الغش: أسبابه، وأنواعه، وأضراره، وحكمه في الإسلام

ما هو الغش؟ وما أسبابه؟ وهل له أنواع؟ وما حكمه في الإسلام؟ سنقدِّم لكم أعزاءنا القراء كلَّ هذه المواضيع المُتعلِّقة بالغشِّ في هذا المقال.

تعريف الغش:

يُعدُّ الغشُّ من أخطر الآفات الاجتماعية التي يمكن أن تتفشَّى في أيِّ مُجتمع، وهناك تعاريف كثيرةٌ له، نذكر منها:

1. تعريف الغش شرعاً:

مزج الشيء الرديء مع الجيد منه.

2. تعريف الغش اصطلاحاً:

من الظواهر المُنحرفة التي تظهر في المجتمع فتترك أثراً سلبياً في سير الحياة الاجتماعية، ويعدُّ أيضاً من دلالات الابتعاد عن المعايير والقيم الشرعية.

3. تعريف الغش لغةً:

مزج الأشياء بأشياء أخرى أقلَّ منها ثمناً وجودة، مثلاً: مزج الماء بالحليب.

4. تعريف الغش في الاصطلاح التربوي:

استخدام الطلبة -سواءً طلاب المدارس أم الجامعات- طرائق غير مشروعة، ومُحاولاتٍ غير سوية للحصول على إجابات الأسئلة الامتحانية، وأسئلة الاختبارات الأخرى؛ كما أنَّها تُعرَف أيضاً بأنَّها عملية تزييف نتائج التقويم والاختبارات.

ما هي أسباب الغش؟

توجد العديد من الأسباب التي تدفع بعض الأفراد إلى استخدام الغش في حياتهم، ونذكر منها:

1. أسبابٌ متوقفةٌ على طبيعة الروابط بين الناس:

أثبت الباحثون أنَّ حالات الغش تزداد في المجتمع عندما تكون العلاقات بين الأفراد مبنيةً على النزاع المتواصل وعدم الرضا والخيانة، فكلَّما كان الأفراد مُختلفين في المستوى الثقافي والتعليمي، وفي الشخصية والحياة الاجتماعية؛ كانت فرص الغش والخيانة فيما بينهم أكبر.

2. أسبابٌ فردية:

هناك الكثير من الأسباب الفردية لظاهرة الغش بين الناس، فلقد وجد الباحثون أنَّ هناك العديد من العوامل التي تُسهِم في الغش الفردي، ومنها:

  • العوامل الدينية والميول السياسية: الأفراد الذين يمتلكون قيماً أخلاقيةً صارمةً هم الأفراد الأقلُّ ارتكاباً لآفة الغش، ومن الأمثلة عن هؤلاء الأفراد: أصحاب التوجُّه السياسي، والأشخاص المتدينون.
  • العوامل الجنسية: أثبتت دراساتٌ أنَّ النساء أقلُّ ارتكاباً للغش مُقارنةً مع الرجال، ويعود ذلك إلى تواجد هرمون التستوسترون بنسبةٍ كبيرةٍ عند الرجال.
  • العوامل الشخصية: تنتشر ظاهرة الغش انتشاراً كبيراً بين الأشخاص الذين لا يمتلكون ضميراً حياً، وبين الشخصيات التي لا تتصف بالإنصاف والعدل.

3. الأسباب البيئية:

تتوقَّف ظاهرة الغش وانتشارها على البيئة التي ينتمي إليها الأفراد الذين يمارسونه، حيث يكون الأفراد الذين يعيشون في البيئة الريفية الأكثر تحفظاً أقل عُرضةً للغش من الأشخاص الذين يقيمون في المدن المُتحضرة.

4. أسبابٌ أخرى:

  • مُصاحبة رفاق السوء.
  • الجشع، وحُبُّ المال، ومحاولة جنيهِ بأيِّ وسيلةٍ أو طريقة كانت.
  • ضعف الإيمان بالله سُبحانه وتعالى، وقلَّة الخوف من غضبه وسخطه.
  • الجهل بمدى حرمانية الغش، وبأنَّه يُعدُّ من السيئات التي يقترفها الفرد.
  • الابتعاد عن الطريق الصحيح، وانعدام الإخلاص لله -سبحانه وتعالى- في الأمور كافة.
  • عدم وجود أيِّ قوانين أو عقوباتٍ يمكنها منع ارتكاب الغش.
  • التربية غير الصحيحة التي لا تتماشى مع الأخلاق والقيم الإسلامية.
  • غفلة مرتكبي جريمة الغش عن ذكر حقيقة الموت واليوم الآخر.
  • عدم رضا الشخص المرتكب لجريمة الغش بقسمةِ الله تعالى.

ما هي أنواع الغش؟ (مظاهر الغش)

تعدَّدت وتنوَّعت نواحي الغش لتشمل مجالاتٍ مُختلفةً نذكر منها:

1. الغش في النصيحة:

أي ألَّا يقول الناصح الحقيقة، ويزيِّف الأمور، ولا يحذِّر من المخاطر؛ إمَّا لخداع الشخص الذي طلب النصيحة، أو لأمرٍ ما يضمره في نفسه.

2. غش الموظفين:

يندرج تحت هذا النوع من الغش عدة أشكالٍ منها:

  • أخذ رشوةٍ من المُراجعين أو الزبائن مُقابل تسيير مُعاملاتهم.
  • عدم إتقان العمل.
  • إهمال العمل.
  • غياب الموظَّف أو تقصيره في الحضور في الوقت المحدَّد، والتوقيع رغم ذلك على دفتر تسجيل الحضور.

تجعل كلُّ هذه الأمور التي يستهين بها بعض الموظفين، رواتبَهم مشوبةً بالحرام.

3. الغش في الزواج:

يمكن لأحد الطرفين في هذا النوع من الغش الادعاء بامتلاكه الجاه، أو المال، أو العمل الجيد، أو الشهادات العليا؛ أو إخفاء بعض العيوب عن الطرف الآخر ليُتِمَّ الزواج؛ وذلك بهدف ترغيب الطرف المُقابل.

تُعدُّ جميع الأحوال الآنفة الذكر غشَّاً، وعملاً باطلاً؛ وما بُنِي على باطلٍ فهو باطل.

شاهد بالفيديو: 6 إشارات تدل أنّ خطيبك ليس الزوج المناسب لكِ

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/uXDf4xK2gv8?rel=0&hd=0″]

4. غش المعلمين:

يُقصِّر بعض المعلمين في شرح الدروس لطلابهم، وذلك إمَّا لإجبار الطلبة على أخذ دروسٍ خصوصيةٍ عنده بغية تحقيقه مكاسبَ ماديةً أكبر، أو تقاعساً منه بسبب عدم وجود رقابةٍ عليه من قبل المسؤولين عنه.

5. غش التُجَّار:

يندرج تحت هذا النوع من الغش أشكالٌ كثيرة، وكلُّ تاجرٍ بحسب نوع بضاعته.

نذكر لكم -على سبيل المثال، لا الحصر- بعض صُيَّاغ الذهب الذين يخلطون النحاس مع الذهب، ثمَّ يبيعونه على أنَّه ذهبٌ صافٍ؛ وكذلك بعض تجار الخضار والفواكه الذين يضعون الفاكهة الجيدة في أعلى الصندوق المُعدِّ لبيع الفاكهة، أو يضعون أوراقاً كثيرةً في أسفل الصندوق لتأخذ من وزن الفاكهة، وبذلك يكون قد غشَّ المشتري وخدعه؛ كما هناك بعض تُجَّار الملابس الذين يبيعون قطعاً فيها بعض العيوب غير الظاهرة للمشتري دون إخباره بذلك.

6. الغش في العلم:

يمكن في هذا النوع من الغش أن يسرق الفرد مقالاً أدبيَّاً أو بحثاً علميَّاً، وينسبه إليه، وينشره باسمه.

7. الغش في الامتحانات بين الطلبة:

يمكن للطالب في هذا النوع من الغش أن يسرق المعلومة من زميله خِلسةً دون أن يشعر زميله، أو أن يكون مُتفقاً مع زميله على تبادل المعلومات في أثناء الامتحان، ويُعدُّ كلُّ ذلك غشاً.

ما مخاطر الغش في الامتحانات؟

  1. لقد حُرِّم الغش بكلِّ أنواعه، وعُدَّ من الكبائر؛ واستحق الغشَّاش غضب الله عليه، وحرمانه من البركة، وإجابة الدعاء.
  2. سيدفع التعوُّد على الغش واعتباره أمراً طبيعياً الطلبةَ إلى الاستمرار فيه، وعدم التخلِّي عنه؛ وقد يرافقهم حتَّى في امتحانات المقابلة للعمل، الأمر الذي يخلق أفرداً سلبيين لا توجد لديهم أيٌّ من صفات الإبداع والإنتاجية، وليس بوسعهم خدمة أيِّ منشأةٍ أو مؤسَّسة يعملون فيها؛ لذلك يعدُّ مرتكبو الغش مصدر خطرٍ في أيِّ مكانٍ يتواجدون فيه.
  3. تنشئة جيلٍ كاملٍ يتصف باللامبالاة، وانعدام الإحساس بالمسؤولية، والاستهزاء بالقوانين والأنظمة؛ ويعود ذلك إلى تساهل المراقبين في القاعات الامتحانية بموضوع الغش، وعدم وضع قسم الامتحانات لعقوباتٍ صارمةٍ وواضحة، للحدِّ من هذه الظاهرة.
  4. الهدف من الامتحانات تقييم مستوى كلِّ طالب، وإعطائه العلامة والتقدير الذي يستحقه؛ ولكنَّ الغش يُعرقل العملية التربوية التعليمية، فلا يمكن إعطاء الطالب الغشَّاش النتيجة الحقيقية لمستواه، وسيكون هناك تزييفٌ وتحريفٌ لنتائجه وفهمه للمادة الدراسية التي غش فيها.

ما أسباب الغش عند الطلبة؟

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الطلبة إلى الغش، نذكر منها:

  1. التقاعس عن الدراسة، وعدم التجهيز المُسبق والجيد للامتحان.
  2. عدم تمكُّن الطالب من استيعاب المادة الدراسية التي سيُقدِّم فيها الامتحان.
  3. تهاون المراقبين في قاعة الامتحان، وانشغالهم عن الطلبة.
  4. طبيعة النظام التعليمي المُتَّبع في التدريس.
  5. العلاقة السيئة بين المعلِّم والتلاميذ، وكره الطلبة لبعض المواد الدراسية.
  6. الأسئلة الامتحانية الطويلة، وغير المُتناسبة مع الفترة الزمنية للامتحان.
  7. الأسئلة الامتحانية الصعبة جداً، وغير المُتناسبة مع إمكانية الطالب الدراسية.
  8. رغبة الطالب في الحصول على علاماتٍ أعلى دون أيِّ جهد؛ وذلك بسبب ضعف تحصيله العلمي، وإدراكه لهذا الأمر.
  9. ضعف الشخصية، وقلَّة الثقة بقدرات الشخص الذهنية والتحصيلية.
  10. اعتقاد بعض الطلبة أنَّ لجوءهم إلى الغش سيُخفِّف عنهم شعورهم بالقلق المُفرِط من الامتحان.
  11. الرغبة لدى بعض الطلبة في إثبات قُدراتهم الاحترافية في الغش وأساليبه المتنوعة؛ وذلك إمَّا من باب التسلية، أو من باب إثبات الذات أمام الطلبة الآخرين، أو من باب الإثارة.

ما علاج ظاهرة الغشِّ في الامتحان؟

  1. عقد اجتماعاتٍ دوريةً ومجالس أولياء الأمور في المدارس، وذلك بهدف تفعيل دور الآباء والأمهات للتخلُّص من هذه الظاهرة.
  2. العمل على بناء جيلٍ واعٍ يتمتع بحس مراقبة الذات، وتنمية الإحساس الدائم لديه بمراقبة الله عز وجل، وهذه مهمَّة الأباء تجاه أبنائهم.
  3. إجبار الطالب الذي يعتمد على الغش بالتواصل مع المرشد التربوي، للتوصُّل إلى حلٍّ يقوِّم سلوكه الخاطئ.
  4. وضع نماذج مُختلفةٍ للاختبارات، ممَّا يُصعِّب عملية الغش بين الطلبة.
  5. إيجاد عقوباتٍ واضحةٍ وصارمة، وتنفيذها على كلِّ طالبٍ يحاول الغش.
  6. العمل على تحفيز الطلبة، وترسيخ قيمة الاجتهاد الذاتي لديهم، وتشجيعهم على الدراسة، وتقديم المكافآت والجوائز للطالب عند تحسُّن مُستواه الدراسي.

ما حكم الغش في الإسلام؟

لقد توعَّد الإسلام من يقوم بالغش بالويل والخُسران، ونهى عنه بجميع أشكاله وصوره ومظاهره، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)}. [سورة المطففين، الآيات: من 1 إلى 3].

كما حذَّر الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الغش، فقد مرَّ الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- على ضبرة طعامٍ فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: “ما هذا يا صاحب الطعام”، فقال: “أصابته السماء يا رسول الله”، فقال الرسول الكريم: “أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشَّ فليس مني”.

وقد عرَّف ابن حجر الهيثمي الغش الذي حرَّمه الإسلام بقوله: “الغشُّ المُحرَّم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائعٍ أو مشترٍ فيها شيئاً لو اطلع عليه مريدُ أَخْذِهَا، ما أخذ بذلك المُقابل”.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!