جندي لا يشبع.. أكل القطط وباع جيشه من أجل قطعة شمّام
Share your love
على حسب الأخصائيين المعاصرين، يحتاج الإنسان يوميًا، حسب نشاطه، لما بين 2000 و3000 من السعرات الحرارية التي يحصل عليها من الغذاء. ويتجه أغلب البشر لتوفير حاجياتهم من الطاقة عن طريق تناول ثلاث وجبات يوميًا، كما يتجنبون الإفراط في الأكل لمواجهة الوزن الزائد والسمنة وما يمكن أن يترتب عنها من أمراض. لكن هذه المعايير اختلفت لدى رجل بولندي يدعى تشارلز دومري (Charles Domery) عاش خلال القرن الـ18، حيث اتجه لتناول كميات هائلة من الطعام يوميًا فأكل كل ما وقع بين يديه وتمرّد من أجل بطنه قبل أن يجد نفسه محل أبحاث في يد أطباء إنجليز.
ولد تشارلز دومري ببولندا في حدود العام 1778. ومنذ طفولته، عانى دومري من جوع شديد حيث عجز والداه عن تلبية حاجاته الغذائية، فترك المنزل وهو في الـ13 من عمره ليلتحق بالجيش البروسي ويشارك في حرب التحالف الأول الذي شكّل عقب الثورة الفرنسية.
لكن سرعان ما ندم الفرنسيون على هذا القرار، حيث تفاجأ الجميع من الشهية المفرطة لتشارلز دومري الذي كان قادرًا على تناول طعام يوم كامل دفعة واحدة وبشكل سريع قبل أن يطالب بمنحه المزيد. وعلى الرغم من مضاعفة حصّته الغذائية مقارنةً بزملائه، أنفق دومري راتبه لشراء مزيد من الطعام ولجأ أحيانًا لتناول نحو كيلوغرامين من الحشائش لتلبية حاجياته وإخماد بطنه.
وقد كان طبق كبد العجل أفضل الأطعمة التي أحبّها تشارلز دومري الذي كان يتناول يوميًا كميات كبيرة من اللحوم. وعلى حسب شهادة عدد من زملائه، استقر الجندي البولندي الأصل برفقة كتيبته بباريس لمدة عام عمد خلاله لاصطياد وأكل ما يزيد عن 100 من قطط المدينة، قبل أن يقدم بعدها على أكل صديقه أثناء فترة عمله على متن السفينة الحربية “هوش” (the Hoche).
فخلال إبحارهم نحو أيرلندا، اعترضت سفن حربية بريطانية السفينة “هوش” وفتحت النيران باتجاهها فسقطت قذيفة قرب بحّار فرنسي لتقطع رجله التي ارتفعت لتسقط قرب تشارلز دومري فما كان من الأخير إلا أن باشر بأكل رجل زميله المبتورة قبل أن ينتزعها منه بعض العاملين المذعورين على متن السفينة، حسب ما تناقلته الروايات.
خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1798، وقعت السفينة “هوش” وطاقمها في قبضة البحرية الإنجليزية ليجد على إثر ذلك تشارلز دومري نفسه محل أبحاث طبية في يد الأطباء الذين حاولوا فهم سبب حاجته المستمرة للغذاء.
أثناء فترة سجنهم، حصل البحارة الفرنسيون على كميات طعام يومية قدرت بحوالي 740 غرامًا من الخبز و230 غرامًا من الخضراوات، إضافة لكمية ضئيلة من الجبن. وأمام كمية الغذاء الضئيلة التي حصل عليها، ترجّى دومري سجّانيه لمنحه مزيدًا من الطعام لتتضاعف تدريجيًا حصّته والتي بلغت في النهاية عشرة أضعاف ما ناله زملاؤه.
لم يكن كل ذلك كافيًا لسد رمق دومري الذي عمد لاحقًا لاصطياد وأكل القط الوحيد بالسجن، إضافة للعديد من الفئران التي دخلت زنزانته قبل أن يتجه لأكل شموع الإضاءة. وقد أثارت القصص التي تناقلها الجميع حول تشارلز دومري استغراب مسؤولي السجن الذين سرعان ما وافقوا على قبول زيارة عدد من الأطباء لإجراء أبحاث عليه.
وبناءً على تقارير تلك الفترة، انقسم الأطباء المعاصرون لتفسير حالة دومري، فبينما تحدّث البعض عن خلل جيني، أكد البعض الآخر إصابته بفرط نشاط الغدة الدرقية، والتي تتجسد أعراضها أساسًا في زيادة الشهية للطعام وكثرة التعرق وعدم تحمل الحرارة وزيادة العطش، وهي نفس الأعراض التي عانى منها تشارلز دومري.