الدعوة بين التحديات والآمال

الدعوة بين التحديات والآمال فضيلة الشيخ موافي محمد العزب واحد من الدعاة المعروفين والخطباء المشهورين يتولى الآن رئاسة قسم توجيه الأئمة والخطباء بوزارة الأوقاف القطرية وقد كان لنا معه هذا اللقاء حول الدعوة وهمومها وآمالها في ظل الأوضاع الحاليةفضيلة الشيخ نود في البداية أن نتعرف باختصار على معنى الدعوة..

فضيلة الشيخ موافي محمد العزب واحد من الدعاة المعروفين ، والخطباء المشهورين ، يتولى الآن رئاسة قسم توجيه الأئمة والخطباء بوزارة الأوقاف القطرية ،وقد كان لنا معه هذا اللقاء حول الدعوة وهمومها وآمالها في ظل الأوضاع الحالية.
فضيلة الشيخ نود في البداية أن نتعرف باختصار على معنى الدعوة وشىء من فضلها. size=3>
معنى الدعوة: size=3>
عرفت الدعوة بتعريفات كثيرة لعل من أجملها التعريف التالي: (مجموعة القواعد والأصول التي يتوصل بها إلى تبليغ الإسلام للناس وتعليمه وتطبيقه).
بعض فضائل الدعوة: size=3>
بما أن الدعوة هي عبارة عن تبليغ الإسلام وتعليمه وتطبيقه فإن فضلها هو فضل الإسلام وأثرها هو أثره، ولذا سنذكر بعضا من تلك الفضائل الخاصة:
1- إنها وظيفة الرسل والأنبياء وهم صفوة الخلق وخيرة العباد.
2- إنها تشريف لهذه الأمة خاصة حيث استعملها الله في وظيفة نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) [يوسف:108].
3- إنها من أعظم الأعمال وأفضل القربات لقوله سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاًَ) [فصلت:33].
4- كفاها شرفاً وفضلاً أن صاحبها يحصل على أجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا” ، وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه في فتح خيبر: “لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم”، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة.
مواصفات الداعية الناجح: size=3>
في رأيكم ما هي مواصفات الداعية الناجح؟ size=3>

المعلوم أن الدعوة إلى الله هي من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العباد إلى المولى جل جلاله، كما أشرت آنفاً، ولكي تؤتي هذه الدعوة أكلها لا بد أن يحملها أناس على قدر عالٍ من الصلاحية والأهلية، ومن هنا اشترط العلماء عدة صفات لا بد من توافرها فيمن يحمل هذه الرسالة العظيمة، ومن أهم هذه الصفات:
1- الإيمان العميق بما يدعو إليه:
فإنه بقدر إيمانه بدعوته وتفهمه لأهميتها وخطورتها وحاجة الناس إليها يتحقيق له النجاح في دعوته والعكس بالعكس. ولذلك قال المولى جل جلاله: (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) [الأعراف:145].
2- الاتصال الوثيق بالمولى جل جلاله:
فالداعية أحوج ما يكون إلى الاتصال الوثيق بالله عز وجل ليستمد منه العون والتوفيق.
3- العلم والبصيرة بما يدعو إليه.
لقوله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) [يوسف: 108]. فلا بد للداعية أن يكون على علم راسخ بدعوته وإلمام وافٍ برسالته.
4- أن يكون قدوة حسنة لمجتمعه يوافق قوله فعله:
فلا خير في داعية لا يوافق علمه عمله، فإن من أخطر ما يصاب به بعض الدعاة انفصال علمهم عن عملهم، وفي بيان ذلك يحكي الله عن نبيه شعيب عليه السلام قوله لقومه: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) [هود: 88].
5- الوعي الكامل بدعوته:
وهو إدراك ما يحيط بالدعوة، وما يحيط بها من ظروف ، وواقع المجتمعات التي يدعوها إلى الله ، فلا يغني مجرد العلم عن الوعي بهذه الأمور.
6- إحسان الظن بالمسلمين:
عليه أن يحسن الظن بالمسلمين جميعًا وأن يجري أحكامه فيهم على الظاهر، وأن يكل أمر سرائرهم إلى الله عز وجل، لقوله تعالى: (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [الحجرات:12].
زاد الداعية: size=3>
ما هو الزاد الذي تنصحون الدعاة باستصحابه دائما؟ size=3>
1- العناية القوية بالقرآن الكريم وعلومه.
2- العناية القوية بالسنة النبوية وشروحها ومصادرها.
3- دراسة السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وغيره.
4- صحبة العلماء العاملين والدعاة الربانيين حتى يقتبس من هديهم وسمتهم، ويستفيد من خبراتهم وتجاربهم.
5- الثقافة العامة الإسلامية وغيرها.
6- زاد متين في الفقه والأحكام وشؤون الأسرة والشباب.
7- دراسة الأخلاق والرقائق وآداب السلوك دراسة متأنية.
دور المجتمع: size=3>
للعلماء وطلبة العلم والخطباء الدور الأكبر في الدعوة لكن ماذا عن دور بقية المجتمع لا سيما في مثل الأزمات الحالية؟ size=3>
1- الالتفاف حول الدعاة الربانيين ومشاورتهم والتلقي عنهم.
2- تنفيذ وصايا وإرشادات الدعاة.
3- عدم التعجيل في قطف الثمار أو ردود الأفعال.
4- مناصرة الدعوة والدعاة ودعمهم وتأييدهم تأييدًا مؤثرًا.
5- الإقلاع عن الذنوب والمعاصي التي هي سبب دمار الأمم وضعفها وخذلانها.
6- الدعاء والإلحاح على الله مع التوبة والاستغفار.
7- بذل ما يمكن بذله من دعم مادي أو إعلامي أو معنوي لدعم قضايا المسلمين في أنحاء العالم.

ما هي الأولويات التي ينبغي على الدعاة تقديمها عموما وفي هذه الأزمات خصوصا؟ size=3>
الأولويات العامة والخاصة: size=3>
1-الاطلاع على فقه النوازل ومعرفة سنن الله في استخلاف الأمم.
2- دراسة أسباب زوال ودمار الأمم في القرآن والسنة.
3- تبصرة المسلمين بهذه الأسباب على قدر فهمهم وإدراكهم.
4- حث المسلمين على القيام بواجبهم في تلك الظروف. مع بيان الواجب عليهم بوضوحٍ وإتقان.
5- ربط الناس بالله وضرورة إقبالهم عليه بكل صور الإقبال.
6- بعث الأمل في نفوس المسلمين من أن المستقبل لهذا الدين مهما تكالب عليه الأعداء ورموه عن قوس واحدة.
في ظل الأحداث الجسام التي تمر بها الأمة يصاب البعض بالإحباط واليأس فماذا تقولون لهم؟ size=3>

من أهم ما يقال للناس إنه ما من مصيبة تصل إليهم إلا بذنب، ولا ترفع إلا بتوبة، فلا بد لنا أولاً أن نفتش عن عيوبنا وذنوبنا ومعاصينا، ونحاول إصلاحها والتخلص منها، وأن نعلم أن النصر لا يكون إلا من عند الله وحده، وأنه سبحانه لا ينصر إلا من نصره فاحرصوا على أن تنصروا الله بتطبيق شرعه والتزام أوامره والبعد عن منهياته والوقوف عند حدوده، وحينئذ سيأتيكم النصر المبين بإذن الله.
فضيلة الشيخ :كيف يستصحب الداعية التاريخ والسيرة النبوية في خدمة الدعوة في الأزمات الحالية؟ size=3>

لا بد من الاطلاع على عوامل زوال الأمم ودمارها في القرآن الكريم والسنة النبوية خاصة التفاسير التحليلية التي تهتم ببيان الأسباب وتجليتها وربطها بالواقع، وعدم الاكتفاء بمجرد الاطلاع على هذه الأحداث كما لو كانت من الأمور التاريخية التي لا يهتم بها إلا أهل التاريخ والتراجم.
علاج الفتور: size=3>
قد يصاب بعض العاملين في حقل الدعوة بالفتور فما العلاج؟ size=3>
كما قرر العلماء أن ما من حدث إلا وله أسباب، والفتور من الأمراض العارضة التي تصيب الدعاة وغيرهم، فعليهم أولاً قبل أن يعالجوا الأثار المترتبة على الفتور أن يبحثوا عن الأسباب المؤدية إليه، وبذلك سوف يزول ما اعتراهم من ذلك، إضافة إلى الاطلاع على سير العلماء والصالحين والمجاهدين من أعلام هذه الأمة، إضافة إلى قراءة بعض المراجع في علو الهمة.
ترك العمل: size=3>
بعض الناس يقولون إن هذا زمان خروج المهدي المنتظر فيتركون العمل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..ما رأيكم؟ size=3>
إن من أهم أسباب تخلف النصر والحرمان من التمكين هو التفلت من التكاليف الشرعية، والقرآن الكريم يعج بعشرات الصور من هذا الأمر، ولذلك إشاعة مثل هذه الدعوة الخبيثة من شأنه أن يزيد الطين بلة والأمر سوءً، ومسألة المهدي من الغيبيات المتواترة عندنا أهل السنة، ولكن الجزم بقرب زمان من القول على الله بغير علم ومن الرجم بالغيب الذي يحرم شرعًا، حتى وإن كان هذا زمانه فلا بد للأمة أن تقوم بدورها الذي بينه الله لها وكما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”.
أفضل سبل الدعوة: size=3>
برأيكم ما هي أفضل السبل لدعوة غير المسلمين؟ size=3>
أرى أن نتبع الآتي في دعوتنا لغير المسلمين:

– العلم بالأسلوب القرآني والنبوي وتجارب العلماء والدعاة.
– العلم بمواطن الشبة التي تثار ضد الإسلام والرد عليها بطريقة عليمة رصينة.
– معرفة نقاط الضعف لديهم (وهي كثيرة) وجعل القضية في دينهم أصلاً وليست في ديننا الإسلامي.
– الحوار الهادئ البعيد عن السب والتجريح.
– البدء بالأمور المتفق عليها بين الإسلام وغيره والانطلاق منها إلى المختلف فيه.
– التركيز على عقيدة التوحيد وأنها دعوة الأنبياء جميعاً.
مستقبل الدعوة: size=3>
أخيرا فضيلة الشيخ كيف ترون مستقبل الدعوة في المراحل المقبلة؟ size=3>
الدعوة في المرحلة الحالية والمقبلة تحتاج إلى السباح الماهر والداعية اللبيب الحاذق الذي يزن المصالح والمفاسد بميزان أدق من ميزان الذهب والفضة، ومع ضرورة التزود بالزاد الرباني الذي يجعل العبد (الداعية) أقرب الناس إلى الله.
وبذلك سوف تخرج الدعوة من هذا المنعطف أصلب عودًا وأقوى شكيمة وأعظم تأثيرًا وهي التي ستقود الأمة إلى النصر بإذن الله.
هذا وبالله التوفيق.
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ ونفع بكم وبعلمكم.

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!