حوار مع الداعية والأديب عائض القرني

حوار مع الداعية والأديب عائض القرني الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرني داعية معروف وأديب مشهور امتلك ناصية البيان وسخرها في سبيل الدعوة حفلت مسيرته الدعوية والعلمية والأدبية بالكثير من التجارب والمؤلفات زار كثيرا من بلدان العالم ينشر الإسلام وتعاليمه ويبحث فيما عند الآخرين فاقت شهرة كتابه «لا تحزن»..

حوار مع الداعية والأديب عائض القرني

الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرني داعية معروف وأديب مشهور، امتلك ناصية البيان وسخرها في سبيل الدعوة، حفلت مسيرته الدعوية والعلمية والأدبية بالكثير من التجارب والمؤلفات، زار كثيراً من بلدان العالم ينشر الإسلام وتعاليمه، ويبحث فيما عند الآخرين، فاقت شهرة كتابه «لا تحزن» شهرته هو نفسه، طبع ثلاثة ملايين نسخة وترجم إلى تسع لغات، آتاه الله ملكة الحفظ وسرعة الاستحضار ومُكنة في قرض الشعر، ننقل لكم هذا الحوار الذي دار معه:
size=3>
size=3>* فضيلة الشيخ .. لقد آتاكم الله سبحانه وتعالى موهبةوتملكتم ناصية الأدب فاستطعتم أن تلجوا إلى قلوب من تخاطبونهم فكان للأدب حضور كبيرفي خطابكم سواء الخطاب الشفهي أو الخطاب المكتوب فحبذا لو تحدثنا عن تجربتكم معالأدب.
size=3> الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وأما الأدب فإن محمدا بن عبد الله “صلى الله عليه وسلم”، بعث بالبيان، والله امتن عليه بذلك وقال « وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا»size=3> وينبغي لمن يحمل هذه الرسالة كاتباً أو داعية أو عالماً أو مفتياً أن يتحلى بالبيان وأن يحسِّن من لفظه، وقد كان أفصح البشر هو سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، وأنا لي ميول أدبية منذ الصغر.
والمقصود أن من يشتغل بالأدب يدرك عظمة القرآن في إيصال الفكرة بقوة، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى « وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا»size=3> فأدعو إخواني إلى قراءة الأدب والبيان من خلال الكتاب والسنة، وأيضاً أدعوهم إلى دعم كلمتهم ودعم ما يكتبون ودعم ما يُلقُون بالبيان الخلاّب، كما قال الرسول “صلى الله عليه وسلم”
size=3> : «إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمةsize=3>”.

* فضيلة الشيخ، هناك من يطلب تقسيم الأدب إلى أدب إسلامي وأدب غير إسلامي والبعض يقولبأنه لا يمكن تقسيم الأدب بحسب الدين لأنه إنتاج إنساني لا ينتمي إلى دين معين .. فما وجهة نظركم في القضية؟size=3>
نعم، فرابطة الأدب قد بحثت هذه القضية، والحقيقة الأفضل أن يقال بأنه أدب راشد مثلاً وأدب غاوٍ؛ لأن عند الأمم أيضاً عقول وعندهم أفكار تدعو إلى الفضيلة، فإذا حصرناه في الأدب الإسلامي صار فيه تضييق، مع العلم أننا جميعا نشترط أن يكون الأدب مرشَّداً في خدمة الحق وخدمة الإيمان وما أنزله الله على أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، لكن الحَجْر هذا لا أعلم له أصلا، وأخشى أن يُفهم أن الأدب الذي لا يتحدث عن الصلاة أو الزكاة أو بر الوالدين ليس بأدب إسلامي، بل يقال الأدب المرشَّد وأدب الفضيلة أو نحو ذلك حتى يكون أوسع فتدخل معنا فيه الأمم التي تدعو إلى الفضيلة لأن النبي “صلى الله عليه وسلم” لمّا عُرضت عليه فضائل حاتم الطائي قالsize=3>: “لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه”size=3> وقال «خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق»size=3>، فمكارم الأخلاق أمر مشترك بين بني الإنسان، وهذا الذي يظهر ليsize=3>.

* ربما يقودنا هذا إلى مسألة هل الفن للفنأم الفن للمجتمع؟size=3>size=3>size=3>
أنا لا أذهب وراء المصطلحات بل أنا أطالب أن يكون الفن أو الأدب تحت مظلة الشريعة كمسلمين، لكن إذا تحدثنا إلى الأمم تحدثنا من منطلق مكارم الأخلاق وما يدعو إلى الفضيلة فإذا دعوناهم إلى مكارم الأخلاق اتفقوا معنا ومع ديننا دون أن يشعروا، وكذلك بالنسبة إلى الفن فنقول ينبغي أن نخضع الفن أيضاً للرسالة ما دمنا مسلمين، فالفنان مسلم والشاعر مسلم والكاتب مسلم، وما دام يؤمن بالله فلا يقول حراماً ولا يفعل حراماً.

* من خلالمسيرتكم مع الأدب: ماالكتب الأدبية التي تنصحون بها وأخرى تحذرونمنها؟.size=3>
الكتب الأدبية كثيرة، ومنها كتاب متأخر هو آخر ما قرأته في الأدب وصار هو أحسن كتاب عندي على الإطلاق، وهو كتاب «العود الهندي في مجالس الكندي» لعبد الرحمن عبيد الله السقاف من علماء حضرموت، توفي قبل ستين سنة، وهو ثلاثة مجلدات، يأخذ بيت المتنبي ثم يشرحه فيما يقارب عشرين صفحة، فيذهب ذات اليمين وذات الشمال ويُبحر ويُسافر بك ويُركبك في زورق الإبداع، ويُحلّق بك في عالم خيال الأدب الجميل، وقد أسرَّني حتى قرأته أربع مرات، ويضاف إليه من الكتب «عيون الأخبار» لابن قتيبة، وابن قتيبة مرشَّد في مثل هذا، و«العقد الفريد» لا بأس به في جمله واختياراته، وأما بالنسبة لـ«الأغاني» فإن ابن خلدون يقول فيه “ولعمري هو كتاب الأدب”، ولكن مشكلة”الأغاني” أنه سيء الأدب مع الله ومع الرسالة وهو لا يحترم ضميره وعقله لأنه يورد الفحش والقصص المكذوبة، فليستفد منه طالب العلم بحذر.
وهناك كتب أخرى، لكن أنا أقول لكم إن هذه الكتب إذا جُمعت جميعا فإنها لا تعادل آية من كتاب الله في البيان والجمال والروعة لمن يقرأ القرآن بعمق، وإننا نقرأ ونتحدث ثم يأتي الأسلوب الأدبي على طريقة القرآن فيكون رائعاً جداً، مثال ذلك أننا كنا في أحد المجالس في عمان، فدخل أحد المشايخ يلف ويبحث فقال أحد الجالسين: مالك تتسلل لواذاً؟، وهذا هو أسلوب القرآن، ومرة يقول أحد العلماء عندما حدث في بلاد الغربة شيء مما يرسله الله عليهم،: فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم، ووالله ما يشفي الغليل أصلا إلا القرآن، ومن ذلك ما يسمى بالدمغ على طريقة القرآن، فقد كنت مع الشيخ سلمان العودة مسافرين إلى أحد الشعراء، فقلت: نتحدث في بلاغة القرآن، وقلت: ماذا يشفي غليلك لو أن اليهود سبوا الله؟ كيف نرد عليهم؟ قال: طبعاً نخبر بفعائلهم وجرائمهم، قلت: انظر، يأتي بالسبة بإيجاز في القرآن ثم يدمغهم، يقول سبحانه: « يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ» يعني بخيلة وهنا انتهى كلامهم، قال: « غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ».size=3>
فأدعو إخواني إلى أخذ البيان والبلاغة من الكتاب والسنة وإضافة ما قاله الشعراء والأدباء بعد ذلك.

*بالنسبة للناشئة، هل هناك كتب يحبذ أن يبدأوا بهاأو هناك كتب يحبذ أن يُبعدوا عنها؟size=3>size=3>size=3>
نعم بلا شك فأنا لا أؤيد مثل «محاضرات الأدباء» ومثل «الأغاني» لأبي الفرج للناشئة، ولا أؤيد بعض قصائد الفحش، ولا ديوان أبي نواس ولا نقائض جرير والفرزدق التي ربت الكثير من الشباب على السب والشتم حتى يخرج الطفل سبّاباً شتّاماً لعّاناً طعّانا، فـ«المؤمن ليس بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش البذيء».size=3>
وتوجد كتب مختصرة في الأدب، فالجاحظ أجاد في كتبه ولو أنها أرقى للكبار، ولكن مثل الرسائل لا بأس بها، وكذلك ابن المقفع، وبعض الكتب المعاصرة مثل رسائل المنفلوطي «النظرات والعبرات» قد تقرب العبارة وتسهلها وهي أسهل من كتب الآخرين، وأما كتب الطنطاوي فأرشح للشباب كتابين «قصص من التاريخ» و«رجال من التاريخ» والطنطاوي من أجمل من يكتب، وأعذب من يسيل قلمه على الإطلاق، وطالما أبكى الكثير بقلمه.

* ننتقل من الأدب إلى القضاياأو الأزمات التي عصفت بالعالم، مثل قضية الأزمة المالية أولاً ثم أنفلونزاالخنازير، ألم تكن هذه الأزمات محاكة من قبل الغرب لإلهاء المسلمين عنقضاياهم؟size=3>
أنا لا أتوقع في هاتين القضيتين أن تكون محاكة، وينبغي أن نخفف من عقدة المؤامرة التي نعيشها؛ لأننا لما عشنا في ضعف نسبنا كل شيء إلى الغرب، لأن الضعيف دائماً يشعر بتربص الآخرين، ولو كنا أقوياء ما شعرنا بمثل ذلك الشعور. والأزمة الاقتصادية هذه عاصفة في العالم لم يفتعلوها هم، لأنهم تضرروا واكتووا بنارها أكثر منا، إذ أن اقتصاد العالم هو في الغرب، ونحن اقتصادنا في الخليج مثلاً يعادل وزارة الزراعة في أمريكا، فهم تضرروا أكثر بلا شك.
وأنفلونزا الخنازير لم تكن مفتعلة، بل هو مرض حلَّ بهم وهو قضاء من الله وقدر، « أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ»size=3> فهذه عقوبات حلت بهم، ثم هل دماء الأطفال والأبرياء في فلسطين والعراق وأفغانستان والظلم والاستبداد والسجون والمعتقلات تذهب هدراً؟، لا يكون ذلك، إن ربك لبالمرصاد.

* فضيلةالشيخ.. سؤال ربما يكون سؤالا قديما وجديدا، ولاشك أن الكل يتطلع لمعرفة الجواب،وهو حول تجربتك في كتاب «لا تحزن»، فربما الأعناق تشرئب لكي تستفيد من هذه التجربة،فحبذا لو تحدثنا عن هذا الموضوع.size=3>
الكتاب ولله الحمد لاقى قبولا كبيرا وما كنت أتوقع ذلك، وكما قال تعالى « وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ»size=3> فقد قلت لإخواني لو كنت أعلم لرتبت الكتاب على الفصول والأبواب، فقالوا لا دعه هكذا أفضل، فتذكرت قول القائل:
دعها سماوية تجري على قدر .. لا تفسدنها برأي منك منقوص
size=3>
size=3>

والحمد لله وصلت عدد النسخ منه إلى ثلاثة ملايين نسخة، وترجم إلى تسع لغات، وقصته أني مررت بتجربة، إذ إنني سجنتُ عشرة أشهر في قصيدة قلتها، وكانت معي في السجن كتب، ووسط الهم والحزن والاستياء طالعت كتاباً لمؤلف أمريكي اسمه «دع القلق وابدأ الحياة»، فقلت لماذا لا نأخذ من موروثنا الإسلامي ونضيف إليه مما أنتجه بنو البشر؟، ففعلت ذلك في هذا الكتاب ثم بقيت ثلاث سنوات وأنا أقدم وأؤخر وأختار، ولم تكن مهمتي إلا نسج الخيوط فقط كما يقول المتنبي في عضد الدولة:
size=3>ملك منشد القريظ لديه       واضع الثوب في يدي بزازsize=3>
size=3>فتأليف هذ الكتاب من نسج البشر لكنني ألفت خيوطه، ولما خرج الكتاب استُقبل باستقبال حسن ولله الحمد، وكلما ذهبت إلى بلد وجدته موجودا وهذا من فضل الله، ويؤخذ من هذا أن الحزن هو مأساة العالم، يقول ابن حزم: أجمع العلماء على أن المقصود من السعادة طرد الهم، ولذلك يقول أهل الجنة: الحمد لله الذي أذهب عنا الحَزَن، والرسول “صلى الله عليه وسلم” يقول لأبي بكر في الغار: «لا تحزن إن الله معنا»size=3>، ومن الطرائف أنْ مرت بي فترة توقفت فيها عن العمل فقالوا اعتزل الدعوة، وأنا لم أعتزلها لكني قلت بأني سأتوقف فترة للتأمل، فكتبت كاتبة سعودية تقول: يا عائض القرني أوصيك أن تقرأ كتاب لا تحزن لعائض القرني، وعلى أي حال فأسأل الله أن يتقبله فيمن يتقبل.

* هلمعنى هذا بأن «لا تحزن» أحب كتبك إليك؟size=3>
هو أكثرها أثراً وانتشاراً، أما أحبها فهو التفسير الميسر، لأنه سهل.

* فضيلة الشيخ ذكرتبأنك مررت بتجارب عدة منها السجن والإيقاف، فهل كان لهذه التجارب أثر في تغيرخطابكم قبل التجربة وبعدها؟size=3>
نعم، هناك تغيير جذري، وأنا أعترف بذلك، لأن عامل السن له دور، فمرحلة الشباب تختلف عن مرحلة من هو في طريقه إلى الخمسين، فنحن مررنا بتجارب ومررنا بوقفات وسمعنا نصائح وقرأنا كثيراً وتأملنا كثيراً، فتغيرنا، وقد كان الأسلوب فيه شيء من المواجهة، وفيه تحريض وفيه شدة، ولكن رجعنا فيما بعد ورأينا أن منهج القرآن هو الصحيح « ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَاالَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» «فَقُولا لَهُقَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» « فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَاللّهِ لِنتَ لَهُمْ»size=3> حتى أني لما سافرت إلى البلدان وجدت أن منهج القرآن هو الذي يمكن أن أنجح فيه كي أخاطب هؤلاء، فلما أتيت بالأسلوب اللين والرفق رأيت أنه يستفيد مني الكبير والصغير، ويستمع لي الوزير والأمير والفنان والشاعر والكاتب، وأخذ الناس يكتبون لي رسائل، بخلاف ما كنا من قبل، فقد كنا نرسل رسالة إلى الفنان لماذا أنتم كذا وكذا؟، والشاعر بأنك عاديت الله عز وجل، وفلان أنك فعلت كذا وكذا، وهذا الأسلوب ليس بصحيح، ومعناه أنك سوف تقطع الجسور الموصلة للناس، وسوف تبقى وحدك، ولن يستمع لك إلا القليل، فرأيتُ أن الأحسن والأجمل أن نقول الكلمة الطيبة، لسنا قضاة ولسنا مسيطرين على قلوب الناس، وإنما نأتيهم بالحجة ولعل الله أن يهدي بنا، وليت أننا نتعامل مع أصدقائنا مثل تعامل النبي “صلى الله عليه وسلم” مع أعدائه، وليت أننا نعامل المؤمنين كما كان عليه الصلاة والسلام يتعامل مع المنافقين، وعموما أدركنا فيما بعد أن منهجه هو الصحيح في إيصال المعلومة للناس.

* فضيلة الشيخ ألاترى أن التباعد والفرقة بين المذاهب الإسلامية أقوى عوامل الضعف، وأن اتحاد المذاهبأقوى عوامل القوة؟size=3>
بلا شك أنه ينبغي علينا الآن أمام هذه العواصف التي توجه إلى الإسلام شئنا أم أبينا، أن نوحد الخطاب وأن نتقارب وأن نجتمع على أصول الإسلام، التي في كتاب الله وفي سنة رسوله “صلى الله عليه وسلم”، ونحن اجتمعنا في تركيا فيما يقرب من أربعمائة عالم وداعية وكان معنا سماحة الشيخ الخليلي ورأينا أنه لابد أن نجمع الأمة بخطاب موحد، وأن العالم ينتظر منا خطاباً، لأنه لن يعترف بنا إذا كنا مختلفين متفرقين، متناقضين، بل حذرنا الله أن نفعل كما فعلت الأمم التي قبلنا، «وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»size=3> ثم إننا نجتمع على الأصول الكبرى للإسلام، أما الاجتهادات، وإن اختلفنا فيها فهي أحيانا ليست من أصول الدين، ولا يشترط أن نتوافق في كل جزئية «ولا يزالون مختلفين»size=3> حتى إن الصحابة اختلفوا في قضايا كثيرة ولكن عذر بعضهم بعضاً ولم يعتب بعضهم على بعض، ولم يهجره ولم يبدّعه.

* هل أنت متفائل من أنه سيأتي يوم وتتحد فيه المذاهب أمأنه صراع أبدي؟size=3>
لا أظن أنه سوف يأتي يوم وتتحد فيه المذاهب، وهذا ليس مطلوباً، فوحدة الصف مطلوبة ولكن وحدة الرأي ليست مطلوبة، حتى في الشريعة لم يشترط أن يتفق الناس في المسائل الفرعية اتفاقاً واحداً، إنما ذم الله الاختلاف على الإيمان وعلى الكتاب وعلى السنة، أما الأصول فهي بحمد الله واحدة بيننا جميعاً، ولا نقول للناس اندمجوا واتركوا مذاهبكم.

* فضيلة الشيخ إذاأردنا أن نحقق هذا التقارب في واقع الناس، إذن العلماء يمكن أن يتفقوا وأن يوحدواخطابهم، ولكن عامة الناس كيف يمكن إيجاد التقارب فيما بينهم في تعاملهم مع بعضهمالبعض؟size=3>
عوام الناس هم في الحقيقة تبع للعلماء، فالواجب على العلماء أن ينشروا فكرة التوافق والتقارب واللين والرفق والحوار فيما بينهم، والإعلام له مسؤولية كبيرة في هذا، لأن منبر العلماء والدعاة في هذا العصر هو الإعلام، وحتى تبادل الزيارات بين العلماء من مختلف الأقطار والمذاهب الإسلامية هو بحد ذاته رسالة في سبيل التقارب، معناها أنه يوجد بيننا اتفاق وأننا نريد أن نسمع ما لديكم وتسمعون ما لدينا. وهد

*ما الذي رأيته من ملامح عند زيارتك لعمان ؟size=3>
لما أتيت تذكرتُ زي الرسول “صلى الله عليه وسلم” والصحابة، وهذا أول ملمح رأيته، والملمح الثاني بساطة الناس وهدوؤهم وسمتهم الحسن، والثالث الكرم والجود وحسن الضيافة وحفاوة الاستقبال وهذا يدل على العروبة الأصيلة، ثم أعجبني شيء آخر لم أجده في بلد وهو البيان والأدب، لذلك تجدني انطلقت في الشعر، لأنني أجد في المجالس هذا يذكرني بالمتنبي وهذا بأبي تمام، وذلك ببيت أو شعر وهكذا، وبصراحة فإن زيارة عمان أثلجت صدري كثيراً وفرحت بها.
size=3>
size=3>

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــsize=3>size=3>

size=3>جريدة الشبيبة 1/6/2009م، باختصار، وتصرف يسير.size=3>

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!