الناقدة المغربية مريم دمنوتي: صورة المرأة العربية تغيرت واقعياً وأدبياً

مريم دمنوتي أكاديمية وناقدة مغربية، متخصصة بالسرديات العربية، في جامعة محمد الخامس في الرباط. عضو الاتحاد الدولي للغة العربية، وعضو المكتب التنفيذي لرابطة كاتبات المغرب. صدرت لها «الرواية التجريبية: التشكل والسمات»، كما شاركت في بعض الإصدارات الجماعية منها.. «شعرية القصة القصيرة»، «الأدب المغربي الحديث والمعاصر.. التاريخ والخطاب». حول تجربتها النقدية وإشكالات التعليم، كان هذا الحوار: […]

Share your love

الناقدة المغربية مريم دمنوتي: صورة المرأة العربية تغيرت واقعياً وأدبياً

[wpcc-script type=”171d62e478bdecc71f197e5f-text/javascript”]

مريم دمنوتي أكاديمية وناقدة مغربية، متخصصة بالسرديات العربية، في جامعة محمد الخامس في الرباط. عضو الاتحاد الدولي للغة العربية، وعضو المكتب التنفيذي لرابطة كاتبات المغرب. صدرت لها «الرواية التجريبية: التشكل والسمات»، كما شاركت في بعض الإصدارات الجماعية منها.. «شعرية القصة القصيرة»، «الأدب المغربي الحديث والمعاصر.. التاريخ والخطاب». حول تجربتها النقدية وإشكالات التعليم، كان هذا الحوار:

■ كيف تشكلت بدايات تجربتك مع البحث النقدي؟ ولماذا كان النقد الأدبي اختيارك؟
□ بداية، إنني لم أختر النقد الأدبي، أو بمعنى أصح، قد يكون النقد الأدبي هو الذي اختارني. فمنذ دراستي في التعليم الثانوي وأنا أميل إلى النقاش والجدال، ومقارعة الرأي الآخر بالحجج والأدلة، أثناء العروض التي كنا نُقدِّمها في مواد كاللغة العربية والفلسفة والتاريخ والجغرافيا، وغيرها من المواد، التي كانت تُشكِّل أرضا خصبة للرأي والرأي المُضاد. وعندما وصلت إلى الدراسة الجامعية، كان لتتلمذي على يد أساتذة مغاربة أجلاء، من لهم مكانة مرموقة في المشهد النقدي في المغرب، وأخص بالذكر: أحمد اليابوري، سعيد يقطين، مصطفى يعلى، نجيب العوفي،  عبد الحميد عقار، وغيرهم، وانفتاحي على الدرس النقدي لدى النقاد المشارقة مثل: صلاح فضل، محمود أمين العالم، عبد الله إبراهيم، يمنى العيد، وخالدة سعيد. كان ذلك من العوامل الحاسمة في توجيهي نحو النقد الأدبي، وبلورة اهتمامي به، إضافة إلى استفادتي من حضوري أو مشاركتي في عدد من التظاهرات الأدبية المهمة، المُنظَّمة من طرف بعض المختبرات في كليات الآداب المغربية، والجمعيات الجادة ذات الاختصاص. على أن تجربتي النقدية تطورت أكثر بقراءات في المناهج الجديدة، لدى أصحابها أمثال: لوسيان غولدمان، رولان بارت، ميخائيل باختين، جيرار جنيت، وجوليا كريستيفا.
■ كيف رصدتِ صورة العربية في فنون السرد؟
□ حاولت أن أرصد صورة المرأة العربية في المنجز السردي النسائي العربي، انطلاقا مما راكمته من تكوين أكاديمي في السرديات العربية، والنقد الأدبي، كما سبقت الإشارة، حيث تبيَّن لي عبر قراءتي  لهذا المنجز، أن صورة المرأة المُعالجة في قصص الكاتبات العربيات، تغيرت من وضع المرأة الذليلة المهمشة والمستسلمة لقدرها العاثر، إلى صور بديلة تقوى فيها المرأة على المواجهة إلى الأخير، بسبب ما تحصلت عليه من مكاسب، وبما تسلحت به من وعي، خصوصا عندما استقلت بشخصيتها علما وعملا واستقلالا ماديا. وإن كل هذا وغيره يؤكد حقيقة أن صورة المرأة العربية، تغيرت كثيرا فعلا، سواء على المستوى الواقعي أم التخييلي، والبقية ستأتي.
■ شاركتِ في عدة كتب جماعية ضمن المنشورات الأكاديمية، كيف انعكس ذلك على تجربتُكِ البحثية؟
□ من المؤلفات النقدية التي ساهمت في تأليفها، كتاب «شعرية القصة القصيرة» وكتاب «الأدب المغربي الحديث والمعاصر: التاريخ والخطاب»، وهما معا من منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية في القنيطرة سنة 2014. وقد تمت المشاركتان استجابة لدعوة كريمة  للمساهمة في المؤلفين، باعتباري عضوا ضمن مختبر أرخبيل للدراسات والأبحاث في الأشكال الأدبية، في نفس الكلية. وبالتأكيد إن هاتين المشاركتين النوعيتين، كان لهما أثرهما الجيد، سواء على مستوى تجربتي الأدبية عامة، أو على مستوى تجربتي النقدية خاصة.
■ »الرواية التجريبية.. التشكل والسمات» كتابك الصادر مؤخرًا، ما أهم النتائج التي توصلتِ إليها في هذا الكتاب؟
□ حاولت في مؤلفي النقدي «الرواية التجريبية: التشكّل والسِّمات»، الصادر عن دائرة الثقافة في الشارقة سنة 2019، ملامسة الرواية المغربية التجريبية، من حيث التأسيس، حيث يعتبر سؤال التجريب من أهم الأسئلة التي تتصدر المشهد الإبداعي، ما يستوجب الإجابة عنه عبر الوقوف عند تجلياته البنائية والثيماتيكية والتخييلية، ضمن الجنس الروائي. وقد نمذجت لهذه المهمة بالروايات التالية: «الغربة»1971 لعبد الله العروي، «الضوء الهارب» 1993 لمحمد برادة، و«خميل المضاجع» 1997 للميلودي شغموم، لما لمسته من حضور البعد التجريبي في تشكلاتها. أما عن النتائج .. فقد حاولت على مستوى المفهوم، إثبات كون مفهوم التجريب مفهوما جماليا بالدرجة الأولى، يجد خلفيته النظرية في علم الجمال الألماني الكلاسيكي، في تقاطع وتكامل مع الدراسات النقدية السابقة، التي أكدت أن التجريب يجد خلفيته النظرية في الحداثة. ولا غرو، فإن الرواية ترتبط بالمكون الجمالي من خلال اللعب بالكلمات، وشعرية اللغة، وخلخلة قواعد الجنس الروائي. فمن هذا المنظور، اعتبر الفيلسوف الألماني هيغل الفن خلقا ذاتيا للإنسان، إذ ليس هدف الفن المحاكاة بالأساس، إنه تَجلّ للروح والعقل وإعادة إنتاج الإنسان لذاته تجاه الأشياء الخارجية، كصيغة لصنع علاقة الإنسان الروحية بالعالم. وفي هذا السياق، انتهيت إلى أن التجريب لا يعني خلخلة أسس الجنس الروائي، وتبنّي رهان الغموض والتعتيم لولوج بوابته من النافذة الخلفية، بل إن التجريب الروائي هو الذي يحتكم إلى رؤية جمالية حداثية ووعي نظري بفن الرواية، ورصيد ثقافي معمق، وخبرة حياتية غنية، وفق ما يقرره علم الجمال، من أجل تدعيم التحقق النصي في سياق الوعي النظري للممارسة الروائية، في إطار مرحلة ذات طبيعة ملائمة.
■ يرى البعض أن النقد الأدبي الآن يمر بأزمة كبرى على مستوى الوطن العربي، ما رأيك؟
□ يعيش النقد العربي يعيش أزمة كبرى، تنعكس على شُحِّ مقاربات النصوص الإبداعية في مختلف الأجناس الأدبية، على مستوى كل الوطن العربي. لذلك نرى الشباب المبدعين يشتكون دائما من غياب وجود النقد الموضوعي، الذي من شأنه أن يكشف ملامح القوة ومظاهر الضعف في أعمالهم. وهناك أيضا إشكال المصطلح غير المُوَّحد عربيا، مما يُحدث كثيرا من الخلل في الممارسة النقدية. فضلا عن افتقار معظم النقاد لاستيعاب المناهج الجديدة في شكل صحيح، وتطبيقها في العملية النقدية، من غير ما تمثل قويم وواضح، ما يجعل عطاءهم النقدي كما لو كان ترجمة عن الغير وليس تمثلا حقيقيا.
■ كيف ترين واقع التعليم في الوطن العربي؟
□ الجميع يتفق على كون التعليم في الوطن العربي يعاني من اختلالات بنيوية عميقة، مع فارق بسيط  فقط في نسب هذه الاختلالات، من قطر عربي إلى آخر. وعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها وزارات التعليم في البلدان العربية، من أجل تجويد العملية التعليمية، والارتقاء بالممارسات البيداغوجية،  والانفتاح على المستجدات التربوية العالمية. يبقى ذلك دون تحقيق النتائج المرجوة، في ظل عزوف أغلبية المُتعلَّمين والمُتعلّمات من أبنائنا عن الدراسة، بسبب تمثلاتهم الذهنية الخاطئة، عن عدم جدوى العلم، في زمن هيمنت عليه سلطة المادة من جهة، وبسبب محدودية الموارد الرقمية في نظامنا التعليمي من جهة أخرى. ولا يمكن في تقديري الشخصي، إعادة القطار إلى السِّكة، إذا لم يتم ردّ الاعتبار الرمزي والمادي والاجتماعي لنساء ورجال التربية والتعليم، لأنهم هم حجر الأساس في قاعدة أي إصلاح تعليمي، إضافة إلى اعتماد المناهج الدراسية الحديثة المُواكبة للتطورات المتسارعة التي يعرفها مجال التعليم. وأظن أن الدول التي انطلقت من هذه الأرضية، وأعادت الاعتبار للرأسمال البشري من أطرها التربوية، وجدّدت في هيكلة مناهجها التربوية، وولجت عصر التعليم الرقمي، قد حققت تقدما كبيرا في نظامها التعليمي، كسنغافورة  وفنلندا وماليزيا وغيرها من التجارب الرائدة عالميا.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!