‘);
}

قيام الدولة العثمانيّة

يرجعُ نَسب الدولة العثمانيّة إلى قبيلة قابي، إحدى قبائل الغز التركيّة التي خرجت من أواسط آسيا نحو الغرب بقيادة أرطغرل، حيث ساندَ أرطغرل وقبيلته السُّلطان علاء الدين كَيقُبَاد المعروف ب(كَيقُباد الأوّل)؛ لمحاربة أعدائه، وبذلك استطاع الانتصار عليهم، وتقديراً لجهود أرطغرل وقبيلته، فقد منحهم علاء الدين كَيقُبَاد منطقة تابعة له على الحدود البيزنطيّة السلجوقيّة في شمال غرب الأناضول تُدعى بمنطقة “سوغوت”، واستطاع أرطغرل ضَمّ مدينة (إسكي شهر) إلى منطقته، واستمرَّ في غزواته ضدّ البيزنطيّين إلى أن تُوفِّي في عام 1288م.[١]

وبعد وفاة أرطغرل، خَلفه ابنه عثمان الأوّل بموافقة السُّلطان السلجوقيّ علاء الدين كَيقُبَاد، واستمرَّ بما بدأ به والده أرطغرل؛ حيث حارب البيزنطيّين، وساعد السلجوقيّين في حروبهم، وبذلك نالَ الإكرام من السُّلطان علاء الدين كَيقُبَاد، فمَنَحه نوعاً من الاستقلال الذاتيّ، وسَمَح له بامتلاك المناطق التي فَتَحها جميعها، ومَنَحه الحقّ في ضَرب العُملة باسمه، ولم يتوقّف إكرام السُّلطان السلجوقي لعثمان الأوّل عند هذا الحدّ، بل مَنَحه لَقَب بك، وذكرَ اسمه في خطبة الجمعة، وبذلك أصبح عثمان الأوّل زعيم إمارة كبيرة مُستقِلّة، واستطاع ضَمّ مدينة (أفيون قره حصار) الواقعة في دولة الروم الشرقيّة إلى إمارته، وجَعْلها عاصمة له،[٢] كما سيطرَ عثمان على مدينة بيله جك، وأنكول، وأرسى قواعد إمارته، وركَّز خلال غزواته على مناطق شمال الأناضول، واستمرَّ عثمان الأوّل في غزواته إلى أن رقدَ على فراش الموت، ليتولَّى ابنه أورخان غازي الحُكم مكانه.[٣]

اتَّخذ أورخان غازي من مدينة بورصة مركزاً لحُكمه، واستطاع فتح إزنيق بعد الانتصار على الإمبراطور البيزنطيّ أندرونيكوس الثالث، كما تمكَّن أورخان غازي من ضَمّ مدينة إزميد، ومدينة بالق أسير، واستطاع كذلك العبور إلى الضفّة الأخرى لمرمرة؛ بسبب وجود خلاف بين أباطرة بيزنطة، وتمكَّن السُّلطان العثمانيّ من السيطرة على تلال مضيق جاليبولي، واتَّخذ قلعتها قاعدةً له، واتَّجه بعد ذلك إلى البلقان، واستولى على أنقرة، واستمرَّ في غزواته إلى أن تُوفِّي في عام 1361م، ليتولَّى الحُكم مكانه ابنه مراد الأوّل الذي بذلَ جهده في توسيع حدود البلقان، واستطاع بفضل حِنكته فَتح المُدن البلقانيّة بسهولة، وحقّقَ الانتصار على التحالُف الصربيّ الذي ضمّ صربيا، وبلغاريا، والمجر، واستمرَّ في غزواته ضدّ أعدائه في منطقة صرب صندغي، واستطاع العثمانيّون اجتياح مقدونيا، وشرق صربيا، وجنوب بلغاريا، وصولاً إلى هنغاريا، وضَمّ مراد الأوّل العديد من المُدن في الأناضول، وحارب الإمارات التركمانيّة، واستمرّ السُّلطان العثمانيّ بغزواته إلى أن تُوفِّي في المعركة التي خاضَها مع قوّات التحالُف الصليبيّ، وبهذا استلم بايزيد الأوّل الحُكم مكان أبيه مراد الأوّل، وبَذل جهده؛ لإكمال ما بدأ به عثمان الأوّل، وهو تحويل الدولة إلى إمبراطوريّة.[٣]