السودان… ينتج عشرات الأطنان من الذهب ويعاني من أزمة في “الخبز”

يعد السودان الدولة الثالثة أفريقيًا في إنتاج الذهب منذ سنوات طويلة، رغم ذلك يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة. 20.02.2022, سبوتنيك عربي
هل يسهم قرار وزارة المالية بإنشاء بورصة للذهب بداية لإنعاش البلاد ومنع التهريب والكشف عن الإنتاج الحقيقي للبلاد؟
يقول الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير: “ظللنا منذ سنوات ننادي بإنشاء بورصة للذهب، هذا الأمر يشكل أهمية كبيرة جدا، وقد وافق رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك على إنشاء بورصة للذهب، باعتبار أن قانون سلطة تنظيم سوق المال في البلاد والمجاز في العام 2016، يتيح للسلطة إنشاء بورصات لكل الموارد سواء الذهب أو المحاصيل أو سوق للنقد”.

بورصة الذهب

وأضاف في تصريحات لـ”سبوتنيك”: “بالتالي تأتي الموافقة على إنشاء البورصة في هذا التوقيت وفقا للقانون المجاز في العام 2016 ، وتكون السلطات وفقا للقانون عبارة عن جهاز منظم لتلك العملية”.
وأكد الناير أن إنشاء بورصة للذهب يعني الكثير بالنسبة للاقتصاد السوداني، حيث تمنح البورصة أسعار عادلة للذهب السوداني، كما يتم تداول هذا المعدن النفيس بشفافية ووضوح، علاوة على ذلك سيكون هناك دخل وإيراد للدولة، كما سيقلل من معدلات التهريب وتخزين الذهب بصورة أساسية، فعندما يجد الشخص السعر العادل للذهب عن طريق البورصة، لن يكون بحاجة إلى عمليات التهريب.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن إنشاء البورصة شيء مهم جدا، “نأمل أن يتم في فترة زمنية قصيرة ولا تأخذ وقتا طويلا كما حدث من قبل”.

الإنتاج الأهلي

من جانبه، يقول عبد الله الرمادي، الخبير الاقتصادي السوداني، إن قطاع موارد الذهب قد أهمل لسنوات طويلة، حيث أن هناك عملية إنتاج أهلي للذهب يقوم به الشباب وهو غير منظم ولا تقوم به الشركات الكبيرة، حيث أن هذا الجزء الأهلي أهمل بصورة كبيرة، خاصة في الآونة الأخيرة، وتم منع الجازولين عنهم في الفترة الأخيرة واعتبروه “تهريب”، فكيف يكون تهريب للجازولين وهو يساعد في تزويد عمليات إنتاجية تضيف للناتج المحلي الإجمالي وليست أي سلعة.
ويضيف في حديثه لـ”سبوتنيك”، لو تم استغلال هؤلاء الشباب بصورة جيدة إنتاجية بتوفير الظروف الملائمة صحيا، بدلا من الظروف الصحية السيئة والمدمرة لحياتهم ومستقبلهم، كان ينبغي توفير مواقع صحية في كل موقع من تلك المواقع، حيث تجاوزت تلك المواقع الأهلية 200 موقع في عدد من الولايات، والذين يعملون في هذا القطاع العريض يزيدون عن 2 مليون نسمة، فهم يقومون بعمل ضخم جدا لدعم الاقتصاد السوداني، إذا تم الحفاظ على هذا الإنتاج من التهريب.

200-250 طن

وأشار الرمادي إلى أن الإنتاج الأهلي وفقا لما تم حصره لا يقل عن 200-250 طن سنويا، هذا القطاع حصيلته السنوية 10 مليار دولار، فلو تم توفير هذا المبلغ لتم الاستغناء عن أي شيء، وهو يكفي لسد كافة احتياجات السودان والتزاماته، علاوة على تحويلات المغتربين التي لا تقل عن 4 مليار دولار سنويا، هذا بالإضافة إلى الموارد من القطاع التقليدي “الثروة الحيوانية والزراعية”، التي تدر ما لا يقل عن 3 مليار دولار سنويا.

عمليات التهريب

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تلك الموارد السابقة تتعدى 17 مليار دولار أو يزيد، وهنا لا يكون السودان بحاجة إلى أن يمد يده لجهات خارجية، لكن المشكلة تكمن في أن الإدارات المحلية سواء في النظام السابق أو الحكومة الحالية لم تقم بدورها في محاولة إيقاف التهريب، حيث يتم تهريب الذهب عبر الحدود أو من المطار كما ثبت ذلك أكثر من مرة، وفقا لما صرح به وزير صناعة سابق في حكومة الإنقاذ، ولم يحاسب أحد على ذلك، لذا يجب العمل على وقف هذا الهدر الذي يحدث عن طريق التهريب مهما كلفنا ذلك.

تنظيم ورقابة

وطالب الخبير الاقتصادي بتوفير الظروف الصحية والمعيشية للشباب الذين يقومون بعمليات الإنتاج الأهلي وتوفير مدخلات الإنتاج لهم، لأن ما يضيفونه للاقتصاد يفوق كل الموارد، لذا يجب أن تشرف الدولة مباشرة على استلام الذهب وشراؤه من هؤلاء الشباب، علاوة على تحويل مبالغ البيع أو الشراء عبر التحولات الرسمية، حتى تدخل تلك المبالغ في حصيلة البنك المركزي، تلك هى الإجراءات التي يجب أن تعمل وتضبط من أجل الحفاظ على هذا المورد الهام.
ولفت إلى عملية التهريب التي تحدث من الأفراد قد تقوم بها الشركات أيضا، لذا يجب أن تكون هناك عمليات تدقيق شديدة، هذا ليس تخوين للموظف المدني، بل إن هذا يأتي ضمن النظم والإجراءات التي يجب اتباعها للحفاظ على هذا المورد الهام في البلاد.

صراع داخلي وخارجي

بدوره، يقول المحلل السياسي السوداني، ربيع عبد العاطي: “يبدو أن هناك صراع داخلي من جهة و خارجي من جهة أخرى حول ثروة الذهب بالسودان، وهذا يعود إلى أن السلطة بالداخل والاستقطاب الخارجي كلها ذات علاقة بهذا الشأن”.
ويضيف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “كما يبدو أن إنشاء الغرفة يستهدف حسم الجدل في ظل الإرباك والقلق السياسي الذي يعيشه السودان، لأن هناك ما يسمى الإستثمار في الأزمة واستثمار الأزمات”.
وتابع عبد العاطي، أنه ما يدعو للاستغراب أن يكون السودان غنيا بالموارد الزراعية و المائية و المعدنية وعلى رأسها الذهب، ويعيش أهله ضنك ومسغبة بمثل ما يحدث في العراق من بؤس وهو بلد غني بالنفط، وهنا نرى الشبه وأثر الصراع الداخلي والاستقطاب الخارجي في البلدين والصراع حول مواردهما.
كانت وزارة المالية السودانية قد صادقت أمس السبت، رسميا، على إنشاء بورصة للذهب، بعد اكتمال الشروط المطلوبة وفقا للوائح والقوانين الدولية.
وقال مدير عام مصفاة الذهب مصطفى البكري كرار، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الخرطوم، إن العطاء سيطرح خلال الأسبوع الجاري أمام الشركات العالمية بمشاركة خبراء سودانيين.
وأفاد كرار بأن السودان أكمل الشروط التي تؤهله لإنشاء بورصة وفق اللوائح والقوانين العالمية التي يجب أن تتوفر في سوق المداولات المعدنية، مؤكدا مطابقة مصفاة السودان للمصافي العالمية.
وأوضح المسؤول السوداني أن صادرات الذهب أسهمت في الاقتصاد بـ 300 مليون دولار خلال موازنة العام 2021.
من جهته، قال مدير عام سلطة تنظيم أسواق المال خلال المؤتمر الصحفي، شوقي عزمي محمود حسنين، إن إنشاء بورصة للذهب يعمل على الحد من تهريبه، ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني والعمل على استقرار سعر الصرف، مبينا أن اللجنة أوصت بإتمام جميع معاملات حصائل بيع الذهب عبر الجهاز المصرفي وفق شهادة ملكية تتيح له إجراء أي تصرف مالي.
وعزا تأخير إنشاء البورصة في السودان إلى تعقيدات خطوات استيفاء الشروط المطلوبة لقيام البورصة، ومنح شهادة إيداع يتم بموجبها تسهيل المعاملة بين البائع والمشتري لاختصار العمليات المعقدة.
ويعتبر السودان ثالث دولة في قارة أفريقيا، بعد دولتي غانا وجنوب أفريقيا، إنتاجا للذهب، إذ يفوق 93 طنا سنويا، يتم استخلاص 75% منها عن طريق التعدين التقليدي ”الأهلي“، الذي يعمل فيه حوالي مليوني شخص منتشرين في مناجم بولايات البحر الأحمر، ونهر النيل، والقضارف، وجنوب وشمال كردفان.
وبحسب آخر تقرير صدر عن وزارة المعادن السودانية، فإن إجمالي الإنتاج منذ مطلع 2021 حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي، بلغ 30 طنًا، في حين أنتج السودان 8.41 طن خلال الربع الأول من عام 2020.
وينتج المعدنون التقليديون، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، 80% من إنتاج البلاد من الذهب.
Source: sputniknews.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!