حوار حول النظام القضائي في المملكة

حوار حول النظام القضائي في المملكة وجد النظام الجديد للقضاء في السعودية حظا واسعا من النقاش والجدل سواء في وسائل الإعلام المحلية أو في منتديات وجلسات السعوديين الخاصة ويعود هذا الاهتمام إلى شدة تأثير النظام على مجمل الأوضاع في البلد اجتماعيا واقتصادياوالشيخ خالد بن سعود الرشود القاضي بديوان المظالم..

حوار حول النظام القضائي في المملكة

size=3> 

size=3>

وجد النظام الجديد للقضاء في السعودية حظًّا واسعًا من النقاش والجدل سواء في وسائل الإعلام المحلية، أو في منتديات وجلسات السعوديين الخاصة، ويعود هذا الاهتمام إلى شدة تأثير النظام على مجمل الأوضاع في البلد، اجتماعيا واقتصاديا.
والشيخ خالد بن سعود الرشود القاضي بديوان المظالم في السعودية له آراء جديرة بالاهتمام فيما يتصل بالنظام الجديد الصادر مؤخرا.. وهو في هذا اللقاء يكشف عن بعض منها.
size=3>
size=3>
size=3>

هل تعتبر أن النظام الجديد جاء متوافقا مع طموحاتكم عندما كان يثور الحديث عن نية الحكومة في إخراج نظام جديد للقضاء؟size=3>

size=3>size=3>size=3>
size=3>كنا نتسامع بهذا النظام منذ بداية دراسته وإعداده، حيث عرفنا المنطلقات العامة والمرتكزات الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام، وجاءت كما كنا نتوقع، يوافق قدرا كبيرا من طموحات الشعب والمواطنين، وفيه تسهيل لإجراءات التقاضي وترسيخ مبدأ العدالة بين جمهور الناس، مع الالتزام بنصوص الشريعة الغراء، التي كفلت للناس حقوقهم، وأنصفتهم من أنفسهم، وراعت تحقيق العدالة بجميع جزئياتها بين المتخاصمين، والقاضي يطبق قواعد العدالة ظاهرا فهذا استطاعته، وما يعلم بواطن الأمور إلا الله سبحانه وتعالى؛ لهذا فإن من القواعد الشرعية أن حكم القاضي لا يحل الحرام، ولا يحرِّم الحلال، فلو أخذ أحد من أحد مالاً بباطل، ثم توافرت البينات والحجج مع المبطل، وحكم له الحاكم، فإن المال يبقى حكمه على التحريم، ولا يغني عنه حكم القاضي له، لأن القاضي إنما يحكم بما ظهر له، فالمقصود أن هذا النظام إنما وضع لهذه الصيغة لخدمة المواطنين، هم المستفيدون أصالة من هذا النظام، والقضاة عملهم تقديم هذا النظام للناس في الصورة الواضحة النقية، التي تكفل للمتخاصمين تحقيق العدالة بينهم، وتكفل للقاضي في الوقت نفسه تكميل القصور البشري، وتعينه على السعي في تحقيق التجرد الكامل عند الحكم.size=3>size=3>size=3>

ما هي أبرز ملاحظاتكم (الإيجابية والسلبية) على هذا النظام؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>ما دام النظام إلى الآن لم يدخل حيز التنفيذ بشكل متكامل فالإيجابيات والسلبيات لا تكون بارزة على السطح، ولكن ليعلم أن النظام الجديد قد تضمن قدرا كبيرا من مواد النظام السابق، وبالتالي فالتغيير فيه منبثق من تعديل وترتيب البيت العدلي لا أقل ولا أكثر، وإعادة تشكيله ما يتوافق ومستجدات العصر الحاضر، وهذا الترتيب الجديد يعطي ميزة جديدة للقضاء في المملكة، بحيث يوسع مساحة نظر القضية مما يجعل الحكم يصدر عن عدد أكثر من القضاة يزيد من قوة الحكم، ويولِّد -أيضا- قدرا أكبر من القناعة لدى المتخاصمين، كما أنه ركَّز على مسألة التخصص في القضاء الذي طالما نادى به كثير من القضاة، فكون القاضي يحكم في اليوم الواحد في مسائل مختلفة من أبواب متفرقة يشكِّل عبئاً ذهنيا كبيرا، لكن مع التخصص يخف هذا العبء نوعا ما، فما ذكرت يمكن عده من أبرز ميزات هذا النظام.size=3>size=3>size=3>

هل ترى أن هناك جوانب مهمة أغفلها النظام الجديد ولم يعمل على تغطيتها؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>هذا النظام مرَّ قبل صدوره بمراحل عدة، وتمت دراسته من قبل متخصصين في أكثر من جهة، واستغرق إعداده وإنجازه وقتا ليس باليسير، وكان في فترة المخاض محلا للتغيير والتبديل حتى خرج بالصورة التي هو عليها الآن، فبعد كل هذا العمل المضني الشاق لا يلام المرء بعد اجتهاده، وبالتالي فإن الجوانب الإيجابية كثيرة، وكما أشرت سابقا فإن هذا النظام إنما هو إعادة ترتيب وتعديل للبيت العدلي، وليس بهدم وإعادة تأسيس من جديد، ولذلك تجد كثيرا من المواد في النظام السابق مذكورة في هذا النظام، وعلى هذا فأرى أن هذا النظام إضافة إلى ما سبق هو خلاصة تجارب تطبيق النظام السابق، فأجريت عليه تعديلات جوهرية وأساسية حتى أصبح بهذا الشكل القائم، وعند دوران عجلته ستتبين فيه أوجه النقص والخلل، مع أن الترتيب الجديد للنظام عولجت فيه بعض الأخطاء والنقص التي تثبت بالتجربة في الدول الإسلامية المختلفة التي سبق وأن طُبِّقت جوانب من هذا النظام فيها، وبالتالي فهو إن شاء الله يحقق المقصود منه.
وأما ادعاء الكمال فهو أمر لا يجرؤ عليه بشر؛ حيث النقص ملازم للبشرية مهما كانت، وكتب الله أن يكون الكمال من صفاته سبحانه وتعالى، ولكن من نقص ابن آدم ألا يتبين من نقصه حتى ينبهه غيره، ومن حسن هذا النظام أنه ترك مجالا للزيادة فيه، ووسَّع المجال للإضافة عليه، مع زيادة الحاجة المطردة وتغير الزمان والمكان.
size=3>
size=3>
size=3>

هل يمكن القول: إن هذا النظام أكثر جرأة من النظام السابق؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>الجرأة في هذا النظام جاءت في قوة صدوره، ووضع آلية لتنفيذه، وتوفر الدعم الكامل من ولي الأمر له، كما أن وقت صدوره جاء مناسبا، ومتسقا مع توجه الدولة الحديثة، وبالتالي فهذه العوامل توفر له القوة التي تعطيه مزيدا من الجرأة إذا كانت مبنية على أساس صحيح، فهي ميزة وإن كانت غير ذلك فهي من الباطل، والأساس الصحيح في القضاء: هو ضمان نصرة ا لمظلوم، وإيصال الحقوق لأصحابها، وهذا من الأمور التي كفلها النظام الجديد.size=3>size=3>size=3>

القاضي محمد الدحيم قال: إنه يتوقع ان يعارض بعض القضاة هذا النظام .. ما رأيك في هذا القول؟ ولماذا يمكن أن يجد معارضة من هؤلاء القضاة؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>أحيانا قد تنشأ المعارضة لأمر جديد بسبب عدم التصور الكامل للشيء، وأحيانا بالفهم المخالف للمراد، مما يتسبَّب في إحداث نقد ذهني وليس عملي لهذا الشيء، وأحيانا أخرى تنشأ نتيجة النظر من جانب واحد دون بقية الجوانب مما يترتب عليه عدم وضوح في الرؤية، وبعض النفوس قد تنفر من غير المألوف ابتداءً، وهذا أمر جبلي يتدارك بمزيد من الإقناع والفهم السليم، وتوضيح الرؤية أكثر لدى المتلقي، لهذا أرى أن تُعقد ندوات متخصصة توضح بعض الجوانب في هذا النظام، وإزالة ما قد يعلق في الأذهان من لبس.size=3>size=3>size=3>


هل هناك مطالبات أخرى للقضاة لم يشملها النظام الجديد؟size=3>
size=3>
size=3>
size=3>كما سبق أن أوضحت فإن هذا النظام في الأساس وضع لخدمة المتقاضين بالدرجة الأولى، والقاضي إنما هو منفذ ومطبق فقط، والمستفيد من هذا النظام بالدرجة الأولى هم جمهور الناس؛ فهذا النظام في الواقع يصب في مصلحة المتقاضين. فالجهاز القضائي بحاجة ماسة للمعاونين القضائيين بدرجة كبيرة، وذلك لتفريغ القاضي عن العمل الإداري، ويكون عمله مقتصرا على التركيز في القضايا وإنجازها، كما يحتاج القاضي إلى باحثين يوفرون عليه الجهد في البحث، بحيث تكون القضية متوافرة بجميع مداركها أمام القاضي ليصل -بإذن الله- إلى الحكم الصحيح، ففي رأيي أن الجهاز القضائي بحاجة إلى معاونين للقضاة أكثر من حاجته إلى القضاة. فمن الخطأ أن يفتح الباب على مصراعيه لتعيين القضاة، بينما هناك فقر في المعاونين القضائيين، كالذي:size=3>size=3>size=3>

ألــقاه فــي اليـــم مكــتوفا وقــال لـهsize=3>size=3>size=3>

                 إيــاك إيــاك أن تبــتـــل بالـــمـــــاءsize=3>size=3>size=3>

ومسألة أعوان القاضي نص عليها النظام في المادة (81)، ونتمنى أن يدخل ذلك حيز التنفيذ في القريب العاجل إن شاء الله.
كما يحتاج القاضي توفير السكن المناسب والعلاج الجيد بيسر وسهولة له ولأسرته، فالخلل في هذه الأمور يسبِّب تعكر ذهن القاضي الذي يؤدي إلى ضعف التركيز في عمله، فعمله في المقام الأول قائم على الجهد الذهني.
size=3>
size=3>
size=3>

كانت هناك شكاوى بخصوص بطء التنفيذ وعدم تفعيل بعض (المواد) في النظام القديم .. ما الضوابط أو الضمانات التي يحملها النظام الجديد للتخلص من إشكالية البطء؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>الصحيح أن هذا النظام وبخلاف غيره من الأنظمة السابقة ونظرا لأهميته، وللجدية في إدخاله حيز التنفيذ صدرت الأوامر بالإسراع بتطبيقه، لذلك معه آلية للتنفيذ؛ حتى لا يبقى لأحد حجة في عدم التطبيق، لهذا فإن العمل جار على قدم وساق لأجل البدء في تطبيقه في خطة محددة المعالم وقتًا وكيفًا وكمًّا.size=3>size=3>size=3>

هل صحيح أن النظام الجديد يشوبه بعض الغموض في جانب تعيين القضاة وطريقة اختيارهم؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>على العكس من ذلك، بل هو واضح جدا في هذا الجانب، وقد حدد الباب الرابع من النظام شروط وكيفية تعيين القضاة.size=3>size=3>size=3>

ما هي المرجعيات التي سيحتكم إليها القضاة وفق النظام الجديد بالنسبة للقضايا الحياتية المعاصرة والمعاملات التجارية الدولية؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>النظام قرر في المادة الأولى منه أنه لا سلطان على القضاة إلا سلطان الشريعة والأنظمة المرعية التي لا تتعارض معها، وأكد هذا أيضا أن من مهام المحكمة العليا بناءً على نص المادة (11) منه: أنها تتولى مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، فالحاصل أن الشريعة الإسلامية هي الأساس الذي يقوم عليه الحكم في المملكة، والأنظمة تطبق ما لم تخالف الشرع، فإذا خالفته لم يعمل بها، ولا بد من العلم أن الأنظمة التي لا تخالف الشرع لا بد من اعتبارها في القضاء، وذلك تحقيقا لمبدأ المساواة بين أفراد الشعب، وتسهيلا لمدارك القضاء في الجزئيات، فإذا لم يطبق القضاء النظام ساغ للناس مخالفة الأنظمة الموضوعة لمصالح الناس، وفي هذا من المفاسد الشيء العظيم، والقول بأنه لا يجوز تطبيق الأنظمة بإطلاق فيه اتهام للشريعة بالنقص، فمثلا الشرع ليس فيه ذكر الطريقة السلمية لسير السيارة في الطريق العام، أو متى يعدُّ قائد السيارة مخالفا أو غير مخالف، وكذا تنظيم الشركات بالشكل القائم عليه الآن كالشركة ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة ونحوها، وهي أمور لا يمكن إبطالها وليس لها ذكر في الشرع، فعدم اعتبار أنظمتها فيه فساد عظيم، بينما الفاحص في هذه الأمور لا يجد غضاضة في جوازها إذا لم تخالف الشرع، وهذا من كمال الشرع وشموليته، حيث قرر أن الأصل في الأشياء الإباحة، فأباح لهم التطور وصنع الآلات وركوبها، وأباح لهم المعاملات التجارية الجديدة التي لا تصادم نصا شرعيا، وأباح لهم الأخذ بالأسباب الدنيوية عموما، وهذا يستلزم وضع أنظمة ترتب تعامل الناس وفق هذه الأمور، وبالتالي فإن ما يقرر من أنظمة، هو لتحقيق المساواة بين الناس، وللتسهيل عليهم في أمور حياتهم العامة، فالمقصود أن الحكم بهذه الأنظمة لا يعد حكما بغير ما أنزل الله، بل هو بما أنزل الله؛ لأن عدم نص الشرع على تحريمه هو إقرار بصحته واعتباره، فيكون بمثابة الاتفاق في عقد ما، ووضعوا فيه شروطا معينة لا تخالف نصوص الشرع، فإن الحكم بمقتضى هذه الشروط لا يعد حكما بغير ما أنزل الله، وليس المقام للاستدلال وإنما هو للتوضيح والبيان.size=3>size=3>size=3>

برأيك ما مدى استقلالية القضاء في المملكة ومدى كفالتها من قبل النظام الجديد؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>قرر النظام الجديد في الباب الأول منه موضوع استقلال القضاء وضماناته كما سبق أن أشرنا إلى المادة الأولى منه، بل أكد ذلك عجز هذه المادة، ونصه: ليس لأحد التدخل في القضاء مهما كان.size=3>size=3>size=3>

هل لديك موقف من (القانون)؟size=3>

size=3>size=3>
size=3>القانون عبارة ليست مستنكرة في تاريخنا الشرعي، فالفقهاء كثيرا ما يطلقون هذا المصطلح على القاعدة المطردة، وقد استخدمها الغزالي في المستصفي، والقرافي في الفروق، وابن نجيم في الأشباه والنظائر، والنووي في المجموع، وابن بدران في المدخل، والحطاب في مواهب الجليل، وحتى ابن العربي المالكي في كتابه “أحكام القرآن” مع أنه كتاب متعلق ببيان أحكام القرآن وهو نوع من التفاسير، واستخدمها شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى على معنى القاعدة المطردة فقال: على أن ضبط قانون كلي مطرد ومنعكس في الطاهر والمتنجس لم يتيسر… كما ألَّف الأقدمون فيه مؤلفات، فمثلا كتاب القوانين الفقهية لابن جزي المالكي وغيره كثير، الشاهد من ذلك أن مجرد الاصطلاح ليس مستنكرا، وسواء سميته نظاما أو قانونا فهذا لا يغير من الحقائق شيئا، ولكن الشرط الوحيد في ذلك أن لا يكون هذا القانون أو النظام فيه مخالفة لدليل شرعي معتبر.size=3>size=3>size=3>


هل هناك اقتراحات معينة تقترحها بخصوص مناهج كليات الشريعة في المملكة؟size=3>
size=3>
size=3>
size=3>أتمنى أن يدرَّس في الكليات الشرعية إضافة إلى العلوم الشرعية المبوبة أن يدرَّس أيضا العلوم المعاصرة المختصة بالقضاء والحقوق العامة والنظريات الفقهية وتطبيقاتها وطريقة الاستنباط والبحث؛ بحيث لا يعتمد الطالب على مجرد الحفظ لمذكرات يكون مصيرها في الغالب حاويات القمامة، كما أفضِّل دراسة الأنظمة الصادرة في البلد، فالأجدر بطالب العلم الشرعي أن يكون عالما بعلوم عصره المتعلقة بتخصصه وخاصة الفقه، فإنك لو نظرت إلى علماء السلف والفقهاء الأربعة على وجه الخصوص وجدت عندهم من العلم بعلوم عصرهم الشيء الكثير، كما أن المطلع على كتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم يجد ذلك العلم الغزير في مختلف العلوم العصرية، فتجد لهما معرفة بعلم الفلك والطب والفلسفة، وقد برع فيه شيخ الإسلام، وردَّ على الفلاسفة من كتبهم رحمه الله.size=3>size=3>size=3>

ــــــــــــــــــــsize=3>size=3>size=3>

الإسلام اليومsize=3>  17/6/1429 هـ=21/6/2008م         

size=3>

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!