يعاني كثير من الصائمين  في شهر رمضان المبارك من الشراهة في تناول الطعام، خصوصاً بعد يوم كامل من الامتناع عن تناول الطعام والشراب، لا سيما أن يوم الصوم في فصل الصيف يوم طويل يمتد إلى نحو أربع عشرة ساعة.

للمزيد: صيام رمضان صيفاً

فماذا يقصد بالشراهة؟ وهل هو مرض؟ وما هي أسبابه وأعراضه وعلاجه؟

ما هو الشره المرضي؟

الشره المرضي أو فرط الشهية المرضي هو اضطراب في الأكل يتميز بنوبات من الشراهة عند تناول الطعام، تليها جهود حثيثة لتجنب زيادة الوزن، وهو يصيب الرجال والنساء في جميع الأعمار.

تعد الحياة بالنسبة لمرضى الشره المرضي كمعركة مستمرة بين الرغبة في فقدان الوزن والانغماس في الطعام، حيث يمكن أن يستهلك المرء نحو 3000-5000 سعرة حرارية في ساعة واحدة !. والأدهى أن الشره سيشعر المريض بالذنب بعد ذلك، وسيحاول التخلص من هذه السعرات بطرق قد تعرض حياته للخطر.

لا ينطوي الشره المرضي فقط على تطهير الجسم والقضاء على الغذاء من الجسم عن طريق القيء، أو استخدام المسهلات، أو الحقن الشرجية، أو مدرات البول، بل إن الصوم، وممارسة الرياضة بشكل مفرط، واتباع حمية غذائية قاسية كلها سلوكيات تندرج ضمن نطاق الشره المرضي.

على المرء أن يسأل نفسه الأسئلة التالية، وإذا كانت أغلب إجاباته بنعم، فمن المرجح أنه يعاني من الشره المرضي أو اضطراب آخر من اضطرابات الأكل:

  • هل يعتبر وزنك وجسمك هاجسك الاول؟
  • هل الطعام واتباع نظام غذائي يسيطران على حياتك؟
  • هل تخاف عند البدء في تناول الطعام من عدم قدرتك على التوقف؟
  • هل سبق لك أن أكلت حتى شعرت بالمرض؟
  • هل تشعر بالذنب، والخزي، أو بالاكتئاب بعد تناول الطعام؟
  • هل تلجأ الى القيء أو المسهلات للسيطرة على وزنك؟

للمزيد: اضطرابات الأكل: أنواعها وأعراضها ومضاعفاتها

ما هي علامات وأعراض الشره المرضي؟

إذا كنت تعيش مع الشره المرضي، منذ بعض الوقت، فقد تكون  فعلت كل شيء لإخفاء مرضك، لأن الإنسان بطبيعته يشعر بالخجل عندما يجد صعوبة في السيطرة على نفسه أمام الطعام، ورغم كل ما تفعله لإخفاء الأمر إلا أنك تشعر في داخلك بأن شيئا ما ليس صحيحا.

من أهم الأعراض والعلامات التي تدل على الإصابة بالشره المرضي:

  • عدم السيطرة على الأكل.
  • عدم القدرة على التوقف عن الأكل.
  • الأكل حتى الإحساس بعدم الراحة الجسدية والألم.
  • السرية التي تحيط بالأكل.
  • الذهاب إلى المطبخ في الليل.
  • الخروج لتناول الطعام وحدك.
  • الرغبة في تناول الطعام منفرداً.
  • تناول كميات كبيرة من المواد الغذائيةعلى نحو غير عادي مع عدم وجود تغيير واضح في الوزن.
  • اختفاء المواد الغذائية، ووجود العديد من الأغلفة الفارغة أو أوعية الطعام في القمامة، أو مخابئ خفية من الوجبات السريعة.
  • التناوب بين الإفراط في تناول الطعام والصيام، وتناول وجبات الطعام العادي نادراً، اي تناول كل شيء أو لا شيء عندما يتعلق الأمر بالغذاء.

علامات وأعراض تطهير الجسم من الطعام

  • الذهاب إلى الحمام بعد الأكل.
  • تشغيل المياه في الحمام لإخفاء أصوات التقيؤ.
  • استخدام المسهلات، ومدرات البول، أو الحقن الشرجية بعد تناول الطعام.
  • تناول حبوب الحمية لكبح الشهية أو استخدام “الساونا” قصد التعرق للتخلص من الوزن الزائد.
  • رائحة القيء في الحمام أو رائحة الشخص نفسه.
  • التستر على رائحة الفم بالعطور، ومزيلات الرائحة أو النعناع.
  • الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية وخصوصاً بعد تناول الطعام، وتشمل أنشطة نموذجية عالية الكثافة لحرق السعرات الحرارية مثل الركض أو التمارين الرياضية العنيفة.

علامات وأعراض الشره المرضي الجسدية

  • ظهور ندبات على المفاصل أو اليدين بفعل التصاق الأصابع أسفل الحلق للحث على التقيؤ.
  • انتفاخ الخدين الناجم عن القيء المتكرر.
  • تغير لون الأسنان بسبب التعرض لحمض المعدة حيث انها قد تبدو صفراء.
  • الرجال والنساء المصابون بالشره المرضي لا يعانون من النحافة، وعادة ما يكون وزنهم طبيعياً أو تكون لديهم زيادة قليلة في الوزن.
  • نقص الوزن قد تشير إلى وجود نوع آخر من اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية.
  • تقلبات متكررة في الوزن.

آثار الشره المرضي

قد بعرض الشره المرضي حياة المصاب للخطر، إذ من الآثار الجانبية الأكثر خطورة لهذا الاضطراب هو الجفاف، وذلك بسبب تطهير الجسم، والتقيؤ، والمسهلات، ومدرات البول التي يمكن أن تسبب اختلالات الكهارل في الجسم واكثرها شيوعاً هو انخفاض مستويات البوتاسيوم (نقص البوتاسيوم في الدم) الذي يؤدي إلى مجموعة واسعة من الأعراض تتراوح بين الخمول، وضبابية التفكير، وعدم انتظام ضربات القلب، والموت، وقد يؤدي انخفاض البواسيوم المزمن إلى الفشل الكلوي.

كما أن هناك مضاعفات طبية أخرى شائعة، وبعض الآثار الضارة الناجمة عن الشره المرضي ومنها:

  • زيادة الوزن.
  • ألم في البطن.
  • انتفاخ وتورم في اليدين والقدمين.
  • التهاب الحلق المزمن.
  • وجود بحة في الصوت.
  • كسر الأوعية الدموية في العينين.
  • انتفاخ الخدين وتورم الغدد اللعابية.
  • الضعف والدوخة.
  • تسوس الأسنان وقروح الفم.
  • حمض الجزر أو القرحة.
  • تمزق المعدة أو المريء.
  • فقدان الدورة الشهرية.
  • الإمساك المزمن بسبب تعاطي الملينات.

للمزيد: اضطرابات الأكل النفسية

أسباب الشره المرضي وعوامل الخطر

ليس هناك سبب واحد للشره المرضي، إلا ان تدني احترام الذات والمخاوف بشأن الوزن وصورة الجسم تلعب أدواراً رئيسية للإصابة بالشره المرضي. وهناك العديد من الأسباب الأخرى المساهمة، وفي معظم الحالات، فإن الناس الذين يعانون من اضطرابات الشره المرضي بشكل عام لديهم مشكلة في إدارة المشاعر بطريقة صحية، حيث ان الأكل يمكن أن يكون نوعاً من الاشباع العاطفي، لذلك ليس من المستغرب أن الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي يشعرون بالغضب، والاكتئاب، أو القلق، وكلها عوامل تؤكد ان الشره المرضي هو مسألة عاطفية معقدة.

ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسية وعوامل الخطر للشره المرضي في ما يلي:

  • عدم الرضا على شكل الجسم، فالتركيز على مقاييس الجمال يمكن أن يؤدي إلى عدم الرضا عن الجسم، وبخاصة لدى النساء الشابات بسبب التصور الإعلامي للجمال المثالي والذي يعتبر غير واقعي.
  • تدني احترام الذات، النساء أو الرجال الذين يفكرون في أنفسهم باعتبارهم عديمي الفائدة، لا قيمة لهم، وغير جذابين معرضون لخطر الشره المرضي، وتشمل الأمور التي يمكن أن تسهم في تدني احترام الذات الاكتئاب، والاعتداء في مرحلة الطفولة، والبيئة الصعبة.
  • التعرض للصدمة أو الإساءة، مثل الاعتداء الجنسي، كما ان الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي هم أكثر عرضة من المتوسط لأن يكون آباؤهم وامهاتهم يعانون من مشكلة تعاطي المخدرات أو اضطرابات نفسية.
  • تغييرات رئيسية في الحياة، غالباً مايحدث الشره المرضي بسبب التغيرات مثل التغيرات الجسدية في سن البلوغ، أو الذهاب بعيداً عن الأهل للدراسة، أوالتفكك الأسري، كما ان الشره المرضي قد يكون وسيلة سلبية للتعامل مع الإجهاد.
  • المهن أو الأنشطة التي تعتمد على المظهر، الناس الذين يواجهون ضغوطاً هائلة بخصوص صورتهم ومظهرهم هم عرضة لتطوير الشره المرضي مثل راقصات الباليه، الفنانين، لاعبي الجمباز، المصارعين، والعدائين، وعارضي وعارضات الازياء.

علاج الشره المرضي

  • الاعتراف بوجود مشكلة: أهم خطوة هي الاعتراف بالمشكلة والبحث عن المساعدة، وذلك بالتحدث الى شخص تثق به عن مشكلتك، لكي يساعدك. ولوضع حد لهذه الدوامة من المهم طلب المساعدة المهنية في وقت مبكر، من خلال المتابعة مع اختصاصي، وحل القضايا العاطفية الكامنة التي تسببت في الشره المرضي في المقام الأول.
  • العلاج المعرفي السلوكي: العلاج الأمثل للشره المرضي هو العلاج المعرفي السلوكي الذي يستهدف السلوكيات الغذائية غير الصحية والأفكار السلبية  وهنا ما يمكن توقعه في علاج الشره المرضي: كسر حلقة النهم ثم التطهير، حيث ان المرحلة الأولى من العلاج تركز على الخروج من هذه الحلقة المفرغة واستعادة أنماط الأكل العادي وتجنب المواقف التي تؤدي إلى الانغماس، والتعامل مع التوتر بطرق لا تنطوي على الغذاء، وتناول الطعام بشكل منتظم.
  • تغيير الأفكار غير الصحية: المرحلة الثانية من العلاج تركز على تحديد وتغيير المعتقدات حول الوزن المثالي، وشكل الجسم واتباع نظام غذائي متوازن، واعادة النظر في فكرة ان اثبات الذات مرتبط بالوزن والشكل.
  • حل القضايا العاطفية: المرحلة النهائية من علاج الشره المرضي تنطوي على استهداف القضايا العاطفية التي تسببت في اضطراب في الأكل، في المقام الأول، حيث يركز العلاج على مشاكل العلاقات والقلق والاكتئاب، وانخفاض احترام الذات، والشعور بالعزلة والوحدة.
  • مساعدة مريض الشره المرضي: إذا كنت تشك في أن صديقك أو أحد أفراد أسرته لديه الشره المرضي، فعليك التحدث إلى الشخص عن مخاوفك، حيث يمكنك أن تساعده من خلال التعاطف والتشجيع والدعم في جميع مراحل عملية العلاج، ويجب تجنب الشتائم والتخويف والتعليقات، لأنها ستفاقم المشكلة وتزيد من تدني احترام الذات، والخجل الذي يسببه الشره المرضي.

للمزيد: اضطرابات الأكل لدى الكبيرات في السن وتدابيرها العلاجية