‘);
}

الحدّ في الإسلام

جاء ديْنُ الإسلام ليُنّظمَ حياة البشريّة في الحياة الدُّنيا، ويرفع عنهم كلّ ما من شأنه أن يُسبّبَ لهم الأذى والعَناء، ويَسير بهم نحو بَرٍّ من الأمَان الجَسديّ والاطمئنان النفسيّ، فهو ديْن يَسعى إلى الحِفاظ على مجموعة من الأصول والضَّروريات التي تصون مَصلَحة الإنسان وتحفظُه من الضَّرر الحَاصل بانتِهاكِها. وهذه الأصول أو الضَّروريات تُعرَف بما يُسمّى (مَقاصدَ الشَريعَة)، وهي: الدِّين، والنَّفْس، والعَقْل، والنَّسْل، والمَال،[١] فجميع أحكام الشّريعة من حَلال أو حرام أو مُباح أو مَندوْب أو مَكروْه، تَصُبّ في حِفظ هذه الأصُول الخَمسَة. ولتحقيق هذه الغايَة شَرَع النّظام الإسلامي العقوبات لدَرءِ المَفسدَة الواقِعة، وسَدِّ الخَلل الحَاصِل في حَال انتُهكتْ هذه المَقاصد أو الأصُول، فكانت هناك عُقوبَات على القَتل، والسَّرقة، والزّنا، وشُرب الخَمْر، وغيرها من الجِنايات التي تَستلزمُها. ومن هذا، يوضّح هذا المقال حَدّ شُرب الخَمْر، ابتداءاً من تعريف الخَمْر لغةً واصطلاحاً، وحكم شُربها، والحِكمَة من تحريمها، وانتهاءاً ببَيان هذا الحَدّ، وشُروط إقامَته، وبمَاذا يَثبُتْ.

تعريف الخَمْر

الخَمْرُ في اللّغة: اسم مُشتقّ من الفعل خَمَرَ، أي بمعنى غَطَّى وسَتَرَ، فيُقال: خَمَرَت المرأة وجهها أي: غَطَّته، وخَمَرَه في بيته أي: سَتَرَه، وخَمَرَ شَّهَادَته أي كَتَمَها، والخَمْرُ شرابٌ معروف سُمّيَ بذلك لأنّه يُغطّي العقل ويخمره، فيستُره عن طبيعته المعروفة، فلا يعمل بكامل قدرته وقوته.[٢]