الغيرة المهنية: أنواعها، وأسبابها، وطرق التخلص منها

الغيرة المهنية هي غيرة الإنسان من آخرين يشاركونه مكان العمل، حيث يشعر بالغيرة والحنق لنجاحاتهم وإنجازاتهم. فما هي الغيرة الوهنية وما أنواعها؟ وما أسبابها وطرق التعامل معها؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

الغيرة طبيعيَّة طالما بقيت في حدودها الطَّبيعية، لكنَّها تصبح خطيرة على صاحبها وعلى من حوله عندما تتجاوز هذه الحدود وتتحوَّل لغيرة مرضيَّة.

تعريف الغيرة المهنيَّة وأنواعها:

هي غيرة الإنسان من آخرين يشاركونه مكان العمل، حيث يشعر بالغيرة والحنق لنجاحاتهم وإنجازاتهم، أو من مدح المدراء لهم، أو من حصولهم على ترقية ما أو مكافأة، ولها ثلاثة أنواع:

1. الغيرة الاكتئابية:

يُصاب الشَّخص الغيور بكآبة وإحباط، ويُصبح شخصاً كئيباً فاقداً للحماس غير مُستعد للعطاء ولا لتعلُّم شيء؛ فلا يرغب بحضور دورة تدريبيَّة مثلاً أو حضور الاجتماعات، ويُصبح حياديَّاً وغير مُبالٍ لما يجري حوله.

2. الغيرة العدوانيَّة:

يلجأ بعض النَّاس لمقاومة شعور الغيرة المهنيَّة بمهاجمة زملائه والانتقاص من شأنهم، واتِّباع الأساليب غير الأخلاقية كالنَّميمة والوشاية والتَّشكيك بكفاءتهم، ونصب المكائد وتصيُّد الأخطاء والهفوات للتَّقليل من نجاحهم والسَّعي لإفشالهم، فيخسر أصحاب الغيرة العدوانيَّة راحة البال والسَّلام الدَّاخلي، ويصبح تركيزهم على عمل زملائهم بدلاً من أن يكون على تطوير أنفسهم وعملهم.

3. الغيرة المحمودة:

وهي الغيرة الإيجابية الَّتي يحوِّلها صاحبها لحافز إيجابي يدفعه للعمل أكثر، والحصول على التَّرقية والمكافآت التي حصل عليها المُجدوُّن من زملائه.

أسباب الغيرة المهنيَّة:

للغيرة المهنيَّة أسباب كثيرة، منها:

  • طريقة التَّربية في الطُّفولة وتعليم الطِّفل الأنانيَّة وأنَّ كلَّ شيء له، فيكبر دون أن يتقبَّل أن يحصل الآخرون على شيء غير موجود لديه.
  • نقص الثِّقة بالنَّفس من أهمِّ أسباب الغيرة المهنيَّة؛ فيعد الإنسان الغيور أي نجاح لغيره فشلاً له.
  • عدم الرِّضا والقناعة، ومقارنة النَّفس مع الآخرين.
  • قد يكون المُدير في العمل سبباً في خلق الغيرة المهنيَّة بين الموظَّفين، وذلك عندما لا يُوفِّر مبدأ تكافؤ الفرص بينهم، ويعتمد المحسوبيَّات والواسطة في التَّرقية والمكافآت، ولا ينشر بينهم روح فريق العمل أو يهتمُّ بالفروق الفرديَّة بينهم.
  • يرى أغلب النَّاس الحياة بمنظور المجموع الصِّفري Zero – sum game، أي أنَّه إذا فاز أحدهم، فذلك يعني خسارة البقيَّة، وهو مبدأ ليس صحيحاً في العمل.

سلبيَّات الغيرة المهنيَّة:

يُعاني الشَّخص الغيور من قلق وخوف ومشاعر سلبيَّة دائمة؛ ذلك لأنَّه يقضي معظم وقته في متابعة ومراقبة زملائه، ومقارنة نفسه بهم، وقد يمتعض ويغضب من نجاحهم ويتمنَّى أن يفشلوا، وقد يُصاب بالإحباط والكآبة لشعوره بأنَّه أقلُّ منهم وأنَّهم أفضل منه، فيتراجع عمله لأنَّه يُركِّز في إنجازات الآخرين وليس في إنجازاته، إضافة لخسارة زملائه، فالشَّخص الغيور إنسان مكروه بطبيعة الحال.

كل هذا ينعكس سلباً على حياته المهنيَّة وحتَّى العائليَّة؛ لأنَّه سينقل كل هذه الطَّاقة السَّلبيَّة للبيت.

التخلص من الغيرة المهنية:

 للتَّخلُّص من الغيرة المهنيَّة يُنصح بما يلي:

1. الاعتراف بها:

من أولى خطوات التَّخلُّص من الغيرة المهنيَّة، أن يعترف الانسان لنفسه أنَّه شخص غيور، ويفتح مع نفسه حواراً يعرف به أسباب غيرته من زملائه.

2. الابتعاد عن المقارنة:

من أخطر ما قد يقع فيه الإنسان هو المقارنة، مثل مقارنة نفسه مع الآخرين، ومقارنة ما يمتلكه الآخرون وما ينقصه هو، والتَّركيز على إنجازاتهم؛ فيقضي وقته بالتَّركيز على الآخرين، بدلاً من التَّركيز على نفسه وعلى تطويرها، ويُصاب بالتَّعب والإحباط؛ فمن راقب النَّاس مات همَّاً.

3. تعزيز الثِّقة بالنَّفس:

تعد الثِّقة بالنفس خط الدِّفاع الأوَّل في مواجهة الغيرة بكل أنواعها، والمهنيَّة منها، فعندما يكون الإنسان واثقاً من نفسه، يعرف تماماً أين هو الآن وإلى أين وكيف سيصل، ولا يعنيه الآخرون وما يحصلون عليه، ولو تقدَّموا عليه لن يتأثَّر لأنَّه واثقٌ من نفسه ومن قدراته وأنَّه سيحصل على فرصته بالوقت المُناسب له.

شاهد بالفديو: 9 نصائح مؤثرة لتعزيز الثقة بالنفس

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/xX7Eyj1Yy3A?rel=0&hd=0″]

4. مساعدة الآخرين:

عندما يشعر الإنسان بشعور الغيرة يتسلَّل إلى داخله، فليُسارع إلى مساعدة زملائه، وتقديم العون لهم، فهذه المشاعر الإيجابيَّة تُلغي شعور الغيرة لديه، وتجعله يشعر بسعادة أن يكون سبباً في نجاح غيره.

5. القناعة:

حتى يتخلَّص القناعة من الغيرة عموماً، يجب أن يُحصِّن نفسه بالقناعة والرِّضا عن نفسه، فالسِّر في الأُناس المُتعافين نفسيَّاً من الغيرة وغيرها، أنَّهم شعروا بالرِّضا عن أنفسهم، وأدركوا أنَّ السَّعادة أن تستمع بحياتك وبما لديك دون مقارنتها بما لدى الآخرين مع السَّعي لتحسين حياتك، والإيمان بفكرة أنَّ كل شخص سيحصل على ما يُريد إن اجتهد وتعب.

6. التَّركيز على نقاط القوَّة:

على الإنسان ليتخلَّص من الغيرة، أن يُركز على إيجابيَّاته ونقاط قوَّته، ويُذكِّر نفسه دوماً بها، وأنَّ لكل منَّا نقاط قوَّة ومهارات مختلفة عن الآخر (فمن الممكن أن يتفوَّق زميلك في أمر ما، وأن تتفوَّق أنتَ في أمر آخر).

7. تحديد الأهداف:

تحديد الأهداف من أهم قواعد النَّجاح، فعندما يُحدِّد الإنسان أهدافه ويضع خطَّة زمنيَّة لها، ويبدأ بها وهو مُقتنع أنَّ النَّجاح يحتاج لوقت ومراحل، عندها لن يعنيه أمر الآخرين، فكلُّ تركيزه سيكون على نفسه، وعلى دربه، ولن تعنيه دروب الآخرين.

8. تقبُّل النَّقد:

من يرفض النَّقد يقع في الغيرة المهنيَّة حُكماً؛ ذلك لأنَّه يعده نوعاً من الإهانة، ويشعر أنَّ زملاءه أفضل منه، فيبدأ بالغيرة منهم والشُّعور بالنَّقص تجاههم؛ لذا يجب تقبُّل النَّقد والاستفادة منه واعتبار النَّقد البنَّاء حالة صحيَّة في حياتنا.

9. الإيجابيَّة:

أي أن يجعل الإنسان مشاعره إيجابيَّة تجاه زملائه، ويُبادلهم المحبَّة، ويفرح لنجاحهم، ويفكِّر أنَّهم فريق واحد ونجاح أحدهم هو نجاح للجميع، فلهذه المشاعر مفعول سحريٌّ  يساعده في التَّخلص من المشاعر السَّلبيَّة فلا يستسلم للغيرة المهنيَّة.

10. وضع قائمة بالإنجازات:

من المفيد أن يصنع الإنسان لنفسه قائمة بإنجازاته الَّتي حقَّقها، ويرجع لها بين الفترة والأخرى خاصَّة عندما ينتابه شعور بالغيرة تجاه زملائه، ليُذكِّر نفسه بأنَّه لكلٍّ منَّا إنجازاته ونجاحاته، هذا الشُّعور سيدفعه لتقبُّل نجاح الآخرين وللعمل لتحقيق مزيد من الإنجازات.

11. الإحاطة بالإيجابيين:

من المهم إحاطة أنفسنا بالأناس الإيجابيين النَّاجحين وداعمي نجاح، والابتعاد عن الأشخاص السَّلبيين دائمي الامتعاض والانتقاص من نجاح غيرهم.

12. الابتعاد عن وسائل التَّواصل الاجتماعي:

أظهرت العديد من الدِّراسات أنَّ وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ تُسبِّب الاكتئاب والغيرة بين الزُّملاء بنسبة 17 بالمئة، وذلك بسبب منشوراتهم الَّتي تُركِّز على عرض إنجازاتهم والجوانب السَّعيدة فقط في حياتهم، فيشعر المُتابع أنَّه وحده من لديه مشاكل في الحياة وأنَّ الجميع أفضل منه، فيكتئب ويبدأ الغيرة من زملائه؛ لذا يُنصح بالابتعاد عن وسائل التَّواصل الاجتماعي، أو مُتابعتها مع تذكُّر أنَّ هذه المنشورات مجرد أجزاء من حياة هؤلاء الأشخاص الَّتي يتخللُّها مشاكل وجوانب مُظلمة لا يتم عرضها.

مبدأ الوفرة والندرة:

أحد طرق التَّفكير الَّتي تكلَّم عنها ستيفن كوفي في كتابه The 8th Habit، ملخَّص هذا المبدأ أنَّ هناك طريقتين أو عقليَّتين للتَّفكير في هذه الحياة، الأولى وهي عقليَّة الوفرة؛ وتعني أن يُؤمن صاحب هذه العقليَّة بأنَّه يوجد وفرة في الكون، وفرة في الفرص وفي كل شيء، فالكون يكفي للجميع، لذا لا داعي للمُنافسة أو القلق من أحد من أن يأخذ فرصتك.

أما عقليَّة الندرة، فيعتقد صاحبها أنَّ هناك ندرة في الكون وفرصه، فيقلق وتنتابه المشاعر السَّلبيَّة ويبدأ بالمنافسة الشَّرسة مع غيره لاصطياد الفرص وكأنَّه إن حصل غيره عليها لن يبقى له أيَّة فرصة في الكون.

شاهد بالفديو: الوصايا الـ 10 لستيفن كوفي

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/ORes7Dnq6iU?rel=0&hd=0″]

استثمار الغيرة المهنيَّة:

كما قلنا: إنَّ الغيرة المهنيَّة شعور طبيعي إن بقي في حدوده الطبيعيَّة، و يُمكن الاستفادة من هذا الشُّعور واستثماره، وجعله إيجابيَّاً بأن نحوِّل شعورنا تجاه زميلنا النَّاجح لإعجاب وليس غيرة، مع العمل على تطوير النفس لنكون جاهزين لاقتناص أيَّة فرصة تأتي.

حتَّى الشَّخصيَّات النَّاجحة لم تصل إلى هذه المراتب دون أن تنتابهم مشاعر غيرة تجاه زملاء لهم في مجالات عملهم، ولكنَّهم لم يستسلموا لها؛ بل حوَّلوها لمشاعر إيجابيَّة تدفعهم لمزيد من العمل والنَّجاح.

طبعاً من البديهيِّ ومن دون أن نبذل أي وقت في التَّفكير تكون عقليَّة الوفرة هي العقليَّة الصَّحيحة والَّتي تؤمِّن لنا السَّلام الدَّاخلي وتحمينا من الغيرة المهنيَّة.

في الختام، قارن نفسك مع “أنت بالأمس”:

الدَّواء من داء الغيرة بكل أنواعها، هو شعور الرِّضا والامتنان الدائم، والامتنان لكلِّ النِّعم الموجودة في حياتنا، لذا علينا أن ننظر للنِّعم الَّتي نملكها لا للنِّعم الَّتي يملكها الآخرون، ونُركِّز في دربنا لا في دروب الآخرين، وأن نفكِّر دوماً بعقليَّة الوفرة فالكون مليء بالفرص الَّتي تكفي للجميع، وأن نتذكَّر دوماً أنَّ الآخرين ليسوا مقياساً لنجاحنا.

يقول أحد خبراء التَّنمية البشرية: “أنت مُصمِّم مصيرك، أنت المؤلِّف، أنت كاتب القصَّة، القلم بين أصابعك والمُحصِّلة هي ما تختاره أنت”.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *