حوار مع الدكتور عبدالصبور شاهين قبل وفاته

حوار مع الدكتور عبدالصبور شاهين قبل وفاته مساء يوم الأحد 17شوال 1431ه- 2692010مرحل عن عالمنا المفكر الإسلامي الكبير دعبدالصبور شاهين وهو اسم لامع في سماء الفكر الإسلامي واللغة العربية وله إسهاماته الكثيرة فيهما وفي غيرهما قضى حينا من الدهر مدافعا عن لغة القرآن الكريم وذابا عن الإسلام في وجه كل حاقد أو جاحد أو..

حوار مع الدكتور عبدالصبور شاهين قبل وفاته

    مساء يوم الأحد 17شوال 1431ه- 26/9/2010م  رحل عن عالمنا المفكّر الإسلامي الكبير د.عبدالصبور شاهين، وهو اسم لامع في سماء الفكر الإسلامي واللغة العربية، وله إسهاماته الكثيرة فيهما وفي غيرهما، قضى حيناً من الدهر مدافعاً عن لغة القرآن الكريم وذابّاً عن الإسلام في وجه كل حاقد أو جاحد أو جاهل، واعتلى المنابر في سن مبكّرة حتى غدا من أعلام الخطابة البارزين، وكان أبرز المنابر التي اعتلاها منبر مسجد «عمرو بن العاص» بمدينة القاهرة، وهو أقدم مسجد في أفريقيا كلها؛ حيث بدأ من فوقه رحلة تفسير كتاب الله عز وجل، وعمل على إتمامها من فوق منبر مسجده بحي الهرم في مصر، وقد أثَّر – من خلال عمله أستاذاً بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة – في أفكار وتوجّهات كثير من الطلاب من مختلف أنحاء العالم، داعياً إلى الوسطية التي هي نهج الإسلام. وأثرى – يرحمه الله – المكتبة العربية بما يقرب من سبعين مؤلفاً في اللغة والفكر الإسلامي المستنير وبعض الترجمات التي قام بها، فقد كان مجيداً للغات عدّة غير العربية على رأسها الفرنسية، وسيرته الذاتية ممتلئة بما تعجز عن الإلمام به هذه الكلمات القليلة..

وقد كان معه هذا اللقاء قبل وفاته بقليل:

* في ظل الهجوم المتلاحق على الإسلام، ما السبيل إلى الوقوف في وجه المعتدين والمهاجمين، لاسيما أن بعض هذه الهجمات للأسف تأتي من داخل صفوف المسلمين؟ size=3>size=3>

– لا بد أن نقف موقف المؤسسة وليس موقفاً فردياً، فتقف المؤسسات الإسلامية (الأزهر مثلاً) موقفاً يشرفها ويدافع عن الإسلام، فحينما تهاجم الدنمارك – كدولة – الإسلام وتسبه وتسيء إلى نبيه، ولا توجد دولة أخرى ترد عليها، فهذا دليل على الفوضى، وأن الإسلام ليس له من يدافع عنه، وهذه هي المشكلة.

* البعض يرى أنه لا داعي للرد على هؤلاء بدعوى أن النبي [ أوذي فصبر، وعلينا أن نصبر نحن كصبره على أذاه، فقد صبر هو من قبل، ما تعليقكم على هذا الكلام؟ size=3>size=3>

– هذا كلام المتهرّبين، فالواجب أن تدافع عن دينك، لأننا في عالم إن لم تدافع سيأكلك وسيقضي عليك، فلابد أن يكون موقفك إيجابياً تدافع عن الإسلام بكل ما تستطيع، لكي نُشعر هؤلاء بأن الإسلام له من يدافع عنه، والغريب أننا بدلاً من أن نجد في صفوف الأمة الإسلامية مدافعين عن الدين، خرج علينا من المحسوبين عليها للأسف من يقول: إن القرآن صنعة بشرية، فبأي وصف يمكن أن نصف هؤلاء؟! وأي رد يمكن أن نرد به عليهم؟!

* بصفتي فرداً من أفراد الأمة الإسلامية، ماذا يمكنني أن أقدم لأمتي ولديني في وجه هؤلاء المعتدين؟ size=3>size=3>

– لابد للمسلمين من تجمّع يمثلهم؛ حيث لا تجدي مواقف الأفراد، فإذا استطعنا أن نوحد جبهتنا وأن نجمع إخواننا حولنا، وأن نقف سداً منيعاً في وجه هؤلاء المجرمين فسنردعهم عن الهجوم على الإسلام وسنخيفهم، لكن إذا كان الساب يسب ونحن نقول له: «الله يسامحك»، «جزاك الشيطان خيراً»، فماذا ننتظر منه؟!

وحدة الأمة size=3>size=3>size=3>

* لو قلنا: دعائم وحدة الصف مع اختلاف وجهات النظر بين الحركات والجماعات الإسلامية.. فماذا يمكننا أن نكتب تحت هذا العنوان؟ size=3>size=3>

– الدعائم هي الرجوع إلى كتاب الله الذي يقول: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 46 الأنفال) الدعائم هي التي تقول: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63 الأنفال:63) الدعائم هي التي تقول: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) (آل عمران:103) هذه هي الدعائم.. فهل نستطيع أن نجد دعائم أفضل من هذه؟ مستحيل.

 * كيف نترجم هذه الدعائم على أرض الواقع؟ size=3>size=3>

– أن نمسك عن استخدام الهجاء والسب والتكفير في سبيل أن نكون طوائف، فنحن لسنا طوائف إنما أمة واحدة.

الخطاب الديني size=3>size=3>size=3>

* تتعالى أصوات بين حين وآخر، منادية بتجديد الخطاب الديني، فكيف يراه د. عبدالصبور شاهين؟ size=3>size=3>

– نحن لا نستطيع أن نتحدث عن الخطاب الديني مجرداً من عرضه على الممارسة والمجتمع، فالخطاب الديني ليس مجرد عنوان إنما هو واقع، فعلينا أن نحدد، كيف يكون الخطاب الديني؟ ومن الذين سيُخاطَبون بهذا الخطاب؟ هل هم المسلمون أم غير المسلمين؟ لا بد من التحديد، لأن الكثير لا يدركون البعد الأدبي لكلمة الخطاب الديني ولا يفهمونها، فلا بد من تحديد الإطار الأدبي والإطار الديني حتى نفهم أولاً المصطلح ثم نتكلم فيه، والموضوع يحتاج إلى تفكير وترتيب عناصر، حتى لا تكون المسألة ارتجالاً يقال فيه أي كلام، فالموضوع ليس هيناً. والمهم أن يكتب في الموضوع المؤمنون بالدين لا المتربّحون من ورائه، صحيح أن الخطاب الديني الآن ليس قائماً بما هو منوط به، لكن لا بد أن يوكل الأمر إلى أهله وتكثر الكتابات في هذا الاتجاه حتى يصح أن نقول: إن هناك شيئاً اسمه تجديد الخطاب الديني.

 * لا يخفى على ناظر في أخلاق مجتمعنا وأمتنا الآن ما تعانيه من تطرف فكري وأخلاقي.. برأيكم ما أسباب هذا التطرف؟ وكيف يُعالج؟ size=3>size=3>

– المهم أيضاً أن نحدد أولاً معنى هذا التطرف وكيفية المعالجة، وهل يراد بالمعالجة أن نقول كلاماً وعظياً يمكن أن يُنسب إلى الدين، وليس هو الخطاب الأخلاقي وإنما مجرد كلام؟ والكلام عن هذا لا يكون بمجرد سؤال يُطرح ويُرد عليه، بل يحتاج الأمر إلى المزيد من الدراسة والتأمل والتفكير والبحث، وكلما مضى الزمان ظهرت لنا رؤوس موضوعات يمكن أن تمثل اتجاهاً معيناً نحب أن نركز عليه وننطلق منه، وكل ذلك له أبعاده الفكرية وإسهاماته الفكرية أيضاً، وعلينا تحديد المفاهيم أولاً ثم التحدث حولها.

* بعد رحلة حافلة بالعطاء وإثراء الساحة اللغوية والفكرية.. كيف يرى د. عبدالصبور شاهين نفسه؟ size=3>size=3>

– أحاول أن أكون مفيداً من الناحية الإسلامية ولا أستطيع أن أقول: إنني مفكر إسلامي كما يقولون، غير أنني والحمد لله سعيد بما وصلت إليه من تفسير للقرآن على المنبر، حيث فسرت 22 جزءاً وباقي 8 أجزاء، أسأل الله أن يتمه على خير، وابني يقوم على جمع هذه الخطب في كتب.

واجب مقدّسsize=3>size=3>size=3>

 * كيف ترون اللغة العربية في وسائل الإعلام؟ size=3>size=3>

– اللغة العربية مصونة ومحفوظة، وأعتقد أن الذين يحرسون العربية كثيرون ويشعرون بالواجب الذي عليهم ولا يفرطون في هذا الواجب أبداً، فحراسة اللغة العربية أمر مقدس ولا نستطيع أبداً أن نغفل عنه، والمسابقات التي نسمع عنها في الفضائيات وغيرها لا شك أن لها تأثيرها في الاهتمام باللغة سواء كانت مسابقات شعرية أو غير ذلك.

* بم توصي القائمين على أمر اللغة العربية في الجرائد والمجلات وغيرهما من وسائل الإعلام؟ size=3>size=3>

– بأن يصروا على التزام الفصحى مهما تكن غريبة، حتى يمكن أن نقيم لها بناء ضخماً، إن شاء الله، ونستطيع أن نقول: إننا نملك لغة معبرة، وألا يستسلموا، فاللغة العربية لغتنا ونحن مصرون على التزامها، ولا بد من عودة الفصحى بعد أن أُهملت، وإحياء الإحساس بما علينا من أمانة تجاهها.

* كيف يمكننا أن نربّي أبناءنا على الفصحى؟ size=3>size=3>

– العزلة اللغوية لا فائدة منها ولابد من أن نعلم أطفالنا طريقة النطق عن طريق تحفيظهم نص القرآن، فلا شك أن حفظ الأطفال القرآن هو الحارس الأول لتنشئتهم على سَنن اللغة الفصحى، فإذا قرأ الأطفال الفصحى ونطقوها فإنه يمكن أن يكون لها رصيد عندهم.

* أقامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت مشروعاً يُسمّى «علماء المستقبل» يقوم على اختيار مجموعة من الأطفال وفق شروط محددة وتهيئتهم وتربيتهم دينياً ولغوياً وفكرياً ليقودوا الأمة في المستقبل، فما رأيكم في هذا المشروع؟ size=3>size=3>

– هذا المشروع يمكن أن يسفر عن رصيد كبير يخدم اللغة الفصحى والدين أيضاً ويفيدهما أكبر فائدة، وأوصي القائمين عليه بألا يفرطوا فيه مهما تكن الصعوبات، فنحن نشأنا على الفصحى لأنه لم يكن من سبيل إلا هي، لكن الملهيات أمام الطفل الآن كثيرة، فليكن اجتهادنا في تثبيت الطفل على المطالبة بالفصحى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المجتمع 1922

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!