جدلية الشكل واللون في تجربة التشكيلي عبد الحي الملاخ

تشكل التقنيات العالية والتوظيف الجمالي المحكم للمفردات الفنية والتركيبات الشكلية أدوارا حاسمة في النسيج الإبداعي للفنان عبد الحي الملاخ، فللألوان المبهجة والرموز والعلامات المتحركة، قوة بصرية في تشكيل الفضاء، بتفاعل يتخذ من الشكل والرمز مادة حركية، تلوح سماتها في التجارب التشكيلية المعاصرة، وتتبدى مختلف التفاعليات في التعبير بخطوط ورموز ذات ألوان متنوعة، وأشكال مختلفة، يبسطها […]

جدلية الشكل واللون في تجربة التشكيلي عبد الحي الملاخ

[wpcc-script type=”b5510dabd6e1dc6952f78a7c-text/javascript”]

تشكل التقنيات العالية والتوظيف الجمالي المحكم للمفردات الفنية والتركيبات الشكلية أدوارا حاسمة في النسيج الإبداعي للفنان عبد الحي الملاخ، فللألوان المبهجة والرموز والعلامات المتحركة، قوة بصرية في تشكيل الفضاء، بتفاعل يتخذ من الشكل والرمز مادة حركية، تلوح سماتها في التجارب التشكيلية المعاصرة، وتتبدى مختلف التفاعليات في التعبير بخطوط ورموز ذات ألوان متنوعة، وأشكال مختلفة، يبسطها بكميات متوازنة في الفضاء.

وبذلك فإن المبدع يسعى لأن يحقق تنوعا في التركيب الجمالي للشكل، ويحقق للمادة الفنية إشباعا جماليا. فهو يبتكر في الشكل، وفي اقتناص المساحة، وفي التموضع الرمزي والعلاماتي، وفي الأرضية اللونية، ليجعل من الفضاء مَصبّا يستقبل تركيبات تشكيلية متنوعة، تسري في شرايينها الحركة التي هي من أهم الأسس التي تؤشر إلى قدراته الهائلة، لنحت أسلوب تشكيلي متفرد يمتح من التراث المغربي مقوماته الأساسية، ومن التركيب والتحليل للرموز بعدا جوهريا لإرساء ميثولوجيا فنية داخل أعماله، ولينسج مادة تشكيلية تتجاوز المألوف، تتسم بتوظيف قوي للكتل والتركيبات والعلامات بشكل يؤثر مباشرة في التوجه الفني، ويقوي جدلية الشكل واللون، ويعضد المنحى التحليلي في إحداثية تركيبية تَنتُج عن عملية الملء والمزج، بين الطلاء اللوني وتشكيل الكتل والخطوط والرموز، ما يسهم في إحداث حركات متتالية، تخضع لمختلف المميزات الفنية التي يحتضنها التشكيل المعاصر، لذلك فهو ينسج العلاقة بين جماليات متعددة تخص الشكل واللون والعلامة والرمز والكتلة والتركيب. وفي ذلك يتمتع القارئ بمختلف التوازنات الإبداعية بين هذه المفردات ومجال الشكل، فالفنان يصنع انسجاما بين مختلف العناصر التركيبية، ويصنع توليفات قوية بين مجال الشكل وعمليات التركيب، والوصول إلى انصهار كل المفردات الفنية والعناصر التشكيلية في الشكل العام، ما ينم عن قدرة المبدع الفنية، وقدرته الإبداعية، ومرونته في التفاعل مع الأنماط الشكلية لإبراز القوة التعبيرية، وما ينم كذلك عما أنتجته تجربته العالمة في مجال الفن التشكيلي.

يتبدى أسلوب المبدع عبد الحي الملاخ ممنهجا، يكتنز قيما جمالية، وأبعادا فنية؛ تتمثل توزيع المساحة، وتمَوضع اللون، وتوزيع المفردات الفنية، لينسج الإبداع الفني بجماليات رائقة.

إن أعماله تحمل خصائص جمالية، وذلك ناتج عن استلهامه من عناصر الفن جمالياته المتنوعة، فهو يتحكم بشكل إبداعي رائق في كل عمليات التدبير الفضائي، وينسج أعماله بناء على التعبير العميق الذي ينتج المعاني والدلالات، في سياق فني يتدبره المبدع بمقومات فنية مختلفة، يثبتها في شكل وحدات بنائية لتأثيث الفضاء، فمرحلة التكوين لديه تقوم على مجموعة من الأشكال المباشرة، التي تنتج دلالات ومعاني، حيث يوفر لذلك جملة من المواد والعناصر الفنية وفق تصوره، ووفق رغبته في الخروج بالمادة البصرية إلى مسلك جديد في التعبير، عن طريق التنويع في الخامات، وفي التقنيات، وفي الوسائط وفي الشكل.. إنه تطبيق عملي وفق رؤى فنية وتصورات جمالية تتيح للبناء البصري صياغة تصويرات تتفاعل مع مقومات العمل التشكيلي ومخزوناته الإبداعية.

وبذلك يتبدى أسلوب المبدع عبد الحي الملاخ ممنهجا، يكتنز قيما جمالية، وأبعادا فنية؛ تتمثل توزيع المساحة، وتمَوضع اللون، وتوزيع المفردات الفنية، لينسج الإبداع الفني بجماليات رائقة. يحقق من خلالها لغة تشكيلية ذات قيمة عالية في المشهد الفني العالمي. فما يشكله التشكيل لديه من تحقق فني، ومن قيم جمالية؛ يجعله يتناوله ضمن السياق الفني والجمالي في المنظومة الحضارية بتكويناتها وبناءاتها الفنية، فيتبدى أن المبدع يسعى للوصول بالتشكيل المغربي في إطاره الرمزي والعلاماتي، وفي نطاقه الجدلي إلى قيمة فنية بذاتها، وقيمة جمالية تتحول بالطرق الإبداعية إلى أشكال دلالية تحمل أبعادا فلسفية تروم النبض الجمالي والقيمي، وتكشف عن النسق الحسي الذي يضمر حزمة من المضامين. ومن ثم يتبدى أن صاحب الخبرات التشكيلية يدرك عن وعي ما تنتجه عمليات التوظيف المحكم للأنسجة التشكيلية في العمل الإبداعي المعاصر، بآلياته الجديدة وتقنياته المتفردة، لكي يرسي مسلكا جديدا في التشكيل المعاصر؛ مليئا بالتشكيلات التي تجسد اختياراته الفنية والجمالية المفتوحة على كل العوالم، وفق مسلك شكلي بصري، ووفق مادة تراثية تتكون من مجموعة من المخلفات التقليدية الوسيطة التي تؤلف بين الاستخدامات التحولية، وأشكال التعبير التي تحملها ريشة المبدع. لذلك فهو يسعى من وراء كل ذلك إنجاز مجال تشكيلي مليء بالمظاهر الحضارية، ليحولها إلى مادة فنية ذات عوالم رمزية ودلالية، ليُهيئ أرضية فنية خصبة كي ينثر في الساحة العالمية أروع إبداعاته بتنظيم مدهش، اقترانا بما يجسده من التقنيات المعاصرة، وتوظيف المفردات الفنية والجمالية، والتنويع في عمليات التركيب اللوني والشكلي، ما قاد هذه التجربة الطويلة لأن تُؤكد حضورها القوي ضمن تموقعات الفن العالمي، ويجعلها محط أنظار المتتبعين والنقاد. وذلك بما يتوفر عليه من إمكانات وتقنيات هائلة، وما يتوفر فيه من احترافية وصدق في التعبير في مختلف تمظهراته الحسية والبصرية، لينجز فنا بصريا معاصرا.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!