يشتغل التشكيلي مسعود راشد البلوشي، وفق مقومات واقعية يجسدها لاعتبارات فنية وجمالية يغذي بها المنجز التشكيلي في عمقه، بصياغات شخوصية وبورتريهية وتعبيرية، وهو يسخر لذلك مجالا تقنيا عاليا، وخزانا من الألوان الراقية التي تتفاعل مع روح المضامين التي يشتغل عليها، والتي تحاكي القضايا الاجتماعية، وقضايا المرأة، بريشته الفنية وصياغاته التشكيلية، فيُخضع منجزه التشكيلي لعلائق تجاورية مع وحدة البناء والشكل والرؤية، وإبراز المادة الحسية في شكل فني رائق ومعبر بشكل صريح، لأن سمة الوضوح بادية في أعماله الواقعية، وهو يؤطرها تشكيليا وفق تصوراته الفنية للواقع ووفق رؤاه الفنية، ويطبقها على نحو من الجدة والجمال، مع الاعتناء بقيم السطح، ويضفي عليها نبرات إيقاعية تنسجم مع مختلف الكتل والألوان، ليصنع علاقات متوالفة بينه وبين الواقع، ما يدل عن قوة الإدراك الذهني للفنان وعواطفه الهادئة الرصينة، وعن جلال أفكاره وسمو المعاني التي يوظفها.
فمختلف الأساليب التحاورية التي تتموقع بين الواقع والمادة التشكيلية، هي في معظمها أدوات تحولية تفصح عن الأشكال التعبيرية الداخلية بنوع من الهدوء والجمال الذي يُظهر حِرفية المبدع ومهاراته. كما هو مثبت في منجزه الشخوصي الذي يعج بالحركة ويطرح عناصر العمل الفني، اعتمادا على ظاهرة الضوء والتلميح، وفق الضوابط الفنية والجمالية، على اعتبار أن تشكيل تلك الجمالية رهين بالتركيز على الضوء والمنظور والتشريح الدقيق، كما أن الصمت في منجزه الفني تعبير عن واقع معين، والحركة تصب في اتجاه فني آخر، وهي رمزية ثنائية فارقية تشكل لب أعماله التشكيلية.

ويشكل توظيف اللون دورا محوريا في تبئير مجموعة من الشخوصات التوهجية التي تبعث الحركة وتوقظ المشاعر، كونها تعد بمثابة رسائل قوية للقارئ اعتبارا لرمزية المشاهد التعبيرية، وقوامة اللغة البصرية الزاخرة بالمضامين والدلالات. إنه أسلوب مليء بالمؤثرات التعبيرية والتشكيلية؛ يشكله المبدع على ملمس رؤيوي يستنجد القارئ ويحيله على واقع مرئي، غالبا ما يستجليه وفق مضمرات مضامينية ومقومات جمالية، ويقرنه بمادة حوارية جادة، وبأشكال وألوان ذات قيمة جمالية، تزيد المادة الإبداعية قدرة تعبيرية في نطاق الإنتاج المسترسل والمادة التشكيلية الواقعية والبورتريهية والفيكيراتيف المتواصل. ولا شك في أن للتقنيات العالية دورا محوريا لتحويل بعض المشاهد النسائية إلى رؤية بصرية حوارية قوية التعابير والمعاني والمغازي، يفصح المبدع بريشته التشكيلية عن أبعادها القيمية والفلسفية، وتتجلى بخصوصياتها الثقافية المتفاعلة مع مختلف المفردات التشكيلية المعاصرة. مؤكدا على رسم التفاصيل والجزئيات التي يقتضيها التعبير التشكيلي مع بروز اللون ودقة الأشكال والاهتمام بتشريحها جماليا وفنيا. وبذلك يعمق المبدع في خاصيات التعبير ويوظف النسيج المعرفي والثقافي للفيكيراتيف وفن البورتريه وفق انبعاثات اجتماعية وواقعية، تفصح عنها أشكال الشخوصات التعبيرية والتوظيف اللوني المدجج بالحركة. إن مجال البورتريه والفيكيراتيف والشخوصية والاتجاه الواقعي عموما تشكل في منجزه المعاصر بعدا جماليا وفنيا وتعبيريا بعمق في المضمون والدلالة، لذلك يسخر المبدع آلياته التشكيلية لبسط مجموعة من الكتل لتحريك المادة الشخوصية النسوية، وتحويلها من الواقع إلى حيز إبداعي له تأثيره في البصر بمقصديات المسلك التحولي في الفن، وهو ما يجعل أسلوبه يضطلع بتعابير حوارية مستمدة من الواقع، يعكس إدراكاته الحسية اتجاه العديد من المواضيع، ومنها المرأة التي قاربها بالمادة التشكيلية الصرفة، ما جعل إبداعاته حمالة للإيحاء والدلالة القوية، وجعل كذلك أعماله في صفوة الفن المعاصر.

٭ كاتب مغربي