الروائي اليمني سمير عبدالفتاح: النص يكتبُ نفسه وبعض النصوص تحتاج للإطباق على القارئ بقوة

صنعاء ـ « القدس العربي»: يبرز الروائي اليمني سمير عبد الفتاح (1971) واحداً من أهم كُتّاب الرواية في اليمن، صدرت له ست روايات، وأربع مجاميع قصصية وخمس مسرحيات. تتميز تجربته بانطلاقها من رؤية تعي جيداً خط سيرها في الكتابة المكثفة؛ وهي رؤية لا تأبه لإمتاع القارئ، بقدر ما تعمل على الكشف المعرفي الادراكي للأفكار مهما […]

Share your love

الروائي اليمني سمير عبدالفتاح: النص يكتبُ نفسه وبعض النصوص تحتاج للإطباق على القارئ بقوة

[wpcc-script type=”0bd980978fa35550794b809a-text/javascript”]

صنعاء ـ « القدس العربي»: يبرز الروائي اليمني سمير عبد الفتاح (1971) واحداً من أهم كُتّاب الرواية في اليمن، صدرت له ست روايات، وأربع مجاميع قصصية وخمس مسرحيات. تتميز تجربته بانطلاقها من رؤية تعي جيداً خط سيرها في الكتابة المكثفة؛ وهي رؤية لا تأبه لإمتاع القارئ، بقدر ما تعمل على الكشف المعرفي الادراكي للأفكار مهما كانت طريق الكشف تستدعي أكثر من قراءة؛ فالقارئ أمام أعمال سمير، مطالب بأن يشحذ كل معارفه لإعادة تفكيك الرؤية التي انبثق عنها النص ومشاركة الكاتب رحلة الكشف والتأمل.

في مجموعته القصصية الصادرة مؤخراً عن دار أروقة في القاهرة بعنوان «ثمة أشياء أخرى» جاءت النصوص محمولة على مزيج من الأساليب والرؤى، وقد أراد من خلال كل ذلك، «الذهاب بالقصة إلى أقصى مدى سواء في التركيب أو الرؤية وكذلك الحمولة الفكرية لها»، كما يقول في هذا الحوار مع «القدس العربي»، حيث ناقشنا بعض ملامح إصداره الجديدة، وأبرز معالم تجربته السردية، بما فيها روايته الأخيرة «في القاهرة» وعدم قدرته على السفر للقاهرة للاشتغال على النص:
استدراج القارئ

■ لِمَ عرّفت كتابك الجديد «ثمة أشياء أخرى» الصادر مؤخراً بـ»نصوص قصصية»؟ هل لهذا التعريف علاقة بمضمونه المختلف عن تعريف «مجموعة قصصية» وفق تعريف الناشر؟
□ تعريف المجموعة يتسم بالانتظام والتناسق وتوارد مكوناتها، ضمن إطار واحد، لكن تعريف (النصوص) يفيد الاتساع والاختلاف، وكل (نص) في كتاب «ثمة أشياء أخرى» له خصوصيته المختلفة عن باقي النصوص سواءً في القسم الأول أو الثاني.
■ على الرغم من التميز الذي حملته رواية «نبراس قمر» باعتبارها تمثل تغيراً في مسارك السردي تحولت فيه للكتابة بسردية ماتعة متخففة من الرؤية الفكرية الفلسفية للأحداث… إلا أننا رأينا قصص هذه المجموعة تعود مثقلة بالرؤية الفكرية التأملية؟
□ النص يكتب نفسه، بعض النصوص تحتاج إلى مساحة للحركة واستدراج للقارئ، وبعضها تحتاج إلى التكثيف والإطباق على القارئ بقوة، وفي كلتي الحالتين – بالنسبة لما أكتبه من نصوص- تكون القراءة الأولى للنص بمثابة تعرف إليه، والقراءة الثانية هي القراءة الكاشفة للنص، لذا أنصح القارئ بالقراءة أكثر من مرة.

كسر المتعارف

■ ألا تعتقد أن هذه الرؤية تؤثر سلباً في الأهداف المراد تحقيقها من القص، خاصة القصير… فالرسالة هنا تتعثر في طريق مزدحم بالأفكار الكثيرة والكبيرة؟
□ هذه (مجموعة) أردتها منذ البداية أن تكون مختلفة وجديدة، وهي بمثابة محاولة لكسر المتعارف عليه في فن كتابة القصة، لذا حاولت أخذ القصة إلى أقصى مدى، سواءً في التركيب أو الرؤية، وكذلك الحمولة الفكرية لها.
■ لاحظتُ أن الرؤية الفكرية الثقيلة قد تُحدُ من تأثير وبروز الخصائص الفنية للقصة، خاصة البناء والأسلوب؛ فيتجلى الخطاب مسيطراً على كل الخصائص التي تتراجع أمامه، وفي الوقت نفسه لا يجد الخطاب طريقه للقارئ بسهولة؟
□ القارئ سيشعر بوجود شيء ما غير معتاد عند قراءته لهذه (المجموعة)، وهذه ستكون بمثابة إشارة للتمهل عند القراءة، ومعاودة قراءة القصة مرة أخرى، وفي القراءة الثانية سيكون القارئ أكثر حذراً، وسيرى الشقوق والتعرجات، التي لم ينتبه لها في قراءته الأولى، وهنا أنا أحب التأكيد على أنني أحاول جعل علاقة القارئ بالكتاب أكثر من لقاء واحد.

المصغرات

■ القسم الثاني من المجموعة ضمنته مصغرات… ما تقصد بالمصغرات؟ وما الهدف من نشرها؟ وماذا تقصد بالموجه الخامسة؟
□ (المصغرات) هي شكل فني مختلف عن السائد في الكتابة الأدبية، وهي تجربة تركز على إشراك القارئ في العملية الإبداعية، فالنص المكتوب بطريقة (المصغرات) يحوي على مقطع من الرواية – المراد إيصال مضمونها من الكاتب للقارئ – وهذا المقطع يُعطي القارئ ملامح للشكل الذي ستجري عليه الرواية بداية من ضمير السرد واللغة وصولاً لأسلوب الكتابة، وهناك هامش يحكي عن مضمون الرواية ومسار الرواية، وعلى القارئ أن يقوم بتخيل الرواية وفق هذا، ويشكل الرواية عبر خلط هذا المزيج وفق مقدرته التخيلية. فيما يتعلق بـ (الموجة الخامسة) هي تسمية تمييزية لهذا الاشتغال – غير المألوف- فهناك نص شعري وقصصي وروائي ومسرحي، و(المصغرات) هي (الموجة الخامسة)، وعلى الآخرين ـ نقادا وقراء ـ التمعن في هذه الفكرة وتقبلها أو رفضها.
■ ماذا عما أوردته باسم الملحمة، وأين يمكن تصنيفها في الأجناس الأدبية؟
□ ما ورد في (الكتاب) هو مشروع ملحمة، وتم تصنيفه ضمن (المصغرات)، وإذا تم تقبل فكرة (المصغرات) فعلى القارئ أن يَصيغ الملحمة، وفق سياق المخطط المعطى له… وأعتقد أن هناك قراء قادرين على المضي في هذه اللعبة الكتابية، فقط علينا إطلاق العنان لخيالنا، الخيال الذي صنع الفنون والآداب التي نشاهدها ونقرأها…هي في الأخير (نصوص) بأشكال مختلفة، سرد ومصغرات.
■ ماذا عن الرواية التي تشتغل عليها حالياً؟
□ حالياً لديّ هاجـــس الانتهاء من كتابة رواية بعنوان «في القاهرة»؛ وهي بمثــــابة تراكيب من أربعة مقاطع روائية. لكن ما يعرقل اشتغالي على هذه الرواية عدم مقدرتي على السفر للقاهرة للاشتغال على النص.

الرؤية

■ في تقديرك؛ ما قيمة الرؤية الفكرية كمحور للعمل السردي؟ هل مشكلة التعامل مع هذه الأعمال هي مشكلة قارئ، أم هي مشكلة كاتب؟ حيث يحرص الكاتب العربي قبل كل شيء على تقديم عمل يمتع القارئ ولا يجهده في القراءة؟
□ لا توجد كتابة ذات نمط واحد، وكذلك لا يوجد نمط قرائي واحد. هناك طيف من الاشتغالات الروائية، وهي في منتهاها رابط بين جانب كاتب وآخر قارئ، وضمن هذا الإطار توجد كتابات للقراءة الواحدة وكتابات تحتاج لأكثر من قراءة، كتابات تحتاج إلى استخدام القارئ، لكل معارفه وإدراكاته، وكتابات تقرأها لتمضية الوقت، وبينهما تتدرج القراءات والكتابات. والرؤية الفكرية أو العلمية أو الاجتماعية، وحتى الترفيهية الخالصة هي مجرد وسيلة للتواصل بين الكاتب والقارئ.
■ اهتمامك بالغوص في النفس البشرية في أعمالك ما مرجعيته لديك؟ هل هي قراءتك؟ أم هي قناعتك بأهمية الكتابة من الداخل الإنساني وعنه في الوقت ذاته؟
□ مرجعيتنا كلنا هي المرجعية الأساسية في تكويننا البشري.. فقط هناك من يحاول التأمل ويسجل تأملاته، وهناك من يعتقد أنه غير مؤهل للغوص في الأعماق، لكن بشكل عام هناك شيء ما في أعماقنا، وشعورنا به هو ما يدفعنا للتحرك نحوه. وبدون وجود هذا الشيء لن نكتب عنه. وهذه البداهة أحياناً ننساها.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!