بؤس الرصيف يبتسم للكاميرا: الشارع اليمني وفوتوغرافيا الألم

صنعاء ـ «القدس العربي»: يمثلُ الرصيف مركزاً ثقافياً لمظاهر، وعادات ومهن تختزل هُوية المكان، وانطلاقاً من ذلك كان الرصيف وما يزال جاذباً لفنانين تشكيليين ومصورين فوتوغرافيين. المصور اليمني الشاب معين الإرياني، خص أول معارضه الفوتوغرافية باسم «رصيف»، وقدّم فيه عشرة أعمال، أراد منها تقديم صورة توثيقية للشارع اليمني في لحظةٍ فارقة يعيشها بلده جراء الحرب. […]

بؤس الرصيف يبتسم للكاميرا: الشارع اليمني وفوتوغرافيا الألم

[wpcc-script type=”fb2b348d85c30abdced4fa69-text/javascript”]

صنعاء ـ «القدس العربي»: يمثلُ الرصيف مركزاً ثقافياً لمظاهر، وعادات ومهن تختزل هُوية المكان، وانطلاقاً من ذلك كان الرصيف وما يزال جاذباً لفنانين تشكيليين ومصورين فوتوغرافيين. المصور اليمني الشاب معين الإرياني، خص أول معارضه الفوتوغرافية باسم «رصيف»، وقدّم فيه عشرة أعمال، أراد منها تقديم صورة توثيقية للشارع اليمني في لحظةٍ فارقة يعيشها بلده جراء الحرب.

عكسَ المعرض، الذي أُقيم في مؤسسة بيسمنت الثقافية مؤخراً، مدى حساسية عدسة الفنان في علاقته بالمنظر؛ فاصطاد مناظر للرصيف غير مكرورة ومفعمة في الوقت ذاته، بطاقة حسية، انطلاقاً من إيمانه بالرصيف كواجهة صادقة لحياة المجتمع، وبالتالي فالصور التي تُعبر عنه لابد لها من الاقتراب من المعنى الإنساني للمنظر. وأرجع معين، وهو فنان واعد، استخدامه لعدسة هاتفه الجوال في التقاط صور المعرض إلى ما صار يثيره ـ كما يقول- حَمل كاميرا احترافية في بلد يشهد حربا. تتضح من معظم الصور مهارة الفنان في اختيار الوقت والزوايا، فقد مكنته من تقديم لقطات مقنعة ومدهشة أيضاً، على الرغم من أنها تعاملت مع أناس عاديين في مناظر يعيشها ويشهدها الناس هناك يومياً، لكن مهارة تحويل تلك المناظر إلى صور فوتوغرافية، كان لابد أن تمنحها بُعداً جديداً يستثير أحاسيس ومشاعر مَن في الصورة؛ وتلك هي مهارة استخدام لغة الزوايا والألوان وفق المصور.
في اشتغاله على الألوان لم ينكر الفنان الواعد استخدامه لبرنامج الفوتوشوب، في ضبط إيقاع بعض ألوان الصور، لكنه ـ كما يقول لـ«القدس العربي» يبقى استخداماً محدوداً لا يخل بالمحمول الفني والموضوعي للصورة. طافت العدسة بين أرصفة الشوارع الإسفلتية والتقليدية، وركز المصور، في مُجمل الصور، على بسطاء الناس باعتبارهم مَن يحتفظون بهُوية وثقافة المكان، وكونهم التعبير الأوضح عن المعاناة والتحدي، من خلال حرصهم على ممارسة حيواتهم، والحرص مع ذلك على الظهور أمام العدسة مبتسمين؛ كصورة الرجل الذي يجلس على كرسي في الرصيف، ومثله رجل يظهر بملابسه التقليدية، واقفاً أمام دكان للتمور؛ ففي مظهرهما يمكن للمشاهد أن يقرأ الكثير؛ فالابتسامة تنضح بمشاعر الداخل الإنساني وما فيه من ألم. كما حضرت الثقافة التقليدية بوضوح، وتعكسها أكثر صورة بائع الزبيب، الذي يفترش أحد الأرصفة، بالإضافة إلى صورة مختلفة لشاب يفترش ببضاعته الإسفلت، وسنجد الإيحاء الذي تفيض به كل صورة من الصورتين يختلف، لكنه يعكس مدى الإصرار على مواجهة الحياة من الجيلين.


لم تغب المقاهي والمطاعم الشعبية باعتبارها تعكس كثيراً من الملامح الثقافية الجمعية للمجتمع؛ وهو ما أبرزته صورة لأشخاص يشربون الشاي في ساحة مقهى في إحدى السماسر (الخانات) في صنعاء القديمة، ومثلها لقطة ليلية في ساحة أحد المطاعم الشعبية؛ وهي صور تعكس، في مجملها، بؤس المعاناة وتحدي الحياة، وإن كان بشكل غير مباشر. وكم كان البؤس حاضراً بشكل مباشر في صورة شاب يستلقي نائماً على الرصيف، مكتفياً بتغطية عينيه بغطاء رأسه، في ما حضر البؤس متخففاً من مظهر الألم في صورة طفل فقير على الرصيف، يضحك للكاميرا، لكن يؤخذ على المصور التقاط الصورة من أعلى؛ وهي زاوية لا يفضلها المصورون إلا نادراً؛ كونها تقلل من شأن مَن يتم تصويرهم. في المُجمل استطاع المصور استنطاق صورة من صور بؤس الرصيف، محاولا تقديم توثيقاً لبعض ملامح الشارع في بلاده في مرحلة حرجة من تاريخه، وقد حرص، على الرغم مما تمثله اللحظة من ألم، أن يبدو الرصيف في معظم الصور، مبتسماً بحزن للعدسة، في إيحاء يقول الكثير عن (فوتوغرافيا الألم) إن جازت التسمية.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!