النحات الأردني تغلب عويس: الخضوع للأساليب الأكاديمية يقتل الفن

تغلب عويس.. نحّات أردني، ولد في عجلون 1986 وتخرّج في الجامعة الأردنية قسم الموسيقى، ثم تفرغ للنحت. في أغلب أعماله نجد وجوهاً مختلفة التعابير، صارخة أو ضاحكة، وأخرى شاخصة إلى السماء، وكأنها تنتظر. عن هذه الأعمال وعالمها، كان مع صاحبها هذا الحوار: ■ بداية .. من أين جئت إلى النحت؟ □ كل شيء أدى إلى […]

Share your love

النحات الأردني تغلب عويس: الخضوع للأساليب الأكاديمية يقتل الفن

[wpcc-script type=”860189bae3df701ef63ed144-text/javascript”]

تغلب عويس.. نحّات أردني، ولد في عجلون 1986 وتخرّج في الجامعة الأردنية قسم الموسيقى، ثم تفرغ للنحت. في أغلب أعماله نجد وجوهاً مختلفة التعابير، صارخة أو ضاحكة، وأخرى شاخصة إلى السماء، وكأنها تنتظر. عن هذه الأعمال وعالمها، كان مع صاحبها هذا الحوار:

■ بداية .. من أين جئت إلى النحت؟
□ كل شيء أدى إلى ما أنا عليه الآن. في طفولتي كنت أحاول اكتشاف الأشياء حولي. وأعتقد أنه من الصعب تحديد السبب أو رسم خط للصيرورة. أظنّ أن المسألة نفسية عميقة، مرتبطة بالرغبات والحرية وإمكانية ممارستها. وحقيقة لم أهتم بهذا الأمر. أنا وصلت إلى هنا وأعمل عليه. فالأمر يبدو أقرب إلى العفوية والتلقائية، لذا أحياناً لا أسمي ما أفعله نحتاً. هو حالة أعبّر عنها. أمسك الحجر وأبدأ العمل عليه. أتبع احتمالات الشكل فيه. أمشي خلفه.
■ ألا ترى أن هذه العفوية تخالف النهج الأكاديمي في النحت والفن عموماً؟
□ لم أدرس النحت، تدربت بشكل ذاتي أكاديمياً. المنهج الأكاديمي لم يفدني بشيء. يجبرك على نسخ الشكل التعبيري وتكراره. وفي النهاية هذا ليس ما أريده، أو الذي يعبر عنّي. حين أحمل الحجر إلى المشغل، أنا أحمل ذاتي، ذاتي السليمة أو المشوهة. أضيف إليها عبر الحجر، أو أشوهها أكثر لأعبر عنها. أقود الحجر إلى احتمالات التعبير، ويقودني الحجر إلى احتمالات الشكل. هذه العلاقة بيننا هي تعبير شعوري يأخذ شكله النهائي على الحجر. شكل الحجر النهائي هو أنا. فالخضوع للأساليب الأكاديمية يقتل الفن. يجب على الفنان أن يتحرر من تعليمات المعلم الأكاديمي. أن تنفذ عملك بناء على إسكتش مرسوم مسبقا على الطريقة الأكاديمية، لا ينتج خبرة ولا يراكم تجربة، فالحياة قصيرة، وإذا خَلَت من التجربة ستنتهي سريعا، ولم تنجز عملا حقيقيا.
■ الطبيعة المحيطة والمكان الذي تعيش فيه، هل تدخّل في خياراتك؟
□ الطبيعة أعطتني الكثير، مع ملاحظة أني لا أعبّر عنها، ولا أعرف ماذا تركت فيّ بشكل ملموس. أتعامل مع الطبيعة وخياراتها، وأتبع هذه الخيارات تعبيرا عن نفسيّتي أنا، عن حالتي.
■ وماذا عن تجربة الطفولة وأثرها في نفسك؟
□ كان والدي يمتلك محجراً، وكنت أعمل معه، أثارني دور الإنسان في الطبيعة. الآلات التي تحفر وتُكَسّر الصخور. كانت تنتج أشكالا للحجارة. مع كل ضربة من الآلات كانت تنتج حجارة بأحجام وأشكال مختلفة. فهمت لاحقا ـ بعد سنوات طويلة ـ أن الإنسان قادر على استخراج الشكل من الحجارة. يمكن له أن يُطوّع الحجر ليعبر عن ما في في داخله، أن يكون الحجر أداة تعبير بحدّ ذاته، ورغم صلابة الحجر وملمسه وشكله ولونه، إلا أنني أتفاعل معه بشكل عميق. ولا أحاول فلسفة كل ذلك.

■ وبعد هذه السنوات من العمل، كيف ترى منجزك الفني؟ أين كنت وأين صرت؟
□ هناك اختلاف طبعاً. كنت أعمل بداية بالطريقة البدائية، إزميل ومطرقة. الآن لديّ عدة عمل احترافية. اختصرت بذلك الوقت والجهد. وزاد إنتاجي من المنحوتات. صار لديّ وعي أكبر بالكتلة والشكل والانسيابية واللون. وبحكم التجربة أصبحت لديّ رؤية أوضح، فهم أعمق، وقدرة أكبر على التعبير. كما تطور فهمي للحجر، أنواعه، إمكاناته. عملت في البداية على أنواع كانت تتكسّر أثناء العمل. الآن بعد التجربة أصبحت أدرك أي حجر يجب أن أستعمل، ولأي عمل يصلح، أصبحت أهتم أكثر باللون، التوشيحات اللونية والعروق، أتعامل مع حجارة من تركيا وإيطاليا ومن بيئتي هنا في عجلون. فحجارة عجلون فيها تفاصيل جميلة ومختلفة عن باقي الأنواع.
■ ولماذا تبدو منحوتاتك بشكلها النهائي متناقضة ومفهوم الحجر. فهي هلامية أو انسيابية توحي بالليونة، بلا زوايا أو خطوط حادة، أو وجوه بأفواه صارخة وعيون مشدوهة؟
□ أعتقد أن اليد لها ذاكرة، تعمل بطريقة تلقائية. ذهني أو رغبتي تستدعي أن يكون العمل بهذا الشكل مثلاً. هو في النهاية بحث مستمر عن الإحساس بالراحة البصرية حين تنظر إليه. بعيداً عن القصدية البحتة. هو الوصول إلى حالة من الإشباع الذاتي مُطبّقة على الشكل، ولا يعني ذلك أن الشكل اكتمل. لا أعتمد مفهوم الاكتمال في العمل الفني. أما تعابير الوجوه فلا أقصدها. أعمل وأنجز العمل بناء على حسّ داخلي. تنشأ علاقة ما بيني وبين الحجر. حين ينتهي إحساسي بهذه العلاقة أتوقف عن العمل. ولا أفرض على المتلقّي ما أرى، أو مفهوم ما في عملي النهائي. هناك مساحة أتركها للمشاهد، لإحساسه حين ينظر إلى المنحوتة أو يتعامل معها. في النهاية أنا أعبر عن ذاتي، عن تجربتي وإحساسي. لكنني أُصرّ على التعبير بعيدا عن القوالب الجاهزة للعاطفة والأحاسيس، وأبتعد عن فلسفة الأشياء.
■ في الأردن قلة من النحاتين، تجارب غير معروفة عموما. هل ما زال النحت من تابوهات الثقافة العربية؟
□ لا أظن ذلك. ببساطة نحن في عصر كسر التابوهات. الشباب الأن منفتح على كل شيء عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. ربما بعد سنوات لن نستطيع التعامل معهم ومسايرتهم. الثقافة الان منفتحة وكاسرة لكل التابوهات. المشكلة في الأصل أن الجميع يبحث عن المال، لذا قلة من الأفراد تمارس ما تحب أن تمارسه يوميا ولساعات، الأغلبية تمارس ما يضمن لهم المردود المادي.
■ وماذا عن تجربة المعارض المشتركة؟
□ استفدت كثيراً من هذه المعارض، أصبحت لديّ علاقات مهمة مع عدد من الفنانين. شاهدت أعمال وتجارب كان مهما أن أراها وأتعرف عليها. سمعت منهم رؤيتهم لأعمالي وملاحظاتهم. كانت تجارب فعلا ضرورية وممتعة في الوقت نفسه.
■ وعن المتابعة النقدية؟
□ هناك أشخاص اهتموا بأعمالي. لكن نقديا لم يهتم أحد، ببساطة لأنه لا يوجد نقد أصلا في الأردن. هناك فقط تغطيات صحافية.
■ والآن؟
□ الآن.. أعمل يوميا على حجارتي،تحضيرا لمعرض مقبل.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!