الحرب العالمية الثالثة ضد مقال!

نحن نشكر الظروف، فلولا الحرب العالمية الثالثة على الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام، جامعة القاهرة، لما تعرفنا على موهبة فذة في الكتابة، في بلد لا يوجد في صحافتها مقال صالح للقراءة، وهذا ليس حكماً من منطلق سياسي، لكن القياس هو بمعايير حرفة الكتابة الصحافية، بدليل إننا كنا نقرأ مقالات […]

Share your love

الحرب العالمية الثالثة ضد مقال!

[wpcc-script type=”a78db0adb556e2e8e8ea8fb1-text/javascript”]

نحن نشكر الظروف، فلولا الحرب العالمية الثالثة على الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام، جامعة القاهرة، لما تعرفنا على موهبة فذة في الكتابة، في بلد لا يوجد في صحافتها مقال صالح للقراءة، وهذا ليس حكماً من منطلق سياسي، لكن القياس هو بمعايير حرفة الكتابة الصحافية، بدليل إننا كنا نقرأ مقالات إبراهيم سعدة في «أخبار اليوم» وموسى صبري في «الأخبار» كما نقرأ لمصطفى شردي في «الوفد» المعارضة، ولم نكن نقرأ لإبراهيم نافع في «الأهرام» الذي كان يتندر الوسط الصحافي بأن عدد كتابه أكثر من عدد قرائه!
بيد أن الحاصل أن نافع وبصفته رئيس تحرير كان يجد من يكتب مقالاته على تنوع موضوعاتها، والآن صار من يكتب من رؤساء التحرير يرص كلاماً إنشائياً، لأنه جرى تغييب الكفاءات، التي يمكن أن تتولى الكتابة بالإنابة عن من ساقهم الحظ السعيد لتولي المناصب الكبرى في الصحف، مع تزاحم الأعمدة، والزوايا، والمثلثات، في صفحات الصحيفة، لكنك لن تجد أبداً «سلامة أحمد سلامة» أو «فهمي هويدي» أو «لطفي الخولي» أو «أنيس منصور» أو «محمود السعدني» أو «سعيد سنبل» أو «صلاح عيسى» أو «عبد الوهاب مطاوع». فهذا الزحام لا أحد!
والحال كذلك فعندما تطالع مقال أيمن منصور ندا: «يا عزيزي كلنا إعلاميون» فلا بد أن يمثل هذا حدثاً مهما، والذي لم ينشر بطبيعة الحال في أي صحيفة مصرية، وعندما اطلعت عليه ووجدته في النقد التلفزيوني، ومنشورا على هيئة فقرات كل فقرة بعنوان مختلف، اعتقدت للوهلة الأولى أنه منشور في هذه الزاوية «فضائيات وأرضيات» في «القدس العربي» قبل أن أقرأ في وقت لاحق إنه نشره على صفحته على «فيسبوك» وهذا من فضل الله عليه، فلو كان منشوراً هنا، وفي صحيفة تصدر من لندن، لربما كانت حملة الإبادة الإعلامية امتدت للتذكير بالاحتلال البريطاني لمصر، ودور الجنرال عبد الفتاح السيسي في مواجهته، منذ أن كان غلاما وقد خرج في المظاهرات الهاتفة: «يا حفيظ يا حفيظ.. كبة تاخد الانكليز»!
لم يكتف مقال أيمن منصور ندا بالعنوان الجامع «يا عزيزي كلنا إعلاميون» لكنه أضاف اليه عنوانا فرعياً هو «زمن أحمد موسى» فكانت هي الحرب، وانفعل المندوب السامي الإماراتي في المجلس الأعلى للإعلام نشأت الديهي، واتهم الدكتور «ندا» بأنه فاشل، ويعاني من مرض نفسي، وأنه شبيه بأيمن نور، ومحمد ناصر، ومعتز مطر، وعليه فقد تقدم ضده، وهو على الهواء مباشرة، ببلاغ للنائب العام، كما هاجمه موسى، ومن ثم تم إعلان الحرب، على نحو لا بد وأن يدهش المرء، فما الذي يجعلهم يتراصون في مواجهة المقال وكأنهم بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا؟!

الشوز والشو

إذا تجاوزنا العنوان إلى المتن، فإن رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام، لم يستهدف أحمد موسى وحده، لكنه تعامل معه على أنه حالة للقياس على الوضع كله، فهو عنده «مجرد مثال وحالة، إذ ليس بينه وبين غيره من مقدمي «التوك شوز» (لاحظ شوز وليس شو) فروق جوهوية، وإن أصبح عنوان المرحلة، والاختلاف بينهم في لون الكاس وليس في الشراب أو نوع العصير، واختلاف في المقاس أكثر منه اختلافا في الموديل.. «واستبدال نشأت الديهي بأحمد موسى لا يغير من طبيعة الأسلوب.. «وهذا قمة الإعجاز الإعلامي».
وقد هتف القوم هي الحرب، فكانوا كالدبة التي قتلت نفسها، ولولا حملة الهجوم على الكاتب، لما ذاع خبر المقال، بل والبحث عن صفحة الدكتور ندا على «الفيسبوك» لمتابعة ردوده على مهاجميه، واكتشاف هذه الموهبة الكبيرة في الكتابة، وقد عُرف الأكاديميون بالعبارة الصلبة، فما خير أكاديمي بين جملتين للتعبير عن معنى واحد، إلا اختار أتعسها للتأكيد على صرامته الأكاديمية، لذا فانه من النادر، أن تجد أكاديمياً عربياً يصلح للكتابة الصحافية! قلنا من النادر!
وكان المدهش في هذه الحملة، أن عميدة كلية الإعلام هويدا مصطفى، (الشقيقة الكبرى لهالة مصطفى) تحركت وأصدرت بياناً مضطرباً تعلن فيه براءة الكلية من هذا المقال، لأنه لا يعبر عنها!
فمن قال إن المقال يمكن أن يعبر عن رأي الكلية أو حتى رأي القسم، والمقال منشور دون الصفة الوظيفة للكاتب، بل ودون أن يسبق اسمه لقب «الدكتور» وكتابة رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في النقد التلفزيوني من اختصاصه الوظيفي والأكاديمي؟!
بيد أن العميدة، في منصبها بالتعيين، فقد ألغى الانقلاب العسكري اختيار عمداء الكليات بالانتخاب وهو أحد إنجازات ثورة يناير المجيدة، وهي تمني نفسها أن تكون رئيسة للجامعة، في ظل سياسة الاهتمام الشكلي بالمرأة في عهد عبد الفتاح السيسي، الذي يتحدث عن مكانتها بينما يلقي بالعشرات من النساء في سجونه لا يرقب فيهن ذمة، ليس على أفعالهن لكن في حالات معروفة فإنهن لسن أكثر من رهائن نيابة عن الغير، علا القرضاوي نموذجاً، وهي المسجونة منذ ثلاث سنوات للانتقام من والدها الشيخ يوسف القرضاوي!
وفي الحوارات «جاهزة التعليب» وقفت طالبة لتسأله متى تكون لدينا وزيرة للمرأة؟ فرد: أنا وزير الوزيرة، وهذه المظهرية التي يخاطب بها الغرب، ومن الاتحاد الأوروبي إلى البيت الأبيض، سيكون مهما فيها أن تكون رئيسة الجامعة المصرية العريقة، ترأسها امرأة ومن أحق بذلك من شقيقة هالة مصطفى المقربة من الدوائر الأمريكية!

مراكز القوى

وتدرك «العميدة بالتعيين» أن هذه الكائنات الإعلامية، التي تتصدر المشهد الإعلامي، هم مراكز القوى لهذه المرحلة، وينظر النظام الحاكم إليهم على أنهم «أذرعه» التي يهش بها على غنمه، وأنهم لهذا محميات طبيعية، فدخلت على خط النار، بهذا البيان المهزوز، لكي تتقرب به من «الآلهة الجدد» بالنوافل، لكي يذكروها عند ربهم!
وقد أحيل الدكتور ندا للتحقيق في الجامعة، ونشر في البداية أنه هذه الإحالة بسبب مقاله هذا، فنفت الكلية أن يكون المقال هو السبب، لكن الإحالة هي بسبب شكوى تقدم بها أستاذ في الكلية ضده بسبب مشاجرة في اجتماع لمجلس القسم منذ (عدة) شهور. ومع أنه منذ (عدة) شهور فقد تذكروه الآن، يا محاسن الصدف السعيدة، يكاد المريب أن يقول خذوني!
لا نعرف ما هي الجريمة التي ارتكبها رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام في هذا المقال النقدي، حتى يتم تقديم بلاغ للنائب العام ضده على الهواء، بما يمثله هذا من استهانة بالمنصب، فمن هو أكثر نفوذا من الأذرع الإعلامية؟ والدليل أن نشأت الديهي وهو يخاطب النائب العام تصرف كما لو كان يخاطب معد برنامج «إبراهيم» الذي يذكر اسمه في الحلقة الواحدة عشرات المرات «فين يا إبراهيم.. هات يا إبراهيم.. قل يا إبراهيم» ومن هذا الإسراف في ذكر اسمه على الهواء، ذكرنا بـ «عز» معد برنامج توفيق عكاشة، لكن في الأوضاع العادية، لا يجوز التعامل مع النائب العام على أنه «إبراهيم» نشأت الديهي، أو «عز» توفيق عكاشة، فمن لديه بلاغ يقدمه مكتوباً وفق الإجراءات القانونية مع الديباجة التي تقر بمكانة المنصب وشاغله!
وعلى ذكر نشأت الديهي، فقد أمكن لي، بعد الحفر والتنقيب، التوصل لأنه لم يكن كما يقدم نفسه، مذيعاً عاملاً في القناة «التركية» الناطقة باللغة العربية، كما أشاع وردد، وصدقه أهل الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة، فأوكلوا له مهمة قيادة الإعلام الموجه ضد تركيا باعتباره خبيراً في الشأن التركي!
فلم يكن مقيما في أنقرة، أو إسطنبول، لكنه كان يقدم برنامجه في الستة شهور السابقة على الانقلاب في مصر من القاهرة، ولم يكن مذيعا معينا في القناة، بل كان يعمل في وكالة خدمات إعلامية تتعامل معها، وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2012 كان ضيفاً على هذه القناة في برنامج من القاهرة، كان مذيع القناة في إجازة، وحدثت فتنة الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، فطلبت منه القناة ومن هذه «الوكالة» تقديم برنامجه من هناك، وكان ضيفاه الدكتور حلمي الجزار عن «الإخوان المسلمين» و»نشأت الديهي» عن «أحباء الإخوان المسلمين» فكان دفاعه عن الرئيس محمد مرسي أكثر شراسة من الدفاع الرقيق للدكتور الجزار، الذي ترك له المجال راضيا مرضياً!
هذه الحلقة تؤكد أن «الديهي» في هذه الفترة يعمل مذيعا في القناة التركية، وهو عندما استقال على الهواء، بعد شهر كامل من الانقلاب، كان يبيع الهواء، فلا يستطيع أن يظهر تعاقده مع القناة، لأنه ليس معيناً فيها ليستقيل منها.
وعندما أرسل لي فاعل خير الحلقة، التي قام فيها «الديهي» بدور رجل الإخوان القوي، كان عدد من شاهدوها على اليوتيوب هم (44) شخصاً، ولهذا أمكنه أن يدخل الغش والتدليس على القوم في الإمارات فيعتقدون فعلاً إنه كان يعمل في القناة، وأنه كان مقيماً في تركيا، وأنه استقال بدوافع وطنية، وربما لم يعرفوا سوابق نضاله مع الجماعة الإرهابية، حباً وقرباً، فصنعوه على أعينهم، وصار لهذا مركز قوى يخاطب النائب العام على هذا النحو، بل ويسب الناس وهم في مأمن من العقاب باعتباره محمية طبيعية!
وقد اتهم «الديهي» الدكتور «ندا» بأنه «فاشل ويعاني من مرض نفسي» وهذا كفيل بسحبه للمحاكمة، وتدخل المجلس الأعلى للإعلام لوقفه عن العمل، لكن «الديهي» يعمل في كنف المعتمد الإماراتي، الذي سد الفراغ الذي تركه «المعتمد البريطاني» اللورد كرومر!
في مقاله كتب أيمن منصور ندا: «في زمن أحمد موسى لا يوجد من يستطيع أن يقول سطراً واحداً خارج المسموح به». لذا وجب التنويه.

 صحافي من مصر.

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!