الكنبوري: الفساد الجامعي في المغرب عبارة عن أخطبوط متعدد الرؤوس.. الأستاذ ليس سوى الحلقة الضعيفة فيه

مؤخرا؛ أثار  د.إدريس الكنبوري موضوع الفساد داخل الجامعات المغربية، وذلك بعد رصده لمجموعة من الاختلالات، من ضمنها إقصاء الكفاءات من مناصب التعيين بشكل غير قانوني.

Share your love

الكنبوري: الفساد الجامعي في المغرب عبارة عن أخطبوط متعدد الرؤوس.. الأستاذ ليس سوى الحلقة الضعيفة فيه

هوية بريس – حاوره: نبيل غزال

مؤخرا؛ أثار  د.إدريس الكنبوري موضوع الفساد داخل الجامعات المغربية، وذلك بعد رصده لمجموعة من الاختلالات، من ضمنها إقصاء الكفاءات من مناصب التعيين بشكل غير قانوني.

وأكد الباحث والروائي المغربي أن بعض شعب الدراسات الإسلامية يتحكم فيها الدكتور “فاروق حمادة”، وهو مواطن سوري حاصل على الجنسية المغربية والإماراتية أيضا.

وفي هذا الحوار الذي أجرته معه جريدة “السبيل” الورقية كشف الكنبوري حيثيات أخرى حول هذا الموضوع، وفيما يلي نص الحوار كاملا:

1ـ لماذا إثارة قضية الفساد في الجامعات المغربية في هذا الوقت بالذات؟

قضية الفساد في الجامعة المغربية هي قضية الساعة وقضية كل ساعة، لأنها عنصر في البنية العامة للفساد العام في المغرب، ومفتاح إصلاح التعليم. الواقع لم تكن هناك مناسبة محددة، لكن كانت هناك بعض النتائج التي ظهرت لبعض الطلبة الباحثين في بعض الجامعات المغربية، وكانت تلك النتائج كارثية بمعنى الكلمة، لذلك آثرت الحديث عن الفساد الجامعي لكي يتم لفت الانتباه إلى هذه الظاهرة لدى الجميع في المجتمع.

فنحن نعرف أن الفساد يعيد إنتاج نفسه بشكل ديناميكي، وهذا منطق التاريخ، لأن الفاسدين يحرصون على أن يحيطوا أنفسهم بفاسدين أمثالهم لكي يسهل التواصل بينهم بلغة واحدة مشتركة، وإلا حصل الانفجار وتم تفويت المصالح على الطبقة الأولى من الفاسدين.

ولكي يتم التستر على فسادهم يحرص هؤلاء على أن يخلفهم فاسدون لكي يتستروا عليهم، وهكذا. إنها سوسيولوجيا إعادة إنتاج الفساد في أي مجتمع يشرف على التحلل وتُفتقد فيه قيم الوطنية والديمقراطية والمساواة.

وكما يحصل هذا في عدد من المجالات يحصل في الجامعة، فنلاحظ أن في كل شعبة نواة من عناصر التحكم التي تريد الحفاظ على الوضع كما هو حتى لا ينفلت زمام الأمر من يدها، وبالتالي تصبح المعايير ليست معايير أكاديمية بل معايير مبنية على الزبونية والمحاباة والرشوة وغير ذلك.

الجامعة المغربية اليوم أصبحت بنية فاسدة إلا من عدد محدود من الأساتذة الشرفاء الذين يعانون في صمت. ويكفي أن نعرف بأن عددا من الأطر المغربية التي حصلت على درجات علمية في الخارج عادت إلى المغرب لكي تجد مكانا لها في رحاب الجامعة، لكنها تعرضت للدسيسة والكيد والتهميش والإقصاء، فحمل بعضهم حقيبته وعاد من جديد إلى حيث يمكنه أن يجد الحرية والديمقراطية الأكاديمية.

2ـ في تدوينة لك قلت بأن شعبة الدراسات الإسلامية هي أكثر الشعب فسادا، ما نوع هذا الفساد ولماذا خصصت انتقادك لهذه الشعبة بالذات؟

الحقيقة لست أنا من يقول هذا، هذا كلام يقوله الكثيرون ممن مروا بتلك الشعبة طلبة أو أساتذة، وطبعا نحن لا نتهم الجميع، هناك أساتذة فضلاء وهذا يوجد في جميع الشعب وفي جميع القطاعات، ولكن الأصل في الشعبة هو الفساد، بمعنى أن الصالحين من الأساتذة هم الاستثناء. بل إنك تجد في هذه الشعبة ما هو أكبر من الفساد، وهو الضعف العلمي والأكاديمي وغياب الإنتاج وتقاليد البحث العلمي عند عدد من الأساتذة فيها، عدا البعض. وهذا الأمر ليس غريبا، لأن الذين يتحكمون في الشعبة يريدون أن يروا أنفسهم في المرشحين الجدد، ولكي يروا أنفسهم فيهم يجب أن يكون هؤلاء من صنفهم، أي بدون عطاء علمي أو إنتاج أكاديمي أو حضور ثقافي.

هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فلأن هذه الشعبة كان يجب أن تكون أهم شعبة في الجامعة المغربية على الإطلاق، ومثالا نموذجيا للشعب الأخرى، لأن فيها تدرس العلوم الإسلامية، وينظر إلى أساتذتها بوصفهم رجال دعوة أو أصحاب فقه أو “رجال دين” كما يقال، وبالتالي فإن لهم وزنا في أعين الطلبة والناس خارج الجامعة. ولكنك للأسف الشديد في الشعبة نقيض ما يتم التبشير به في الإسلام، وخصومة مع القيم لدى بعض الأساتذة، ولكي نفهم هذا الأمر نشير إلى أن عددا من هؤلاء الأساتذة أو رؤساء الشعبة كانوا من أبناء الحركات الإسلامية، أو لا يزالون فيها، ولكنهم مع ذلك لا يعكسون أبدا ما يدعون إليه ويطالبون به.

ولذلك نشكو جميعا من المعضلة في المجال الديني، ومن ضرورة الإصلاح الديني والفكري والثقافي، فلو كان هؤلاء يقومون بأدوارهم المناطة بهم كأساتذة جامعيين من جهة، وكمسلمين لديهم غيرة على بلدهم ودينهم من جهة ثانية، لكنا وجدنا حركة علمية قوية يتصدرها أساتذة الدراسات الإسلامية، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.

3ـ ربطت في تصريح سابق لك بين الفساد في الجامعة المغربية وشخصية علمية من دولة الإمارات، وقلت بأن هناك عصابات مسلحة تمارس الإرهاب داخل الجامعة المغربية، لماذا؟

نعم، لقد كان الحديث يتعلق بالدكتور فاروق حمادة، لأن تحكمه في شعبة الدراسات الإسلامية في الرباط والقنيطرة وربما عدد آخر من الجامعات يعرفه الجميع وهو حديث المجالس، فهذا الرجل حريص على أن لا ينجح في الشعبة سوى المقربون منه أو الخاضعون له، وهناك بعض الأساتذة الذين يتكرم عليهم بابتعاثهم إلى الإمارات للتدريس في جامعة محمد الخامس في أبوظبي لقاء مبالغ مالية كبيرة، لذلك وجدنا بعض الأساتذة يتهافتون على خطب وده والتقرب إليه على حساب مبادئهم، وسيرة هؤلاء معروفة، وهو يتحكم في الشعبة من الإمارات حيث يعيش، ويفعل فيها ما يريد، وأنا شخصيا كنت أحد ضحاياه وسمعت من مسؤولين في الجامعة أن المنصب المتبارى عليه مفصل على مقاس شخص قريب منه.

لقد وصلنا إلى هذه الدرجة من السقوط، ومع ذلك لا أحد يحرك ساكنا، وأنا أتفهم عذرهم، لأن الذي يرفع صوته ضد الفساد يتعرض لقطع رزقه في أدنى الأحوال. لكن ما دفعني شخصيا إلى الحديث عن هذه الشخصية هو أن فاروق حمادة سوري، رغم أن جنسيته مغربية، وهو اليوم مستشار ديني في الإمارات، وبالتالي هو يقدم مصالح الإمارات على مصالح غيرها، وقد ظهر ذلك من خلال موقفه من التطبيع مع إسرائيل، إذ خرج يدافع عنه كأي مسؤول إماراتي، ومع ذلك نرى أساتذة مغاربة يخدمونه ويخضعون له بدون أي شعور وطني لخدمة بلدهم، ويهندسون الشعبة حسب هوى هذا الشخص الذي عات فسادا في الشعبة بحيث وضع فيها كل من لا يستحق أن يكون أستاذا جامعيا.

4ـ  لماذا لم يخرج أحد قبلك وينتقد هذا الفساد؟

على العكس، هناك الكثيرون تحدثوا عن الفساد الجامعي قبلي، لأن هذا واقع معاش لا يمكن التستر عليه، وكان هناك باحثون يتضررون فيرفعون أصواتهم بالتنديد ضد الفساد، ولكن انتقاد الفساد في الجامعة لم يتحول بعد إلى سلوك ثقافي لدى النخب الجامعية النظيفة، والنقابات التعليمية التي عليها مسؤولية تاريخية وأخلاقية في محاربة هذا الفساد، وكما قلت فإن إثارة الفساد في الجماعة يخيف الكثيرين، لأن الفساد الجامعي في المغرب عبارة عن أخطبوط متعدد الرؤوس، الأستاذ ليس سوى الحلقة الضعيفة فيه، لكنها الحلقة التي تترجم الفساد إلى واقع، وفي الخلف توجد الأحزاب السياسية واللوبيات وجماعات الضغط داخل النقابات التعليمية.

5ـ في الختام كيف يمكن إصلاح هذا الفساد؟

الفساد لا يحتاج إلى إصلاح، بل يحتاج إلى اجتثاث، ومن الصعب إصلاح فساد تجذر بشكل رهيب وأصبح مؤسسة قائمة الذات في المغرب وفي الجامعة بوجه خاص.

ونحن رأينا كيف أن جميع الحكومات رفعت شعار محاربة الفساد ومحاربة الرشوة لكنها عجزت، لأنها لم تضع الأسس الثقافية والأخلاقية والقانونية للقضاء على الفساد. لكن إثارة قضية الفساد في جميع الحكومات يدل على أن هناك إدراكا لخطورة الفساد على المغرب وعلى مستقبله ونموذجه التنموي الذي يريد بناءه.

فكما قلت سابقا فإن الفساد أصبح يعيد إنتاج نفسه، وهذا ما يجعل القضاء عليه صعبا، لماذا؟ لأنك كلما وضعت مخططا لمحاربة الفساد قام المفسدون في قطاع معين بالتصدي إليه عبر مختلف السبل لحماية أنفسهم، فإحدى المعضلات التي واجهت البرامج الحكومية، بصرف النظر عن جديتها، هي غياب فئة مستقبلة داخل كل قطاع يمكنها التجاوب مع تلك البرامج، لأن الفساد أصبح بنية مغلقة، وما لم يحصل هناك تجاوب من داخل تلك البنية فإنك تظل تنادي بالإصلاح من خارجها دون أن تكون هناك نتيجة، إلا إذا وجهت ضربة إلى هذه البنية المغلقة. لذلك نحن ندعو إلى مبادرة وطنية كبرى يجري التحضير لها بين عدد من الباحثين والأساتذة والطلبة هي الأولى من نوعها، وسوف نطرحها للنقاش، من أجل إنقاذ الجامعة المغربية من الانهيار التام، ومن أن تتحول إلى وكر للفساد وخيانة الأمانة.

ومن العناصر المقترحة للحل ربط الترشيح والترقية بالإنتاج العلمي، بحيث لا تكون الترقية مضمونة بشكل أوتوماتيكي مما يساعد الأساتذة على التخلص من مسؤوليتهم في الإنتاج العلمي.

Source: howiyapress.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!