حوار مع د.جاسم سلطان

حوار مع دجاسم سلطان بمثل هذه الأرواح الناهضة المندفعة بالأفكار الحية والإيمان العميق بقدرتها على تحقيق حلمها الأكبر وقدرتها على دفع الحراك الاجتماعي نحو الفاعلية الحضارية واستعادة الدور الحيوي الفاعل للمسلمين في العالمبعقول حملة المشاعل الذين ينيرون للجموع طريق المستقبل تكون حياة الشعوب ونهضتها تلك..

حوار مع د.جاسم سلطان

بمثل هذه الأرواح الناهضة, المندفعة بالأفكار الحيّة والإيمان العميق بقدرتها على تحقيق حلمها الأكبر, وقدرتها على دفع الحراك الاجتماعي نحو الفاعلية الحضارية, واستعادة الدور الحيوي الفاعل للمسلمين في العالم.
بعقول حملة المشاعل الذين ينيرون للجموع طريق المستقبل, تكون حياة الشعوب ونهضتها.. تلك هي الأرواح والعقول التي يستهدفها مشروع النهضة ومؤسسه د.جاسم السلطان -الباحث الإسلامي وصاحب الفكر الإستراتيجي- الذي عمل مديرا للقطاع الطبي في المؤسسة العامة القطرية للبترول لمدة 15 سنة ليؤسس بعدها مشروع النهضة ويتفرّغ له.
 ومشروع النهضة هو مشروع يهدف لتنظيم الجهود والأفكار, توحيدها لدفع الأمة الإسلامية للعودة إلى الحياة الحضارية، والدخول في التنافس البشري فتتبوأ مكانها الصحيح بين الأمم..

ويعرف النهضة : بأنها حركة فكرية عامة، حية منتشرة، تتقدم باستمرار في فضاء القرن، وتطرح الجديد دون قطيعة مع الماضي. فهي نشاط عقلي فكري في المقام الأول، يحدث في مجتمع من المجتمعات، ويقود إلى الانطلاق في مجالات العمل في شتى جوانب الحياة واكتشاف آفاقها.
إنها تشمل مجالات العلم والدين والسياسية والاقتصاد والاجتماع والتعليم..

ويحددها بأربع أطوار ومراحل هي:

1-الصحوة: وهي حالة من “صحا من نومه” ولم يضيء النور، فيتخبط هنا وهناك، فهي مرحلة حماس متدفق، وإحساس بالهوية ، لكنها تفتقد الرؤية والوعي، وكثيراً ما تتضارب فيها التحركات. ويكثر الخلاف (هي الإحساس بالذات وبالهوية) .

2-اليقظة: وهي مرحلة إضاءة النور، ومعرفة الوسط المحيط، فهي مرحلة وعي ورشد يلازمان الحماس، وهي مرحلة تنظيم الجهود العملية لتصب في اتجاه وهدف (هي فهم الواقع).

3-النهضة: وهي نتاج مرحلة اليقظة، وثورة الأفكار، وتتجسد في تيار متدفق من العمل الراشد في كل مجالات الحياة العلمية والتطبيقية. ولا تتكامل حلقاتها إلا من خلال أداة الدولة (هي طريقة الفعل في الواقع) .

4-الحضارة: وهي النتاج المادي الملموس في كل المجالات من عمارة وفن وفكر وتصنيع وغير ذلك. وهي تمثل النموذج المنشود (هي ثمرة الفعل) .

وإننا الآن بحاجة لنقل الأمة من طور الصحوة العاطفي(الحماس مع قلة الرشد وضبابية الرؤية) إلى مرحلة اليقظة الراشدة العاقلة حيث يتم تنظيم الجهود العملية وفق رؤية استراتيجية تجمع كل الطاقات.

ويسرنا نقل الحوار الذي دار معه حول مشروع النهضة :

*أشرت من ضمن فلسفة النهضة إلى فسيلة وتمرة وثوب.. فإلى ماذا ترمز وما علاقتها بمشروعكم؟size=3>

هذا شعار يشرح فلسفة المرحلة ونرمز للفسيلة بالأمل المفتوح، ونرمز للتمرة أن يقدم كل ما يستطيع وألا يحتقر الإنسان جهده إن حسبه صغيرا فالعمل يكتسب حجمه من سمو الغاية وإن صغر ، ونرمز للثوب بان حجر النهضة يرتفع إذا وضع على ثوب وساهم الجميع في رفعه .
وهو شعار يكمله شعار آخر مكمل له وهو (كُنْ مشروعا أو كوّن مشروعا أو ادعم مشروعا) فكل فرد في هذه المرحلة مطالب بعد الفهم أن يقوم بدور.

*من أين انبثقت أفكار المشروع؟ و هل هي مجربة؟size=3>

الأفكار التي نهضت بها البشرية هي التي جاء بها الإسلام, وهي قادرة على أن تنتشل أي أمة من التخلف, فقيمة الإيمان وقيمة العمل الصالح, وقيمة القيام بالحق, وقيمة العمل المؤسسي, وقيمة الصبر كلها لو فهمت حق فهمها هي أسس الحضارة الكبرى وأسس النهضات ولو أخذ بها أهل الإسلام أو أي أمة لفازوا ونجحوا .

*ما هي معايير تطبيق مشروع النهضة في حياتنا اليومية المعاصرة؟size=3>

تثمين الوقت وإدراك أولويات العمل الصالح.

*من هي الفئة المستهدفة بدورات إعداد القادة؟ وما مقاييس اختيارها؟size=3>

نحن نستهدف المهتمين ونخص منهم الشباب ودورات القادة تناسب الأعمار فوق سن العشرين ونحن نقبل الناس وفق شرط السن وحب القراءة ووجود الهم العام والرغبة في تعلم الجديد.

*لماذا فشل الخطاب الإسلامي المعاصر برأيك- في استثمار فرص حقيقية للنهضة بالشعوب المسلمة؟size=3>size=3>

الخطاب الإسلامي إلى الآن عاجز عن إجابة أسئلة الواقع الصعب فكل تطورات العصر في السياسة, لديه مشكلة المواطنة والعلاقة بالعالم وفي مجال الاقتصاد تغلّب على مشكلة المعاملات ولكنه لا زال قاصرا ، وفي مجال التعليم لا زال في مرحلة القيم ولم يستطع بعد أن ينجز نظاما تعليميا مكافئا لمطالبه, وفي مجال المجتمع ما زال يتعثر في قضايا المرأة والفن والرياضة, وفي مجال الإعلام لازال عاجزا عن إنتاج ما يحلم به وعن الرضى بما هو موجود بالتالي فخطابه ابن أزمته وتصوير لها وهو حين ينجح في تخطي هذه الصعاب يكون قادرا حينها على دخول العصر.

*ما مدى حاجتنا لخطاب إسلامي مستمد من الواقع؟ وكيف يوجّه للداخل والخارج؟size=3>

لقد تشوه الخطاب الإسلامي عبر مراحله التاريخية ففقدنا خطاب (يا أيها الناس) وتقزّم خطاب (يا أيها الذين آمنوا) وتشوّه خطاب (يا أهل الكتاب ), وبالتالي فقد الخطاب الإسلامي قدرته للتواصل مع الإنسان ومع غير المسلم وفقد قدرته على توسيع دائرة أهل الإيمان وحصر معنى الإيمان في طائفته أو جماعته ولو ضمناً, ولم يستطع استيعاب شركاء الوطن من غير المسلمين وبالتالي لم يعد مقبولا لوحدة الوطن ولا للقبول به على مستوى العالم هذا في عمومه, وإن كان هناك استثناءات كما في تركيا أو ماليزيا أو أندونيسيا مثلا .

*في أحاديث سابقة لك أكدت على أهمية التوصل لمنهج جديد للإفتاء بما يقتضيه واقع المسلمين اليوم, من خلال من أسميته بمفتي النهضة, هل الدين يتبع الواقع أم الواقع يتبع الدين؟ هلا فسرت لنا أكثر؟size=3>

نظريا الفقه والواقع في حالة تفاعل والفقه يقدم حلولا لتحديات الواقع ولكن حين تتسارع وتيرة التحولات الاجتماعية وتتزايد احتياجات الناس قد يجمد الفقيه على رأي ربما كان صالحا لزمن ومكان مختلف وبالتالي يتجاهل الناس هذه الفتوى التي تضر بمعاشهم و يمارسون ما هو خلاف الفتوى وبعد حين يدرك الفقيه أنه ضيق واسعا فيسارع لتعديل موقفه تدريجيا, وهنا يظهر الواقع متقدما على الفقه أو على الفقيه وهي عملية تتكرر مع كل أنواع التقدم الإنساني من الكهرباء والتعليم والمذياع والتلفاز والدش وتعليم المرأة وعمل المرأة والقائمة طويلة .

*برأيك ألا يشكل ذلك تصادما مع التيارات المتشددة ؟size=3>

لا أصنف المسلمين ولكن أعتقد أن الجميع يحترم الشريعة ويتمنى أن يرى  الفقيه وقد وعى واحتوى عصره وساعد على تقدم مسيرة الحياة بعيدا عن الصورة التي نراها والتي أثرت على صورة الفقيه في عيون العامة وهي صورة لا يرضاها المسلم أياً كان .

*في واقع النهضة المجتمعية يوجد صنفان من الناس: العامل اليائس والقاعد اليائس, أيهما أشد خطراً على رؤية النهضة؟size=3>

العامل اليائس لن يعطي العمل حقه والقاعد اليائس لن يقوم بأي عمل وكلاهما واهم في اليأس فطريق النهضة مفتوح للجميع فقد نهضت أمم من أوضاع أكثر بكثير من واقعنا.

*تحدثت عن التجريب والتجديد ودوره في صناعة النهضة وإدخال الأمة في دورة حضارية, ما رأيك في مناهج الحركات الإصلاحية الإسلامية المتبعة اليوم- والتي تحصل على ذات النتيجة دوماً, أين برأيك تكمن المشكلة؟size=3>size=3>

الحالة الإسلامية اليوم مطالبة بمراجعات كبرى ولكن لا يبدو إنها جاهزة لها ولكنها وبسبب الظروف المحيطة تقترب من لحظات مواجهة النفس وإعادة النظر.. وأسباب الجمود دائما هي إسباغ القداسة على الموروث التنظيمي وتحميله صبغة الصلاحية وعبور الزمان والمكان دون مراعاة أثر الزمن والخبرة.

*المسلمون اليوم ينظرون إلى ماليزيا كمثال للدولة المسلمة التي نهضت في زمن يعتبر قياسياً, ويعلقون عليه الأمل في أنظمتهم, هل هذا هو الطريق الوحيد للنهوض بالمجتمع؟ انتظار القائد الملهم الذي يحشد الجهود؟size=3>

ماليزيا بنت تجربتها وتجربتها تعطينا درسا كبيرا في أهمية مفهوم المواطنة المتساوية في الاستفادة من كل قوى المجتمع ومن أهمية ترتيب الأولويات لحدوث النهضة وبناء الإنسان الماليزي ومن اعتماد القيم المشتركة للمجتمع وهي دروس كبرى يجب التوقف عندها … الدولة لا يمكنها تغيير الثقافة الاجتماعية لكافة أفراد المجتمع بدون عواقب سلبية لذا يأتي الجهد الاجتماعي وطريق مراكمة الخيرية عبر المشاريع الفردية والمؤسسية الأهلية التي تقوم مع الوقت لتحقيق وضع أفضل يرشح المجتمع للدخول في طور احتشاد.

*في كتابك التفكير الإستراتيجي والخروج من المأزق الراهن أشرت إلى نظرية فريق الذئب المنظم الموحد ذا الخطة الواضحة المنسقة, size=3>size=3>وهجومه على قطيع الأبقار الذي دافع بشكل غريزي دونما تنظيم.. هل في هذا تشابه لما حصل بيننا وبين الكيان الصهيوني؟size=3>

أسس التفكير الاستراتيجي والتخطيط ينتفع بها كل من يستخدمها ومن ضمن من انتفعوا بها الكيان الصهيوني ولا شك.

*أنت تدعو إلى توحيد وتنسيق الجهود؟ هل في هذا دعوة لإنشاء (كومنويلث إسلامي) كما دعا مالك بن نبي رحمه الله قبل أكثر من 40 سنة؟size=3>

مالك عليه رحمة الله جاء في فترة انتعاش حلم النهضة مع الثورة الجزائرية وحركة التحرر الوطني في العالم العربي والإسلامي وخاطب الحكومات لتكوين هذا الاتحاد الإسلامي ولكننا اليوم في وضع مختلف فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسور وإنشاء كيان مثل هذا لا يبدوا واعدا وإن كان مشروعا كحلم …فدول متقاربة مثل دول الخليج العربي لم تستطع أن تتجاوز مرحلة البدايات رغم كل التشابه بينها …ولكن الأمل يظل قائما أما عمليا فنحن في مرحلة نحاول فيها إطلاق ممكنات الإنسان قبل إطلاق ممكنات الأوطان .

*أخبرتنا أن طرق قيام النهضة إما بالاحتشاد أو التراكم, وأن الاحتشاد يحتاج لمركزية والتراكم يحتاج لتمكين, هل برأيك هذا ما سيميز مشروع النهضة عن بقية الحركات الإصلاحية السابقة التي عمدت للمركزية والاحتشاد فقامت صراعات بينها بين السلطة في الدولة؟size=3>

الاحتشاد يتم عبر خطة مركزية تقودها الدولة كما حدث في الصين والهند وماليزيا وطريق التراكم طريق يتم عبر المبادرات الفردية والمؤسسات الحية في المجتمع وتشارك الدولة في جزء منها بمشاريعها وهي توفر خيار بديل للتوقف طويلا أمام معضلة الدولة التي لا تسلك مسار الاحتشاد وهي في جوهرها توفر أكبر كم من الإنجازات التي تحسن من فرص المجتمع للتقدم .

*هل مشروع النهضة مشروع متجدد بما يتناسب مع التغييرات ؟ وكيف سيكون قياس نجاحه من فشله؟size=3>

مشروع النهضة وما نطرحه هو جهد بشري قابل للنقد والتطوير والتجاوز ، أما قياس النجاح فمؤشرات التقدم هي انتشار الفكرة عدديا وجغرافيا وتداولا وعدد المشاريع النوعية التي تنتج عنها أما مقاييس انتهاء مرحلة اليقظة فيمكن تلخيصها في توفر العدد البشري الشبابي المقصود بالمشروع ونضج الملفات والتحولات في الخطاب المكتوب والشفوي وتغير فضاء المشاريع ونوعيتها وتغير عالم العلاقات الاجتماعية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة ديوان 13/7/2010م.

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!