حوار مع خبير استراتيجي حول حصار غزة

حوار مع خبير استراتيجي حول حصار غزة

حوار مع خبير استراتيجي حول حصار غزة الأستاذ الفاتح عثمان محجوب باحث متخصص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي وله عدة مساهمات في قضايا المنطقة وبحكم خلفيته عن الصراع في المنطقة والأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة ومستقبل الأوضاع هناك مقروءا مع نتائج جولة بوش الأخيرة؛ قررنا أن نجلس إليه ليلقي ضوءا على خلفية الأوضا..

حوار مع خبير استراتيجي حول حصار غزة

الأستاذ الفاتح عثمان محجوب باحث متخصص في الشأن الفلسطيني و(الإسرائيلي) وله عدة مساهمات في قضايا المنطقة، وبحكم خلفيته عن الصراع في المنطقة والأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة ومستقبل الأوضاع هناك مقروءاً مع نتائج جولة بوش الأخيرة؛ قررنا أن نجلس إليه ليلقي ضوءا على خلفية الأوضاع ومستقبلها في المنطقة.

*ماهي خلفية ما يجري في غزة الآن من حصار يهودي وصمت عربي ومباركة غربية؟

ــ حتى نستوعب ما يجري في غزة الآن؛ يجب أن نلقي نظرة على سيناريوهات إنهاء النزاع العربي ـ ( الإسرائيلي )، وهي تجري في اتجاه ترتيب إقامة دولتين: فلسطينية، و(إسرائيلية)، فالنظام (الإسرائيلي) فوجئ بالمشكلة الديمغرافية الفلسطينية (ازدياد عدد الفلسطينيين)، فقد تضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من عشر مرات منذ العام 1948م، ففي العام 1905 لم يصل عدد الفلسطينيين إلى المليون، وكان يوجد في ذلك الوقت حوالي 15 مليون يهودي في العالم، وهو مقارب لعدد العرب جميعهم في مطلع القرن الماضي، والعرب اليوم أكثر من 300 مليون نسمة، بينما اليهود لا يزالون في حدود الـ 15 مليون، ويعانون من تراجع في عدد المواليد والسكان. والانسحاب من غزة جزء من توجه (إسرائيلي) عام للمحافظة على يهودية الدولة، ولم تكن هذه المسألة في أذهان مؤسسي (إسرائيل) فالفلسطينيين في حدود 48 تم إعطاؤهم الجنسية (الإسرائيلية) ولديهم ممثلين في الكنيست، وازدياد السكان داخل عرب 48 أثار الخوف لدى القيادة الصهيونية العلمانية تحديدا، والآن يطرحون مسألة هوية الدولة، وهذا يترتب عليه إجراءان:

1ــ إجراء مقايضة للأرض في المناطق ذات الكثافة العربية بحيث يتم إلحاقهم بالسلطة الفلسطينية وإبعاد عرب 48 إليها، و الجدار العازل ضم المستوطنات الكبرى فعليا إلى داخل الكيان الصهيوني، والذي لم يتم إلحاقه بالسلطة الفلسطينية من عرب 48 يتم تجريده من حقوقه.

2ــ منع دخول اللاجئيين وإسقاط حق العودة.

وبدلا من حل مسألة اللاجئيين يريدون التخلص من عرب 48، وجزء من اللاجئيين يتم استيعابه داخل حدود السلطة الفلسطينية، و البقية في الدول العربية مع دفع تعويضات. ويتم التنازل عن شريط يربط بين الضفة والقطاع، إذ بدون تواصل فعلي يستحيل قيام دولة فلطسينية.

والنتيجة أن يهودية الدولة قد تحققت دون خوف من القنبلة السكانية الفلسطينية، ولأن الأرض الممنوحة للدولة الفلسطينية ضيقة، فمهما كثر الفلسطينيون فلابد أن ينزحوا. واليهود يريدون أن يطبقوا نظام الأبارتيد في جنوب إفريقيا.

تبقى مشكلة القدس التي ينبغي أن تناقش، والنظام الصهيوني ليس حرا تماما في اتخاذ القرارات والتنازلات في مسألة القدس، هناك عوائق كثيرة تحول دون تنازل حكومة أولمرت عن القدس، وقد صرح مؤخرا أن النقاش حول القدس مرفوض باعتبارها مسألة أساسية بالنسبة لليهود، وهو مسنود بالمسيحيين البروتستانت الذين يعتقدون أن القدس حق للشعب اليهودي، ومصداقا لهذا الإصرار المتواصل للكونغرس بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لكن الرئيس الأمريكي دائما يستخدم حقه الدستوري ويؤخر النقل.

بالنسبة لأبومازن وسلام ليس لهم المقدرة على التنازل عن القدس، فعرفات بشعبيته الكبيرة لم يستطع ذلك حينما قدم له باراك 91% من أراضي الضفة زائدا القطاع مقابل التنازل عن القدس، ومعظم الغربيين يعتقدون أنه ضيع فرصة ثمينة، لكن لا يملك حزب تحمل عواقب التنازل عن القدس، وهذا ما يعقد مسألة التسوية.

*ولعل فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاستها أحبط كثيرا مما هو مخطط له غربيا و(إسرائيليا) وأدى إلى تعديل في الخطة؟

– فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة فاجأ الجميع؛ فالسلطة الفلسطينية كيان مصطنع وليس له صلاحيات، والاتفاق تم أصلا مع منظمة التحرير الفلسطينية، وحماس رأت أن تتواصل المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية بشرط ألا يقدموا على حلول نهائية قبل عرضها على الحكومة الفلسطينية والشارع الفلسطيني، وهذا يشل حركة المنظمة، وحكومة الوحدة الوطنية التي اضطر إليها أبومازن أدى إلى حصار الحكومة، والحصار لم يكن موجها للحكومة وإنما لحركة حماس، ومشكلة حماس أنها استجابت للاستفزاز الذي قام به جهاز الأمن الوقائي، والذي حدث أن قامت القوة التنفيذية في الحكومة الفلسطينية والتي تتبع لحماس بالاستيلاء على مقار جهاز الأمن الوقائي، وهذا أعطى فرصة لأبومازن لم يكن يحلم بها، وهو الخروج من الحصار، والحصار تحول إلى حصار القطاع فقط، وهذا شجع أبومازن لإعلان حالة الطوارئ وتعيين رئيس وزراء جديد وإقالة حكومة هنية وبهذا تجنب الرجوع للمجلس التشريعي، بعدها تم رفع الحصار عن الضفة وتم دفع المرتبات في الضفة، وأصبح الوضع الاقتصادي بها ممتاز، وتم تضييق الحصار على مواطني القطاع. ومشكلة (إسرائيل) مع القطاع أنها ترفض احتلاله وضمان أمنه، وكان يمكنها التغاضي عن فوز حماس إلى حين ترتيب الأمور مع أبومازن، لكن الصواريخ التي تنطلق من القطاع على (إسرائيل) أدى إلى مطالبة صهيونية بمعاقبة القطاع، ويجري شيئان الآن في القطاع:

1- بث الكراهية من سكان القطاع لحماس بحسبان أنها أدخلتهم في ضيق ولم تضمن لهم الأمن.

2ـ تحجيم قوات الداخلية التابعة لحكومة هنية بالضربات الجوية، وإحكام الحصار على الأنفاق التي يُهرب بها السلاح، تمهيدا لعودة السلطة إلى غزة، أو إجبار حماس على الركوع والاستسلام، وهذا هو الخيار المفضل لأبومازن.

من الجانب (الإسرائيلي) هناك رفض كامل لاحتلال القطاع، وتحمل مسئوليات أمنه، والقطاع فيه كثافة سكانية عالية وقليل النفع بالنسبة (لإسرائيل)، والقطاع محاصر بالجدار من كل الجهات، ومنفذ البحر تسيطر عليه البحرية (الإسرائيلية) ورفح به قوات أوروبية من جانب ومصرية من الجانب الآخر، فالقطاع الآن سجن، وإبقائه داخل السجن أقل من تكلفة احتلاله، وهو لا يملك مقومات تكوين سلطة فيه، فــ 45% من الطاقة الكهربائية فيه تأتي مباشرة من الشبكة (الإسرائيلية)، ووقود محطاته الباقية يأتي مباشرة من (إسرائيل) بالإضافة لغاز المنازل، (فإسرائيل) ممسكة تماما بخناق القطاع.

حركة حماس الآن في ورطة، وتريد عالميا رفع الحصار، ودعوة مشعل للدول العربية تقديم مطلب واحد للعالم برفع الحصار عن غزة، ووضع حماس في القطاع يجعلها تطلب الحوار مع أبومازن لأن التحويلات ممنوعة للقطاع. والرجوع لحكومة وحدة وطنية مطلب حماس ومرفوض من فتح، ففتح تريد تسليم القطاع وهو ما لن تفعله حماس التي تريد حلا مشرفا.

*جولة بوش الأخيرة في المنطقة العربية ماذا كانت تستهدف؟ وماذا حققت فعلا؟ وهل لذلك علاقة بحصار إيران والملف النووي الإيراني؟

– لم تكن الولايات المتحدة تريد حصار إيران، وإنما عزل إيران عن منطقة الشام ـ لوجود (إسرائيل) بها ـ فالولايات المتحدة لاتريد عزل إيران عن العراق أو أفغانستان فمصالحهما هناك متلاقية، لأن بالمنطقتين مقاومة سنية، وقد تم التنسيق مع إيران قبل غزوهما وأثناء غزوهما، وحكام العراق الآن كانوا في إيران، والولايات المتحدة تريد عزل إيران عن الساحة اللبنانية والفلسطينية وعزلها عن المسار السوري، فالولايات المتحدة ترى أن النظام السوري نظام علماني لاتربطه علاقة بالمقاومة لا في العراق ولا في لبنان ولا في فلسطين، فهي كلها مقاومة تقوم بها الحركات الإسلامية.

إن التسوية ككل حسب المفهوم (الإسرائيلي) تتركز في نزع سلاح حركات المقاومة، وستتجه الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر في لبنان لنزع سلاح حزب الله لأنها حاولت ذلك سياسيا عدة مرات وفشلت.

وفي فلسطين المطلوب نزع سلاح المقاومة، ,وسرايا الأقصى الآن سلمت سلاحها، و التفكير (الإسرائيلي) تركيع القطاع وحماس ونزع السلاح، وتم الضغط على الحكومة المصرية، وجاء خبراء أمريكان للكشف على الحدود وتدريب المصريين على منع تهريب السلاح، بالإضافة إلى القصف (الإسرائيلي) الذي يؤدي إلى تدمير القوة التابعة لحماس، والستة شهور القادمة يتوقع أن تكون حافلة بالصراعات العسكرية، وهذا برأي الأمريكان المخاض الذي يسبق توقيع سلام بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين).

ونتائج جولة بوش الأخيرة تمثلت في الحصول على موافقة الدول العربية على إطلاق العملية السلمية التي تفضي إلى دولتين وسلام نهائي، وبوش يحاول حشد دعم العرب للبنان بقيادة السنيورة، و السلطة بقيادة أبومازن، لأن هذين يناط بهما تنفيذ الجند الأساسي وهو نزع سلاح المقاومة، لكن النظام العربي أثبت ضعفه وعدم قدرته، والمبادرة العربية المطروحة الآن لاتؤدي إلى حل يضمن انتخاب رئيس لبناني وحكومة لبنانية يمكنها نزع سلاح المقاومة.

ـــــــــــ

شبكة المشكاة الإسلامية، بتصرف.

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!