حقيقة الحياة بعد الموت

كلنا نحلم بالخلود والخلود يسري في أمنياتنا جميعا ، ومنذ أن وجد الإنسان على الأرض كان الموت و الخوف من المجهول متأصلا في طبيعته ، فالموت هو الخاتمة التي تنطوي به صفحة حياته على الأرض. 
أما الذين يؤمنون بالمسيح ، لا يرون في الموت إلا مدخلا للحياة الأبدية مع الله ، والموت ليس هو نهاية كل شيء ، فحياتنا تستمر روحا ً وجسدا ً معا ً .
هناك عدد من ديانات العالم يرى أن النفس هي المهمة ، أما الجسد فغير مهم . وقد تأثرت المسيحية في بعض الأوقات بهذه الآراء .
ولكن الحقيقة هي أن المسيحية تهتم بالجسد إلى ابعد حد ، فنحن نعبد الله الذي خلق العالم المادي وقال عنه انه حسن.(تك 10:1)
حقيقة قيامة الاجساد من الموت ، مع الوصف الدقيق لتلك الاجساد
ان قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات،هي الحقيقة المحورية لتاريخ الكنيسة،وبدونها لن يكون هناك كنيسة للمسيح.وهذه إجابة صريحة من يسوع المسيح كما جاءت في بشارة البشير متى/31:22 ((و أما من جهة قيامة الأموات ،أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل . أنا اله إبراهيم و اله اسحق و اله يعقوب ليس الله اله أموات بل اله أحياء)).
وقد وعدنا المسيح الذي مات لأجلنا،انه كما مات لأجلنا ،انه كما قام هو من الأموات ،هكذا سيستبدل أجسادنا المائتة بأجساد سماوية وحينئذ سنحيا ونملك مع المسيح.
يقول البشير يوحنا11: 25،26  ((قال المسيح لمرتا أخت لعازر :أنا هو القيامة والحياة من امن بي وان  مات فسيحيا وكل من كان حيا وامن بي فلن يموت إلى الأبد أتؤمنين بهذا؟)).
ان الرب يسوع امضي أربعين يوما مع تلاميذه وآخرون في الفترة ما بين قيامته من الموت وصعوده إلى السماء.وخلال هذه الفترة كان يسوع بجسد غير جسده الأرضي(المادي).                                                            
  ان جسد قيامة الرب يسوع لم يعد جسدا خاضعا لنفس قوانين الطبيعية كما كان قبل موته،أصبح ممكنا له الدخول والأبواب مغلقة يوحنا/19:20 :   ((و لما كانت عشية ذلك اليوم و هو أول الأسبوع و كانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع و وقف في الوسط وقال لهم سلام لكم ))
إلا انه لم يكن شبحا أو طيفا أو خيالا،فقد كان ممكنا لمسه .إنجيل يوحنا 26:20،27 ((و بعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضا داخلا و توما معهم فجاء يسوع و الأبواب مغلقة و وقف في الوسط و قال سلام لكم.ثم قال لتوما هات أصبعك إلى هنا و أبصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا )). 
 وقد أكل معهم الخبز والسمك المشوي  ((و بينما هم غير مصدقين من الفرح و متعجبين قال لهم أعندكم هاهنا طعام ؟ فناولوه جزءا من سمك مشوي و شيئا من شهد عسل فأخذ و أكل قدامهم )) لو 24:41-43 وكان قادرا على الظهور والاختفاء: لو:24: 0 5 ،51 ((و أخرجهم خارجا إلى بيت عنيا و رفع يديه و باركهم . و فيما هو يباركهم انفرد عنهم و صعد إلى السماء)) 
 ونحن المؤمنين بموته وقيامته سننال مثل هذا الجسد عند قيامة الأموات كما جاء بتوضيح من الرسول بولس في رسالته إلى فيلبي 21,20:3 ((الرب يسوع المسيح ,الذي سيحول جسدنا الوضيع إلى صورة مطابقة لجسده المجيد)).
وحقيقة قيامة الأجساد يؤكدها النبي داود فيقول:  (( لذلك فرح قلبي وتهلل لساني حتى ان جسدي سيرقد على رجاء.لأنك لن تترك نفسي في هوة الأموات ولن تدع وحيدك القدوس ينال منه الفساد.)) مز9:16                   
وهذا تأكيد آخر من اشعيا النبي  يقول فيه: ((ولكن أمواتك يحيون،وتقوم أجسادهم فيا سكان التراب استيقظوا واشدوا بفرح لأن طلك هو ندى متلألئ،جعلته يهطل على ارض الأشباح)) اشعيا 19:26
أما من ناحية التشابه بين أجسادنا الأرضية وأجسادنا الروحانية يقول الرب يسوع : ((مضت هذه المدة الطويلة وأنا معكم ولم تعرفني يا فيلبس.الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أرنا الآب.)) يوحنا 9:14
ومن الكتاب المقدس سفر التكوين 27:1 نقرأ: ((فخلق الله الإنسان على صورته،على صورة الله خلقه .ذكرا وأنثى خلقهم.))
الرسول بولس أيضا يؤكد قيامة الأجساد ، ويصفها في رسالته ا كو 15 :42-44  فيقول:  (( وهكذا الحال في قيامة الأموات : يزرع الجسد منحلا ً ويقام غير منحل ، … يزرع مهانا ًويقام مجيدا ،يزرع ضعيفا ويقام قويا،يزرع جسما ماديا ويقام جسما روحيا))
وكما بزرة يابسة من ورد الياسمين ، بعدما تموت في الأرض ،تنبت وتزهو من جديد وتظهر بشكل رائع. هكذا ستكون أجسادنا الروحانية مختلفة عن أجسادنا الأرضية .
سؤال :  كيف نحيى في ملكوت الله ،بعد قيامتنا من الأموات؟
الجواب :   (( سنكون كملائكة الله)) متى 22 :30 
هذا ما أكده الرب يسوع المسيح في رده لسؤال وجه إليه من قبل بعض الصدوقيين حين قال :  ((فالناس في القيامة لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.)) متى 22 :30
إذن أولا يجب أن نتعرف على ماهية الملائكة .
الملائكة : كائنات روحية تحيى في حضرة الله وتعمل إرادته وتحمل رسائل الله إلى البشر.
وقد سلم الملاك جبرائيل رسالة خاصة إلى زكريا :   ((فظهر له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور فلما رآه زكريا أضطرب و وقع عليه خوف فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لان طلبتك قد سمعت و امرأتك اليصابات ستلد لك ابنا و تسميه يوحنا)) لوقا 1: 11-13  
ولم يكن ذلك حلما ً أو رؤيا وقد ظهر الملاك في أماكن وأوقات مختلفة للكثيرين وبصورة مرئية، وبهيئة بشر ، وتكلموا بلغة البشر ، وسُمعوا ، وفُهمَ كلامهم من قبل المرسلين إليهم من البشر . وقد أكلوا من طعامنا مثلنا ، ومن عندنا ، و لَمسُوا الناس ، ولُمِسوا من قبل الناس أيضا ً . ولمزيد من المعلومات عن الملائكة نذكر بعض الأحداث من الكتاب المقدس: 
1- الملاك ومريم العذراء : ((فدخل إليها الملاك و قال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في النساء)) لوقا 28:1
2- الملاك و الرعاة : ((وإذا ملاك من عند الرب قد ظهر لهم،ومجد الرب أضاء حولهم،فخافوا اشد الخوف)) لوقا 9:2
3- الملاكان و مريم المجدلية : ((فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدا عند الرأس والآخر عند الرجلين، حيث كان جسد يسوع موضوعا فقالا لها: يا امرأة، لماذا تبكين؟ قالت لهما: إنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه)) يوحنا 20: 12،13
4- الملاك و بطرس الرسول،بينما كان بطرس مسجونا:  (( وفجأة حضر ملاك من عند الرب ،فامتلأت غرفة السجن نورا.وضرب على جنبه وأيقظه وقال:  (قم سريعا)فسقطت السلسلتان من يديه.فقال له الملاك:   (شد حزامك،والبس حذاءك!)ففعل.ثم قال له :  (البس رداءك واتبعني!))أ ع 12 : 7،8
5- الملاك و يعقوب :   ((فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر)) تكوين 22:32/وهذا الإنسان كان ملاك مرسل من عند الله.
6- الملاكان و لوط :   ((فجاء الملاكان إلى سدوم مساء، وكان لوط جالسا في باب سدوم. فلما رآهما لوط قام لاستقبالهما، وسجد بوجهه إلى الأرض. وقال: يا سيدي، ميلا إلى بيت عبدكما وبيتا واغسلا أرجلكما، ثم تبكران وتذهبان في طريقكما. فقالا: لا، بل في الساحة نبيت. فألح عليهما جدا، فمالا إليه ودخلا بيته، فصنع لهما ضيافة وخبز فطيرا فأكلا )) تكوين 19 : 1-3
7-الملائكة و إبراهيم :  ((وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار.  فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض. وقال: يا سيد، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك .ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة . فآخذ كسرة خبز، فتسندون قلوبكم ثم تجتازون، لأنكم قد مررتم على عبدكم. فقالوا: هكذا تفعل كما تكلمت. فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة، وقال: أسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا. اعجني واصنعي خبز ملة . ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلا رخصا وجيدا وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله . ثم أخذ زبدا ولبنا، والعجل الذي عمله، ووضعها قدامهم. وإذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة أكلوا))تكوين1:18-8                                                                                             
  8-الملاك ويشوع بن نون: ((وفيما كان يشوع قريبا من أريحا تطلع أمامه وإذا به يشاهد رجلا ينتصب في مواجهته،شاهرا سيفه بيده،فاتجه إليه وسأله:  (هل أنت منا أو من أعدائنا؟)فأجابه:  (لا،إنما أنا رئيس جند الرب،وقد أقبلت الآن… )يشوع5 :13-15/ كان يشوع قائدا عسكريا فريدا، وقد أختير خليفة لموسى .                    
9- الملاك و جدعون: ((فظهر ل جدعون ملاك الرب وقال له: الرب معك يا جبار البأس)) قضاة 13: 16
10– الملاك و منوح :  ((فقال ملاك الرب لمنوح: ولو عوقتني لن  آكل من خبزك، وإن عملت محرقة فللرب أصعدها . لأن منوح لم يعلم أنه ملاك الرب )) قضاة 13 : 15
أخيرا ها هو الرسول بولس ينصحنا في استقبال وإكرام الضيف والقيام بواجبات الضيافة للغرباء فيقول:  ((ولا تغفلوا عن ضيافة الغرباء ، فبها أضاف بعض القدماء ملائكة دون أن يعرفوا.)) عبرانيين 13: 20                      
                                             وصف الجنة                                                              
                                   – الملكوت السماوي ، ملكوت الله –
بدأت الجنة عملها بمجيء الرب يسوع المسيح . والجنة ليست بالضرورة مكانا ً جغرافيا بل مملكة يملك فيها الله ، ولنا فيها حياة أبدية .
يقول سيدنا المسيح : ((فالناس في القيامة لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.)) متى 22 :30
كلمات الرب يسوع هنا لا تعني أن الإنسان لن يعرف شريك حياته في الملكوت السماوي ، ولكنها تعني إننا يجب ألا نفكر في السماء على انها امتداد للحياة التي نعرفها الآن . ان علاقتنا في هذه الحياة محدودة بالزمن و الموت و الخطية  ، ولسنا نعرف كل شي عن حياة القيامة ولكن الرب يسوع يؤكد ان العلاقات ستكون مختلف عما اعتدناه هنا الآن . وعلينا أن نعلم ماهية السماء التي لابد سنكتشفها يوماً ، انها أسمى من أعظم توقعاتنا . وهذا ما أكده الرسول بولس في رسالته 1 كورنتوس 9:2 ((بل كما هو مكتوب ما لم تر عين و لم تسمع إذن و لم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه)) .
وما نعرفه عن الأبدية و الحياة فيها فهو : ان الأبدية مكان معد لنا . ((في بيت أبي منازل كثيرة ولو لم يكن الأمر كذلك لقلت لكم! فأني ذاهبا لأعد لكم مكانا. وبعدما اذهب واعد لكم المكان أعود إليكم وأخذكم الي لتكونوا ، حيث أكون أنا تكونون انتم أيضا )) يوحنا 14 : 2،3
– وتكون غير محدودة بالخصائص المادية :يو19:20-20 
– وأيضا سنكون كيسوع المسيح: ((أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله .ولا نعلم حتى الآن ماذا سنكون ،لكننا نعلم انه متى أظهر المسيح ،سنكون مثله،لأننا سنراه عندئذ كما هو!)) (1يوحنا 3 : 2 ) 
– وسنأخذ أجسادا جديدة 1كو35:15-58 
– وسوف نعيش في وسط جديد وبيئة جديدة .وكذلك سيكون لنا خبرة جديدة عن الله .وحتما ستكون لنا عواطف ومشاعر جديدة. وأكيد لن يكون هناك مزيد من الموت. (( ثم رأيت سماء ً جديدة ً وأرضا ً جديدة…  وسمعت صوتا ً هاتفا ً من العرش : (الآن صار مسكن الله مع الناس وهو يسكن بينهم وهم يصيرون شعبا له.وسيمسح كل دمعة من عيونهم .إذ يزول الموت والحزن والصراخ والألم ، لان الأمور القديمة كلها قد زالت )) رؤيا21 :1،3،4
الخاتمة :
ان الموت يخيف الناس ، لأنه غامض و مجهول ، ولاشك في أن مواجهة المجهول تدعو إلى القلق ، وفراق الأحباء يدفع إلى الحزن والأسى . أما الرسل و شهداء المسيحية فلم يخشوا الموت أبدا ، لأنهم كانوا واثقين من أنهم سيكون طيلة الأبدية مع يسوع المسيح . وها هو الابن الحبيب يطلب من أبيه السماوي فيقول : ((أيها الأب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم)) يوحنا 17 : 24
ونحن نحمد الله الذي أقام مخلصنا يسوع المسيح ، ففي قيامته تحقق حلم البشرية في الحياة ما بعد الموت . ولم يعد الموت مصدرا للرعب والخوف ، فقد غلبه المسيح وسنغلبه نحن أيضا . لقد انهزم الموت وأصبح لنا رجاء فيما وراء القبر . وهكذا فالموت ليس نهاية الحياة إنما بداية الحياة الحقيقية .
إذن علينا أن نصنع الخير طالما كانت الفرصة سانحة ، عالمين ان لعملنا نتائج أبدية.
وأخيرا أقول وحسب مضمون الكتاب المقدس للحاضر و مستقبل الإنسان المؤمن بقيامة المسيح : أليسَ من واجب وحق كل مسيحي حقيقي ان يكون أشجع الناس ، دائم الفرح و العيش بالسعادة الحقيقية لأنه يملك كل شيء؟ 
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!