التشكيلي المغربي جمال حجوي يخترق جدار الواقعية

■ يشتغل التشكيلي المغربي جمال حجوي في منجزه الفني بمفردات فنية تمتح من الفن الواقعي مادته الخصبة، بتطبيقات لونية ومرتكزات جمالية ينسجها المبدع وفق بنائه الفضائي بإضافة عناصر فنية جديدة بما تحمله تقنياته العالية من تغيرات وتجديد، تجعل من مجاله الواقعي الجميل بناء فنيا منظما في تواشج عميق الدلالات، عن طريق التعبير بالملامح الواقعية التي […]

التشكيلي المغربي جمال حجوي يخترق جدار الواقعية

[wpcc-script type=”1c69f8978d2aa05725fb0adb-text/javascript”]

■ يشتغل التشكيلي المغربي جمال حجوي في منجزه الفني بمفردات فنية تمتح من الفن الواقعي مادته الخصبة، بتطبيقات لونية ومرتكزات جمالية ينسجها المبدع وفق بنائه الفضائي بإضافة عناصر فنية جديدة بما تحمله تقنياته العالية من تغيرات وتجديد، تجعل من مجاله الواقعي الجميل بناء فنيا منظما في تواشج عميق الدلالات، عن طريق التعبير بالملامح الواقعية التي تعتبر جوهر أعماله البورتريهية، فاستخداماته الفنية وتثبيته لعناصر البورتريه وكل التثبيتات الواقعية التي يوظفها بانسجام تام، تعكس رؤاه الفنية الواقعية وتصوراته التشكيلية.
يشكل نسقا من الألوان المبهجة، وملمسا تشكيليا يعنى بقيم السطح تبعا لنسق العمل الواقعي الجميل، وتبعا للترديد الفني المفعم بالحركة. فتجسيد الأشكال المختلفة بموتيفات شكلية يعيد صياغتها بأنساق لونية قوامها الجمال، ما يمنح أعماله حركة وموسيقية، وهو بذلك يمزج بين الهدوء اللوني، والمفردات والأشكال والكتل التي تحرك الفضاء، بتقنيات عالية ومؤهلات كبيرة، واحترافية كبيرة. إنه يخضع أعماله في عمليات التركيب إلى المزج بين المنحى الجمالي وقيم السطح والحركة، ليعبر بأسلوب تشكيلي معاصر. فيتجلى حسه الفني في التخفيف والجودة اللونية، والدقة في الرسم. وفي التقاطعات والوصل بين مختلف المفردات الفنية التي تشكل العمل التشكيلي لديه. فيتحقق في أعماله التجاور والتنوع. ويسعى في كل لون إلى تحقيق تواشج مع لون آخر أو عبر وحدة الشكل والبناء والرؤية والأسلوب، فيفضي ذلك إلى مضامين تكسب أعماله الفنية قيمتها الجمالية والفكرية، التي يسعى الفنان من خلال حوارات داخلية غير محدودة تمييز خطابه التشكيلي، ليرسي من خلاله التخصص في أسلوب واقعي تعبيري مبني على قاعدة من الألوان الراقية المعاصرة، والأشكال التعبيرية المفتوحة، يقارب بها بين المبنى والمعنى، والتقاسيم النغمواتية، نتيجة إحساس مرهف بالجمال، ومخيلة خصبة تؤهله لتوليد مجموعة من الدلالات بإمكانات فنية هائلة تجد لها طرقا تأويلية متعددة.


إن توظيفه لحزمة من المفردات التي تنبذ الشكل الواحد، يجعل من فنه الراقي أداة مصدرية للفهم والإدراك الجمالي، داخل المنظومة الواقعية التشكيلية. فيجعل القارئ قادرا على التجاوب والتفاعل مع التعددية الشكلية في فنه، بواسطة إعادة تشكيل عناصر العمل الفني ضمن علاقات متعددة تنبئ بدلالات ومعان مختلفة. تساهم في تكثير المعنى وإطلاقه في بنية الخلود بمنهجية دقيقة ومواد فنية لائقة، وتقنية رائقة، تبعا للشروط الفنية الجمالية والمعرفية. كما أن اتخاذه التوليف والتكامل والتنسيق في التنفيذ، يجعله يستنطق المكنون الفني، ويغوص في الواقعية بكل تمظهراتها الفنية والجمالية، وتمفصلاتها التشكيلية، بتفكير وجودي إنساني معبر عنه من خلال جملة من التجليات التي تروم الوجوه الإنسانية، فيوظفها بسيل من الألوان الزاهية الراقية.
وهو بذلك يجعل أعماله ناطقة بأبعاد قيمية متنوعة، ليحرك سكون الفضاء بكل محتوياته التشكيلية. إنها وظائف بنائية ودلالية خارجة عن المألوف تتمظهر جلية في أعماله، إذ يعتمد الاشتغال في المنحى التعبيري الواقعي على مساحات متوسطة وكبيرة، وبكتل وألوان متناسقة، مع العناية الفائقة بقيم السطح، وانتقاء الألوان بدقة كبيرة.
إنه مثل كل الواقعيين، يتوخى الدقة في انتقاء الألوان، والدقة في الأداء الفني. وهي سمة تجعل أعماله تتعدى حدود الأعمال الواقعية العادية إلى أعمال واقعية ذات جودة عالية، تتبدى فيها اجتهادات وابتكارات عامرة بالإيحاءات والدلالات التي تستمد كينونتها من محيطه المعرفي والثقافي والفني، ومن منتوجه التشكيلي الرائد. إنها تجربة غنية بالإبداع يطبع من خلالها المجال التشكيلي بإيقاع جمالي جديد، وبفنيات واقعية خصبة، يمتزج فيها الأسلوب المعاصر في فن الرسم بمقومات جمالية تفضي إلى مسلك واقعي إبداعي بديع، يكشف عنه المنحى اللوني والدلالي.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!