النسيان في علم النفس

النسيان في علم النفس

بواسطة:
جعفر الدّندل
– آخر تحديث:
٢١:٣١ ، ٢٤ يوليو ٢٠٢٠
النسيان في علم النفس

‘);
}

مفهوم النسيان

إنّ النسيان كلمة تدلّ على مصدر من حيث الزمن، في اللغة العربية النسيان مصدر الفعل نَسِي، يقولون نَسيَ فلانٌ نَسْيًا ونِسيانًا، ومعناه في اللغة ما هو ضدّ الذكر والحفظ، وكذلك من معاني النسيان التي تصبّ في نفس بوتقة المعنى السابق، معنى التّرك؛ أمّا في علم النفس فقد عرّف علماء النفس النسيان بتعريفات كثيرة منها قولهم: “هو عجز الفرد أو إخفاقه في استعادة واسترجاع المعلومات والأفكار والخبرات التي سبق أن تعلَّمَها في وقتٍ سابقٍ من حياته، أو هو الفقدان التدريجي لما سبق أن اكتسبه الفرد من معلوماتٍ وخِبرات”، وسيقف المقال فيما يأتي مع أهمّ ما يمكن الحديث عنه حول موضوع النسيان في علم النفس.[١]

نظريات النسيان

لقد وقف علماء النفس من النسيان موقفَ الباحث عن حقيقته والمفسّر لماهيّته للوصول إلى حلول وتفسيرات لظواهرَ كثيرة تتلاقى مع النسيان، ممّا قد يعتري الذاكرة، وقد أحصى علم النفس نظريات كثيرة تفسّر النسيان ستقف هذه الفقرة فيما يأتي مع أبرزها بشيء من التفصيل.

‘);
}

نظرية عدم الاستعمال

استَمدّ علماء النفس هذه النظريّة من حقيقة طبيّة ترى أنّ أيّ عضو في جسم الإنسان يُترَك ولا يُستعمل مدّةً من الزّمن فإنّه يضمر ويضعف، وهذه الحقيقة استعارها علماء النفس للذاكرة، فقالوا إنّ أيّ معلومة أو خبرة قد اكتسبها الإنسان فيما مضى وتركها من دون أن يستعملها، فإنّها مع مرور الوقت يُصيبها الوَهن والضَّعف والضّمور، فيتلاشى أثرها من الدماغ البشري، وبالتالي يصيبها النسيان،[٢] ويُطلق على هذه النظرية كذلك اسم الاضمحلال.[٣]

نظرية الكبت

ومعنى الكبت هو استبعاد الحوادث المؤلِمة والذّكريات الحزينة التي يهرب منها الإنسان عادةً من مكانِها في الذاكرة في ساحة الشعور والوعي إلى منطقة عدم الشعور وعدم الوعي -اللاوعي- وهي المنطقة التي تُسمّى العقل الباطن، كأن يكبت الإنسان ذكرى حزينة تمرّ به دائمًا أو موقِفًا ما يُشكّل مصدر حزن وأسف لذلك الإنسان؛ إذ إنّ بقاءها يجعل الإنسان يعيش ألم الحزن والألم والأسى، فتذهب تلك الذكريات وتلك المواقف إلى منطقة عدم الشعور -أو اللاشعور- فتُكبَت بفعل ذلك الإنسان نفسه، فيمكن القول حينها إنّ الإنسان قد نسي -أو تناسى- تلك الذكريات بنفسه وبِمَحض إرادته، ومن ذلك ما أشار إليه بعض التربويّين من أنّ بعض الطلبة -في المدارس أو الجامعات- يتناسون الموادّ الصعبة التي يخشونها، أو التي لا يُحبّونها ولا يُظهرون ميلًا إليها، وبالمُقابل هم يتذكّرون المواد التي يحبّونها.[٤]

نظرية التداخل والتعطيل

هذه النظرية هي أقدم النظريات المُفسّرة للنسيان وأكثرها رواجًا وشيوعًا وأكثرها دراسات وأبحاث علميّة كذلك، ومُلخّص هذه النظريّة أنّ النسيان يعود في أصله إلى تداخل المعلومات القديمة مع المعلومات الجديدة، ما يؤدّي إلى اختلاط الأفكار والخبرات والمهارات عمومًا وتشابكها مع بعضها بعضًا، وهذا السبب هو الوحيد للنسيان بحسب ما يرى المُنظّرون لهذه النظريّة؛ إذ يرَون أنّه في حال تَعلّم الإنسان علمًا وتعلَّمَ بعده علمًا مُشابهًا إلى حدٍّ كبير فإنّ المعلومات تتداخل وتتشابك مع بعضها بعضًا ما يؤدّي إلى ضياعِ المعلومات الأولى التي قد تَعلّمها الإنسان، ومثال على ذلك لو أنّ طالبًا يدرس علم النّفس ودرَسَ مادّة علم النفس العام ثمّ درسَ بعدها مباشرة مادّة علم النفس المعرفيّ فإنّه سينسى معلومات المادّة التي درسَها أوّلًا -علم النفس العام- وذلك لوجودِ تشابه كبير بين المادّتين، وهذا لا يحدث لو دَرس إحدى المادّتين ثمّ درس بعدها مادة اللغة الإنجليزيّة -مثلًا- أو أيّ مادّة بعيدة عن هذا المجال، وكذلك لو أُعطي إنسان ما رقم هاتف ليحفظه ثم طُلبَ منه أن يُدخله إلى الهاتف، ولكن قبل عمليّة الإدخال أُعطي هذا الشخص رقمًا ثانيًا ليحفظه؛ ففي هذه الحال سينسى الرقم الأوّل ويذكر الثاني، وعلى العَكس من ذلك لو أُعطي رقمًا ثمّ أُعطي حروفًا، فإنّه سيذكر الأرقام والحروف ولن ينسى شيئًا منها؛ وذلك للتّباعد بين مجال المعلومتين، ويرى القائلون بهذه النظريّة بأنّ التّداخل هنا يحدث على نوعين هما:[٥]

  • التعطيل الرجعيّ: وهو أن تتداخَلَ المعلومات اللّاحقة بالمعلومات السابقة، فيؤدّي ذلك إلى نسيان بعض من المعلومات.
  • التعطيل البَعْدِيّ: ويُقصد به أنّ المعلومات السابقة قد تُعطّل أو تتداخل مع المعلومات اللاحقة، ما يؤدّي إلى نِسيانها أو تشويهها على نحو قليلٍ أو كبيرٍ.

نظرية تغير الأثر

وهذه النظرية قال بها مُنظّرو المدرسة الشّكليّة في علم النفس، وترى هذه النظريّة أنّ النسيان سببه الإدراك والأسباب التي أحاطت به وقت حدوثه، وأيضًا بما تحمله الموادّ الإدراكيّة من خصائص وسمات؛ إذ إنّ الصور الإدراكيّة التي تبقى بعد زوال الأمور المُدركة لا تبقى في حالة جمود وتماسك ولا في حالة تفرّق وتفَكُّك، وإنّما تتعرّض لتحوّلات وتبدّلات وإعادة بناء وتنظيم ما يؤدّي إلى دخول تعديلات كبيرة على الشكل الأصلي الذي كانت عليه لحظة إدراكها وتخزينها في الذاكرة، ومن ذلك يُعرف أنّ الأشكال الأصليّة التي تكون في الذاكرة تتحولّ إلى أشكال أكثر تناسقًا وانتظامًا وفق مبادئ ثلاثة مشهورة هي: الإغلاق، والشّكل الحسن، والتناسب أو التنظيم، وهذه المبادئ الثلاثة يراها علماء المدرسة الشكلية -أو الجشطالتيّة- موجوة في أساس العمليّات الفيزيولوجيّة للدماغ البشري.[٦]

نظرية إخفاق الاسترجاع

لقد أظهرت الوقائع والتجارب أنّه يمكن الاحتفاظ بآثار الذاكرة طويلة الأمد إلى آخر حياة الإنسان، وبذلك فإنّ الذكريات التي قد ظنّ الإنسان أنّه قد نسيها هي موجودة في الذاكرة ويمكنها أن تظهرَ بشروطٍ معيّنة ودقّة كافية، كما قد يحدث في حالات التخدير والتنويم المغناطيسي وتحريض الدماغ بالكهرباء، وهذا الأمر جعل بعض العلماء ينظرون للنسيان على أنّه عمليّة مؤقتة، ومن العلماء الذين ذهبوا إلى هذا القول الطبيب الكندي-الإستوني إندل تولفينغ وزميله بيرلستون اللّذَين استنتجا أنّ الذكريات التي يظنّ المرء أنّه قد نسيها هي بالفعل موجودة في الذاكرة وإن كان الوصول إليها في وقت واحد غير ممكن، ولكن يمكنها أن تُستَرجع من خلال تزويد الإنسان بما يُعينُه على تذكّرها من معلومات.[٧]

أنواع الذاكرة

لقد كانت نظرة الناس إلى الذاكرة فيما مضى من الزمان أنّها أشبه بالمكتبة الضخمة ذات الرف الواحد وعليها عدد هائل من الكتب والمجلدات، ولكن مع تقدّم العلم في مناحيه كافّة صار التصوّر عن الذاكرة مختلفًا ولا يشبه ما مضى، بل يمكن القول إنّ الذاكرة لا تقع في مكان واحد من الدماغ البشريّ وإنّما تقع في أجزاء متعدّدة منه، وإنّ الأنموذج الأكثر شعبيّة في مجال دراسة الذاكرة اسمه أنموذج أتكينسون-شيفرين؛ وهو أنموذج يدرس الذاكرة من خلال ثلاث مراحل أشبه ما تكون بسلسلة من ثلاث حلقات، ويأخذ هذا الأنموذج اسمه من واضِعَيه العالِمَين ريتشارد س. أتكينسون وهو عالم نفس أمريكي والآخر هو ريتشارد شيفرين عالم النفس الأمريكي الذي كان يشغل منصب أستاذ العلوم المعرفية في قسم العلوم النفسية وعلوم الدماغ بجامعة إنديانا، وقد قدّما هذا الأنموذج عام 1968م، وما يزال هذا الأنموذج هو الأكثر شعبيّة في دراسة الذاكرة في علم النفس، وأنواع الذاكرة بحسب هذين العالِمَين هي:[٨]

الذاكرة الحسية

إنّ الحواسّ الخمس للإنسان تتلقّى معلومات تدخل إلى دماغ الإنسان في كلّ لحظة من حياة الإنسان، وهذه المعلومات يعمل على معالجتها الجهاز العصبي للإنسان، وهذه هي المرحلة الأولى من مراحل تخزين المعلومات في الذاكرة، وهنا يكون تخزين المعلومات لمدة قصيرة لا تزيد على نصف ثانية للمعلومات المُدركة عن طريق الرؤية، وقد تصل إلى ثلاث أو أربع ثوانٍ للمعلومات المُدركة عن طريق السمع، وفي هذه الحال يأخذ العقل هذه المعلومات بطريقة لا واعية، وهو أن يأخذ شذرات من هنا وهناك بما يشبه اللقطات التصويريّة، فيتجاهل ما هو غير مُهمّ ويحتفظ بالمُهم منها في وقتٍ لاحق، وفيما بعد ومن خلال عملية الانتباه يمرّر الدماغ هذه المعلومات إلى الحلقة الثانية من سلسلة الذاكرة الثلاثيّة وهي الذاكرة قصيرة الأمد، وفيها يختار الوعي التركيز على جانب واحد من جوانب البيئة المحيطة به، ويتجاهل الجوانب الأخرى ممّا يزيد في التركيز على الأمور التي يهتمّ بها الإنسان على وجه التحديد.[٩]

الذاكرة قصيرة الأمد

يمكن تعريف هذه الذاكرة بأنّها الذاكرة التي يمكن من خلالها معالجة المعلومات وتذكّرها في الوقت نفسه، وهذه الذاكرة تحتفظ بعدد قليل من المعلومات تصل إلى 7 معلومات أو أقلّ، وعادة ما يسهل الوصول إلى هذه المعلومات مدة قصيرة من الزمن تتراوح ما بين 10 و 15 ثانية، وقد تصل إلى دقيقة في بعض الأحيان، ويشبّه بعضهم عمل هذه الذاكرة بعمل أوراق الملاحظات الّلاصقة الملوّنة التي يُكتب عليها، ومن أجل توضيح عمل هذا الجزء من الذاكرة فإنّه يمكن تشبيهه بعمل المترجم الفوريّ الذي يسمع الجملة بلغة مختلفة فيُخزّنها في عقله مؤقّتًا ثمّ يترجمها إلى لغة أخرى في الوقت نفسه، ويصعب عليه كثيرًا تذكّر تلك الجملة بعد ترجمتها، فتختفي من ذهنه ما لم يبذل جُهدًا في الاحتفاظ بها، وأيضًا من أمثلةِ ذلك أن يفكّر المرء بحُجّة مقنعة يردّ بها على مواجهه في النقاش، وكثيرًا ما يُقاطع الخصم إذا تذكّر حُجّة ما خوف أن يفقدها وينساها، وبعد ذلك تأتي الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة وهي الذاكرة طويلة الأمد.[١٠]

الذاكرة طويلة الأمد

وظيفة هذا الجزء أو هذا النوع من أنواع الذاكرة هو االاحتفاظ بالمعلومات والمُكتسبات أطول مدّة ممكنة، ويمكن حفظ وتخزين المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد من خلال تكرير المعلومات في العقل، أو من خلال ربطها بمعارف أخرى مُكتسبة سابقًا ما يجعل حفظها في تلك الذاكرة أكثر فعالية، وغير هذا وذاك يمكن إعطاء الدافع أهميّة كُبرى في هذا المجال؛ إذ إنّ حبّ الإنسان لموضوع ما يجعله أكثر قابليّة للحفظ في الذاكرة طويلة الأمد، وهذه الذاكرة يمكنها أن تُخزّن عدد غير محدود من المعارف، ولا تضمحلّ مع مرور الوقت إلّا بقدر ضئيل جدًّا، وهذا النوع من أنواع الذاكرة ينقسم إلى نوعين هما: الذاكرة الصريحة والذاكرة الضمنيّة:[١١]

  • أمّا الذاكرة الصريحة: ويُطلق عليها الذاكرة التعريفيّة أيضًا- فهي ذاكرة الحقائق والأحداث، وتُشير إلى الحقائق التي يمكن للإنسان تذكّرها وهو واعٍ لها، وينقسم هذا النوع إلى قسمَيْن كذلك، وهما الذاكرة العرضيّة التي تتذكّر أحداثًا معيّنة، والقسم الثاني هو الذاكرة الدلالية وهي معرفة الحقائق في العالم المحيط.
  • أمّا الذاكرة الضمنيّة: ويُطلق عليها أيضًا اسم الذاكرة الإجرائيّة- فهي ذاكرة المهارات المُكتسبة، وهذه الذاكرة لا تحتاج إلى انتباه ووعي لتعمل؛ فمثلًا حركات الجسم واستخدام الأشياء المعروفة تدخل في حيّزها مثل ربط خيوط الحذاء والعزف على الجيتار وقيادة الدراجة الهوائية ونحو ذلك.

العوامل المؤثرة في التذكر

لقد وقف علماء النفس من الذّاكرة والتذكّر والعقل البشريّ موقفَ الدّارس والمُفسّر والشّارح والمؤوّل، فحين ذكروا الذاكرة وما يطرأ عليها ذكروا معها شيئًا من العوامل التي قد تؤثّر في التّذكّر، فذكّروا عواملَ كثيرة كان منها طول مدّة الحفظ للذاكرة وكذلك نوعيّة ما يحفظه الإنسان،[١٢] وثمّة أمور أخرى قد ذُكرت بتوسّع منها:[١٣]

  • طبيعة المادة: فالموادّ السهلة قابلة للتذكّر أكثر من الصعبة.
  • طريقة تنظيم المادة المُكتسبة: فتنظيم المعلومة لتكون ذات معنًى يُسهّل عمليّة التذكّر.
  • درجة التعليم والاكتساب والتدريب: فإتقان المعلومة يُسهّل عمليّة استرجاعها.
  • أهميّة المادة العلميّة: أهميّة المادة المُكتسبة وارتباط المتعلّم بها كلّ ذلك يؤدّي إلى تسهيل استرجاعها وتذكّرها.
  • رغبة الإنسان في تعلّم تلك المادة.
  • العمر: فقد توصّل باحثون إلى أنّ الإنسان إذا تجاوز عمر الـ45 سنة فإنّه يتراجع من جهة تذكّره للأمور.
  • الفروق الفرديّة: أي الفروق التي تُرصَدبين المتعلّمين.
  • الجنس: فقد أثبتت دراسات أنّ الإناث يتفوّقن على الرّجال من حيث قوّة المعلومة، والرجال يتفوّقون على الإناث من حيث الذاكرة الرياضيّة والميكانيكيّة.

اضطرابات الذاكرة في علم النفس

أخيرًا، يصل المقال إلى ختامه وفي هذه الفقرة سيقف ليتحدّث على اضطرابات الذاكرة من وجهة نظر علم النفس، واضطرابات الذاكرة قد وضع لها العلماء أسبابًا عضويّة أو جسديّة وكذلك وضعوا لها أسبابًا نفسيّة، ولكن سيُقتصر الحديث على الأسباب العضويّة، ومنها:[١٤]

  • مشكلات الغدة الدرقيّة.
  • تناول بعض أنواع الأدوية والمُهدّئات، كتلك الأدوية التي تُوصف لبعض أمراض الأعصاب.
  • نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم.
  • التهابات الدماغ.
  • بعض الأمراض الجسديّة التي تؤثّر على التركيز والذاكرة.

أمّا بالنسبة لاضطرابات الذاكرة من وجهة نظر نفسيّة، ويمكن من هذه الناحية تمييز نوعين من أنواع اضطرابات الذاكرة وهي التي تحدث بسبب اضطراب مرحلة من المراحل التي تتكوّن من خلالها عمليّة التذكّر، وهذان النوعان من أنواع الاضطرابات تفصيلهما فيما يأتي:[١٥]

  • اضطرابات التسجيل: ويُسمّى هذا النوع اضطراب الإدراك الترابطي أو اضطراب الفهم، ومهمّة هذا القسم من الذاكرة -يعني قسم الفهم أو الإدراك الترابطي- هي القدرة على فَهم المدركات وتفسيرها على نحوٍ صحيح، وكذلك العمل على ارتباط بعضها بعضًا وضمّ تلك المُدركات إلى الخبرة الكليّة، وممّا يؤدّي إلى اضطراب تلك العمليّة اضطراب الوعي وفقدان الذاكرة الناتج عن إدمان الخمور.
  • اضطرابات الحفظ: وهذا النوع يشمل اضطرابات الذاكرة التي تحدث بسبب تقدُّم السن أو بسبب أمراض الدماغ كالزهايمر.

ومن هنا يمكن التّفريق بين نوعين آخرين من أنواع اضطرابات الذاكرة ينبنيان على النّوعين سابقي الذكر، النوع الأوّل يشرح اضطرابات الذاكرة من الناحية التشريحيّة، والنوع الثاني يشرح اضطرابات الذاكرة من وجهة نظر إكلينيكيّة، فأمّا من الناحية التشريحيّة فثَمَّ نوعان من أنواع اضطراب الذاكرة الأوّل يسمّى زملة أعراض كورساكوف، وهذا الاضطراب له علاقة بالثلاموس والمخ الثاني، ويحدث فيه اضضطراب شديد للذاكرة مع عدم قدرة المريض على استبصار هذا المرض بل وإنكاره، وفيه يصبح المريض مُزيّفًا للواقع يحكي أحداثًا لم تحصل، وأمّا النوع الثاني فيُسمّى اضطراب الذاكرة نتيجة إصابة الفص الصدغي، ولهذا الاضطراب علاقة بحصان البحر، ويمتاز عن النوع الأوّل أنّ المريض قادر على استبصار هذا المرض ولا يُزيّف الواقع أو الحقائق، وأمّا من الناحية الإكلينيكيّة فلاضطراب الذاكرة أنواع عدّة، منها:[١٦]

  • فقدان الذاكرة اللاحق: وهذ النوع من اضطرابات الذاكرة يكون اضطرابًا في عمليّتَي الحفظ والتسجيل، بمعنى أنّ المريض لا يستطيع أن يُسجّل أو يحفظ ما يمرّ به من معلومات وكأنّه غائب عن الوعي تمامًا، وهذا النوع خاصّ بالأحداث القريبة ويحدث في مثل حالات ارتجاج الدماغ وإصابات الرّأس، ويظهر كذلك عند كبار السن ممّن حدثت عندهم بدايات خرف الشيخوخة، فلو أُخبِرَ واحد منهم بأمر ثمّ سُئل عنه بعد خمس دقائق فإنّه لن يذكره.
  • فقدان الذاكرة السابق: في هذا النوع من اضطرابات الذاكرة ينسى المريض ما كان يعلمه سابقًا من معلومات وخبرات مع أنّه كان يحفظها ويعلمها سابقًا، ولكنّ النسيان بدأ بالزحف إليها ليمحوها تمامًا من ذاكرة المريض، فيبدأ الأمر بنسيان الطعام الذي تناوله، ثُمّ يمتدّ إلى الخبرات والمهارات وبعدها ربّما يصل إلى نسيان اسم الأبناء وحتى نسيان اسم المريض نفسه، ويظهر هذا الاضطراب في حالات الخرف عمومًا والزهايمر خصوصًا.
  • متلازمة أعراض نسيان كورساكوف: وهذا النّوع منسوب لطبيب الأعصاب الروسي سيرغي كورساكوف، ويرى هذا الطبيب أنّ هذا الاضطراب يأتي نتيجة الإدمان المزمن على الخمور ونقصان فيتامين “أ” النّاتج من سوء امتصاصه جرّاء التّعاطي، ولهذا النوع من الاضطراب ستة أعراض هي:
    • فقدان ذاكرة لاحق.
    • فقدان ذاكرة سابق.
    • تلفيق الأحداث.
    • فقر من ناحية محادثات المريض.
    • فقدان استبصار المرض بمعنى أنّ المريض غير مُدرِك أنّه مريض.
    • التبلّد الانفعاليّ.

المراجع[+]

  1. “مفهوم النسيان”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-01. بتصرّف.
  2. “مفهوم النسيان”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-01. بتصرّف.
  3. “ما هو منحنى النسيان؟”، ar.sainte-anastasie.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-08. بتصرّف.
  4. “مفهوم النسيان”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-01. بتصرّف.
  5. أ. د. سالم عبد الله الفاخري، علم النفس العام (الطبعة 1)، الأردن:مركز الكتاب الأكاديمي، صفحة 192، جزء 1. بتصرّف.
  6. أ. د. سالم عبد الله الفاخري، علم النفس العام (الطبعة 1)، الأردن:مركز الكتاب الأكاديمي، صفحة 193، جزء 1. بتصرّف.
  7. أ. د. سالم عبد الله الفاخري، علم النفس العام (الطبعة 1)، الأردن:مركز الكتاب الأكاديمي، صفحة 194، جزء 1. بتصرّف.
  8. “الذاكرة البشرية: ما هي أنواعها؟ وكيف تعمل؟”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  9. “الذاكرة البشرية: ما هي أنواعها؟ وكيف تعمل؟”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  10. “الذاكرة البشرية: ما هي أنواعها؟ وكيف تعمل؟”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  11. “الذاكرة البشرية: ما هي أنواعها؟ وكيف تعمل؟”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  12. “كيف يمكن للإنسان أن يستدعي الأفكار التي تخطر على قلبه عندما يحتاجها؟”، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  13. “العوامل المؤثرة على التذكر”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-02. بتصرّف.
  14. “أسباب اضطرابات الذاكرة وكيف يمكن علاجها”، www.hiamag.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-03. بتصرّف.
  15. د. ألفت حسين كحلة، [http:// علم النفس العصبي] (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 124. بتصرّف.
  16. د. ألفت حسين كحلة، [http:// علم النفس العصبي] (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الانجلو المصرية، صفحة 125. بتصرّف.
Source: sotor.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!