القانون لا يحمي “المنسي”.. عرض مسلسل “الاختيار” رغم الدعاوى القضائية بوقفه

يعيد مسلسل "الاختيار" ثيمة مسلسلات السيرة الذاتية، لكن هذه المرة لأحد ضباط القوات المسلحة المصرية، الذي أصبح أيقونة قوات الصاعقة المصرية بعد مقتله في رمضان قبل ثلاثة أعوام.

Share your love

يقدم أمير كرارة شخصية العقيد أحمد المنسي في مسلسل "الاختيار" (مواقع التواصل)

شيماء عبد الله

عرفت الدراما التلفزيونية مسلسلات السيرة الذاتية منذ ما يقرب من أربعين عاما، بدأت بمسلسل “الأيام”، الذي يروى قصة حياة عميد الأدب العربي طه حسين والمأخوذ عن روايته التي تحمل الاسم نفسه، ثم توالت الأعمال لأشخاص لا يزالون أحياء في ذاكرة معاصريهم.

ومن أشهر الأعمال الدرامية التي تناولت قصص حياة المشاهير، مسلسل “أم كلثوم”، وهو العمل الوحيد تقريبا الذي خلا من أي مشكلات، سواء من جهات رقابية أو من اعتراضات من أهل الشخصية صاحبة السيرة، وتوالت مسلسلات السير الذاتية للمشاهير من أهل الفن بعد المسلسل المصري الأشهر، لكن كانت كل سيرة تصاحبها مسيرة من المشكلات القضائية.

يعد مسلسل “الاختيار” أحدث مسلسلات السيرة الذاتية، لكن هذه المرة ليست لفنان مشهور أو شخصية سياسية عامة، لكنه لأحد قتلى القوات المسلحة المصرية، وعلى غير المعتاد لم تكن الشخصية من واقع ملفات المخابرات العامة المصرية، مثل جمعة الشوان ورأفت الهجان، لكن الفارق هو أن السيرة الذاتية للعقيد أحمد المنسي، الذي أصبح أيقونة قوات الصاعقة المصرية بعد مصرعه في عملية مسلحة استهدفت كتيبته في رمضان 2017.

لكن بعد الإعلان عن تصوير مسلسل “الاختيار” من بطولة أمير كرارة في دور المنسي، ومعه أحمد العوضي في دور ضابط الجيش السابق هشام العشماوي، بدأت مرحلة جديدة من الصراع، حيث رفضت أسرة المنسي تناول سيرة ابنها في عمل درامي، في وقت لم يلتفت فيه أحد لذلك الموقف.

وبحسب محمد المنسي -شقيق العقيد أحمد المنسي- لم يأخذ أحد رأي الأسرة في العمل الدرامي الذي يتناول سيرة نجلهم، مؤكدا -عبر منشور على فيسبوك- أن الأسرة ظنت في البداية أن الأمر مجرد مزحة، لكن بمرور الوقت ثبت أنه صار واقعا مؤكدا، وهو ما تسبب في إصابة والدة العقيد الراحل بضرر نفسي شديد.

اللجوء إلى القضاء
لجأت الأسرة إلى القضاء، وبعكس ما يحدث مع باقي المسلسلات، لم تنشر وسائل الإعلام أي معلومة عن الدعوى القضائية التي أقامتها أسرة الضابط الراحل ضد المسلسل وصناعه، ولم يستجب القائمون على المسلسل بالامتثال أمام النيابة بعد استدعائهم مرتين، بحسب ما يرويه شقيق المنسي.

ورفعت الأسرة الدعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة لسرعة البت في القضية وإيقاف تصوير المسلسل، لكن القضاء كان له رأي آخر، حيث تم تحويل القضية إلى محكمة عادية، رغم استيفاء القضية جميع الاشتراطات التي تتطلبها محكمة الأمور المستعجلة.

لم تكن تلك هي المفاجأة الوحيدة، لكن دفاع محامي المسلسل شكك في عدم وجود صلة بين المنسي وأمه التي تم رفعت الدعوى باسمها، وأن على المحكمة التأكد من أن نجل صاحبة الدعوى القضائية هو نفسه العقيد أحمد المنسي.

كما أكد شقيق المنسي أن المحامي اعتذر للأسرة بعد الجلسة، مؤكدا أنه لا يملك من الأمر شيئا، ومضيفا أن صناع العمل الدرامي مستعدون لدفع أي مبلغ لإنهاء القضية.

“الاختيار” ليس سيرة ذاتية
فتح رفض أسرة المنسي للمسلسل عن حياة ابنهم جدلا بشأن الأعمال المتعلقة بسيرة الأشخاص، إذ يقول الناقد الفني محمود موسى للجزيرة نت إن “هناك فارقا بين مسلسلات السيرة الذاتية وبين مسلسل يؤرخ لمرحلة معينة من حياة شخص مرتبطة بمرحلة تاريخية ما، فلا يمكن اعتبار فيلم ناصر 56 سيرة ذاتية، بينما فيلم أيام السادات هو بالفعل سيرة ذاتية لأنه يرصد تاريخ حياة السادات بأكمله”.

ويعتبر موسى أن الأعمال المتعلقة بالسيرة الذاتية في معظمها مأخوذة عن مواد كتبها أصحابها، أو كتبت عنهم، وهو ما ليس موجودا في العمل المتعلق بسيرة العقيد أحمد المنسي، الذي يُرصد دوره داخل الجيش المصري. 

وأضاف موسى “في السينما الأميركية وقبل اغتيال كينيدي، تم إنتاج فيلم عن المدمرة التي اشترك كينيدي في تدميرها في الحرب العالمية الثانية، لم يتم التعامل مع كينيدي على أنه الرئيس، ولم يتطلب الأمر موافقته، بل تم التعامل معه على أنه جندي مقاتل داخل إطار العملية فقط، مثل فيلم الطريق إلى إيلات على سبيل المثال في السينما المصرية، والفيلم تم تركيزه على العملية نفسها دون الخوض في حياة أبطالها، لهذا لا داعي لموافقة الأسرة، لكن أن يكون هناك دور للأسرة على مدار ثلاثين حلقة، هذا بالطبع يستوجب موافقتها على العمل”.

يشبه موسى الأحكام القضائية فيما يخص وقف المسلسلات بالأحكام المتعلقة بقضايا البناء دون ترخيص، فهي في الواقع أحكام لا يتم تنفيذها وتنتهي بالمصالحة أو ببقاء الوضع على ما هو عليه. 

الصحفي والناقد الفني محمد فهمي أكد للجزيرة نت أن “مسلسلات السيرة الذاتية حق أصيل لأسرة كل فنان وحدهم، ويحق لهم التدخل في حال تشويه صورة الشخصية من قبل صناع العمل، والأزمة تحدث في الأغلب لأن صناع العمل يحرصون على إضافة بعض التفاصيل التي لم تقع في الواقع، لكنها ستخدم العمل دراميا، وهو ما قد يضر بأسرة صاحب السيرة”.

وأضاف أن “الاعتراض على مسلسل المنسي سابق لأوانه بشكل كبير، ولا يمكن تقييمه إلا بعد مرور عشر حلقات على الأقل”.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!