المسلك الواقعي في منجز المغربي رشيد شعرير

■ يعتبر الفنان التشكيلي والخطاط رشيد شعرير أحد الوجوه الفنية التي تتعدد في الواحد، من خلال الاستقاء المتنوع من مواد مختلفة تروم مدارس متنوعة، وأساليب مختلفة؛ فالمبدع يستقي أحيانا مادته التشكيلية من الواقع، فيشكله وفق رؤاه الفنية الخاصة وأسلوبه الواقعي الرائق، وأحيانا يشتغل على التجريد والحروفية التجريدية بنوع من التداخل، وفق طرق متنوعة وأسلوب تشكيلي […]

المسلك الواقعي في منجز المغربي رشيد شعرير

[wpcc-script type=”165c6d3b3b7259169edd50d9-text/javascript”]

■ يعتبر الفنان التشكيلي والخطاط رشيد شعرير أحد الوجوه الفنية التي تتعدد في الواحد، من خلال الاستقاء المتنوع من مواد مختلفة تروم مدارس متنوعة، وأساليب مختلفة؛ فالمبدع يستقي أحيانا مادته التشكيلية من الواقع، فيشكله وفق رؤاه الفنية الخاصة وأسلوبه الواقعي الرائق، وأحيانا يشتغل على التجريد والحروفية التجريدية بنوع من التداخل، وفق طرق متنوعة وأسلوب تشكيلي يتميز بمقومات وتفاعليات وجماليات مختلفة، لكن ذلك في المنظور النقدي يعد فارقية بين الواقعية التي تستهدف النظرة الموضوعية والمنطقية، التي تجعل من الواقع المادي المحسوس اعتبارا فنيا وجماليا، والتجريد الذي يجهز على الواقع، ولا يقيم له اعتبارا؛ وفي ظل هذه المفارقة ينجز المبدع رشيد شعرير أعمالا تشكيلية تتخذ على مستوى البناء الفضائي، أو على مستوى التقنيات العالية الموظفة، أو على مستوى الاستعمالات المضامينية والجهاز المفاهيمي، أدوات لتمرير المادة التشكيلية، في حيز جمالي يروم من خلاله صناعة مجموعة من العــــلاقات التحـــاورية، لبسط أنماط تعبيرية مغايرة للمألوف، يؤطـــرها بمجمــــوعــة من التقنيات والأدوات وباستعمالات لونية وعلاماتية.


لكن لأعماله الواقعية ضرب من السلطة في مسلكه الفني فهو وان تعددت مشاربه التشكيلية فإن جنوحه إلى الأعمال الواقعية باعتماد الشخوصات وأشكال الطبيعة له أكثر من دلالة في منجزه الفني، إذ يروم التعبير وفق نسيج شخوصي يتم توظيفه وفق أبعاد وقيم تراثية، بطرق فنية يتوخى من خلالها بسط الصيغ الجمالية إلى حد كبير، باعتبار واقعية الشخوصات التي تزيد من السيولة التعبيرية وتجعل بعض التوظيفات المتنوعة تفصح عن دلالات ورؤى ومعاني متعددة، وتعبّر عن مكنونات المبدع وأحاسيسه بسحر فني رائق، فأعماله الواقعية تحمل في طيها أبعادا فلسفية وقيمية، تتفاعل مع مقومات العمل التشكيلي المعاصر، وتنسجم مع سياق المجال التعبيري الذي يشتغل عليه. إنه مجاله الخصب الذي يحتوي مجموعة من المعارف التشكيلية والمعالم الفنية التي تستخدم المادة التراثية والشخوصات التعبيرية والواقع الاجتماعي، برصيد معرفي ورصيد فني يجعل المبدع يتحكم في تدبير المادة التشكيلية على نحو أوسع.


إن أعمال الفنان رشيد شعرير تنطق برؤى فلسفية متناسقة، يؤكدها أسلوبه المتفرد والمتعدد المضامين، حيث يعكس بشكل قوي ثقافته التشكيلية الرصينة المبنية على الموهبة وعلى التعددية الفنية. وهو ما يجعل أعماله خزانا من الأشكال والتعابير والدلالات. وهو وإن كان يعتمد الكثافة أحيانا في سياقات تعبيرية تلغي الفراغ، إلا أنه يصنع مجالا تشكيليا خصبا زاخرا بالقيم الفنية المعاصرة، ما يجعل للبعد الجمالي حيزا قويا في منجزه التشكيلي، خاصة مع تشخيص صور واضحة المعالم يرصد من خلالها مختلف التحولات المرتبطة بالظواهر الاجتماعية والثقافية والبيئية، ينجزها من وجهة نظره في نطاق المعالجة الفنية التي يرغبها، ووفق السمات الجمالية التي تغذي أعماله الفنية، والتي يحاكي بها الشخوصات والواقع الاجتماعي والثقافي والبيئي وينتج من خلالها مغازي عميقة، ودلالات متعددة.
ويتبدى أن تفاعله مع الواقع بأسلوب واقعي محدث يؤهله إلى سلك نهج المعاصرة من الباب الواسع.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!