الفلسفة: العوامل التي ساعدت في ظهورها، ولماذا اليونان؟

‘);
}

تعريف الفلسفة

تعرَّف الفلسفة بأنَّها الدراسة التي تتناول الأسئلة الأساسيّة والأسئلة العامّة، وهي الأسئلة المتعلقة بالمعرفة والوجود والعقل والاستدلال واللغة، وهي أسئلة كانت تُطرَح غالبًا كمسائلة فلسفية، إمَّا من أجل حلَِّها أو من أجل دراستها فقط، ويعود أصل كلمة الفلسفة إلى كلمة فيلوسوفيا من اللغة اليونانية والتي تعني بشكلٍ حرفيٍّ محبّة الحكمة، وصاغَ عالم الفلسفة والرياضيات الشهير فيثاغورث مصطلح الفيلسوف وهو الشخص المحبُّ للحكمة، وللفلسفة أساليب كثيرة تُستخدم في أجل الوصول إلى الغاية المطلوبة ومن أهم تلك الوسائل: المناقشة النقدية والاستجواب والعرض المنهجي والحجة المنطقية، أمَّا أشهر الأسئلة الفلسفية الكلاسيكية فهي: ما هو الشيء الأكثر واقعية؟ وهل من الممكن معرفة أي شيء وإثباته؟، وهناك الكثير من الأسئلة الأكثر عمقًا والتي تكون ملموسةً وعملية أكثر مثل: ما هي الطريقة الأفضل للعيش في حال وجودها؟ وأيهما أفضل أن يكون الإنسان عادلًا أم غير عادل إذا أمكنه الإفلات من العقاب؟ وهل يوجد لدى البشر إرادة حرة؟ وغير ذلك من الأسئلة، وتتضمَّن الفلسفة تاريخيًّا مجموعة من العلوم والمعارف، فمنذ وقت الفيلسوف أرسطو وصولًا إلى القرن التاسع عشر والفلسفة الطبيعية تشمل علوم الطب والفلك والفيزياء، فمثلًا المبادئ الرياضية التي وضعها إسحاق نيوتن عام 1687م للفلسفة الطبيعية صنِّفت لاحقًا كتابًا في الفيزياء، ولكن في العصر الحديث أصبحت العديد من موضوعات الفلسفة تخصصات أكاديمية منفصلة بحدِّ ذاتها، مثل الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغويات، بينما بقيت بعض المواضيع الأخرى المرتبطة بالفن والسياسة وعلم الجمال وغيرها جزءًا من الفلسفة.^[٢]

عوامل ظهور الفلسفة

لم تظهر الفلسفة إلا بعد أن تهيّأت لها العوامل المختلفة والتي أدَّت في النهاية إلى ظهورها، فكان منها عوامل سياسية واقتصادية وغير ذلك، يعد أن برزت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان كحضارة مكتملة بين القرنين التاسع والخامس قبل الميلاد، وتوحَّدت مدن وقبائل كثيرة في كيان واحد هو الأمة اليونانية، وقد أطلق الرومان اسم الإغريق على اليونانيين لأنهم تكلموا اللغة الإغريقية، وأمَّا هم فقد أطلقوا على أنفسهم اسم الهلينيين أو الآخيين، ويجدر بالذكر عند الحديث عن فلسفة اليونان الإشارة إلى عوامل ظهور الفلسفة فيما يأتي:^[٣]

• العوامل السياسية: تتمثَّل العوامل السياسية في الانتقال الكبير من نظام الحكم الديكتاتوري إلى نظام الحكم الديمقراطي والدولة المدنية، وهذا ما خلقَ أجواءً سياسيةً سمحَت للناس بحرية التفكير والتعبير وطرح الكثير من القضايا الحساسة وغير الحساسة ومناقشتها بشكل علني دون خوف أو حرج مع إمكانية إجراء الحوارات والمناقشات والجدالات الفكرية.
• العوامل الاقتصادية: لقد كان للتحول الذي طرأ على المجتمع من التركيز على نشاط الرعي والزراعة إلى نشاط التجارة والصناعة دورٌ كبير في ظهور الفلسفة، بالإضافة إلى ازدياد الغنى والاعتماد على العبيد أكثر في جميع الأعمال، وتفرغ الطبقة الثرية للتنافس على السلطة والحكم، والالتفات إلى الفنون والمتعة والعلم.
• العوامل الثقافية: أدى انتشار كثير من العلوم في ظهور الفلسفة، مثل علوم الرياضيات والفلك، فقد كان الفلاسفة في البداية علماء في مختلف المجالات مثل طاليس وفيثاغورس، والانفتاح على ثقافات الحضارات الأخرى كالفينيقية والبابلية والمصرية في مختلف المجالات الثقافية والفكرية، أدى لتطور الآداب والعلوم،فقد ظهر هوميروس في الأدب وأسخيليوس في المسرح والتاريخ انتعش على يد هيرودوت ومظاهر التشريع على يد سولون وأبقراط في الطب وغيرهم كثير، كل ذلك ساعد كثيرًا في ظهور الفلسفة.

سبب ظهور الفلسفة في اليونان

لقد كان لظهور الفلسفة في اليونان قديمًا عدَّة أسباب ساهمت جميعها في أن تكون اليونان مهدًا لظهور الفلسفة دون غيرها من الحضارات والأمم وهي ذاتها الأسباب التي ساعدت في قيام الحضارة اليونانية القديمة بشكل عام، وسيتمُّ إدراج أسباب ظهور الفلسفة في اليونان فيما يأتي:^[٤]

• قيام حضارات قديمة عظيمة سبقت الحضارة اليونانية منها: الحضارة المصرية وحضارة بلاد الرافدين والحضارة الفينيقية وحضارة إيجة، والتقدُّم الكبير الذي حقَّقته تلك الحضارات في شتى المجالات، سواءً في العلوم أو الفنون أو العمران، وفي بدايات فلسفية تمثلت في أدبيات وأساطير عديدة.
• موقع اليونان الجغرافي والسياسي والتجاري والفكري، والذي تلخَّص في ظروف ملطية الخاصة، وهي ظروف تمتاز بالمناخ الجميل عند العديد من مصبات الأنهار وملتقى طرق نقل البضائع عن طريق الأنهار أو برًّا إلى شاطئ البحر المتوسط، وكانت ملطية أغنى الجزر ولها علاقات مع مصر وإيطاليا وبابل وفينيقيا، وبذلك دخلت علوم تلك الحضارات إليها.
• هناك أسباب فكرية وسياسية تمثَّلت في الثراء الذي ساهم في نشوء طبقة أرستقراطية مثقفة تميزت بالتسامح الفكري والانفتاح دون وجود دين أو سلطة دينية تحدُّ من التفكير بالإضافة إلى الاستقرار السياسي، كلُّ ذلك دفع تلك الطبقة للاتجاه إلى الفن والثقافة والمتعة.

أعظم فلاسفة اليونان

بعد الحديث عن عوامل ظهور الفلسفة أسباب ظهورها في اليونان يجدر بالذكر المرور على أعظم فلاسفة اليونان الذين كان لهم دور كبير في نشوء الفلسفة وتطوُّرها، ومن ثمَّ انتشارها في مختلف الحضارات وصولًا إلى العصر الحديث، وفيما يأتي أعظم فلاسفة اليونان:

• تاليس الملطي: تاليس أو طاليس الملطي هو فيلسوف وعالم فلك ورياضي يوناني ويتبع المدرسة الأيونية وأحد الحكماء السبعة في اليونان، ولدَ في عام 624 قبل الميلاد تقريبًا، كان يعتقد بأنَّ الماء أصل كلّ الأشياء، له العديد من النظريات الهندسية، وكان يرفض تصديق الأساطير والخرافات، وحاول أن يصفَ ترتيب الأجرام السماوية بالنسبة لبعدها عن الأرض، وقد يكون هو أوَّل فيلسوف في التاريخ، توفي في عام 546 قبل الميلاد تقريبًا.^[٥]
• أناكسيماندر: ولد في عام 610 قبل الميلاد تقريبًا، وهو أحد الفلاسفة ما قبل سقراط، تعلم على يد أستاذه طاليس، ويعدُّ أوَّل فيلسوف يقوم بتدوين فلسفته، وقد نجت مسودة واحدة فقط من أعماله، كان أحد أنصار العلم، وكان له شرح لجوانب عديدة للكون، واعتقد أنَّ هناك قوانين تحكم الطبيعة، وكان مهتمًا بالفيزياء والفلك والهندسة والسياسة وكان أحد حكام مستعمرات ميليتوس، ويعدُّ أوَّل من يستخدم العلم التجريبي من العلماء.^[٦]
• فيثاغورس: فيثاغورس هو أحد أهم فلاسفة اليونان ما قبل سقراط وهو من ابتكر مصطلح فيلسوف وينتمي إلى المدرسة الأيونية، ولدَ في أوائل القرن السادس قبل الميلاد، يعدُّ مؤسسًا لحركة دينية أطلق عليها اسم الفيثاغورية، وهو عالم فلك ورياضي عظيم وصوفي بالإضافة إلى كونه فيلسوفًا كبيرًا، له الكثير من الإسهامات في الفلسفة الطبيعية والرياضيات، مثل مبرهنة أو نظرية فيثاغورس، توفي بين عامي 500 و490 قبل الميلاد.^[٧]
• سقراط: ولد الفيلسوف الكبير سقراط في عام 470 قبل الميلاد، في مدينة أثينا اليونانية، وقد وصلت عن حياته بعض التفاصيل عن طريق كتابات تلاميذه الذين كان من بينهم أفلاطون وزنوفون وغيرهم، وقد كان نهج سقراط أساسًا للمنطق والفلسفة الغربية، وبعد أن تبدَّل الحكم في اليونان حكم عليه بالإعدام في عام 399 قبل الميلاد، وقد قبل الحكم ورفض الهرب بعيدًا.^[٨]
• أفلاطون: أحد أهم فلاسفة اليونان، عاش بين عامَيْ 427 و347 قبل الميلاد، فيلسوف كلاسيكي ورياضي وله عدد من الحوارات الفلسفية، كان تلميذًا عند سقراط، وأفلاطون هو من وضعَ أسس الفلسفة والعلوم الغربية الأولى، تأثر بسقراط كثيرًا، وظهرت عبقريته في المحاروات الثلاثين التي تناولت مواضيع فلسفية عديدة، وكان أستاذًا للفيلسوف الشهير أرسطو.^[٩]
• أرسطو: واحد من أهم وأعظم فلاسفة اليونان وأحد تلامذة الفليسوف الشهير أفلاطون، وكان معلمًا للإسكندر الأكبر أو الإسكندر المقدوني، كتب أرسطو في كثير من المواضيع كالفيزياء والمنطق والأحياء وعبادة الحيوان وأشكال الحكم وغير ذلك.^[١٠]

المراجع[+]

1. ↑“فلسفة يونانية”، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
2. ↑“فلسفة”، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
3. ↑“الفلسفة اليونانية القديمة”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
4. ↑آلوسي حسام محيي الدين، مدخل إلى الفلسفة، صفحة 160-161. بتصرّف.
5. ↑“طاليس”، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
6. ↑“أناكسيماندر”، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
7. ↑“فيثاغورس”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
8. ↑“من هو سقراط”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
9. ↑“أفلاطون”، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
10. ↑“أرسطو”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.