‘);
}

السيّدة عائشة أمّ المؤمنين

وُلدت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في السنة الرابعة، أو الخامسة لبعثة الرسول عليه السلام، وهي بنت أبي بكر -رضي الله عنه- صاحب النبي، ولذلك فقد نشأت عائشة في بيتٍ يملؤه الإيمان بالله، فوالداها يدينان الإسلام من أول يومٍ وعت فيه، ولقد ورد أن النبيّ -عليه السلام- رآها في المنام أنّها زوجته، ولذلك خطبها من والدها أبي بكرٍ، وهي في السادسة من عمرها، ولم يدخل بها حتى بلغت التاسعة، قال عليه السلام: (أُرِيتُكِ قبلَ أن أتزوجَكِ مَرَّتَيْنِ، رأيتُ المَلَكَ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ من حريرٍ، فقلتُ له: اكْشِفْ، فكشف فإذا هي أنتِ، فقلتُ: إن يَكُنْ هذا من عندِ اللهِ يُمْضِهِ، ثم أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ من حريرٍ، فقلتُ: اكْشِفْ، فكشف، فإذا هي أنتِ، فقلتُ: إن يَكُ هذا من عندِ اللهِ يُمْضِهِ)،[١] ولم يتزوج رسول الله بكراً غير عائشة، وكان يُحبّها حُباً شديداً، بل إنّها كانت أحبّ الناس إليه، وبذلك أجاب حين سُئل عن أحبّ الناس إليه عليه السلام.[٢][٣]

عُرفت عائشة بالكثير من الخصال الحسنة، أوّلها العلم الغزير، فقد كانت مرجعاً للصحابة إن استشكل عليهم شيءٌ في الفرائض، أو الأحكام الفقهيّة، أو المواريث، وغير ذلك، وقد روي عنها حديث الصحابة: (ما أشكَل علينا، أصحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حديثٌ قطُّ فسأَلْنا عائشةَ إلَّا وجَدْنا عندَها منه عِلْماً)،[٤] حتى إنّ عائشة فاقت زوجات النبيّ -عليه السلام- كلهنّ بعلمها، قال الزهري: (لو جُمِع علم عائشة إلى علم جميعِ أزواج النبيّ وجميع النساء، كان علم عائشة رضي الله عنها أكثر)، ولم تتميّز السيدة عائشة بالعلم الغزير وحسب، بل عُرفت باجتهادها بالعبادة، وطول صلاتها، ودوام صيامها، وإنفاقها في سبيل الله، حتى إنّها وزّعت سبعين ألف درهمٍ يوماً، وهي ترقّع جانب درعها، وذلك لزهدها وحبّها للإنفاق في سبيل الله.[٢][٣]