روما- من أوروبا إلى استراليا مرورا بدول بقيت مشككة لفترة طويلة، بات العالم في حالة تأهب قصوى في مواجهة فيروس كورونا المستجد، على الرغم من بارقة أمل جاءت من الصين حيث لم تسجل أي إصابة جديدة من منشأ محلي.
ولمواجهة ما وصفته منظمة الصحة العالمية ب”عدو للانسانية” الذي أصيب به نحو 210 آلاف شخص وأودى بحياة أكثر من 8700، ويهدد بإغراق العالم في الركود، أعلن عن مساعدات بمئات المليارات في أوروبا والولايات المتحدة.
ويبدو أن البورصات الأوروبية رحبت بهذه الخطوات وانتعشت قليلا الخميس بعد تدهور في الأيام الماضية.
وإيطاليا هي البلد الأوروبي الذي يدفع الثمن الأكبر في القارة العجوز مع اقتراب حصيلة الوفيات فيه من ثلاثة آلاف شخص، بينما يبدو أن الوباء لم يبلغ بعد “ذروته”.
وبعد أسبوع على بدء تطبيق إجراءات العزل العام، سجلت شبه الجزيرة الأربعاء وفاة 475 شخصا خلال 24 شخصا، في أخطر حصيلة تسجل في بلد واحد تجاوزت حتى الأرقام الصينية في أوج انتشار المرض في ووهان مركزها الأول.
بهذه الوتيرة، يمكن أن تتقدم إيطاليا التي بلغ مجموع الوفيات فيها 2978 شخصا، من الخميس على الصين (3245 وفاة) لتصبح البلد الذي سجل فيه أكبر عدد من الوفيات.
ولم تعلن الصين الخميس عن أي إصابة منشأها محلي، في سابقة منذ بدء الوباء الذي ظهر في هذا البلد في كانون الأول/ديسمبر. وتحدثت السلطات عن 34 إصابة إضافية قادمة من الخارج.
وتسبب فيروس كورونا في أول وفاة في إفريقيا جنوب الصحراء، في بوركينا فاسو. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانم غيربرييسوس إنه على إفريقيا أن “تستيقظ” وأن “تستعد للأسوأ”.
وأعلن عن أول وفاة في روسيا أيضا.
من جهتها، أمرت بريطانيا حيث تجاوز عدد الوفيات المئة شخص، بإغلاق المدارس اعتبارا من الجمعة. وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) إن أكثر من 850 مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم.
لمحاولة الحد من انتشار الفيروس، تتضاعف إجراءات فرض قيود على حرية التنقل. وقد شددت استراليا ونيوزيلندا القيود المفروضة على الحدود.
وتفيد حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس أن أكثر من نصف مليار شخص في العالم يلازمون منازلهم.
وقال الإيطالي الثمانيني روميرو فيشيرا إن “الأمر الوحيد الذي يثير قلقي هو الصمت!”. وأضاف “لا نسمع ضجيجا.. عندما نخرج للمشي ونسمع خطوات وراءنا نشعر بالخوف ونلتفت بقلق”.
وأعلنت السلطات الإيطالية أن إجراءات العزل “ستمدد عند انهائها” في الثالث من نيسان/ابريل كما كان مقررا.
أما فرنسا فتبدأ يومها الثالث من العزل بينما أصبح وسط باريس الذي يزدحم بالمارة عادة، أشبه بمدينة أشباح.
كما فعل جيرانهم الاسبان والإيطاليون في الأيام الماضية، قام الفرنسيون من على شرفات منازلهم مساء الأربعاء بتحية أفراد الطواقم الطبية الذين يقفون في الصف الأول لمكافحة الفيروس. وسمعت التحية في شوارع باريس وليون ومرسيليا عند الساعة 19,00 ومجددا عند الساعة 20,00.
وفي ألمانيا دعت المستشارة ألألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى تنفيذ توصيات الحد من التنقلات، مؤكدة أنه “لا بد منها لإنقاذ أرواح”.
وفي أماكن أخرى في العالم، ستغلق حدود اسرائيل وكذلك الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، بعدما قامت بلدان أخرى بخطوة مماثلة.
وللتخفيف من الضغوط النفسية وتحمل حجر أو التمون خوفا من نقص في المواد، يتدفق كنديون وسياح منذ أيام على المحلات والمواقع المتخصصة ببيع القنب، وهي مخدرات خفيفة سمح ببيعها منذ نهاية 2018 في كندا.
وقال ميشال بينوا في مونتريال “البعض يشعرون بالذعر وآخرون لا يكترثون وأنا قررت أن آتي لمعالجة الضغوط النفسية بتعاطي القنب”.
والعالم الاقتصادي يتوقف تدريجيا. فقد أعلنت مجموعتا “جنرال موتورز” و”فورد” تعليق إنتاجهما من السيارات في أميركا الشمالية. وأوقفت الولايات المتحدة الهجرة عبر تعليق منح التأشيرات من “معظم دول العالم” باستثناء الحالات الضرورية.
تنغلق أوروبا على نفسها لمكافحة فيروس كورونا المستجد الذي سبب عددا من الوفيات أكبر من ذاك الذي سجل في آسيا ودفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقديم رد سريع بخطة مساعدة تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إطلاق نداء من أجل “التضامن المالي”.
حذرت منظمة العمل الدولية من أن الوباء يهدد 25 مليون وظيفة في العالم في غياب رد دولي منسق.
من جهته، حذر المدير التنفيذي لشركة “لوفتهانزا” الألمانية كارستن سبور الخميس من أن مساعدات حكومية قد تصبح ضرورية لضمان استمرارية قطاع الطيران في حال استمرت أزمة كورونا بعد أن أوقفت رحلات أكثر من 90% من اسطولها.
وقال في بيان فصل فيه النتائج السنوية لعام 2019 التي نشرت الأسبوع الماضي إنه “كلما طالت الأزمة كلما أصبح من الصعب ضمان مستقبل قطاع الطيران في غياب مساعدات حكومية”.
وأدى الوباء إلى تراجع البورصات في العالم مما دفع السلطات إلى الإفراج عن مساعدة اقتصادية بالمليارات.
وفي هذا الإطار أعلن البنك المركزي الأوروبي عن تخصيص 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة.
ورحب الرئيس ماكرون بهذه الإجراءات ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام ب”تدخلات ميزانية”. وقال ماكرون “من واجبنا نحن الدول الأوروبية، أن نكون حاضرين عبر تدابير ميزانية وتضامن مالي أكبر في منطقة اليورو”، مؤكدا أن “شعوبنا واقتصاداتنا بحاجة لذلك”.
من جهته، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة للمساعدة الاجتماعية بقيمة مئة مليار دولار للعاملين المتضررين بآثار انتشار الفيروس، بينما تستمر المفاوضات حول خطة إنعاش أكثر طموحا. وقد تبلغ قيمتها 1300 مليار دولار.
وكان رد البورصات الأوروبية إيجابيا على هذه التحركات إذ فتحت بورصة باريس على ارتفاع نسبته 2,11 بالمئة وفرانكفورت على زيادة 0,74 بالمئة.
من جهة أخرى، ألغيت نشاطات ثقافية عديدة آخرها مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) التي كانت مقررة في هولندا في أيار/مايو المقبل.
لكن لم يتخذ أي قرار بشأن دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو الحدث الرياضي الأكبر في العالم الذي ينطوي على رهانات مالية هائلة وكان مقررا هذا الصيف.-(أ ف ب)

الوسوم

فيروس كورونا الأردن