بعد رحيل نتنياهو.. هل تتجه العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى التعافي؟

اتسمت العلاقة الإسرائيلية الأردنية بالتوتر خلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وبمرور أقل من شهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بدا أن علاقة البلدين في طريقها للتحسن.
العلمان الأردني والإسرائيلي (شترستوك)

اتسمت العلاقة الإسرائيلية الأردنية بالتوتر خلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وبمرور أقل من شهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، بدا أن العلاقة بين البلدين في طريقها إلى التحسن.

فقد كشف وزيرا خارجية البلدين، الأردني أيمن الصفدي والإسرائيلي يائير لبيد، عن اجتماعهما في عمّان الخميس الماضي. وفي اليوم ذاته، كشف الإعلام الإسرائيلي عن لقاء سري عقده بينيت مع العاهل الأردني عبد الله الثاني في الأردن.

ولم تؤكد عمان أو تل أبيب رسميا عقد اللقاء، ولكنهما أيضا لم تنفيا ذلك.

استئناف العلاقات

وقال موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي -أول من كشف عن عقد اللقاء بين بينيت والملك عبد الله الثاني- إنه اللقاء الأول بين العاهل الأردني ورئيس وزراء إسرائيلي منذ 5 سنوات.

ورأى المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحيم، أن 3 قضايا هيمنت على الاجتماع، وهي الوضع في المسجد الأقصى، وحل الدولتين، والعلاقات الثنائية بين البلدين.

ولاحظ بن مناحيم -في تصريح للأناضول- أن اللقاء عقد قبل أيام من توجه الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس جو بايدن، ليصبح أول زعيم عربي يحل ضيفا على البيت الأبيض منذ تنصيب الإدارة الأميركية الجديدة مطلع العام الجاري.

ومضى قائلا “لقاء الملك عبد الله الثاني مع بايدن في 19 يوليو/تموز الجاري سيسبق -بعدة أيام- زيارة بينيت إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي نهاية الشهر”.

وكان الملك الأردني استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء معلن بالعاصمة الأردنية عمان الأسبوع الماضي.

وأضاف بن مناحيم أن الملك عبد الله الثاني يسعى للحصول على ضمانة أميركية وإسرائيلية بعدم المساس بالوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة بالقدس، وبخاصة المسجد الأقصى.

وتابع “لطالما اتهم الأردن نتنياهو بمحاولة إنهاء الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى لصالح دول خليجية”.

ترميم العلاقات

وأشار بن مناحيم إلى أن مساعي نتنياهو لإنهاء الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى بالإضافة إلى تقويض حل الدولتين، تعد السبب الأساسي للتوتر الشديد بين نتنياهو والعاهل الأردني، الذي يرى في ذلك مساسا بالأمن القومي الأردني.

وأضاف من ناحيته، بينيت يريد أن يقول للشعب الإسرائيلي إنه نجح في إعادة ترميم العلاقة مع الأردن، ولكن لست متأكدا من قدرته على منح الملك الأردني ما يريده بشأن المسجد الأقصى وحل الدولتين.

وتابع بن مناحيم “الاختبار لأي التزام قد يقدمه بينيت للملك الأردني والرئيس الأميركي بشأن المسجد الأقصى وحل الدولتين سيكون على أرض الواقع”.

ولكنه أشار إلى أن أركان الحكومة الإسرائيلية الحالية سعوا مبكرا إلى إعادة ترميم العلاقة الإسرائيلية الأردنية.

وقال بن مناحيم “لقد زار وزير الدفاع بيني غانتس الأردن مرتين مؤخرا، وفي الزيارة الأخيرة -قبل وقت قصير من تشكيل الحكومة الإسرائيلية- وعد غانتس الملك الأردني بأن الحكومة الجديدة ستولي أهمية خاصة للعلاقة مع الأردن”.

اتفاق المياه

وبالفعل، ففي خطابه الرسمي الأول بعد تسلمه مهامه، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، في 14 يونيو/حزيران الماضي، إن “الأردن حليف إستراتيجي مهم، والملك عبد الله الثاني زعيم إقليمي مهم وحليف إستراتيجي وسنعمل معه لنقوي العلاقة بين بلدينا”.

ويوم الخميس الماضي، اتفق لبيد مع نظيره الأردني أيمن الصفدي -في لقاء عقداه في الأردن- على تزويد إسرائيل للأردن 50 مليون متر مكعب من المياه الإضافية المشتراة.

وقالت وزارة الخارجية الأردنية في تصريح مكتوب، إن الوزيرين “اتفقا على أن تجتمع الفرق الفنية خلال الأيام المقبلة لإنهاء التفاصيل الفنية لاتفاق المياه”.

وأضافت أن الاتفاق شمل أيضا رفع سقف الصادرات الأردنية إلى الضفة الغربية، من 160 مليون دولار سنويا إلى نحو 700 مليون دولار سنويا.

ويحصل الأردن على كميات من المياه الصالحة للشرب من إسرائيل، بمتوسط سنوي 35 مليون متر مكعب، حسب معاهدة السلام الموقعة بين الجانبين، تضاف إليها كمية أخرى متغيرة حسب الهطل المطري.

وعلى الفور، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، “ترحب الولايات المتحدة بالإعلان عن اتفاق إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية على إبرام اتفاقيات تجارية تعزز التعاون المدني بين البلدين، وستدعم الشعب الفلسطيني عبر السماح بزيادة التجارة بين الأردن والضفة الغربية”.

وأضاف ستعمل هذه الاتفاقيات على تحسين حصول الأردن على المياه العذبة، بمقدار 50 مليون متر مكعب إضافية هذه السنة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو رفض مرارا، مطلع العام الجاري، الطلب الأردني بـ50 مليون متر مكعب إضافية من المياه.

وجاء موقف نتنياهو إثر رفض الأردن السماح لطائرة نتنياهو، في مارس/آذار الماضي، بالمرور عبر الأجواء الأردنية في طريقه إلى الإمارات.

مشاكل ترامب

وكان الموقف الأردني جاء ردا على عرقلة نتنياهو زيارة كان من المقرر أن يقوم بها ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله إلى المسجد الأقصى.

غير أن هذه لم تكن نقطة الخلاف الأولى، ففي يوليو/تموز 2017 برزت خلافات شديدة بعد محاولة حكومة نتنياهو تثبيت بوابات فحص إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى.

وكان الأردن من الدول القليلة التي عارضت بشدة خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المعروفة باسم “صفقة القرن”، مما قاد إلى غضب أميركي وإسرائيلي على الملك الأردني.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، خلال السنوات الأخيرة، إلى أن ملك الأردن رفض في أكثر من مناسبة الحديث هاتفيا أو اللقاء مع نتنياهو.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أعلن صراحة منذ اليوم الأول بأنه يدعم حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل.

وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، الجمعة الماضية “مثل هذه اللقاءات بين رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو والملك عبد الله كانت نادرة ولم تحدث لعدد من السنوات، بسبب التوترات المتزايدة بين البلدين”.

وأضافت، في الاجتماع اتفق بينيت وعبد الله الثاني على أنه يجب على البلدين رأب الصدع، ولاتخاذ خطوة في هذا الاتجاه، تحدثا عن صفقة مياه.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية -الناطقة بالإنجليزية- عن المحلل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ديفيد ماكوفسكي، اعتقاده بأن بايدن يريد الإشارة إلى دعمه للمملكة الهاشمية التي يُنظر إليها على أنها حليفة موالية لأميركا.

وأضاف ماكوفسكي في حين تظل العلاقات الأمنية ممتازة، أنا متأكد من أن الإدارة الأميركية تأمل أن تتحسن العلاقات الشخصية في حقبة ما بعد نتنياهو بين القيادتين الأردنية والإسرائيلية.

وبدوره، قال عاموس جلعاد، الرئيس السابق للشعبة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية “إذا تم اللقاء بالفعل (بين بينيت والملك عبد الله)، فسيكون إسهاما مهما في وضع إسرائيل الإستراتيجي”.

وأضاف جلعاد لهيئة البث الإسرائيلية، في الحكومة السابقة انهارت العلاقات وخسرنا أراض، ويجب تعزيز العلاقات بين البلدين من أجلنا.

ويرتبط الأردن وإسرائيل باتفاقيات، أبرزها اتفاقية “وادي عربة” للسلام الموقعة بينهما في 1994.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!