الرسام العراقي خليف محمود: الزمن وتطوره يقاس بالأساليب

شكلت البيئة المحلية العراقية بخصوصيتها الموصلية خلفية أساسية في لوحات الرسام خليف محمود، وكأنه بذلك يؤكد هويته وتجربته الذاتية كفنان، إلاّ أنه لم يكتف في التعامل مع البيئة من منظار جمالي بحت، وهذا ما قد يبدو للوهلة الأولى لكل من يشاهد لوحاته، ويأتي ذلك من خلال طغيان طيف من الألوان المبهجة، حتى أنها أصبحت تمثل […]

Share your love

الرسام العراقي خليف محمود: الزمن وتطوره يقاس بالأساليب

[wpcc-script type=”f7c269700684a0b42488a16e-text/javascript”]

شكلت البيئة المحلية العراقية بخصوصيتها الموصلية خلفية أساسية في لوحات الرسام خليف محمود، وكأنه بذلك يؤكد هويته وتجربته الذاتية كفنان، إلاّ أنه لم يكتف في التعامل مع البيئة من منظار جمالي بحت، وهذا ما قد يبدو للوهلة الأولى لكل من يشاهد لوحاته، ويأتي ذلك من خلال طغيان طيف من الألوان المبهجة، حتى أنها أصبحت تمثل بصمة شخصية تشير إليه، من غير أن يترك توقيعه على نتاجه الفني، كما اختار أن يشتغل وبنعومة على المحتوى الإنساني، وهنا تكمن خصوصية نتاجه، حيث عكف على أن يمنح أهمية قصوى لملامح شخوصه، التي تمثل وحدات فنية جوهرية في بناء لوحاته، فضلا عن موضوعاته التي دائما ما تتحرك في إطار الواقع، ولكنه في رؤيته لهذا الواقع يتخطى المعطيات المخزونة في الذاكرة النوستالجية، إلى ما هو راهن ومحتدم بكل عناصر التراجيديا الإنسانية المعاصرة، وهذا ما يشير إليه مجمل لوحاته، ولاشك في أن مرجعيته الأكاديمية قد لعبت دورا كبيرا في تحديد تقنيات أسلوبه، إضافة إلى الخبرة المتراكمة في عالم الرسم، التي ابتدأت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.. نتطلع في حوارنا معه إلى الكشف عن خفايا تجربته، إضافة إلى استطلاع رأيه حول موضوعات تخص الفن التشكيلي العراقي.

■ انطلاقا من تجربتك الذاتية، ما مفهوم اللوحة لديك؟
□ اللوحة التشكيلية هي الحكاية، وهي الصيرورة الإنسانية ووجدان الفنان، وهي رسالة الخطاب البصري في مخيلته التي تحمل في طياتها قواعد الجمال الممتع للمتلقي، عبر اللون والشكل والمضمون، وهي مشروع وعي وفكر يولِّد الإبداع .
■ لماذا هذا الإصرار على تأكيد الألوان المبهجة في معظم لوحاتك، رغم أنك تتناول موضوعات يبدو الشقاء فيها واضحا على وجوه الشخصيات؟
□ بما أن اللون هو الحياة على وسعها، إذن ليس من تناقض بين ما أومن به واعيشه من عشق للون المشرق والمبهج، وما يبدو من شقاء على وجوه بعض شخصيات أعمالي، إنما هو انعكاس واقعي وموضوعي للمضمون الذي تحدده متغيرات الواقع، فضلا عن أنني نشأت في واقع يتميز بنقاء ألوانه وأهله.
■ هل من أفكار معينة يسعى خليف محمود إلى إيصالها في سياق تجربته؟
□ لكل عمل قصة، ولكل قصة مضمون، والمفاهيم التي أريد إيصالها يفرضها واقع ملزم، أما بقية الأعمال فأنا أومن بكل ما هو مشرق وبالبوح الجمالي الإنساني، وتثبيت واقع معاش يدلل على عمق جدلية الحياة وواقع الفكر والمفاهيم الإيجابية.
■ من خلال هذه المسيرة الطويلة التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود ما الذي حصل من متغيرات في رؤيتك للرسم؟
□ المتغيرات الحاصلة في رؤيتي للتشكيل منظورها، يتراوح بين ما هو جدلي وفلسفي، ويمكن أن أضيف الحس الجمالي اللوني وما بينهما قاسم مشترك.
■ هل من مؤشرات على أن هناك شيئا جديدا في الرسم العراقي على مستوى الأسلوب والرؤى؟
­­□ نعم هناك جملة مؤشرات متغيرة في الرسم العراقي، على المستويين الأسلوبي والرؤى، وذلك من خلال تقادم الزمن، الذي أثر بعمق على الكثير من الرسامين، على مستوى الأسلوب والإنشاء والتكوين.
■ هل انتهت موجة الجماعات الفنية في العراق؟ وما أسباب انزوائها؟
□ انحسرت الجماعات الفنية في العراق نتيجة الأوضاع السياسية واضطرابها، والصراعات التي أثرت بعمق على تشكيل هذه الجماعات، وفي الماضي كان لها صدى واسع، منها على سبيل المثال، «جماعة رسامي المائية» و«جماعة نينوى للفن الحديث» والجماعة الأخيرة تأسست من خمسة أعضاء وهم كل من: راكان دبدوب، ماهر حربي، خليف محمود، لوثر أيشو، شاهين علي، ثم انسحب شاهين علي وبقينا نحن الأربعة، حيث أقمنا معرضا داخل المركز الثقافي الفرنسي في بغداد.

انحسرت الجماعات الفنية في العراق نتيجة الأوضاع السياسية واضطرابها، والصراعات التي أثرت بعمق على تشكيل هذه الجماعات، وفي الماضي كان لها صدى واسع، منها على سبيل المثال، «جماعة رسامي المائية» و«جماعة نينوى للفن الحديث»

■ مضى على ظهور الرسم في العراق ما يقارب القرن، وتوالت أجيال في هذه الرحلة، فهل تعتقد أن الرسم في العراق يمكن أن يشكل حالة لها فرادتها، إذا ما وضعت بين التجارب العالمية؟
□ الزمن وتطوره يقاس بالأساليب والتطور الفكري للوعي الحضاري هو الذي يقرر مدى التقدم الحاصل في مستوى التقدم، على صعيد الفن والتشكيل بشكل خاص، ولا تخلو أعمال بعض الفنانين، الذين يمكن إدراجهم ضمن العالمية أمثال: ضياء العزاوي، فائق حسن، رافع الناصري، مزاحم الناصري، وليد شيت، إلخ .
■ إلى اي مدى تجد أن تجارب الحداثة وما بعد الحداثة قد لامست سطح المشهد التشكيلي في مدينة الموصل، والمشهد التشكيلي العراقي بشكل عام؟
□ الحداثة مفهوم واسع وظاهرة واجهتنا، نتيجة التطور التقني الحاصل في كل نواحي الحياة ومنها الفن، والتشكيل على وجه الخصوص، وهناك تجارب لفنانين اتسمت أعمالهم بالحداثة بمفهومها الاصطلاحي، أسلوبا وتصميما وتنفيذا وأداء.
■ هل من تجارب لأسماء معينة في العراق أثّرت بشكل استثنائي على فن الرسم؟
□ إلى حد ما يمكن القول هناك تجارب لرسامين أثّرت بحدود معينة في قيمة الأساليب والتقنية على فنانين آخرين، ولا يمكن القول استثنائيا لاتساع المفهوم.
■ لماذ لا توجد غاليرهات في مدينة الموصل رغم أهمية التجربة التشكيلية فيها؟
□ تفتقر المدينة رغم أهمية التجربة التشكيلية فيها إلى غاليرهات لضعف وانعدام الدعم المادي للفنانين، والجمعية تسعى وبجهود فردية لإقامة المعارض داخل وخارج العراق، منذ أن استلمنا إداراتها عام 2005 وقد أقمنا معارض في العراق والأردن وإنكلترا ولبنان، وسيكون لنا في الأيام المقبلة معارض في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وما نحصل عليه من دعم يأتينا فقط من جمعية الفنانين التشكيليين /المركز العام في بغداد، متمثلا بالفنان قاسم سبتي وإدارته وكان له دور في دعمنا من أجل تأسيس مقر لجمعيتنا في الموصل كذلك في المطبوعات.
■ أنت لديك مشاركات كثيرة خارج العراق، ما الذي حققته بهذه المشاركات؟ وما أبرز الانطباعات التي تركَتها تجربتك المتلقين؟
□ قدمت الكثير من خلال معارض، ومشاركاتي الخارجية في ألمانيا وإيطاليا وباكستان وتونس وفرنسا، فقد عرضت من خلال أعمالي حضارات العراق وتراثه وفلكلوره، وعموما فإن العراق عشقي الأبدي، وكذلك مدينتي نينوى، وما تعرضت له من تخريب ودمار بحق تاريخها ووجودها الحضاري، وامتد نشاطي إلى المحاضرات الثقافية والفنية للتعريف بهذا الموروث، وما تعرضت له أبان العدوان، هذه الرسالة البَصرية التي نطمح إلى إيصالها للعالم من خلال المعارض، والمشاركات الخارجية بمثابة هوية الفنان المحلية المتمثلة بالإرث الحضاري والعمق التاريخي.
■  ترأس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في مدينة الموصل، ماذا حققت الجمعية وما هي مشاريعكم؟
□ قدمت الجمعية الكثير من النشاطات داخل وخارج العراق، وكذلك حرصت على إقامة المعارض الجماعية وأسست ولأول مرة قاعة ومقرا للجمعية التشكيلية في مدينة الموصل وانطلقت الأنشطة التي استهدفت الفنانين من الرواد والشباب وتنظيم حفل توقيع الكتب الصادرة عن الفنانين لزملائنا المنضوين في الجمعية، ومن أهم المعارض التي أقمناها كان المعرض الذي أقيم بعد تحرير الموصل من سلطة تنظيم «داعش» وحمل المعرض عنوان «الموصل تنهض من الركام» ومعرض آخر أقيم في متحف آثار الموصل، وكان بعنوان «العودة إلى الموصل صراع من أجل الحياة»، ومعرض آخر أقيم في مقر جمعية الفنانين التشكيليين في بغداد بعنوان «الموصل تنهض من جديد»، فضلا عن المعارض التي أقيمت في مقر الجمعية، ومعرض بعنوان «نينوى الحب والسلام ترسم» وسوف تستمر النشاطات والمعارض، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المدينة.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!