات السمر، عما إذا فكرت السلطات في تخفيف ثقل إجراءات الحجر الصحي المنزلي بعد الإفطار، غير أن ذلك لم يتحقق لهم، ليجدوا أنفسهم مجبرين على التكيف مع واقع لم يشاهدوه سوى في الأفلام، بينما استسلم  قلة قليلة إلى رغبة الخروج، مستفيدين من تخفيف مصالح الأمن والدرك لوتيرة ملاحقة كل من يخرق الإجراءات. 

رغم استمرار إجراءات الحجر المنزلي الجزئي في كامل الولايات، لم يصمد قلة من الشباب أمام إغواء تقاليدهم المعتادة بعد الإفطار، حيث خرجوا فرادى ومثنى وثلاثى متناثرين ومتباعدين، وجلسوا بالقرب من المنازل يتبادلون أطراف الحديث ويدخنون سجائرهم أو يرتشفون من أكواب القهوة بنشوة غير مكتملة، تنقصها طاولات المقاهي والنقاشات الجماعية حول حدث سياسي أو رياضي او ثقافي، وتغيب عنها الألعاب الورقية وصيحات النادل، وفي أحسن الأحوال دندنات الشيشة، التي اقتحمت الثقافة الشعبية الجزائرية “عنوة” في السنوات الأخيرة.

كانت الأمسيات حزينة وهادئة .. لا منبهات السيارات ولا طنين الدرجات النارية ولا الشوارع عامرة .. يغيب عنها المارة وتختفي منها قلب اللوز التي صارت طبق يزين كل المحلات والبيوت، وكذلك تشمّعت المحلات التجارية وحوانيت الشواء التي ألف الشباب التوجه اليها كلما اقترب موعد السحور .. ولا المنتزهات والحدائق العمومية مفتوحة، أين تعود المتقاعدون وأرباب البيوت الاستراحة وطرح ضغوط اليوم المتراكمة.

 

معرض لأكواب القهوة

 

 

بدت مصالح الأمن في أول أمسية رمضانية، مُخفّضة في مستوى الرقابة ومخفّفة لإجراءات الملاحقة الأمنية لمن يخرق الحجر، بالمقارنة مع الأيام الماضية، حيث اكتفت في الكثير من المدن، بحسب شهادات استقتها “الخبر” هاتفيا، بإطلاق المنبهات للتذكير أن الإجراءات الاحترازية لا تزال  مفعلة، دون أن تكثف من الدوريات وتطارد كل من خرق القواعد وتواجد بالفضاء العمومي، وتلجأ لاستعمال القوة والتوقيفات والإحالات على الجهات القضائية، بموجب محضر خاصة لهذا الغرض، دون الاستجواب على محاضر سماع، لثقل هذه الخطوة ومتطلباتها الزمنية والإجرائية.

ورغم الإجراءات التي بدت مخففة، إلا أن الغالبية القصوى للجزائريين كانوا ملتزمين بإقرارات الحكومة مثلما كان الأمر قبل الشهر الفضيل، حيث لم يتم ملاحظة تجمعات او جلسات كالتي اعتاد الجزائريون إقامتها في الشهرالفضيل.

وبينما استسلمت تلك القلة لغريزة الاجتماع باعتبار أن الإنسان اجتماعي بطبعه مثلما هو متداول فلسفيا، إلتزم الغالبية الساحقة بلبقاء فيالبيوت وأقاموا سهراتهم على منصات التواصل الاجتماعي، إذ تبادلوا تجاربهم في أول يوم رمضاني استثنائي، واستعرض النسوة أطباق جلسات الإفطار في ظل إجراءات الحجر الصحي.

 

واللافت أن التنافس كان على أشده بين الرجال والشباب حول من استطاع الظفر بكوب قهوة “مُقطرة” من آلة المقاه “ذات المقابض” مثلما هي موصوفة شعبيا، التي وحدها القادرة على إيقاظ الكثير من الجزائريين من ثقل الصيام، وهو ما بدا وضحا في صفحة “راك في عنابة” بـ “فايسبوك”، أين أدرج المشاركون أكواب القهوة، وراحوا يتبادلون مغامراتهم للحصول على هذه المشروب السحري.

 

فضاءات غير معلنة

 

كل تلك المظاهر والمشاهد اختفت بفضل التزام الجزائريين بإجراءات الحجر المنزلي و قواعد التباعد الاجتماعي، باستثناء قلة لم تتمكن من مقاومة غريزة الخروج بسبب ضيق في المنزل او مخاصمات عائلية،او للذهاب لعيادة مريض، ومنهم من يدمن التجمع واللقاءات وبلغ به الأمر حتى المخاطرة بنفسه.

وإن بدت أجهزة الأمن “متفهمة” في أول أمسية رمضانية ولم تكثف من دورياتها لملاحقة من يخرق القرارات التنظيمية للحجر المنزلي في أغلب الولايات غير الممسوسة كثيرا بالوباء، مثلما رصدت “الخبر”، إلا أن أغلب العائلات والمواطنين ظلوا في بيوتهم ولم يتم تسجيل تلك الحركة المعتادة، سوى ما تعلق بنسبة قليلة منهم، خرجوا  للقيام بزيارات عائلية ضرورية، او للتنقل لدى أصدقائهم الذين فتحو فضاءات تسامر غير معلنة .. وتمثلت في مستودعات المنازل او غرف خاصة غير مستعملة في البيوت .. او خلف أبواب المحلات المغلقة .. وفيها تجمعوا وعقدوا جلسات مؤثثة بالحلويات التقليدية والشيشة وحكايات من الماضي القريب ومقارنتها مع حاضر ثقيل الظل يتمنى أهل المعمورة اندثاره أمام مستقبل ولو عادي.

Source: Elkhabar.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!