الدكتور مصطفى الشكعة يقلب مع (الشبكة الإسلامية) أوجاع الأمة

الدكتور مصطفى الشكعة يقلب مع الشبكة الإسلامية أوجاع الأمة -تحرير القدس لن يتم لو استمرت الحسابات العقلية وحدها تسيطر علينا-مقاطعة البضائع الأجنبية تهز أعداءنا وتعيد لنا ثقتنا بأنفسنا وقدرتنا على العيش لقضية-تغلبنا على خلافاتنا المذهبية أول طريق استعادة ريادة أمتنا-نحتاج اليوم بشدة إلى الحوار مع الغرب..

تحرير القدس لن يتم لو استمرت الحسابات العقلية وحدها تسيطر علينا
مقاطعة البضائع الأجنبية تهز أعداءنا وتعيد لنا ثقتنا بأنفسنا، وقدرتنا على العيش لقضية
تغلبنا على خلافاتنا المذهبية أول طريق استعادة ريادة أمتنا
نحتاج اليوم بشدة إلى الحوار مع الغرب، ولكن العقيدة ليست مجالا للحوار
ـــــــــــ

لا تحاول أن تمسك في هذا الحوار خيطا بعينه لتقف عنده، فقضايا الأمة كثيرة ومتشعبة، وقد اختار الأديب الإسلامي الدكتور مصطفى الشكعة -عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر وأستاذ الأدب العربي- أن يضع يده على أوجاعنا جميعا، بداية من أرضنا المغتصبة، إلى فريضة الجهاد الغائبة إلى حوارنا مع الغرب إلى تشرذمنا، وانتهاء بفقهنا الذي تتكرر النداءات بتجديده ليتعامل مع كثير من القضايا الراهنة.
ذهبنا إليه وفي صدورنا كثير من الحنق لما آل إليه حال المسلمين، وأعداؤهم يريدون تجريدهم من سلاحهم الأخير، في معركتهم مع الاحتلال اليهودي، وهو سلاح الشهادة في سبيل الله والتضحية بالنفس، بل ويريدون محاسبة الأمة على تضامنها القلبي.
من العمليات الاستشهادية بدأنا فقال لنا:
نحن نجني الشوك الذي زرعناه بتخاذلنا، حيث كان بأيدينا استخلاص فلسطين كلها حينما كانت الجيوش العربية تخوض معركتها الأولى مع اليهود عام 1948 وكان الجيش المصري يدق أبواب تل أبيب ولم يكن بينه وبينها إلا بضعة كيلو مترات، ولكن الخيانة وقعت من بعض أفراد الأمة فضاعت فلسطين، ثم القدس بسبب ضعف المسلمين وتخاذلهم، ولكنني مع ذلك لا أريد أن يتسلل اليأس إلى صدورنا، فهذه ليست المرة الأولى التي تضيع فيها القدس من أيدي المسلمين، فالتاريخ يسجل أن القدس ظلت في أيدي الصليبيين نحو مائة عام حتى رزق الله المسلمين زعيما قويا وحدهم، وتجاوز بهم ضعفهم، فحررها صلاح الدين الذي استطاع أن يزرع روح الاستشهاد بين المسلمين وهذه هي الروح التي بدأت تدب الآن في صفوف الشعب الفلسطيني ورغم ما تتعرض له هذه الانتفاضة من ضغوط إلا أنها السبيل الوحيد للتحرير والنصر (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فإذا غيرنا ما بأنفسنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والتزمنا بالإسلام فسوف يوقن اليهود بأنهم مهزومون لا محالة وسيفرون من فلسطين لكن عندما يشعرون أننا أصحاب مَنعة وتخطيط وتصميم، فنحن لا بد أن نتسلح بالأخلاق التي تؤهلنا لأن نكون شعوبًا منتصرة.

ولكن ما أسباب التمزق الذي تشهده الأمة الإسلامية في الفترة الأخيرة؟
مسؤولية ذلك تقع في الأساس على المسؤولين عن هذه الأمة لأن الأمم تعيش بمسؤوليها، ولكن ما يحدث الآن لا يرضي أحداً، فالمسؤولون لا يحدثوننا عن مصادر عزتنا وقوتنا، ويبثون في الشعوب ما يزيدها وهنا وخوفا من خلق الله رغم أن الخوف لا يكون إلا من الله، كلهم يحدثنا عن أن العقل يدعونا إلى الخوف من ضعفنا ، ولكن أحداً لم يحدثنا عن أن الإيمان يدعونا إلى الثقة بالله، والنصر الذي ينزل على الفئة القليلة عددا وعدة، وما دام الأمر كذلك فلا يمكن أن نتوقع النصر.
يحدثوننا عن الفقر الاقتصادي الذي يستتبع الهوان السياسي، ولم يحدثونا عن أن أمتنا تملك كل عناصر ومقومات الثراء، ومعلوم أن الأمة الإسلامية يجب أن تكون على حالة من الكفاية الشرائية لا تدفعها لمد يدها للغير، ولكن ماذا فعلنا لذلك وأمتنا من أغنى الأمم؟!
إننا نجد أموراً شاذة، ففي إفريقيا وحدها يموت 30 مليونًا ، معظمهم من المسلمين ، جوعًا، وهناك بلاد زراعية تستجدي قوتها من دول تكرهنا وتحتقرنا، وبالرغم من توافر الأراضي الزراعية فنحن نأكل من صنع غيرنا. فهل يصدق أحد أن السودان تمتلك 100 مليون فدان صالحة لرمي البذر كما يوجد بها 200 مليون أخرى تحتاج لمجهود بسيط كي تصبح أراضي زراعية ؟! كل هذه الأوضاع الغريبة وغيرها نتجت عن الفساد المستشري في دولنا الإسلامية وأدى هذا الفساد إلى الحالة التي وصلنا إليها.

ولماذا نقف دائما في موقف الدفاع؟
لأننا لا بد أن نتيقظ وننتبه لأننا نمنح عدونا السلاح الذي يقتلنا به، وحين يضعنا العدو في دائرة الاتهامات فله الحق لأننا منحناه الفرصة، لكن حين نعود لديننا الذي هو مصدر عزتنا ستعود إلينا كرامتنا.

الجهاد والعمليات الاستشهادية
ماذا عن مفهوم الجهاد في عصرنا الحالي؟
الجهاد فريضة من فرائض الإسلام التي يجب إحياؤها، والجهاد ليس لمشاكسة الأمم بل الدفاع عن ديننا وأرضنا إذا ما اعتدي عليها من الغرباء، وهذا ما لا نستطيع أن نفعله إلا إذا دربنا أنفسنا، وعاد فينا العلماء الكبار الذين سطع علمهم في العالم كله، فالعالم المسلم في الماضي كان موسوعيا يتخصص في أكثر من 15 علما، ولكل واحد منهم كتب .

كيف تنظرون إلى العمليات الاستشهادية ؟
إن المقاومة هي الخيار الوحيد في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاشم، وبالفعل زلزلت هذه العمليات أركان العدو ، وحاولوا احتواءها عن طريق المفاوضات إلا أن الشباب الفلسطيني قرر بدء طريق البطولة ولن يعود منه إلا بالنصر والتمكين إن شاء الله .

المقاطعة
ما الوسيلة التي يستطيع بها المسلمون أن يواجهوا الصلف الصهيوني ومن يدعمه ؟
إن لم نستطع أن نحارب هؤلاء بوسائلهم في الوقت الحالي فإننا نستطيع أن نقاطعهم مقاطعة حاسمة، وهذا في إمكاننا، فلابد أن ننزه أفواهنا عن المأكولات ” النجسة ” , ومن الممكن أن نتجه إلى أوربا وآسيا.
وهل من المنطقي أن ندعم من يمد إسرائيل بالصواريخ والطائرات التي تدمر أبناءنا وإخواننا في فلسطين، وتهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها، وبها يخربون الأراضي الزراعية. ونؤكد أن من يساعد هؤلاء آثم لأنه يدعم عدوه ضد أخيه، فالمقاطعة الكاملة هي الحل في ظل عدم قدرتنا على الحرب بالسلاح، لأننا حينما نقاطع نحرم من يساند العدو من مصدر رزقه فيعرف أن تأييده لليهود هو السبب، فحينئذ لابد أن يتغير الوضع، وأضف إلى ذلك أن هذا السلوك يساعدنا على استعادة ثقتنا بأنفسنا، وقدرتنا على أن نؤثر في عدونا.

ماذا عن دور الجامعات والعلماء في هذه الأزمة ؟
العالم الإسلامي لا يهتم بالعلم كما ينبغي بالرغم من أهميته القصوى، وبالرغم من ريادتنا في هذا المجال إلا أننا تخلفنا كثيرا عن ركب العلم في الدنيا كلها، ومن وقت أن حدث ذلك بدأت الهزيمة.
فالجامعات في العالم الإسلامي على سبيل المثال كثيرة، ولكنها لا تقوم بالتعليم!! وتضيف هذه الجامعات سنوياً أرقاما كبيرة لطوابير العاطلين في عالمنا الإسلامي، ومراكز أبحاثنا عقيمة لأنه لا يوجد المناخ المشجع لعملها فضلاً عن عجز المناهج التعليمية في كثير من بلداننا عن مواكبة التكنولوجيا التي تتطور يومياً، ومحاولات التغريب في هذه المناهج والمقررات أدت إلى خلق أجيال من الطلاب المفرغين ذهنياً وعلمياً، الأمر الذي أدى بدوره إلى نقص الكوادر العلمية القادرة على مواكبة ما يحدث في العالم فاضطررنا لاستيراد كل ما نحتاجه من الغرب حتى لو قلّت قيمته ،وأرى أن عالمنا الإسلامي لن يتقدم إلا إذا فعلنا دور العلم في حياتنا، واهتممنا به بصورة لائقة، ولا بد من إعادة النظر في أقسام التعليم ومؤسساته في عالمنا الإسلامي .

وهل العلم وحده هو سر تخلف المسلمين؟
الإسلام يشمل الكثير من التكاليف والفرائض التي لا تقتصر على العبادات المعروفة فهناك التزامات أخرى للمسلم ومنها طلب العلم الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم فريضة على كل مسلم وبذلك يصبح من لا يقبل على طلب العلم مقصرا في حق نفسه ودينه وأمته، وخاصة أن سيادة الغرب بدأت بثورة علمية وصناعية يصبح فرض عين علينا أن نواجهها بمثلها.
وقد حض القرآن الكريم على طلب العلم في 832 آية من آياته، كما حض الإسلام على العمل وأن يكسب المسلم من عرق جبينه، فكما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ” لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة”.
ولابد أيضا من التزام السلوك الإسلامي القويم واتباع أخلاقياته التي كانت سببا في انتشار الإسلام في دول جنوب شرق آسيا إذ أسلم 200 مليون في إندونيسيا وماليزيا عندما رأوا الصدق والأمانة التي يتعامل بها التجار المسلمون معهم، فعندما التزم المسلمون بهذه المبادئ سادوا الدنيا وأقاموا دولة العدل والرخاء فالإمام أبو حنيفة كان يتاجر في الحرير ويسافر للتسوق ويقيم حلقات العلم والدراسة ويعطي منحا دراسية لطلابه حيث كان يعلمهم ويصرف لهم مالاً يعيشون به فلم يكن هناك مسلم عاطل.

تتحدث عن الدعوة المؤثرة في الآخر في ظل هذا الوقت الذي صرح فيه الغرب بإعلان حرب صليبية على المسلمين منذ أحداث 11 سبتمبر، فهل يمكن إجراء حوار بين الأديان الآن؟
نعم يظل هذا ممكنا بين الأديان السماوية الثلاث التي تؤمن بوجود الله بحيث يتم الاتفاق على محاربة الرذائل ونشر الفضائل، أما أن يجري حوار حول العقيدة فهذا في رأيي حوار لن يكتب له النجاح لأنه من الصعب أن يترك الإنسان عقيدته ويتحول لعقيدة أخرى بين عشية وضحاها، لذلك فإن الإسلام لم يكره أحدا على أن يعتنقه (لا إكراه في الدين) وأمر بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنا شخصيا أعرف حالات كثيرة آمنت بالإسلام عن طريق التدبر والدعوة .

لكم كتاب بعنوان (إسلام بلا مذاهب) فهل يعني هذا أنك لا تقبل التعددية داخل المجتمع الإسلامي، أو لا تقبل الحوار الداخلي الذي تدعو إليه مع غير المسلمين؟
لا.. لا أقصد ذلك، ولكنني أشير في هذا الكتاب إلى أنه حينما نزلت الرسالة السماوية على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان هناك إسلام واحد هو الإسلام الذي يشترط الإيمان بالله واليوم الآخر والكتب والأنبياء، الإسلام الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والذي فرض علينا التعلم والعمل.
ولو استجبنا لهذا الفهم وتصالحنا عليه فإن هذا سيقودنا إلى الوحدة التي تمكننا من النصر على أعدائنا ومن تجاوز ضعفنا ولن يكون هذا إلا بحوار داخلي يجعلنا في النهاية صفا واحدا كالبنيان المرصوص.

ولكن هل ترى إذن أن مذاهب الفقهاء الأربعة كان لها تأثير سلبي على الأمة؟
لا.. بالتأكيد، فما أعنيه بالمذاهب ليس ما جاء به الأئمة الأربعة، فهؤلاء الأئمة الأربعة وغيرهم مثل الأوزاعي والليث وابن المبارك ينتمون لمذهب واحد وهو مذهب أهل السنة، وهم فقهاء كانوا أئمة ولهم مدارس في التفسير الفقهي في إطار هذا المذهب الواحد، وكل منهم على حق واستند إلى تخريج صائب للأحكام، ولكن ما أعنيه بالمذاهب هي تلك الفرق الأخرى كالصوفية والمعتزلة وغيرها فهي مذاهب لم يأت بها الإسلام، وإنما المذهب الذي أتى به الإسلام هو المذهب الذي أتى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو نقصان أو تشويه.

بهذه المناسبة ما رؤيتكم لمصطلح تجديد الفقه؟
الفقه هو الوسيلة التي نتعرف من خلالها إلى أحكام الله مستمدة من كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن يعمل في هذا الحقل يطلق عليه فقيه، وهو من يستطيع أن يدلي في استخراج أو استنباط حكم من الأحكام ؛ فالقضية ليست في تطوير الفقه ولكن في أن يتفقه المرء في الدين ويصبح مؤهلاً لاستخراج الأحكام وتفسيرها، والمصيبة في هذه الأيام أن أي إنسان نصف متعلم أو جاهل يظن أنه أصبح مؤهلا للفتوى.

أخيرا وفي ظل التكالب الكبير ضد الإسلام في كل مكان ما هو تصورك لمستقبل المسلمين؟
أنا متفائل بأن المسلمين سينتبهون لما يصلح شأنهم، لأن الأيام دول، وقد مرت الفترة التي حرمنا فيها من المداومة على العلم والعمل، ونحن في الطريق إلى اليقظة فالنصر قادم لا محالة بشرط أن يعود المسلمون إلى دينهم ويلتزموا بالدستور الإلهي، وأن يكون إيماننا عملياً حتى نستحق نصر الله و

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!