«حبايب»… عمل جديد يستعيد درر الموسيقى الكلاسيكية في فلسطين

رام الله ـ «القدس العربي»: رغم شح الإمكانيات والانهيارات، تواصل المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية «نوى» الغوص في أعماق البحار المختلفة بحثا عن مقطوعات موسيقية في فلسطين، تعرضت للتلف والضياع والسطو نتيجة نكبة 1948، وقد كشفت أمس عن إنجاز جديد يتمثّل بإصدار عمل موسيقي جديد من زمن فلسطين الجميل. وبمناسبة صدور هذا المنتج الموسيقي الآلي (هنا […]

«حبايب»… عمل جديد يستعيد درر الموسيقى الكلاسيكية في فلسطين

[wpcc-script type=”ab11c36e9c0b6b71ed5b5998-text/javascript”]

رام الله ـ «القدس العربي»: رغم شح الإمكانيات والانهيارات، تواصل المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية «نوى» الغوص في أعماق البحار المختلفة بحثا عن مقطوعات موسيقية في فلسطين، تعرضت للتلف والضياع والسطو نتيجة نكبة 1948، وقد كشفت أمس عن إنجاز جديد يتمثّل بإصدار عمل موسيقي جديد من زمن فلسطين الجميل. وبمناسبة صدور هذا المنتج الموسيقي الآلي (هنا القدس الثالث) تم عرض مختارات منه ومن العملين الشقيقين الصادرين، «هنا القدس الأول» و«هنا القدس الثاني» بعنوان «حبايب» في احتفالية مهيبة، بمشاركة إيهاب بسيسو وزير الثقافة الفلسطيني في قصر الثقافة في رام الله. وفي كلمته أشاد بسيسو بمشاريع «نوى» وحيويتها في تبيان الزمن الجميل، وبناء وتعزيز الذاكرة الوطنية الفلسطينية، وفي تعميم الذائقة الموسيقية العربية. لافتا إلى أن «نوى» تعمل بإمكانيات ضئيلة ووعد بتقديم الدعم لها. وبهذا الإصدار الجديد تراكم «نوى» تجربتها ومسيرتها منذ بضع سنوات، وفيها تستعيد أعمالا موسيقية كلاسيكية مدهشة أنجزت في القدس، يافا وحيفا. وتم تسجيل اسطوانة «هنا القدس 3 « في استوديوهات «حنضل» في بيت لحم، وبدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان، والصندوق العربي (آفاق)، وهي تشمل سبع مقطوعات تندرج في إطار «الموسيقى الآلية»، منها ثلاث للفنان الراحل روحي الخماش ابن نابلس . كما تشمل عملين للموسيقار الراحل ابن بيت لحم رياض البندك، وعملين للموسيقار ابن مدينة عكا عبد الكريم قزموز.

ويوضح الباحث نادر جلال مدير عام مؤسسة «نوى» إن الإنتاج الثالث هذا مراكمة لإنتاج موسيقي محترف ومتقن لمبدعين فلسطينيين قدموا موسيقاهم وأغنياتهم في المدن الفلسطينية كالقدس، يافا، حيفا، عكا والناصرة وغيرها قبل 1948. وصدرت أسطوانة «هنا القدس 1» في 2012 وتبعتها «هنا القدس 2 « في 2014.

حمل روحي الخماش خبرته الموسيقية الآلية والغنائية في الإذاعة الفلسطينية، ووزعها بكرم واقتدار على موسيقيين كثر لم يسلموا من تأثيره المحبب.

عميد المطربين

ويوضح جلال نادر لـ«القدس العربي» أنه بالإضافة لأهمية توثيق وإعادة إنتاج وترويج مؤلفات هؤلاء الموسيقيين، هناك فكرة وراء إنتاج كل أسطوانة. لافتا إلى أن الأسطوانة الأولى كانت عبارة عن موشحات، وهو أول ألبوم «موشحات» في المكتبة الموسيقية الفلسطينية لمؤلف من الرواد هو روحي الخماش، والثانية تجمع بين القصيدة والابتهال و«الطقطوقة» لمحمد غازي الملقب بـ«عميد المطربين»، وهو مغاير على أكثر من مستوى، أما الثالثة فهي مشتركة لثلاثة من الرواد، فهي عبارة عن «موسيقى آلية» كما ذكر أعلاه. ويشير إلى أن مشروع «هنا القدس» يحقق مسعى مؤسسة «نوى» في استرجاع، وتوثيق نصوص موسيقية وتوطينها في عقول الأجيال الحاضرة، لرفع ثقتها بمرجعياتها الثقافية، ويدحض مقولة الاحتلال بأن فلسطين كانت قبل النكبة «أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض»، ويشرع في ترميم المكتبة الموسيقية العربية والإنسانية. يشار إلى أن موسيقيي مجموعة نوى للموسيقى العربية تشمل نحو 40 موسيقيا وإداريا من فلسطين من بحرها إلى نهرها، وأن العمل الأخير تم بمساهمة جلال نادر، خليل خوري، محمد خمايسة، أليني مستكلم، لؤاب حمّود، الأخوين محمد وحنين الرجوب، الأخوين محمد ومعن الغول، وعلاء إسحق، شاركوا في تقديم هذا العمل بالشكل الذي خرج عليه.

ويشمل عرض «حبايب» سبع مقطوعات موسيقية (حبايب، ليالي الأنس، سماعي نهاوند، رقصة ليلى، سماعي نهاوند ثان، فالس الربيع والرقص العصري) وهي بمعظمها تعتمد مقام النهاوند وقلتها تعتمد مقام عجم وبيات، وهي من ألحان روحي الخماش، رياض البندك وعبد الكريم قزموز. يشار إلى أن عددا ملحوظا من الموسيقيين الفلسطينيين، شكلوا طاقما مبدعا لإذاعتي «هنا القدس» و«الشرق الأدنى» نجح بالتأثير على الموسيقى العربية قبل 1948 وبعدها، وقد قدموا ألحانا لفنانين عرب بارزين، ما زال العالم العربي يتغنى بهم حتى اليوم من أمثال الخماش وقزموز والبندك ومحمد غازي وغيرهم العشرات من الموسيقيين الفلسطينيين الرواد.

ذاع صيته مبكرا

واستنادا لدراسة «نوى» فقد ولد روحي الخماش في نابلس عام 1922 وكان مولعا بالفن من صغره فكان يؤدي الترانيم والمعزوفات وأناشيد الصباح بإجادة تامة مع أترابه ومعلميه. وكان والده مهتما بموهبته وتعلقه بالفن فاقتنى له عودا لمساعدته في صقل مواهبه. وعمل الخماش مبكرا في إذاعة «هنا القدس» ودرس العلوم الموسيقية في معهد فؤاد الأول في القاهرة في ثلاثينيات القرن الماضي وخلال عامين فقط أنهى ست مراحل دراسية متفوقا على زملائه ليعود مشرفا للفرقة الموسيقية الحديثة في إذاعة «هنا القدس» حتى هجرته عام 1948. ظل روحي الخماش محتفظا بموطئ قدم راسخة في منافيه المتعددة، وفي العراق حمل خبرته الموسيقية الآلية والغنائية في الإذاعة الفلسطينية، ووزعها بكرم واقتدار على موسيقيين كثر لم يسلموا من تأثيره المحبب.

للبندك فضل في اكتشاف أو توجيه انطلاقة عدد من المطربين مثل فايزة أحمد ولطفي بشناق وجورج وسوف وفاتن الحناوي.

البندك.. عازف ملحن لكبار الفنانين

أما رياض البندك فولد في بيت لحم عام 1926 وتعرف على عالم الموسيقى والغناء في سن العاشرة عندما كان والده يصطحبه للأعراس، وكان لا شعوريا يجلس بجانب الفرقة الموسيقية ويحاول حفظ ما تقدمه من أغان. درس البندك في ابتدائية بيت لحم وشارك في كورال المدرسة الذي أسسه مديرها وعازف الكمان الراحل فاضل نمر. وعندما أظهر البندك تميزا في حفظ الأغاني بسرعة كلفه المدير بالغناء أمام الطلاب صباحا. تعلم عزف العود عند الأستاذ شكري جحا وأصبح يشاركه في سهرات الأعراس حتى قام والده بمنعه ونقله لمدرسة تيراسانطا ليدرس العلوم الموسيقية على يد الموسيقار يوسف بتروني، ومنه تعرف على الملحن يحيى اللبابيدي ابن عكا، الذي سعى لتوظيفه مطربا في إذاعة «هنا القدس» ثم عازفا وملحنا فيها حتى 1948. عمل البندك على تنظيم القسم الموسيقي في إذاعة بيروت وعمل منظما ومديرا للقسم الموسيقي العربي في الإذاعة السورية وساهم في إنشاء صوت العرب وإذاعة الإمارات العربية المتحدة. ألف المقطوعات الموسيقية الآلية والأناشيد والأغاني الوطنية ولحن لنجوم الغناء العربي منهم ماري جبران، علية التونسية، سعاد محمد، وديع الصافي، كارم محمود، زكية حمدان، محمد قنديل، محمد عبد المطلب، نور الهدى، هدى سلطان،عبد الغني السيد، عباس البليدي، فايدة كامل، فتحية أحمد وسواهم. وللبندك فضل في اكتشاف أو توجيه انطلاقة عدد من المطربين مثل فايزة أحمد ولطفي بشناق وجورج وسوف وفاتن الحناوي.

عبد الكريم قزموز ملك الأستوديو

وعبد الكريم قزموز هو ضابط إيقاع من عكا ولد فيها عام 1926 وكان والده مؤذنا فتعلم التجويد والأناشيد الدينية. عمل في صباه في مقاهي عكا التي كانت تنظم الأمسيات الموسيقية أسبوعيا. وقد كشفت هذه الأمسيات مواهب عبد الكريم الدفينة وثوّرت شغفه بالموسيقى فبدأ تعلم الإيقاع إلى أن أصبح عازفا بارعا على آلة «الدف». التحق بإذاعة «الشرق الأدنى» في يافا ثم في «إذاعة القدس». هجّرته النكبة من موطنه إلى بيروت فعمل عازفا متخصصا في التسجيلات الموسيقية وأطلق عليه لقب «ملك الأستوديو». عمل في الإذاعة اللبنانية وفي تدريس الإيقاع في المعهد العالي وتتلمذت على يديه مجموعة كبيرة من العازفين في لبنان. كما عمل مع كبار الملحنين والمطربين في لبنان والعالم العربي كالأخوين رحباني وزياد رحباني ونجاة الصغيرة وأم كلثوم وفريد الأطرش وأحمد قعبور وسعاد محمد ونور الهدى ولور دكاش ونجاح سلام ووردة الجزائرية وركب الإيقاع لأغنيات كثيرة مهمة مثل «على الله تعود»، «عيني ع الصبر، «ع الضيعة»، «ع البساطة». وقدم ألحانا سجلت في الإذاعة اللبنانية.

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!